![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
خالد خليل
2025 / 2 / 5
في خضم الأحداث المتسارعة التي يشهدها قطاع غزة، تتردد في الأوساط السياسية الغربية والإسرائيلية تصريحات محمومة حول "ترحيل أهل غزة" و"إخراج حماس"، يقودها بنيامين نتنياهو ويدعمها دونالد ترامب ضمن إطار دعائي يائس. غير أن هذه التصريحات، التي تُروَّج كاستراتيجيات، لا تعدو كونها أضغاث أحلام في اليقظة، نابعة من سيكولوجية المهزومين والمفلسين الذين يدركون أن الواقع يناقض كل طموحاتهم التوسعية.
الهروب إلى الأمام: عندما يعجز المحتل عن فرض إرادته
إسرائيل، التي ظنت أن عدوانها الوحشي على غزة سيقضي على المقاومة خلال أيام، تجد نفسها بعد أكثر من أربعة أشهر غارقة في المستنقع الغزاوي. لم تحقق أهدافها العسكرية، ولم تستطع كسر إرادة المقاومة، بل تفاقمت مشكلاتها الأمنية والسياسية، حتى باتت تتلقى الضربات في عمقها الجغرافي، بينما تتصاعد الخلافات الداخلية بين القيادة السياسية والعسكرية.
في مواجهة هذا الإخفاق، يحاول نتنياهو تصدير أزمته بالحديث عن "ترحيل" الفلسطينيين، وكأن ذلك حلٌّ سحري ينهي القضية. لكنه يتناسى أن أهل غزة، كما أهل فلسطين عمومًا، ليسوا نازحين جددًا ولا مستوطنين عابرين، بل هم أصحاب الأرض منذ آلاف السنين، وجذورهم تمتد في كل ذرة من ترابها. هذه الحقيقة تجعل من "الترحيل" فكرة غير قابلة للتنفيذ إلا في خيالات نتنياهو وداعميه من اليمين المتطرف.
ترامب ونتنياهو: منازلة الفشل باستراتيجية الوهم
أما ترامب، الذي عاد بالفعل إلى البيت الأبيض، فيسعى لتعزيز نفوذه عبر دغدغة مشاعر اللوبي الصهيوني، مستغلًا أزمة غزة كفرصة للاستثمار السياسي. وقد تبنى دور "الداعم المطلق لإسرائيل" من خلال اقتراحات غير واقعية، مثل إعادة احتلال غزة أو فرض حكم عسكري إسرائيلي فيها. لكنه يتجاهل أن الاحتلال المباشر لغزة سيكون مقبرةً سياسية وعسكرية لأي قوة تحاول فرضه، تمامًا كما كانت كل محاولات الاحتلال منذ عام 1948.
منهجية التاريخ: لماذا لا تنجح مشاريع التهجير؟
التاريخ الفلسطيني حافل بمحاولات الترحيل والاقتلاع، من نكبة 1948 إلى نكسة 1967، وصولًا إلى محاولات التهجير القسري في القدس والضفة. ومع ذلك، لم ينجح الاحتلال في محو الهوية الفلسطينية، بل على العكس، ازدادت المقاومة رسوخًا، وتحولت كل موجة تهجير إلى عامل يعزز الصمود الوطني.
في المقابل، تواجه إسرائيل اليوم أزمة وجودية:
* لا تستطيع السيطرة على غزة رغم القوة العسكرية المهولة.
* تفشل في تأمين الداخل الإسرائيلي رغم الدعم الأمريكي المطلق.
* تواجه عزلة دولية متزايدة بسبب جرائمها ضد المدنيين.
خلاصة: وهم الاستعمار الحديث
يعيش نتنياهو وترامب في وهم الاستعمار القديم، حيث يعتقدون أن القوة العسكرية وحدها كفيلة بتشكيل الجغرافيا وتغيير الحقائق الديموغرافية. لكن غزة اليوم ليست مجرد أرض، بل هي روح مقاومة عصية على الانكسار، وشعبها ليس مجرد أرقام، بل قضية تحملها أجيال متعاقبة.
أما مشاريع الترحيل، فلن تكون سوى خزعبلات مهزومين يحاولون التغطية على فشلهم السياسي والعسكري. غزة ستبقى لأهلها، والمقاومة ستستمر، والصراع سيفرض حله الحقيقي وفق معادلات الصمود وليس أوهام القوة الغاشمة.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |