![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
أزاد خليل
2025 / 2 / 4
في قلب الشام، يتدفق تاريخ طويل بمدينة دمشق، مدينة تعرفت على تليد الحضارات وتقاطع الأمم. ولكن في هذا التاريخ الغني، تكمن قصة أخرى، قصة عن الدمشقي الذي جعل من تقديم الولاءات للأسياد فنًا من فنونه، يمارسه بمهارة وتقنية لا تضاهى.
منذ القدم، كانت دمشق مركزًا تجاريًا مزدهرًا، حيث تجمع الذهب ويتركز الركض وراء المال. لم يكن هذا فقط مهنة، بل كان أسلوبًا للحياة. تحت سلطة البيزنطيين، كان الدمشقيون يتجارون ويتعاملون مع السلطة بمهارة، ولكنهم لم يترددوا في تقديم الولاءات عندما سقطت هذه السلطة بيد الغزوات الإسلامية من جزيرة العرب. وهكذا، أصبحوا موالين للخلفاء الإسلاميين، إلا أنهم لم يلبثوا أن تحولوا لخدمة المغول عندما أقدموا عصا الطاعة لهم بعد سقوط الحكم الإسلامي.
أساطير تتحدث عن أن بعض أبناء الشام هم من بقايا المغول الذين توقفوا عند هذه الأرض وأصبحوا جزءًا من تاريخها، لكنهم ما زالوا يحملون خصلة الطاعة للقويين. وفي هذا السياق، يستمر الدمشقي في تجارته، ليس فقط في السوق بل في السياسة أيضًا، حيث يتاجر بالولاءات كما يتاجر بالسلع.
جاء العثمانيون، فكانوا خدامًا لهم، ثم الفرنسيون، وكل مرة يتكيف الدمشقي مع السلطة الجديدة، يتقبلها بمرونة ويقدم لها الولاء باستمرار. هذا السلوك لم يتوقف حتى بعد استقلال سوريا، حيث رأينا كيف تحول الولاء من بشار الأسد إلى الجولاني، وكيف تغيرت الشعارات من "نحبك يا كبير" لبشار إلى "منحبك جولاني جولاني" بعد تغير المعادلات السياسية.
لكن في خضم هذه الطاعة والولاءات، ينتشر خطاب عنصري من قبل بعضهم، حيث يرون أنفسهم أعلى منزلة من باقي السوريين،أنا لا أتحدث عن أبناء الشام الشرفاء والوطنيين وأصحاب الفكر ومن يؤمن بإختلاف الأخر لكن ثمة مجموعة ضالة نسيت اللحاق بقطيعها البائد في جبال منغوليا المصفقين لسفك الدماء ونشر خطاب الكراهية والعنصرية بين أبناء سوريا ولا أخجل في أن أقول بأنهم لا يتهمون الشخص بسبب هويته القومية فقط بل حتى الدينية والفكرية وأنا أعلم ُ ، علم اليقين كمية الغضب التي سوف يشعر بها من سيجد هذه صفات تليق به وتناسبه ومفصلة على مقاس فكره العنصري الإلغائي
انا لا اعرف كيف من ينادي بالحرية لنفسه ، ويحرمها من الأخر بل ويعتبرها خيانة للوطن إذا تجرأ وطالب بالحرية والعدالة والمساواة أحدٌ غيره
الدمشقي، بكل تاريخه وثقافته، يجسد صورة معقدة من الإنسان الذي يعيش في دوامة التاريخ، يتأقلم باستمرار مع القوى التي تسيطر على أرضه. ولكن، في هذه المرحلة من التاريخ، يطرح السؤال: هل سيستمر الدمشقي في تقديم الطاعة، أم سيبحث عن هوية جديدة تتناسب مع متطلبات العصر الحديث، عصر الحرية والكرامة الإنسانية؟
قصة الدمشقي هي قصة عن البشرية نفسها، حيث يتقاطع فيها الولاء مع الطموح، والطاعة مع الحرية. فهل سيستمر هذا التاريخ في الدوران حول نفسه، أم سيفتح صفحة جديدة حيث يكون الدمشقي مواطنًا، قبل أن يكون تاجرًا بالولاءات؟
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |