|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
أزاد خليل
2025 / 1 / 12
لم أقترف خطيئة لأنني ولدتُ كوردياً
أن تولد كوردياً يعني أن تحمل في روحك إرثاً طويلاً من الألم والتهميش، شعبٌ عانى الاضطهاد دون ذنب سوى تمسكه بهويته ولغته وثقافته. الكورد، المنتشرون عبر جبال كردستان وسهولها، ظلوا محرومين من حقوقهم، وعُوملوا كغرباء في أرضهم.
الظلم في سوريا: الحزام العربي وسياسات التعريب
في سوريا، تعرض الكورد لسياسات تعريب قاسية تحت حكم حزب البعث. عبر مشروع “الحزام العربي”، تم تغيير أسماء القرى والبلدات الكوردية بأخرى عربية، وصودرت الأراضي وأُعيد توزيعها على المستوطنين. حُرم الكورد من حقهم في لغتهم وثقافتهم، وزُج نشطاؤهم في السجون لأنهم عبروا عن هويتهم.
الإبادة في العراق: الأنفال وحلبجة
في العراق، تعرض الكورد لأبشع أنواع الإبادة خلال حكم صدام حسين. حملة الأنفال قتلت 180 ألف كوردياً، ودُمرت قرى بأكملها. أما مجزرة حلبجة في 1988، فقد كانت شهادة على قسوة الظلم، حيث أُزهقت أرواح 5000 كوردياً بريئاً بالسلاح الكيماوي، لأنهم فقط ولدوا كورداً.
القمع في تركيا وإيران
في تركيا، حُرقت 5000 قرية كوردية، وحُظر استخدام اللغة الكوردية في المدارس والأماكن العامة. كان التعبير عن الهوية جريمة تستوجب القمع. وفي إيران، استُبعد الكورد من الحياة السياسية والثقافية، وعُوملوا كمواطنين من الدرجة الثانية، يعانون التجاهل والتهميش.
هوية الكورد: إرثٌ حضاري
رغم كل هذا الظلم، لم تُمحَ بصمات الكورد من التاريخ. القائد الكوردي صلاح الدين الأيوبي كان أحد أعظم رموز الحضارة الإسلامية، قاد معركة حطين وحرر القدس من الصليبيين، ليصبح مثالاً للعدل والشجاعة. هذه البصمة الحضارية تؤكد أن الكورد كانوا دائماً جزءاً من نسيج الحضارة الإنسانية.
الكورد وسوريا الجديدة: دعوة للتعايش
اليوم، يطمح الكورد في سوريا إلى بناء وطنٍ يعيشون فيه بسلام مع كل القوميات والمكونات الأخرى، في وطنٍ حدوده 185 ألف كيلومتر مربع. سوريا الجديدة هي للكوردي والعربي والآشوري والأرمني والتركماني، للدروز والسنة والعلويين والمسيحيين.
سوريا يجب أن تكون ملاذاً آمناً للجميع، وطنًا يحتضن كل أبنائه دون تفرقة أو تهميش. آن الأوان لنطوي صفحة الخلافات، لنضع أيدينا بأيدي بعضنا، ونعمل معاً لبناء سوريا جديدة، حيث تكون كرامة الإنسان السوري فوق أي اعتبار آخر.
سوريا: وطن الحرية والسلام
الكورد، رغم كل الآلام، يمدون أيديهم لكل القوميات في سوريا. يريدون أن يكونوا شركاء في بناء وطن يعمه السلام والأمن والاستقرار، وطن نستحق جميعاً أن نعيش فيه بحرية وكرامة. سوريا هي الملاذ الأول والأخير لنا جميعاً. هيا نعمل معاً لنصنع مستقبلاً مشرقاً لأبناء هذا الوطن الذي يتسع للجميع، ونجعل كرامة الإنسان السوري هدفنا الأسمى.
لم تكن الولادة كوردياً خطيئة، لكن الخطيئة الكبرى هي استمرار الظلم والإنكار. فلنترك هذه الخطايا خلفنا، ولنصنع وطناً يعترف بجميع أبنائه، وطن السلام والحرية لكل السوريين.
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |