الشعر حين يروض الفلسفة البريكان نموذجا

كاظم حسن سعيد
2025 / 2 / 26

الشعر حين يروض الفلسفة..البريكان نموذجا
وحيداً أنتمي، حرّاً، إلى فكره أرادت نحتها الموتى (ولم تُنحتْ على صخره. إلى الثورات قبل تجمّد الرؤيا. إلى الحبّ السماويّ الذي ترفضه الدنيا. إلى البرق الذي يكشف وجه الدهر في لحظه. إلى حقل الجمال المزهر الأسنى. إلى الحلم الطفوليّ الذي يخبو ولا يفنى. إلى جزء من الإنسان في الظلمة مفقود. إلى ما يسقط الضوء على منطقة المعنى وما ليس بمملوكٍ. وما ليس بمحدود.
البريكان

تذكرني بداية هذا النص بقول المتنبي( يقولون لي ما انت في كل بلدة. .وما تبتغي ما ابتغي جل ان يسمى)... يؤسفني رغم جلساتي المطولة مع البريكان التي استغرقت سنوات اني لم اسأله عن تفكيك هذا الشطر..كان يقول لي ( ان لم تتمكن قصائدي من فرض نفسها فلا حاجة لتوضيحها).
كان المتأرق حتى اخر نبض محاصرا بالاسئلة الكونية ،وفيما كان الشعر غارقا بالتكرار غالبا ومحصورا بقاموس واحد ومأطرا بالمحسنات اللفظية ومتخا بالمربديات( نسبة لقصائد مهرجانات المربد), كان البريكان يسكتشف لغته المتفردة ومفرداته الخاصة وايقاعاته التي انشقت احيانا عن قبضة الفراهيدي،وثيماته التي تسمو الى الميتافيزيقيا والتوتر الوجودي متدرجة الى اليومي وكشف الجمال فيما هو عادي وعابر.
(اربع أيدتمتد الى دفء النار معاً
وعيون اربعة تأمل طفلاً في مهدً
مائدةمن زاد الفقراء
وحديث هادئ
الليل وفيلم السهرة
انسام الفجر ترف رفيف جناح فراشة
العشب اللين بعد الغيث
يبدو منتعشاً ونظيفاً. ......).
ما لا يعرفه الكثير ان البريكان شاعر وفيلسوف لكنه تمكن من ترويض المفاهيم الفلسفية شعرا بفن متقن ومتفرد.
وقد تمكن اجدادنا الباحثون ان يميزوا بين الشعر الفلسفي البارد والشعر الزاخر بافكار فلسفية فضربوا مثلا على النوع الثاني بالمتنبي.
المقطع الذي اخترته كتب في مطلع السبعينيات فيما كانت الموجة الثانية من تحديث الشعر العربي صاخبة ومتمثلة بالشعر الستيني.
( إلى صوت النبوّات البدائيّ) تصور الاف المجلدات التي تشعبت عن الافكار النبوية الاولى،الاسلام فقط تفرعت منه اكثر من سبعين فرقة فانتصب السيف وسالت الدماء...كل ما حدث من تحريف للدين لم يكن صوتا نبويا بدائيا،
(إلى الثورات قبل تجمّد الرؤيا),حين تتكلس الاديولوجيا الطازجة الزاخرة بالحلم والتصميم،ستنحرها السلوكيات التي لا تنتمي اليها،هنا يدعوك البريكان لقراءة تاريخ الثورات لتستكشف ما آلت اليه.
....
قصائد تجريدية- محمود البريكان
عن الحرّية
ـــــــــــــــــــــــ
دعوتموني لاكتشاف قارة أخرى
معاً. وأنكرتم عليّ رؤية الخريطة.
أؤثر أن أبحر في سفينتي البسيطة
فإن تلاقينا فسوف نحسن الذكرى.
***
قدّمتموا لي منزلاً مزخرفاً مريح
لقاء أغنيّة
تطابق الشروط.
أؤثر أن أبقى
على جوادي. وأهيم
من مهبّ ريح
إلى مهبّ ريح
***
جئتم بوجه آخر جديد
لي، متقن حسب المقاييس المثاليِّه
شكراً لكم. لا أشتهي عيناً زجاجيه،
فماً من المطاط.
لا ابتغي إزالة الفرق. ولا أريد
سعادة التماثل الكامل.
شكراً لكم. دعوه يبقى ذلك الفاصل
أليس عبداً في الصميم سيّد العبيد؟

انتماءات
ـــــــــــــــــــ
على المشهدْ
أسمّر نظرتي. لكنّ لي حلمي..
ولائي هو للأجمل والأبعدْ.
***
وعبر الصخب اليوميّ أنمّي صوتيَ النّاصع
وألقي وهج الفكر على الواقع.
***
أرى التاريخ مرسوماً بأكمله على نظرهْ
وأسمعه – خفيّ النبض – في صوت.
فلا ترعبني الفكرهْ
ولا يسحرني الموت
***
وعبر أسى المحطّات،
وجوع الروح والجسدْ،
وعبر النور والظلّ،
أظلّ أنشد الأبدْ
***
وحيداً أنتمي، حرّاً، إلى فكره
أرادت نحتها الموتى (ولم تُنحتْ على صخره)
إلى صوت النبوّات البدائيّ.
إلى الثورات قبل تجمّد الرؤيا.
إلى الحبّ السماويّ الذي ترفضه الدنيا.
إلى البرق الذي يكشف وجه الدهر في لحظه.
إلى حقل الجمال المزهر الأسنى.
إلى الحلم الطفوليّ الذي يخبو ولا يفنى.
إلى جزء من الإنسان في الظلمة مفقود.
إلى ما يسقط الضوء على منطقة المعنى
وما ليس بمملوكٍ. وما ليس بمحدود.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي