مترائيات العلمية والنقد العلمي - الانتهازيات وقيم السوق

أمين أحمد ثابت
2025 / 2 / 16

يستمتعون افراد النخب العربية بلوك كلمات – كالعلمية والنقد العلمي - كثيرا ما تتكرر خلال كتاباتهم أو نقاشاتهم وبصورة تجمليه اكثر إذا ما كان هناك حديث مبرمج تلفزيونيا او إذاعيا وتذاع المقابلة جماهيريا ، وهو شعور لذيذ أشبه باللذة التي يستمتع بها الرسام او الشاعر الرومانسي او الانطباعي في تفجر مشاعره التصويرية في صور الجمال الشفافة – كخطوط رسم لوني أو كلمات عاطفية شعرية .
وفي واقع استهلاكي مطلق معلم بالسوق وتسويق البضائع – وراهنا تسويق مضاربات البنكنوت والبورصة وتبادل العملات ، فكل بضاعة تعرض للتداول ، والأكثر قبولا للشراء لجني الأرباح . . تجري خلالها عملية مضاربة شديدة عند الشراء ، وتسمع أصداء الأصوات اللاهثة كطنين نحل في مختلف الأمكنة حول تلك البضاعة الرائجة في سوق المضاربة التجارية – ويبدو أن عدوى تعميم التسويق البضاعي على حياة المجتمع وانسانه . . قد انسحب ليتعدى واقعا تبادل الأغراض المادية بيعا وشراء - مقابل نيل المكاسب او الارباح . . لتدخل آليات التسويق والمعاملات حيز المجردات عند الانسان الفرد والجماعات والمجتمع – مثلا بيع وشراء الكلام ، بيع الضمير وشراء الضمائر و . . بيع القيم وعرض الذات . . إلخ ، فكل شيء اصبح معروض – كالأخلاق – ومحدد ثمنا مقابلا لها او أن تعرض وتكون هناك اطراف متنافسة فتحدث المضاربة بالسعر المحدد كثمن لتلك الاخلاق ، ومن يجيد لعب خداع السوق ويدفع اكثر في البضاعة المتصارع على اقتنائها . . هو من يكسب ، وتصبح تلك الاخلاق المبيوعة والمشتراة حديث السوق – أي المجتمع في ناسه – لتصبح قيمة مبهرة يتدافع فيها الافراد لبيع اخلاقهم مقابل مثل ذلك الثمن الذي دفع لآخر أو آخرين فأصبح اشبه بالترويج البضاعي للأخلاق – ومثل ذلك الترويج لأحاديث العلمية والنقد العلمي كبضاعة عند كل فرد ، والمسألة تكون في أي من الافراد يمتلك الجرأة والحنكة الفهلوية والمعرفة النقلية ليخرج ويعرض بضاعته القولية في تدافع تنافسي بين المعروضات المطروحة من الانتهازيات الفردية الأخرى ، وهنا تجري لعب المؤامرات والخداع والايقاع والتنكيل بين المتبارين ، والرابح يصبح هو القيمة الأقوى ( قولا ) والمروج لها اجتماعيا كسوق مفتوح لتداول بضاعة الكلام .

وعطفا بعودة الى عنوان المقال ، يمكننا القول بأن هناك فرقا ( جوهريا ) بين أصل حقيقة العلمية والنقد العلمي في الطرح وبين مسماها المتداول سوقيا في المجتمع بين النخب وصدر وسائل الاعلام والسياسة والتعليم وكتب الفكر ، كون أن تلك المسوق لها اجتماعيا ليست سوى عروض تجميلية لبضاعة الكلام عند سين او صاد من الأشخاص – مخادعة بأصلها – وهي ما يمكن لنا توصيفها ب ( المترائيات ) لدى المشترين والجمهور المستمتع بالتسوق ، فبعد انتهائهم من جولة التسوق يجدون انفسهم وقد تطبعوا قناعات بتلك التصورات والاعتقادات المفهومية المسوق لها وقد تسللت لتسيطر على عقولهم وقناعاتهم كحقائق – بينما هي بالأصل زيف الحقائق – فنجد عندها واقعا مسيد فيه زيف الحقائق المعرفية ونماذج الافراد مزيفي القيم ، والتي عندها يتهافت التافهين والرخاص لعرض بضاعتهم القولية . . مع الاتكاء لدفع اثمان الرشى لترويج البضاعة في ظل حدة المنافسة – بين الدجالين والانتهازين بينهم البين – فيمن سينتصر ويصبح اسمه واقواله ( المترائية ) الكاذبة اسما هما المسوق لهما واقعا – مثال آخر من التسويق في مسألة الوطنية وشعارات التداول المسوق لها والاسماء العارضة قوليا لها ولذاتها كوجهي بضاعة واحدة معروضة للتنافس والتداول وحتى المضاربة – بينما في حقيقة الواقع كل أحاديث الوطنية ( كشعارات ترويجية ) لا علاقة لها حقيقة كقوة لتغيير ذلك الواقع بقدر ما هي إلا ( بضاعة من البضائع المسوق لها ) تمنح البائع المروج لبضاعته الكسب الشخصي بينما تكسب انسان المجتمع وعيا زائفا وتراجعا قيميا في الاخلاق ووهما بنشوة المعايشة المعاصرة العلمية – أي أن المجتمع يكون مشدودا تأثرا بتبعية طوعية ( ذهانيه ) لشعارات الزيف وأصحابها من الانتهازيين المتكسبين ، بينما العلماء الحقيقيين لا قيمة تذكر لذواتهم الموجودة في الواقع ولا في طروحاتهم وعطاءاتهم العلمية .

في الحلقة القادمة سنكشف صفحة المغايرة بين الفكر العلمي والنقد العلمي ومترائياتهما المخادعة .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي