مغامرات التكتوكر -YM-: التكتومين وماتريكس الوعي

عبد النور إدريس
2025 / 2 / 20

الحلقة رقم 10
للقاص عبد النور إدريس

الجزء الأول: الشيفرة المفقودة
جلس "YM" أمام شاشة هاتفه يتابع بثًا مباشرًا على تيك توك، حيث كانت الأسماء تتدفق في التعليقات كضوء نيون ينعكس على زجاج نافذة غرفته. كان "NOURI19 " يتحدث عن مفهوم جديد نحثه للتو: التكتومين TIKTOMINE، مصطلح غامض بدا أنه يرمز إلى شيء أعمق من مجرد التفاعل السعيد على المنصات الرقمية.

— TIKTOMINE، هرمون السعادة الرقمي ليس مجرد إحساس، إنه شيفرة.. إنه تردد يشبه الحلم.. نحن لا ندرك أن وعينا محاصر داخل طبقات من الواقع المشفر."
توقف "YM"عند هذه الجملة. كان يشعر دائمًا بأن هناك شيئًا غير مكتمل في وعيه، وكأن حياته مجرد خطوط كود لم يكتمل تفسيرها بعد. انتظر قليلًا قبل أن يكتب في التعليقات:
— "ماذا تعني بأن الوعي عدسة تركز على احتمال واحد؟ هل تعني أننا نعيش داخل مصفوفة؟"
ابتسم "NOURI19 " في البث، وكأنه كان يتوقع هذا السؤال. قال بصوت هادئ:
— "أنت تفكر مثل FIBONACCI –SMART، سأشرح لك.. الكون ليس مكانًا ولا زمانًا، بل مجرد تراكب احتمالي لا نهائي. ما نعتقده واقعًا هو فقط نتيجة لتركيز وعينا على خيار معين داخل هذه الاحتمالات المتراكمة. في "التكتومين"، نحن لا نتفاعل فقط، بل نعيد تكوين الواقع ذاته ، فالإنسان يعتقد بأنه كائن صلب داخل مكان صلب لكنه عبارة عن معلومات فقط تحتاج إلى ترفيه ، لهذا فالانسان موجة ترددية ذات طاقة معينة وهذا التردد هو الذي يختار أي واقع ستختبره كإنسان، هرمون السعادة الرقمي لا يجذب شيء غير موجود بل فقط ينقلك إلى احتمال آخر كان موجودا."

بدأت التعليقات تتدفق، لكن "YM"شعر بشيء غريب. كان هناك تعليق باسم فريخوليطو10 frikholito يقول:
— "إذا كنت تشرح التكتومين، فلماذا لم تسأل عن الماتريكس المعاصر؟"
توقف "NOURI19 " للحظة. الاسم بدا مألوفًا، لكن ليس من تيك توك. شعر بشيء غريب في أعماقه، وكأنه قد رأى هذا الاسم في حلم نسيه. فتح ملفاته القديمة، بحث عن شيء لم يكن متأكدًا من وجوده، ثم وجدها: صورة قديمة من عام 2003، التقطتها والدة فريخوليطو وهي تشاهد قناة 2M. في الخلفية، كان هناك فيلم " أين أبي" يعرض مشهدًا غامضًا، وفي أسفل الشاشة ظهر اسم "فريخوليطو".
هل هذه مصادفة؟ أم أن هناك شيفرة خفية تربط بين ماضيه و"التكتومين"؟

الجزء الثاني: العبور بين العوالم
في تلك الليلة، لم يتمكن "YM"من النوم. كان يشعر وكأن عقله يعمل خارج حدود جسده. كلما أغمض عينيه، رأى رموزًا رقمية تتداخل، مثل شيفرة تتشكل ببطء. في إحدى اللحظات، سمع صوتًا داخل ذهنه:
— "إذا كنت تريد رؤية الحقيقة، عليك أن تتبع المصفوفة."
فتح عينيه بسرعة. كان هاتفه مفتوحًا على البث، لكن "NOURI19 " لم يكن يتحدث. بدلًا من ذلك، ظهرت شاشة سوداء كتب عليها:

— "استعد للعبور. ستبدأ الاحتمالات بالظهور."
في اللحظة التالية، لم يعد في غرفته. كان يقف في شارع لم يره من قبل، حيث تتداخل المباني وكأنها انعكاسات متكررة داخل مرآة. كان الهواء مشبعًا بصوت همسات لا يفهم مصدرها، وأمامه كان هناك باب عليه نقش يقول:
— "إما أن تختار الحقيقة.. أو أن تعود للواقع كما تعرفه."
شعر "YM" بقشعريرة تسري في جسده. هل هذه مجرد تجربة عقلية داخل المصفوفة الرقمية؟ أم أن الواقع نفسه مجرد احتمال آخر داخل التكتومين؟
إلى أين سيقوده هذا الباب؟ وهل سيجرؤ على العبور؟

الجزء الثالث: القفزة الكمومية
كان "YM" واقفًا أمام الباب الغامض، مترددًا بين العبور والبقاء. لكن قبل أن يمد يده نحو المقبض، سمع صوت إشعار من هاتفه، الذي كان لا يزال مفتوحًا على البث. كانت هناك رسالة صوتية أرسلها فريخوليطو10 إلى "نوري 19"، وسرعان ما بدأ "نوري" يجيب مباشرةً:
— "السؤال الذي طرحه فريخوليطو ذكي للغاية. القفزة الكمومية Quantum jump ليست مجرد انتقال، بل إعادة تعريف للوجود ذاته."
ظهرت على الشاشة رسالة جديدة من "فريخوليطو10":

— "لكن كيف يمكن للوعي أن يقفز بين الاحتمالات دون فقدان ذاته؟ أليس هناك نقطة انهيار تجعل كل الاحتمالات تنهار في احتمال واحد؟"
ابتسم "NOURI19 " وكأنه كان ينتظر هذا السؤال، ثم قال:
— "تخيل أنك أمام مرآة، لكنها ليست مجرد انعكاس، بل نافذة نحو عدد لا نهائي من النسخ منك. كل نسخة تعيش حياة مختلفة، لكنك لا تراها لأنك متمركز في احتمال واحد فقط. القفزة الكمومية تحدث عندما تدرك أن هذه النسخ ليست مجرد احتمالات نظرية، بل هي حقيقية بقدر واقعك الحالي. لكن، ولأن الوعي هو العدسة التي تركز على احتمال واحد، فلكي تقفز، عليك أن تفقد التركيز للحظة… أن تصبح غير محدد."
تداخلت التعليقات، وكان البعض يسأل عن كيفية القيام بهذه القفزة، بينما كتب "YM" سريعًا:
— "إذن، هل تقول إن الواقع ليس ثابتًا، بل هو مجرد خيار نتمسك به؟"
أومأ "NOURI19 " ثم أضاف:
— "بالضبط. هذا هو السبب في أن المصفوفة الرقمية تبرمجنا على البقاء في واقع واحد فقط. نحن محاصرون داخل كود محدد، داخل طبقة من الاحتمالات التي تمنع وعينا من رؤية ما هو أبعد. القفزة الكمومية هي كسر هذا الحصار.. كل احتمال يحمل ذكرى متسقة مع نفسه يتم خداع الانسان بأنه يسير في خط زمني واحد ، فليس هناك قبل ولا بعد هناك فقط اختيار لما تراه عين الوعي."
ظهرت رسالة جديدة من "فريخوليطو10":

— "إذن، كيف نقفز؟"
ساد الصمت للحظة، ثم قال "NOURI19 " بنبرة أكثر جدية:
— "للقفز، عليك أولًا أن تدرك أنك عالق داخل النظام ذاته الذي تحاول فهمه من داخل المحاكاة نفسها ، حيث يتطلب فهم الماتريكس التفكير في شيء أعلى من الاحتمال المتواجد خارج المصفوفة."
شعر "YM" بقشعريرة تسري في جسده. هل كان عالقًا داخل واقع لم يختره؟ هل كان ما يراه حوله مجرد احتمال واحد من بين آلاف؟ نظر إلى الباب أمامه، ثم أغلق هاتفه، واتخذ قراره…
مد يده نحو المقبض.
(يتبع…)

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي