![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
مجدى عبد الحميد السيد
2025 / 2 / 4
يستطيع مخ الإنسان بطبيعته الغريبة المتطورة قبول أمور العقل المنطقية وأمور الإيمان غير المنطقية ، فيستطيع قبول الغيبيات على أنها حقائق ويتعامل معها ويفسرها بمنطق برغم أنها غير منطقية ، ولهذا نقبل جميعا الأمور الدينية على أنها حقائق مؤكدة بما فى ذلك ما سيحدث فى الحياة الآخرة الغيبية المستقبلية ، وليس ذلك فى المسيحية والإسلام فقط بل فى معظم الأديان حول العالم ، فنستطيع قبول أن يكون السيد المسيح عليه السلام مولودا بلا أب أو أنه ابن الله ( أو أحد اقانيم الاله) أو أن يعرج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء أو أن يشق النبى موسى عليه السلام البحر بعصاه أو أن يعيش النبى نوح عليه السلام حوالى الف عام ، ونؤمن بقصص الانبياء والقديسين ( المعجزات ) الواردة فى الكتب المقدسة على انها حقائق لا شك فيها حتى لو وصل نوم الإنسان إلى ثلثمائة عام دون تغذية ، بل قد يصل الأمر إلى الإيمان الكامل بأن القديس فلان نقل جبل المقطم أو أن الشيخ الفلاني اخترق الجدار ومشى على الماء أو أن المقدس الفلاني يعلم الغيب ويشفى من الأمراض بالكلمات.
وليس هذا الأمر تشكيك فى أى دين ولكنه لبيان قدرة المخ البشرى على قبول أمور العقل المنطقية وقبول أمور العاطفة الايمانية ربما غير المنطقية وهو ما يجعلنا نؤمن بالعلم وفى نفس الوقت متدينون نؤمن بالكتب المقدسة ومعجزات الانبياء الكرام ، وبالتالى فالمخ البشرى هو هبة من الله الخالق لنتقبل جميعا أمور العقل المنطقية وأمور العاطفة الايمانية ونعيش بالاثنين معا وبرضا كامل وتعاون غريب بين فصى المخ الأيمن والأيسر ، وحسب اعتقاد علماء البيولوجيا والطب فإن المخ البشرى هو الأعلى فى جميع الكائنات من الناحية الوظيفية والتشريحية ، وبالتالى يمكن تفسير وجود صراعات دينية وفكرية بين البشر تصل لحد الحروب ( لا تنطبق عليها نظرية التطور لداروين ) وهى غير موجودة فى الكائنات الأخرى التى تكون صراعاتها من أجل البقاء وتوفير الطعام والشراب والتزاوج وحماية مناطق نفوذها لتأمين الغذاء والماء والنسل.
وتتجه حاليا بعض اتجاهات الفلسفة العلمية فى الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية إلى ربط الفلسفة بالعلم ليتم تفسير الظواهر حتى غير المنطقية بالعلم من خلال ما يحدث فى المخ عند التفكير أو الرؤية وكيفية تخزين المعرفة وكيفية حدوث الاستنتاج والربط بين الأشياء وهو عالم جديد سيتطور خلال العقود والقرون القادمة ليصل لتفسير معظم ما يفكر فيه الإنسان من الميلاد إلى الموت ، ويعتقد البعض منهم انتهاء نظريات المعرفة خلال القرن الحادى والعشرين بتحول المعرفة التى يكتسبها الإنسان بخبراته إلى معرفة يتم تلقين المخ بها عبر شرائح إلكترونية ومعلومات يتم تخزينها لم يكتسبها الإنسان بل تلقاها بطريقة " لدنية علمية" كما يتصور الصوفية فى العلم اللدنى الذى يأتى من الله مباشرة بدون خبرات حياتية.
ملاحظة أدبية:
ببت شعر غريب ينسب لابى العلاء يوضح فيه أن الإنسان أما أن يقبل بالعقل فلا يكون متدينا وأما أن يكون متدينا ( دينا بعلامة شدة على الياء) يقبل الدين غير العقلى ولا يترك لنا إنسانا وسطا يقبل بالاثنين معا حسب طبيعة المخ البشرى التى تقبل أمور العقل والإيمان معا ، حيث يقول ابو العلاء المعرى:
اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا = دين وآخر دين لا عقل له
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |