![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
كامل الدلفي
2025 / 1 / 18
في الموروث العراقي تحتفي شرائح اللصوص وتطمئن حين يرتاد أحد كبارهم مجالس الأمير، ويوثّق العلاقة بمن حول الأمير وبحاشيته، فما بالك أن يصبح كبير اللصوص هذا، هو الأمير بعينه؟ يكثر الحديث ومنذ مدة ليست بالقصيرة عن عزم أميركا باجراء تغيير سياسي واسع وجذري في العراق، لاستبدال الحاكمين الحاليين بحاكمين جدد على وفق ما نسمعه من احاديث العشرة المبشرين بالسلطة ( وهم جماعة بشرتها اميركا بالسلطة في العراق على حد زعمهم) والتي بلغت الطموحات أوجها بفعل عاملين : أولهما حدث تقليدي عالمي، وهو فوز دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة الاميركية بالانتخابات الرئاسية الاميركية، والثاني حدث اقليمي، هوالتغيير الدراماتيكي السريع في سوريا وهروب رئيسها المزمن بشار الأسد واحلال هيئة الشام الارهابية حاكما جديدا في سوريا، والأمر برمته حدث امريكي له وزنه وتداعياته إذ صدّع صورة المشهد السياسي في الشرق الاوسط وخلخل كثيرا من قوة المحور الشرقي المضاد للسياسة الاميركية واسرائيل بما حفّز السائرين بركب الامريكان لأن يططلقوا بالون احلامهم عاليا ويتصورا بحماس أن المنال بات قاب قوسين أو أدنى . فتركز الاعلام التبشيري للتغيير السياسي القادم في العراق حول يوم موعود هو اليوم العشرين من شهر كانون الثاني الجاري لا لشيء فيه سوى انه يوم وصول دونالد ترامب الى البيت الابيض بحسب التقاليد الاميركية المتبعة في الاستلام والتسليم الرئاسي في ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية الاميريكية، فهو أمر عادي في البيت الابيض وفي الشارع الامريكي ، إلا أنه على قدر من الأهمية في أوساط الحالمين الذين لم يترووا في طرح أمانيهم الساذجة كأنها حتمية الحصول .. فهم لم يتبينوا الرشد ويسألوا أنفسهم ماذا لو أن الامر لم يحدث أصلا ؟ هل تراهم حسبوا مديات الاحراج الذي يقعون فيه امام الرأي العام العراقي ، أم أنهم لايحسبون لهذا أي حساب؟ لاشك بأن تداعيات الاوضاع العامة في الشرق الاوسط و تغيرات الخريطة الجيوسياسية للمنطقة ألقت بظلالها على برامج حكومات المنطقة بأكملها، وليس على الحكومة العراقية فحسب . ماهو ثابت في الحسبان ان مصير دول المنطقة هو بيد المشيئة الأولى والكفة الارجح في النظام العالمي الجديد سواء في التوازن بين القوى او الميل الى احدها او بعضها . قرأنا مرارا غب التغييرالسياسي في العراق العام 2003 بان هناك توزيعا جديدا لمنطقة الشرق الاوسط أو سايكس بيكو جديد ما يبعث دائما في كل دولة من دول الشرق الاوسط شعورين متناقضين وهما الحزن والفرح، الاول يكتنف الحكومات والثاني يكتنف المعارضين اما الشعوب فليس لها إلاّ العناء. التبشير بشرق أوسط جديد وسايكس بيكو ثانية هو سيف اميركي براغماتي تسلطه على المنطقة لبعثرتها شعوريا واضعافها و تجعل ارتباطها وثيقا بالقرار الامريكي، أي ان الشرق الاوسط هو شرق أوسط اميريكي بشكل قاطع وساحة مضمونة بين يديها و بقرة حلوب من دون منافس، وهذا مافات حسابه أو تداوله بين العشرة المبشرين بالسلطة. الامر برمته يحتاج الى قراءة وفهم عميقين للتغيرات الجذرية الحاصلة في دول المنطقة لعقود خلت في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وليس ما أكتبه ضد الحالمين بالسلطة، اومع الفاسدين في السلطة، انما هو اتباع للقراءة الموضوعية التي تحتم على أي أحد أن يتخلى عن النظر الى مجريات الاحداث بزاوية تقليدية معهودة ، فالغرب ينظر الى الكون نظرة عميقة مدعمة بنتائج الثورة المعلوماتية لأنها من أحدث منجزاته الحضارية ، وان الرئيس الاميركي هو فرد غربي النزعة، كوني الطموح فما أدرانا وما ادرى المبشرين بالسلطة بنوازع ترامب الدفينة، وما يمنع لص لا اخلاق له أن يقيم تجربة الفاسدين في العراق ويبقي عليهم ويتعاون معهم لأنهم مارسوا اللصوصية باتقان وهضموا الدرس الاميركي المقدم لهم، " تطبيقات الليبرالية المشوهة" كما أبلغهم به وتدارسوه علي يد الحاكم المدني الاميركي في العراق سيء الصيت المقبور بول بريمر اثناء احتلال العراث العام 2003 ، وحاز المتعلمون درجة وكلاء نفوذ امريكي بجدارة في العراق . ان التجريب العملي لاعداد طبقة عليا في المجتمع العراقي ( نخب حاكمة، رجال اعمال، عوائل تقليدية متنفذة) استغرق أكثر من عشرين عاما بذلت فيه اميركا جهودا وصبرا ومعاناة وخسائر بالارواح والمعدات، وربحت هيمنة ونفوذ عاليين، فهل هي ذات عقل اقطاعي ساذج ام عقل امبريالي شره لتفرط بجهودها وركائز هيمنتها في العراق ؟ وهل من السهل ألاّ يستثمر دونالد ترامب فرصة مثالية متاحة لأن يؤثث موجة عالمية تقرن باسمه هي " الترامبية الجديدة" مركزها العراق البترولي الغني بالموارد الطبيعية والزراعية وذي المركز الجيوسياسي الأرأس في المنطقة، ليسيّرها على خطاه في انحاء الشرق الاوسط والاقاليم الفقيرة في العالم ؟