![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
اسماعيل شاكر الرفاعي
2025 / 3 / 5
من يوميات صائم في ولاية : لويزيانا
منذُ انزلقتُ كالسمكة للعيش في وطن اسمه العراق ، وأنا اقفُ على مفترق طرقٍ :
أراقب حركة الضوء والظلام واتجاه الرياح والطيور المهاجرة ،
وأتلمس كالعميان رائحة العباءات ،
وبعض ما تنفثه
الغيوم البعيدة من كلمات ،
لاصوغ منها أساور من قلقٍ أقايض بها لحظة من فرح
قد تقطر من شفتي زمانٍ متخشبتينْ .
وحين يصيب اليأس روحي من سماع طرقات المطر على شبابيكها : أعود إلى الجموع الغفيرة : حاضنتي الأولى - والتحم بها في الأسواق والشوارع والمقاهي وعلى اسطح البيوت العتيقة ؛ واهرول معها جيئةً وذهاباً - كما اعتدتُ - وهي لا تعرف إلى أين .
في هذا البلد العتيق يقضي الناس أيامهم ؛ جيئة وذهاباً ، مرة مع الصدر وأخرى مع المالكي وثالثة مع الكاظمي ، ورابعة مع المبشرين بالضربة العسكرية مثل قنبر والأبيض وابن الملة ، يصوغون لأنفسهم اوهاماً او أحلاماً تتساقط على رؤوسهم إذا تنحنح رونالد ترامب : او اذا أفتى الخامنئي بفتوى جديدة
وحين أحصي ماذا تبقى في ذاكرتي الآن : اجدها فارغة .
اذ لا ذاكرة لمن جف نهرا بلاده : وهو يراقب ببلادة ما يجري .
لا ذاكرة لمن يجلس القضاء في بلاده معصوب العينين : وهو يراقب ببلادة " نور زهير " حراً يرود سماوات البلاد بطائرته المسيّرة وهو يطلق الرصاص على الديمقراطيين والليبراليين واليساريين والشيوعيين والطيور المهاجرة من امثالي .
لا ذاكرة لمن " يچبچب ابهل ليل " وحيداً وهو يراقب حشود الجيش الشعبي قد فرغت من معركة : إسقاط امريكا ، وتحرير فلسطين ، وهي تتنفس الآن حريتها ولذة انتصارها : متعثرة الخطى في شوارع مظلمة .
قلتُ لنفسي : ماذا تتعلم من هذه الجموع التي تنتظر الصيف لتثور ؟ هل أظل هاربا
من نفسي إلى نفسي
ومن جسدي إلى جسدي :
حتى أحسستني منحوتاً كتمثال يقف محدقاً في الفراغ ، أو بوّاب عمارة يراقب مدهوشاً
الخارجين والداخلين
إلى هذا النفق الطويل الذي يسمونه : العراق ، وأنا اتلمسُ ظهري واتساءل : كيف قطعتُ مسافة الزمن الطويلة من غير طعنات الخارجين والداخلين إليه ، وهم : من الصباح الباكر وحتى المساء الفاجر : يرشون البلاد بالحصى ، وغيوم التراب ويتسللون خارجين من هذا النفق الطويل الذي اسمه : العراق :
وثيابهم تتبخر قدامهم ، وضمائرهم فَرِحَةً
بما يسحلونه خلفهم من صيد وفير …
لويزيانا
3- 3- 2025
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |