|
|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
أزاد خليل
2025 / 1 / 11
مع تصاعد أعداد اللاجئين السوريين العائدين من دول الجوار وأوروبا، يعود الحديث عن معاناة استمرت لسنوات طويلة، حمل خلالها السوريون آلام النزوح واللجوء في ظروف قاسية لم تكن تتوافق مع أبسط حقوق الإنسان. العودة إلى الوطن بالنسبة للكثيرين ليست خياراً سهلاً، لكنها في بعض الأحيان تبدو كالهروب من واقع غارق في الانتهاكات والظروف غير الإنسانية التي تعرضوا لها في بلدان اللجوء.
سنوات من المعاناة في دول الجوار
في دول الجوار مثل تركيا ولبنان والأردن، عاش ملايين اللاجئين السوريين في ظل أوضاع صعبة، تميزت بالاستغلال والعنصرية والغياب شبه التام للحماية القانونية.
في لبنان، واجه اللاجئون سياسات تمييزية، حيث مُنع الكثير منهم من العمل في قطاعات متعددة، وعملوا في وظائف شاقة مقابل أجور زهيدة لا تكفي لسد احتياجاتهم الأساسية. فضلاً عن ذلك، تعرض العديد منهم لانتهاكات حقوقية تتراوح بين الإخلاء القسري من منازلهم في المخيمات، وحملات الاعتقال والترحيل القسري التي تفتقر إلى أدنى معايير الإنسانية.
أما في تركيا، رغم تقديم الحكومة لبعض الدعم، إلا أن العنصرية ضد السوريين تصاعدت بشكل كبير في السنوات الأخيرة. تحولت السوريون إلى هدف للخطاب السياسي، واُستخدموا كورقة ضغط في الصراعات الداخلية والخارجية. كما عانى الكثيرون من الاستغلال في سوق العمل، حيث كانوا يعملون لساعات طويلة بأجور تقل بكثير عن الحد الأدنى، دون أي ضمانات قانونية أو اجتماعية.
غياب الحماية والدعم
منظمات الإغاثة والجمعيات الإنسانية التي من المفترض أن تكون ملاذاً للاجئين، فشلت في كثير من الأحيان في تقديم الدعم الكافي. بدلًا من توفير الحماية لهم، واجه اللاجئون في المخيمات ظروفًا صعبة، من نقص في الغذاء والدواء إلى ضعف التعليم والخدمات الصحية. الأدهى من ذلك أن غياب جهة قانونية دولية تدافع عن حقوق اللاجئين تركهم في مواجهة مصير مجهول، سواء في دول اللجوء أو خلال رحلة العودة إلى وطنهم.
العودة إلى الوطن: خطوة نحو المجهول
اليوم، مع عودة أكثر من 125 ألف لاجئ منذ ديسمبر الماضي، يجد السوريون أنفسهم أمام تحديات جديدة. العودة إلى الوطن ليست مجرد عبور الحدود، بل هي مواجهة مباشرة لواقع دمرته الحرب: مدن مدمرة، بنية تحتية متهالكة، وانعدام فرص العمل. ما لم تُطلق برامج شاملة لإعادة الإعمار وتوفير فرص العمل والسكن، ستظل عودة اللاجئين خطوة محفوفة بالمخاطر.
مسؤولية دولية ومحلية
إن هذه الأزمة الإنسانية تحتاج إلى استجابة شاملة تتخطى الخطابات السياسية. المجتمع الدولي مطالب بدعم جهود إعادة الإعمار في سوريا، وتوفير الحماية للاجئين العائدين لضمان عيش كريم ومستقبل مستدام. أما الدول المضيفة، فعليها احترام حقوق اللاجئين وعدم استخدامهم كورقة سياسية أو اقتصادية.
خاتمة: الأمل رغم الألم
رغم المعاناة التي تحملها اللاجئون على مدى سنوات، يظل الأمل في بناء مستقبل جديد هو الدافع الأكبر للكثيرين. عودة اللاجئين يجب أن تكون بداية لحياة كريمة، وليست استمراراً للمعاناة التي عاشوها في الغربة. إن بناء سوريا الجديدة لن يتحقق إلا بتكاتف الجهود المحلية والدولية، والعمل على تحقيق العدالة والكرامة لكل سوري عائد، وضمان ألا تكون الهجرة يوماً ما هي الحل الوحيد أمام الأجيال القادمة.
|
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |