نساء فوق العادة (خناثة بنت الشيخ بكار )

للاإيمان الشباني
2025 / 3 / 6

خناثة بنت الشيخ بكار
...

خناثة بنت الشيخ بكار المغافري شخصية نسائية بارزة في التاريخ المغربي، تميزت بحكمتها وعلمها وتأثيرها السياسي، حتى أصبحت أول امرأة تتولى الوزارة في المغرب. نشأت في بيئة متميزة بالعلم والدين، حيث كان والدها الشيخ بكار زعيمًا لقبيلة المغافرة، وهي إحدى القبائل الصحراوية ذات النفوذ الواسع. تعلمت العلوم الشرعية وأتقنت القراءات السبع، كما برعت في علم الحديث، مما جعلها مرجعًا دينيًا وعلميًا في عصرها.
زواجها من السلطان المولى إسماعيل منحها مكانة استثنائية في البلاط العلوي، لكنها لم تكتفِ بدور الزوجة فقط، بل كانت مستشارة نافذة في الدولة، تشارك في القرارات السياسية وتحاور العلماء والفقهاء. تميزت بحنكتها وذكائها في تسيير شؤون الدولة، حيث كانت حلقة الوصل بين السلطان ورجال العلم، تسهم في رسم السياسات التي توازن بين السلطة والقيم الشرعية.
خلال حكم ابنها السلطان عبد الله بن إسماعيل، ازدادت مكانتها السياسية، حيث لعبت دورًا رئيسيًا في استقرار الحكم وتوجيه السلطان في قضايا الدولة. كما أشرفت على تربية حفيدها السلطان محمد بن عبد الله، الذي أصبح فيما بعد أحد أبرز سلاطين المغرب، وعُرف بإصلاحاته وإنجازاته العظيمة. كان لتربيتها الأثر العميق في تكوين شخصيته، إذ غرسَت فيه القيم الدينية والعلمية والإدارية التي ساعدته في مسيرته السياسية.
عرفت خناثة بنت بكار بتصوفها وزهدها في الدنيا، حيث كانت تعيش ببساطة رغم نفوذها الكبير. كما كانت راعية للعلم والعلماء، تدعم الفقهاء وتحث على طلب العلم، بل إن بعض المؤرخين يعتبرونها واحدة من أهم النساء اللواتي ساهمن في نشر العلم في المغرب. كانت مجالسها عامرة بالنقاشات الفكرية والشرعية، حيث كان الفقهاء والقضاة يتداولون القضايا الكبرى أمامها.
أثبتت خناثة بنت بكار أن المرأة يمكن أن تكون فاعلة في السياسة والدين والمجتمع، وقدمت نموذجًا فريدًا للمرأة القوية التي تجمع بين العلم والحكمة والقيادة. ورغم وفاتها سنة 1730م، ظل تأثيرها ممتدًا عبر الأجيال، خاصة من خلال دورها في تربية السلطان محمد بن عبد الله، الذي كان أحد أعظم ملوك الدولة العلوية.
إن خناثة بنت بكار تاريخ رمز للمرأة العالمة القادرة على ترك بصمتها في عالم السياسة والفقه، وهي نموذج يستحق أن يُدرس ويُستلهم منه في واقعنا المعاصر.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي