فوضى مواقع التواصل الاجتماعي في العراق : فساد وانحدار القيم الأخلاقية

صادق جبار حسين
2025 / 1 / 19

شهد العراق في السنوات الأخيرة انتشارًا واسعًا لظاهرة "الموديلات" و"الفاشينيستات" و"البلوكرات"، حيث استغل كثيرون منهم مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لأنماط حياة بعيدة عن قيم المجتمع العراقي المحافظة. ما كان يُفترض أن يكون وسيلة للتعبير عن الذات والإبداع ، تحول إلى أداة لنشر الفساد والانحطاط الأخلاقي ، مما أثر سلبًا على النسيج الاجتماعي، وأدى إلى تفشي ظواهر اجتماعية مرضية دخيلة وغريبة عليه .
أحد أبرز تداعيات هذه الظاهرة هو ضياع الهوية الثقافية والاجتماعية للشباب العراقي . فقد أصبح المحتوى الذي يقدمه هؤلاء المؤثرون محاكاة لأساليب غربية تتعارض مع القيم الاجتماعية المحلية. هذا المحتوى أوجد انقسامًا واضحًا في الهوية الثقافية للشباب ، بين القيم التي يحاول الأهل غرسها فيهم وما يُروج له على منصات التواصل.
كثير من هؤلاء المؤثرين باتوا رموزًا للانحطاط الأخلاقي والثقافي، حيث يقدمون محتوى يتسم بالجرأة ويفتقر إلى الذوق العام . يتضمن هذا المحتوى صورًا ومقاطع فيديو غير لائقة ، حوارات مبتذلة ، وتحديات مثيرة للجدل . علاوة على ذلك ، تُستغل هذه المنصات لترويج منتجات ودعايات بأساليب مثيرة وغير مهنية بعيدة عن الذوق ، مما يعزز ثقافة الانحلال الأخلاقي.
بالرغم من وجود عدد قليل من البلوكرات الذين يقدمون محتوى مفيدًا يتعلق بالتعليم أو ريادة الأعمال ، فإن الأغلبية تركز على الجوانب السطحية والمادية التي تهدف الى تحقيق الربح السريع ، حتى لو كان ذلك عبر طرق غير شرعية وغير شريفة ، مثل استغلال العلاقات غير المشروعة أو الانخراط في أنشطة مريبة.
يستخدم هؤلاء المؤثرون منصات مثل "إنستغرام" و"تيك توك" للترويج لأنماط حياة سطحية ورفاهية مبالغ فيها . حيث يظهرون بأفخر السيارات والملابس والإكسسوارات ، مما يغري المراهقين والشباب الذين يعانون من الفقر والبطالة بالسعي لتحقيق نفس المستوى من الثراء والسلطة الذي يملكونه ، بغض النظر عن الوسائل . هذا الوضع أدى إلى زيادة الضغوط الاجتماعية والخلافات الأسرية ، حيث تسعى بعض الفتيات لتقليد هؤلاء المؤثرات ، مما يخلق صدامًا بين الأجيال وأدى إلى انتشار الفوضى الاجتماعية والمشاكل الاسرية .
يرجع انتشار هذه الظاهرة إلى غياب قوانين واضحة لمحاسبة المؤثرين الذين يروجون لمحتوى ضارًا بالمجتمع . ضعف الرقابة الإلكترونية جعل من هذه المنصات مرتعًا للفوضى ، فيما لم ينجح قانون محاربة المحتوى الهابط في الحد من تفشي هذه الظاهرة.
الحلول المطلوبة
1. التوعية المجتمعية : إطلاق حملات تثقيفية لتوعية الشباب بمخاطر التقليد الأعمى للمحتوى غير الهادف.
2. تفعيل القوانين : وضع تشريعات صارمة لمراقبة المحتوى المنشور على مواقع التواصل ومحاسبة المخالفين .
3. تشجيع المحتوى الإيجابي : دعم المؤثرين الذين يقدمون محتوى تعليمي وتوعوي يعزز القيم المجتمعية.
إن انتشار ظاهرة "الموديلات" و"الفاشينيستات" يعكس فوضى القيم الناتجة عن غياب التنظيم والرقابة. ولتجنب المزيد من الانحدار الأخلاقي ، ينبغي تضافر جهود الحكومة ، المؤسسات الدينية ، والمجتمع المدني لمحاربة هذه الظواهر السلبية التي تهدد أركان المجتمع العراقي .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي