|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |

ثائر ابو رغيف
2025 / 3 / 1
في كتابه "الجمهورية"، يقدم الفيلسوف اليوناني أفلاطون واحدة من أشهر الاستعارات الفلسفية: مجازية الكهف. تُستخدم هذه القصة الرمزية لاستكشاف مفاهيم الواقع والمعرفة والتحرر من الجهل. تُعتبر المجازية أساسًا لفهم نظرية المُثُل عند أفلاطون ودور الفيلسوف في المجتمع
يتخيل أفلاطون سجناء مُقيدين في كهف مظلم منذ الطفولة، مُوجهة وجوههم نحو جدار. خلفهم نار تُلقي ظلال أجسام مُتحركة على الجدار، فيعتقد السجناء أن هذه الظواهر هي "الواقع" الوحيد. هنا، تُمثل السلاسل قيود الإدراك الحسي، والنار مصدرًا زائفًا للضوء، والظلال كأوهام تُشكل معتقدات السجناء
عندما يتحرر أحد السجناء، ويخرج إلى العالم الخارجي يُصاب بالعمى المؤقت بسبب ضوء الشمس. يبدأ يدرك تدريجيًا، أن الظواهر الحقيقية (الأشجار، النجوم، الشمس) تفوق ظلال الكهف. الشمس هنا ترمز إلى "مثال الخير" (أعلى المُثُل)، مصدر كل الحقيقة والجمال. هذه الرحلة تُمثل التحول الفلسفي من الجهل إلى المعرفة، مع التأكيد على صعوبة تقبل الحقائق الجديدة
يعود المُنَور إلى الكهف ليحرر الآخرين، لكنهم يسخرون منه لعدم قدرتهم على رؤية ما رآه. يوضح هذا مقاومة البشر للتغيير الفكري، ودور الفيلسوف كقائد يُضحي براحته لنشر الحكمة، حتى لو واجه الرفض
المواضيع الفلسفية في مجازية ألكهف:
1- نظرية المُثُل: العالم المادي ظل لعالم المُثُل الأبدي فالكهف يرمز إلى العالم الحسي (العالم المادي الذي نعيش فيه)، بينما الخارج يمثل عالم المُثُل (الحقيقة المجردة الكاملة التي لا تُدرك إلا بالعقل)
2- الإبستمولوجيا (نظرية المعرفة): المعرفة الحقيقية تتطلب تجاوز الحواس
3- التعليم: ليس تلقينًا، بل تحرير العقل من الأوهام فعندما يعود السجين المحرر إلى الكهف ليُخبر الآخرين بالحقيقة، سيسخرون منه ويرفضون تصديقه، بل وقد يقتلونه (إشارة إلى مصير سقراط الذي حُكم عليه بالإعدام)
4- الأخلاقيات الاجتماعية: مسؤولية الفيلسوف في قيادة المجتمع نحو الحقيقة فالفيلسوف هو ذلك السجين المحرر الذي يرى الحقيقة وواجبه أن يعود إلى "الكهف" (المجتمع) ليقود الآخرين إلى المعرفة، حتى لو قوبل بالرفض
مجازية الكهف ليست مجرد قصة قديمة، بل مرآة تعكس تحديات البحث عن الحقيقة في كل عصر. تُذكرنا بأهمية التشكيك في اليقينيات، والشجاعة في مواجهة المجهول، ودور المعرفة في تحرير الإنسانية.
أثرت مجازية ألكهف في الفلسفة الغربية (خاصة في الأفلاطونية المحدثة والوجودية) و أستُخدمت في تحليل نظريات الإعلام والثقافة (كالنظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت التي تشبه الإعلام بـ"الظلال" ألتي تشوه ألواقع والهمت هذه المجازية أعمالا سينمائية كفيلم ماتركس بطولة كيانو ريڤز إذ يُعتبر هذا العمل ألسينمائي إعادة تفسير معاصرة لمجازية الكهف حيث يعيش غالبية ألبشر داخل كبسولات تسيطر عليها كمپيوترات متطورة وتفرض واقع خيالي لكل فرد مادام داخل الماتركس إلا اذا وافق الفرد على مغادرة الماتركس فيكتشف ان أسمه ماكان يوما اسمه ولا وظيفته او علاقاته وكل ما يكتشفه هو انه كان بطارية ضمن موجموعة هائلة من ألبطاريات لادامة عمر الكمپيوترات.
تبقى مجازية أفلاطون حية، تحثنا على الخروج من كهوفنا الذهنية نحو فضاءات أوسع من الفهم والإدراك
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |