قاموس المستشار الاقتصادي – التضخم

مصطفى العبد الله الكفري
2025 / 2 / 21

التضخم ظاهرة اقتصادية تتوضح بارتفاع الأسعار الناجم عن اختلال التوازن بين العرض المتاح من السلع والخدمات والطلب الفعال عليها. وهذا يعني وجود فجوة بين العرض المتاح والمحدود من السلع والخدمات والطلب الفعال أي المقترن بالقدرة على الشراء والذي يزيد عن العرض المتاح. والقوانين الاقتصادية توضح أن زيادة الطلب على السلع والخدمات عن العرض تؤدي إلى زيادة الأسعار، التي تعد المؤشر التقليدي على حدوث ظاهرة التضخم في أي اقتصاد.

مفهوم التضخم:
أحدث الاقتصادي الإنكليزي المعروف اللورد جون مينارد كينز، نقلة نوعية كبيرة في تفسير التضخم وتحديد كيفية حدوثه. فالتضخم وفقاً لكينز هو زيادة الطلب الفعلي عن العرض المتاح من السلع والخدمات، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
حيث عرَف كينز التضخم الحقيقي Inflation True على أنه ظرف تحدث فيه زيادة في الطلب الفعال دون أن يرافقها زيادة مماثلة في إنتاج السلع والخدمات وعرضها. [1] وهو بذلك يؤكد على أنه في نقطة ما على المدى القصير، عندما تنخفض مرونة الناتج بالنسبة إلى التغيرات في الطلب الفعلي إلى الصفر، في هذه النقطة يحدث التضخم الحقيقي. [2] فالتضخم يعد وضعاً اقتصادياً يزداد فيه الطلب الكلي على السلع والخدمات عن العرض المتاح منها، [3] والنتيجة الطبيعية في مثل هذه الحالة هي الارتفاع في مستوى الأسعار. فالتضخم مرتبط بحدوث تطورات في عدد من المتغيرات الاقتصادية أهمها:
العرض المتاح.
الطلب الفعلي.
كمية النقود المعروضة للتداول.
أسعار الفائدة.
مستوى التشغيل في الجهاز الإنتاجي.
وهذا يعني أن التضخم يظهر عندما تظهر زيادة إضافية في الطلب الفعال لا يواكبها زيادة في إنتاج السلع والخدمات، لذلك فإن أي زيادة في الطلب الفعال تعبر عن نفسها بحدوث زيادة في الأسعار. [4]
فإذا ما ازدادت كمية النقود المعروضة للتداول تنخفض أسعار الفائدة ويزداد حجم السيولة النقدية، التي يحتفظ بها الأشخاص نتيجة لانخفاض سعر الفائدة. وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة الميل للاستهلاك، وانخفاض الميل للادخار.
ومع انخفاض أسعار الفائدة وزيادة الميل للاستهلاك فإن المشروعات القائمة ترفع مستويات التشغيل، وتظهر استثمارات جديدة عندما يقوم المستحدثون بالحصول على قروض بأسعار فائدة منخفضة لتمويل مشروعات إنتاجية جديدة بسبب الميل للاستهلاك.
وتوضح النظرية الكينزية أن الزيادة في الطلب الفعلي نتيجة زيادة كمية النقود وانخفاض أسعار الفائدة تسبق الزيادة في الإنتاج نتيجة الاستثمارات الجديدة، وهذا هو السبب الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار وحدوث التضخم. كما أوضح كينز أن العلاقة بين التضخم والبطالة هي علاقة عكسية، فإذا ارتفع معدل التضخم انخفض معدل البطالة والعكس صحيح، ذلك لأن ارتفاع التضخم يرتبط بزيادة الطلب الفعلي لما يتجاوز العرض المتحقق من السلع والخدمات في التشغيل الكامل للجهاز الإنتاجي، ومعروف أن حالة التشغيل الكامل تعني وصول معدل البطالة إلى حده الأدنى.
تناولت النظرية الماركسية موضوع التضخم وتحديد حركة الأسعار للسلع والخدمات من خلال التأكيد على مفهوم سعر السوق. وهو السعر الذي تباع به السلعة أو الخدمة في السوق. ويتم تحديد سعر السوق استناداً إلى تكلفة والإنتاج ويتذبذب حولها، مضافاً إليه الربح وفقاً لمتوسط معدل الربح في الفرع الإنتاجي الذي ينتج السلعة. وبناءً عليه فإن ارتفاع تكلفة إنتاج السلع والخدمات يؤدي إلى حدوث التضخم.
وتخلص نظرية الدخل القومي إلى أن التغيير في كمية النقود لا يُعد عنصراً فعالاً في تحديد مستويات الأسعار وذلك عكس ما تقرره نظرية النقود. وعليه يتمثل التضخم بوجود فائض في الطلب على السلع يفوق القدرات الحالية للطاقات الإنتاجية. وهذا يعني وجود فائض في الطلب على أسواق السلع والخدمات وعوامل الإنتاج، وهو ما يطلق عليه بالفجوة التضخمية (Inflation Gap) التي يمكن تجاوزها من خلال خفض حجم الإنفاق الكلي واللجوء إلى زيادة الضرائب ورفع أسعار الفائدة وغيرها من السياسات الانكماشية، وعليه فإن التحليل التضخمي يقوم على أساس تجميع فائض الطلب على أسواق عوامل الإنتاج وأسواق السلع والخدمات معاً. [5]

(النظرية الكمية للنقودThe quantity Theory of money ):
يؤكد فيشر أن هناك عوامل ثلاث تتحكم بتحديد المستوى العام للأسعار وهي: كمية النقود المطروحة للتداول، سرعة تداول النقود، كمية السلع والخدمات المعروضة في السوق.

أنواع التضخم:
التضخم المفتوح Open Inflation: ترتفع الأسعار بصورة مستمرة من دون أن يعترض طريقها أو يحد من حدوثها أي عائق.
التضخم المكبوت Repressed Inflation: لا ترتفع الأسعار بالرغم من تعرض مبررات حدوثها والسبب في ذلك القيود التي تعترضها الحكومة في خلال التحكم بنظام التسعير.
التضخم الكامن Latent Inflation: يحدث هذا التضخم نتيجة لتزايد الدخول النقدية بشكل غير طبيعي، دون أن تجد منافذ طبيعية لإنفاقها بسبب نظام توزيع السلع بالبطاقات. فتفقد النقود هنا وظيفتها كوسيلة للتبادل.
كانت جميع النظريات التي ناقشت موضوع التضخم تركز دائماً على دراسة وتحليل العملية الديناميكية لتكوين الأسعار، والبحث عن العوامل والمسببات التي تؤدي إلى عدم استقرارها والآثار والنتائج المترتبة على ذلك.

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد – جامعة دمشق

[1] – J. M. Keynes, the General Theory of Employment , Interested money, London 1945, P.303
[2] – دكتور كامل بكري، مبادئ الاقتصاد، الدار الجامعية، بيروت 1987، ص406.
[3] – يتكون الطلب الكلي من: مجموع إنفاق المستهلكين على السلع والخدمات الجارية، وإجمالي إنفاق الحكومة على السلع والخدمات الجارية، وصافي الاستثمار الذي يوظفه المنظمون.
[4] – المصدر السابق، J. m. Keynes.
[5] – أنظر، الدكتور محمد زكي شافعي، مقدمة في النقود والبنوك، الطبعة الخامسة، القاهرة ص 404.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي