![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
للاإيمان الشباني
2025 / 3 / 12
نساء فوق العادة( سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم)
.
سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم كانت من أعظم النساء اللاتي حملن روح النبوة وعبق الفصاحة في آنٍ واحد. نشأت في بيت النبوة، فجمعت بين العراقة والشجاعة والعلم، وكانت مثالًا للمرأة التي لا يقتصر دورها على الأحداث السياسية فقط، بل يتجاوز ذلك إلى الفكر والثقافة والأدب. ورثت الفصاحة والبلاغة عن جدها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان والدها الحسين نموذجًا في الحكمة والعلم، فنشأت في بيئة جعلت منها امرأة فريدة في عصرها.
كانت كربلاء المحطة التي أظهرت معدنها الحقيقي، حيث شهدت المجزرة التي راح ضحيتها والدها الحسين وأهل بيته وأصحابه الأوفياء. لم تكن مجرد شاهدة صامتة، بل كانت رمزًا للصبر والصمود في وجه الطغيان. اقتيدت ضمن السبايا إلى الكوفة ثم إلى الشام، لكنها لم تستسلم، بل كانت مثالًا للمرأة التي تواجه الظلم بكبرياء وعزة، وترد بقوة على من حاولوا إذلالها أو كسر إرادتها. في مجلس يزيد بن معاوية، وقفت بجرأة ترد على الطغيان، مؤكدة أن النبوة لا تنحني أمام السيف، وأن الحق لا يموت بقتل أهله.
بعيدًا عن السياسة والمآسي، كانت سكينة بنت الحسين أول من أسست صالونًا أدبيًا في التاريخ الإسلامي، حيث جمعت في مجلسها كبار الشعراء والأدباء، فكانوا يتبادلون الآراء ويناقشون القضايا الأدبية واللغوية والشعرية. لم يكن هذا المجلس مجرد تجمع عابر، بل كان أشبه بمنتدى فكري راقٍ، شكل نقطة تحول في تطور النقد والشعر في العصر الأموي. كانت سكينة صاحبة ذوق رفيع في الشعر، تستمع، تحكم، وتوجه، حتى أصبح مجلسها محط أنظار الأدباء والشعراء، يتسابقون لنيل إعجابها والثناء على إبداعهم من قبلها.
تميزت بسعة الأفق وجرأة الرأي، فلم تكن تقبل الشعر الرديء ولم تجامل أحدًا على حساب الذائقة الأدبية. كانت تملك حسًّا نقديًا مرهفًا، فأثرت الساحة الأدبية بتوجيهاتها، وأصبح مجلسها نموذجًا لصالونات الأدب التي ستنتشر لاحقًا في العصور الإسلامية المختلفة. امتلكت قدرة فريدة على التمييز بين الشعر الجيد والرديء، حتى إن كبار الشعراء كانوا يحسبون لمجلسها ألف حساب، يدققون في أشعارهم قبل عرضها أمامها.
سكينة بنت الحسين لم تكن مجرد شخصية عابرة في التاريخ الإسلامي، بل كانت امرأة صنعت فارقًا، حملت مشعل الفكر وسط أمواج السياسة المتلاطمة، وأثبتت أن المرأة ليست فقط شريكة في الأحداث الكبرى، بل قائدة ورائدة في ميادين الثقافة والأدب. في كل خطوة من حياتها، تركت بصمة لا تمحى، لتظل سيرتها درسًا في الصمود، والعلم، والذوق الأدبي الرفيع.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |