![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
احمد موكرياني
2025 / 2 / 5
في التجارة، قد تخسر صفقة أو مشروعاً، أو تضحي بصفقة أو مشروع لاستعادة الربحية في مشروع أو صفقة أخرى لاحقاً.
سمعت من أحد التجار المتفائلين قائلاً: "إذا ربحتَ محاولة واحدة من كل عشر محاولات، فلن تخسر تجارتك".
كرجل أعمال، واجه ترامب عدة تحديات مالية وخسائر في مشاريعه التجارية. من أبرز هذه الخسائر إعلانات الإفلاس التي شملت ستاً من شركاته بين عامي 1991 و2009، بما في ذلك كازينوهات في أتلانتيك سيتي ومشاريع فندقية. في عام 1991، أعلنت شركة "ترامب تاج محل" إفلاسها بسبب ديون تجاوزت 3 مليارات دولار. وفي عام 1992، تقدمت شركتا "ترامب بلازا" و"ترامب كاسل" بطلبات إفلاس نتيجة الديون المتراكمة. بالإضافة إلى ذلك، في عام 2004، أعلنت شركة "ترامب هوتيلز آند كازينوز ريزورتس" إفلاسها مع ديون بلغت 1.8 مليار دولار.
أثرت هذه الأحداث على سمعته كرجل أعمال ناجح، لكنها لم تمنعه من الاستمرار في تطوير مشاريعه التجارية. فقد نهض من جديد ونجح في مشاريعه الأخرى، رغم سوء سمعته الشخصية وتهربه من الضرائب.
في السياسة الأمر مختلف: لا يغتفر للرئيس او لرئيس حكومة خطأه الا في الدول الدكتاتورية والفاسدة، بعض الأمثلة للأخطاء القاتلة للرؤساء:
• فرناندو دي لا روا الأرجنتين: سوء إدارته الأزمة الاقتصادية الحادة في عام 2001، أدى إلى انهيار مالي في ارجنتين وأحداث عنف واسعة النطاق، فاستقال وهرب بطائرة هليكوبتر من القصر الرئاسي وسط احتجاجات شعبية.
• ديفيد كاميرون المملكة المتحدة: قراره بإجراء استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بريكست دون تقدير كامل للعواقب، واستقال في عام 2016.
• نيكولا ساركوزي فرنسا: سياساته الاقتصادية غير شعبية وعلاقاته مع القادة الأجانب، مثل القذافي وتمويل غير قانوني لحملاته الانتخابية، خسر الانتخابات في 2012 وأدين لاحقًا في قضايا فساد.
• هوغو تشافيز فنزويلا: سياساته الاقتصادية الاشتراكية متطرفة، وتأميمه واسع للقطاعات الاقتصادية، أدت إلى أزمة اقتصادية خانقة فترك بلاده في حالة من الفوضى الاقتصادية والسياسية بعد وفاته.
• بوريس يلتسين روسيا: سوء إدارة التحول من الاقتصاد السوفيتي إلى اقتصاد السوق، أدى إلى أزمات اقتصادية، واستقال في نهاية المطاف في عام 1999.
• ريتشارد نيكسون الولايات المتحدة: فضيحة "ووترغيت" ادت الى استقالته من منصبه عام 1974.
اللعب بالاقتصاد السياسي من أخطر المهام، لأن الاقتصاد السياسي مرتبط بقوت عامة الناس ومعيشتهم. وفي حالة سوء التقدير، لا يمكن تعويض الخطأ. وهنا يكمن الخطأ الكبير الذي سيرتكبه ترامب، لأن أعداءه في الاقتصاد السياسي ليسوا أقزاماً، بل عمالقة وأذكى منه بدرجات كبيرة، كما أنهم ليسوا مُدانين بجرائم عند توليهم الحكم.
• فإذا خسر المعركة، لا يمكنه إعلان إفلاسه ليبقى رئيساً لأكبر دولة في العالم.
• فإذا خسر المعركة، قد تؤدي خسارته إلى انفصال الولايات الغنية مثل تكساس وكاليفورنيا عن الولايات المتحدة الأمريكية.
• فإذا خسر المعركة، ستنتقل الأعمال والمصانع الناجحة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى كندا وأوروبا والصين.
• فإذا خسر المعركة، ستُغلَق أبواب السعودية ودول الخليج في وجهه.
• فإذا خسر المعركة، سيستعيد النظام الإيراني قوته وسيطرته على المنطقة.
• فإذا خسر المعركة، ستزول دولة إسرائيل من على الخارطة السياسية العالمية.
كلمة أخيرة:
عندما يخطئ الرئيس أو رئيس الحكومة في البلدان الديمقراطية تنتهي حياته السياسية، بينما يستمر الحاكم الفاشل في منطقتنا في الحكم ويُبَجَّل:
• عندما فشل نوري المالكي في الحكم وأضاع ثلث العراق لداعش، وتسبّب في أكبر عمليات فساد ونهب للأموال خلال فترة حكمه للعراق، بقي متصدّراً للنظام السياسي إلى يومنا هذا، ويفرض آراءه الفاشلة وقراراته على الحكومة العراقية الاتحادية، ويواصل عمالته لإيران.
• تسبّبت حروب صدام حسين الداخلية والخارجية في تدمير العراق واحتلاله من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، واستعمار العراق من قبل إيران، وانتهاك تركيا لسيادة العراق وقطعها المياه عن نهري دجلة والفرات. ومع ذلك، ما زال الجهلاء من الشعب العراقي، الذين ذاقوا الأمرّين من النظام الحالي والمليشيات المسلحة ومن الفساد ونهب خيرات العراق، يترحّمون على صدام حسين ويتمنّون عودة البعث.
• إنّ سوء إدارة وتقديرات جمال عبد الناصر تسبّب بنكبة فلسطين الثانية في حزيران 1967، وأدّى إلى عدم استقرار المنطقة ومآسٍ للشعب الفلسطيني حتى يومنا هذا. واليوم، ينادي الشعب الفلسطيني في صراعه مع إسرائيل بالعودة إلى حدود 1967. وبعد نكبة حزيران، خرج الشعب المصري ينادي بعودة جمال عبد الناصر إلى الحكم بدلاً من محاسبته على نكبة حزيران 1967. كما قام الصحفي الكبير ومستشار جمال عبد الناصر، محمد حسنين هيكل، بتحريف تعريف النكبة إلى "نكسة"، التي مستمرّة لمدة 58 سنة.