![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
للاإيمان الشباني
2025 / 3 / 3
تظل المرأة المغربية، سواء في المدن أو القرى، جزءًا لا يتجزأ من تاريخ المقاومة المغربية ضد الاستعمار الفرنسي والإسباني. ورغم أن التاريخ الوطني لم يبرز دائمًا مساهمتها بما فيه الكفاية، إلا أن النساء كنَّ في قلب العمليات النضالية، وكان لهن دور محوري في تحرير الوطن من براثن الاستعمار. هذا الدور الذي تقف خلفه تضحيات جليلة عملت على إبرازها بعض الدراسات، رغم تهميشه في الكثير من الكتابات التاريخية.
منذ بداية الحركة الوطنية المغربية ضد الاستعمار، كانت المرأة في الصفوف الأمامية، سواء في الجبال أو في المدن، حيث شكلت دعمًا لا غنى عنه للمجاهدين. فإلى جانب دورها في تأمين المؤونة وتقديم الدعم اللوجستي، كانت المرأة تمثل رمزًا من رموز القوة والشجاعة، وتؤدي أدوارًا حيوية في حمل السلاح، وهو ما يظهر جليًا في معارك كبيرة مثل معركة الهري ومعركة أنوال.
بالنسبة للمرأة المغربية في المناطق الريفية، فقد كانت حاضرة في كل معركة تقاوم فيها جيوش الاحتلال. في جبال الأطلس والريف، على سبيل المثال، كان دور النساء يتمثل في تقديم الدعم المادي والمعنوي للمجاهدين، وكان لهن دور كبير في مراقبة تحركات الاحتلال، وتنظيم صفوف المجاهدين. إحدى الصور الرائعة التي تعكس هذا الدور هي قيام النساء بتعبئة الرجال وإرسالهم إلى المعركة، إضافة إلى مساعدتهن في إخفاء الأسلحة وحمل الرسائل المشفرة.
في مناطق مثل الريف، لا يمكن نسيان دور النساء في محيط عبد الكريم الخطابي، حيث اعتبرت المرأة الريفية حجر الزاوية في تلك المقاومة. شهادات عبد الكريم الخطابي نفسه تؤكد هذا الدور، إذ كان يشيد دومًا بمساهمة المرأة في تحرير الريف، خاصة في دورها في جمع المعلومات، مراقبة تحركات العدو، وكذلك حراسة الأسلحة.
إلى جانب الأدوار التقليدية التي قامت بها النساء من نقل المؤونة والمساعدة في الجرحى، كانت هناك أدوار غير تقليدية في حرب التحرير، مثل استخدام النساء كوسيلة للتنبيه، من خلال إشارات مثل الحزام الذي تلوحه المرأة لتحذير المقاومين من الزحف القادم. هذه الإشارات كانت غالبًا ما تكون حاسمة في منع هجمات العدو أو في تسهيل تحركات المجاهدين.
لم تقتصر المقاومة النسائية على الريف فقط، بل امتدت لتشمل مناطق أخرى مثل ورزازات وآيت باعمران. ففي معركة بوغافر سنة 1933، كانت النساء شريكًا أساسيًا في العمليات الفدائية، حيث كان لهن دور كبير في تأمين المعلومات العسكرية وتزويد المقاومين بالمؤونة والعتاد، بل وحتى في تدريب بعض النساء على حمل السلاح.
إحدى القصص المضيئة في تاريخ المقاومة النسائية هي قصة السيدة منوش اليعقوبية الورياغلية، التي قادت عملية تعبئة النساء في قبيلة تمسمان الريفية، فقد فقدت بصرها في إحدى المعارك، ولكن ذلك لم يثنها عن الاستمرار في دعم المجاهدين. كانت هذه السيدة مثالاً حيًا على أن النساء في ذلك الزمن لم يكن مجرد داعمات خلف الخطوط الأمامية، بل كنَّ جزءًا لا يتجزأ من قلب العمليات الثورية.
تاريخ المرأة المغربية في المقاومة هو تاريخ مليء بالتضحيات والشجاعة، إلا أنه لم يُحَظَ بما يكفي من التوثيق والاحتفاء. وإذا كانت الكتابات التاريخية قد غفلت عن دور المرأة في العديد من الأحيان، فإن الحقيقة تبقى أن المرأة المغربية كانت دائمًا في الطليعة، تساند، تقاوم، وتفدي الوطن بدمها وعرقها.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |