![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
محمد رضا عباس
2025 / 2 / 16
لا يمكن لمواطن عراقي وطني وحر ينسى مجزرة يوم 8 شباط الأسود. في هذا اليوم والذي كان يصادف يوم الجمعة عام 1963, استطاعت شله من الطائفيين والقوميين وبطريقة بهلوانية احتلال إذاعة بغداد , تلك الإذاعة الرسمية الوحيدة في العراق وبدوا قراءة " بيان رقم واحد" بعد الإعلان على " القضاء" على الزعيم الوطني الراحل عبد الكريم قاسم والذي بقتله اوجع قلوب احرار العراق .
لقد رفض احرار العراق الانقلاب في الحال , وتجمع المواطنين في قلب المدن لرفضه والتنديد به, فكانت مدينة الكاظمية من بغداد احد ضحايا الانقلابين الذين ارسلوا دباباتهم لمجابهة الرافضين للانقلاب . لقد استبسل اهل المدينة ضد القوات التي دخلت المدينة , وذلك باستخدام أسلحتهم الشخصية , وفي الأخير استشهد منهم جماعة و أخرى حكم عليها بالإعدام , الا ان الحكم خفض الى المؤبد لاحقا.
وطيلة فترة النظام اللاحقة بعد الانقلاب المشؤوم الذي قاده حزب البعث لم تستعيد المدن التي رفضت الانقلاب عافيتها , وبقيت هي وابناءها من المغضوب عليهم , وذلك باتباع سياسة طائفية لم تنتهي حتى عام التغيير , 2003.
نظام الحاكم الجديد بعد انقلاب 1963 , اجتهد ببناء احسن العلاقات العربية , ولكن على حساب علاقاته الداخلية , الامر الذي لم يشعر المواطن العربي ما يمر به المواطن العراقي من ظلم و جور وخمط الحقوق والطائفية .
نعم , لقد بنى العراق قبل قرار صدام حسين الصبياني احتلال الكويت احسن العلاقات العربية , ودعم القضية الفلسطينية وجند جميع إمكاناته في نشر الثقافة العربية على عموم العراق حتى على الاخوة الكرد , ولكن كل هذا كان على حساب اسكات المواطن العراقي من المطالبة بحقوقه . لقد اعتبر النظام الحاكم ان عمقه وقوته ليست في ارض العراق ومكوناته وانما عمقه هو الوطن العربي , اخذ الحماية منهم . حيث من المعلوم ان اول من احتفل بانقلاب عام 1963 هو احمد بن بله الجزائري و جمال عبد الناصر المصري , ودولة الكويت و السعودية والأردنية .
المواطن العربي لم يعرف ان النظام الجديد عام 1963 قد احتكر السلطة لأبناء المناطق التي دعمت الانقلاب وهم في الاغلب من المكون السني الكريم دون مشاركة المكونات العراقية الأخرى . 90% من الوزارات العراقية بعد انقلاب 1963 كانت من حصته , وكذلك جميع القيادات العسكرية , معظم سفراء العراق , معظم المحافظين في العراق. تصور ان محافظة البصرة ذات الأغلبية الشيعية لم يحكمها مواطن شيعي , وانما يأتي التعيين الحكومي لشخصية من المكون السني .
المواطن العربي لم يعرف ان النظام الجديد قد حارب كل الأحزاب الوطنية بدون استثناء , فحارب الأحزاب الإسلامية , الحزب الشيوعي , والأحزاب الكردية , إضافة الى الأحزاب القومية . لقد استعملت الحكومات اعنف وسائل العنف ضدهم , فاستشهد بعضهم , ودفن في السجون اخرون , فيما هرب البعض الى بلاد الله العريضة.
المواطن العربي الذي يحتفل بالتغيير الجديد في سوريا , على فرض ان هذا التغيير هو التخلص من ظلم بشار, عليه ان يعيد حساباته أيضا عندما يمر بالعراق الجديد , لان ما عانى العراقيون من حكامهم قبل التغيير اعظم بألف مرة مما عانى الشعب السوري من نظام بشار.
حزب البعث حكم العراق أيضا . واذا كانت الطائفية هي التي كانت تدير الحكم في سوريا , فأنها كانت كذلك في العراق. واذا فقر المواطن السوري في ظل حكم الأسد , فان المواطن العراقي وصلت حالته الاقتصادية اسوء من فلاح يعيش في احد قرى الهند. واذا هرب السوريين من بلادهم خوفا من بطش النظام , فقد هرب اضعافهم من العراقيين الى دول الجوار وغير الجوار . اسأل , مواطنو الأردن كم كان عدد المواطنين العراقيين الذين اتخذوا ارصفة شوارع الأردن بسطات لهم . وفي الأخير ترك حزب البعث في العراق اكثر من 300 مقبرة جماعية , و اشك ان يوجد مثل عددها في سوريا.
اذا كنت لا تحب سياسة أمريكا في المنطقة ,فانا أيضا , ولكن الحقيقة هو ان غباء قادتنا هو الذي قاد الامريكان وحلفاءهم بتغيير كلا النظامين , وارجوك ان تنظر الى كلا التغيير بعين واحدة . فاذا كان من حق السوريين ان يعيشون باحترام وكرامة , فان من حق العراقيون العيش باحترام وكرامة وهو امر لم يلاحظه العراقيون بعد التغيير من الاخوة العرب . لقد هجمت عليهم جميع ضباع الأرض , وتحت تجاهل عربي مريب , لم يرحموا طفل ولا شيخ , ولا سني ولا شيعي , وجندي ومدني من جرائنهم والتي تتعالى عنها وحوش الغاب.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |