![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
ثائر ابو رغيف
2025 / 2 / 5
أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترمپ (ومن قبله صهره جارد كوشنر) بشأن مستقبل غزة جدلاً واسعاً. فقد تم انتقاد مقترحاتهم، التي تم تقديمها على أنها فرص للتنمية الاقتصادية، لأنها تتجاهل حقوق وطموحات الشعب الفلسطيني. في صميم رؤيتهم، تكمن مقاربة مدفوعة بالعقارات تهدف إلى تحويل غزة إلى وجهة سياحية فاخرة، مما يثير قلقاً أخلاقياً وقانونياً وجغرافياً سياسياً
مقترح: غزة كـ "ريڤيرا الشرق الأوسط"
خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الألكيان ألصهيونيي بنيامين نتنياهو، عرض ترمپ خطة للولايات المتحدة لـ "الاستيلاء" على غزة، ونقل سكانها الفلسطينيين البالغ عددهم 2 مليون شخص، وإعادة تطوير الأراضي لتصبح مركزاً سياحياً أطلق عليه اسم " ريڤيرا الشرق الأوسط". وأكد على إمكانية تحقيق النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وتطوير الفخامة، مشيراً إلى أن عقارات غزة المطلة على البحر "قيمة للغاية"
هذه الفكرة تتماشى مع تعليقات كوشنر السابقة، حيث أشاد بـ "عقارات غزة المطلة على البحر" واقترح أن على ألكيان ألصهيوني "نقل الناس خارجها وتنظيفها" لفتح إمكانياتها الاقتصادية. كوشنر، المستشار السابق في البيت الأبيض ذو الخلفية في مجال العقارات، قدم هذا كمقترح عملي لحل تحديات المنطقة
الاهتمامات الأخلاقية والقانونية
تم إدانة المقترح القاضي بنقل سكان غزة قسراً على نطاق واسع باعتباره انتهاكاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان. ويجادل المنتقدون بأنه يذكر بحالات تاريخية للتطهير العرقي والاستعمار، حيث تم تهجير الشعوب لأغراض اقتصادية أو سياسية في الماضي. ووصف مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية هذه ألخطة بإنها "غير قابلة للتنفيذ تماماً"، مشدداً على أن غزة تخص الشعب الفلسطيني، وليس الولايات المتحدة أو ألكيان ألصهيوني
علاوة على ذلك، فإن فكرة "امتلاك" الولايات المتحدة لغزة تفتقر إلى التبرير القانوني وتتعارض مع الإجماع الدولي الذي استمر لعقود بشأن الصراع الألكيان ألصهيونيي الفلسطيني. إن إزالة السكان بالقوة محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي، ومن المرجح أن يواجه مثل هذا التحرك إدانة عالمية مثلما سيواجهه طموح ترمپ بضم كندا وگرينلاند عنوة (ليسأل العالم نفسه مالذي أدى للحروب ألعالمية في ألماضي).
التداعيات الجيوسياسية
رؤية ترمپ وكوشنر لها تداعيات جيوسياسية كبيرة. فقد رفضت الدول العربية، بما في ذلك الأردن ومصر، بشكل قاطع فكرة قبول سكان غزة كلاجئين، مشيرة إلى المخاوف من استقرار المنطقة والأزمة الإنسانية التي ستزداد تفاقماً. كما أكدت السعودية، وهي لاعب رئيسي في الدبلوماسية الشرق أوسطية، التزامها بحقوق الفلسطينيين، قائلة إن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين "غير مقبولة"
كما أن المقترح قد يتسبب بتقويض اتفاقات الهدنة الهشة ومفاوضات السلام. من خلال إعطاء الأولوية لتطوير العقارات بدلاً من الحلول السياسية، قد يؤدي نهج ترمپ وكوشنر إلى مزيد من تعميق الصراع وإبعاد الأطراف الرئيسية في المنطقة
رؤية السمسار ألعقاري للصراع
تعكس مقاربة ترمپ وكوشنر المدفوعة بالعقارات خلفيتهما كمطورين عقاريين. ترمپ، على وجه الخصوص، قدّم صراع غزة كمشكلة لعدم الاستفادة الجيدة من الموارد، قائلاً إن الشعب الفلسطيني "لم يقوموا بعمل جيد في الاستفادة من مناظرهم البحرية". ويتصور ترمپ غزة كوجهة فاخرة تشبه موناكو، مع منتجعات وبنية تحتية راقية
ومع ذلك، فإن هذه النظرة تتجاهل الروابط التاريخية والثقافية والسياسية العميقة التي يمتلكها الفلسطينيون مع غزة. بالنسبة للكثيرين، فإن الأراضي ليست مجرد قطعة من الأرض بل رمز للهوية والمقاومة. إن فكرة تحويلها إلى مركز سياحي "لشعوب العالم" تتجاهل هذه الحقائق وتختزل أزمة إنسانية معقدة إلى فرصة عقارية
بينما قد تبدو مقترحات ترمپ وكوشنر جذابة لأولئك الذين يسعون إلى حلول اقتصادية سريعة، إلا أنها تفشل في معالجة الأسباب الجذرية للصراع الألكيان ألصهيونيي الفلسطيني. من خلال إعطاء الأولوية للربح على حساب البشر، فإن رؤيتهم تعرض المنطقة لمزيد من الظلم وعدم الاستقرار. إن السلام والتنمية الحقيقيين في غزة يتطلبان التزاماً بحقوق الفلسطينيين، والقانون الدولي، والحلول السياسية الشاملة، وليس حلم مطور بعقارات أميركية وصهيونية فاخرة ومنتجعات على البحر
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |