من حبر مدمن

عبد العاطي جميل
2025 / 3 / 11

استهلال :
...........
" من أين ؟ أن البعد قربي من أين ؟ أن القرب أقصاني
اليوم كان البدء يا سفري وغدا سألقاها وتلقاني
فلتنتظرني حيث أنت غدا يا وجهها في الشاطئ الثاني "
عبد الله البردوني / 1974
..........................................................................
...
... وفي سهوه كما في صحوه ، صورتها الباذخة تتردد عليه ، في أزمنة وأمكنة مختلفة .. وجسدها النافر ، الجامح ببياضه المرمري ، المخاتل ، المرابط ، يتجرأ عليه ..
وكلما عليه اشتد الشوق ، استكان في خلوته الحالمة إلى مزاجها العفوي ، يترصد ملامحها الغجرية ، في مجازه النافر ، الجامح ..
في حلمه المرتبك ، يراها امرأة أخرى ، أكثر بهاءا ، وأقل حياء ، تعتلي عرش فراغ يداوم عليه ..
كيف له الآن ، بعد هذا الفراق ، أن يراجع خطواته إليها ، أن يوقف لهفة زحف الشوق ، وقد أدمن حواسه الخارجة عن حدود اللياقة النفسية ، المسموح بها ؟؟ ..
... وهي كعادتها ، لم تقل له : إنها ...
ولكنها ...
أورقت في عينيه الزائغتين .. واشتد عود صمتها في رفقة عينيه .. تقود خطواته السخية إليها برفق الطفولة مرة ، ورفق الشفقة مرة أخرى ..
وكأنها تفتح عيادة قلبها له ، ولذكرياتها البهية ، الحرى ، وهي تتطلع إليه ، بسخاء الورد ، وعطر الماء ..
وكأنه يراجع خواطره الحمقاء التي لم تكن لتمتد إليها ، وهو يسترجع لحظات المؤانسة ، والشطحات التي تنسجها خيالاته الغاوية ، في مجازاته السكرى ، وهو يركن إلى كتاب خيباته الجميلة ، في خلوته المعتادة ، الأثيرة ..
ليس بإمكانه الآن ، أن يقرأ أبعاد رغبتها اللعوب ، القصوى ، وهي في أرجوحة اللهو ، تمرر مرارة جدارتها بين المراوغة ، والبراءة ، وهي تتصابى على إيقاع رقصة الفلامينكو الرشيقة ..
وكأنها قارئة الكف أو الفنجان ، تتبع نظراته الحانية ، حركاته المحسوبة ، تنهداته المتخفية .. تؤول كلماته المازحة ، ومعانيه الماتعة ، إلى أبعد حدود يجهلها أو بقليل من حكمته يتجاهلها .. فأحيانا يروق له أن يتغابى ..
وكأنه في عفويته ينساب ، في سرده ، في وصفه ، في حواره ، في حجاجه ، وفي تطرف نقده الجميل ..
وهي بين يديه ، تختار الكلمات ، الصفات ، النكات ، تضع خطوطها الحمراء بإرادتها .. وهي تعرف أنه أحيانا ، يتجاوز الخطوط الحمراء ، المدنسة والمقدسة على حد سواء ، تلك التي سنها في الغالب الأدعياء من الأغبياء ، والبغاة من الطغاة والأولياء ...
..........................................................................................................
مارس 2025
.................

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي