|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
شاهر أحمد نصر
2025 / 1 / 10
يُعدّ اقتصاد أي دولة العمود الفقري لمختلف أشكال النشاطات الاجتماعية والسياسية فيها، وتعكس بنيته وحالته حياة مواطنيها، وتعبّر علاقة أي سلطة بالاقتصاد الوطني، وخططها لتوفير متطلبات التطور الاقتصادي عن طبيعة تلك السلطة؛ أهي عادلة أم احتكارية ظالمة.
تبين مختلف مدارس علم الاقتصاد أنّ نظرية إعادة الإنتاج هي الأساس العام لإستراتيجية تطور الاقتصاد في أي بلد من البلدان، وأن أحد شروط الأداء السليم للاقتصاد والتطور الاقتصادي هو توفير الظروف المناسبة لإعادة الإنتاج البسيط، والموسع لجميع عناصر الإنتاج (جميع الموارد – العمالة (اليد العاملة)، والطبيعية، والعناصر المادية، والفكرية، والمالية...) وأنّ القرارات الاقتصادية السليمة تعتمد من قبل خبراء اقتصاديين، ومراكز بحوث وتخطيط متخصصة، حينما تتوفر بنية اقتصادية إنتاجية سليمة؛ أما القرارات الاقتصادية الارتجالية، التي تُعتمد في أوقات توقف (أو توقيف) عملية الإنتاج، فهي قرارات عبثية، ستعقبها آثار ونتائج اجتماعية واقتصادية كارثية.
وتتفق مختلف المدارس الاقتصادية أنّ الإنسان والعلم عنصران أساسيان من عناصر التطور الاقتصادي، وتبقى مهمة الارتقاء بالإنسان وحسن تنظيم استثمار طاقاته، وحمايته من الاستغلال إحدى مهام الحكومات الوطنية، لا سيّما في الدول التي تعتمد سياسة اقتصاد السوق الحّرّ. ويرى عدد من المفكرين الاقتصاديين أنّه فضلاً عن اقتصاد السوق يوجد قطاع اقتصادي يعمل خارج قوانين السوق (غير سوقي) يُعرف بـ "عناصر الحضارة"، ويشمل: الرعاية الصحية، والتعليم، والعلوم، والثقافة، والدين، والأمن الداخلي والخارجي؛ تتحمل الدولة مسؤولية بناء هذا القطاع وتطوره... أي إنّ وجود المدارس، والمعاهد والجامعات، ومراكز الرعاية الصحية والمراكز الثقافية في المدن والريف، على سبيل المثال، هي من مسؤوليات الدولة، ومن واجباتها أن تبني هذه المراكز وتطورها، وتزيد عددها، لا أن تغلقها.
من غرائب الأمور التي لا تُصدق، أن تجد في الألفية الثالثة من يدعو إلى إغلاق المراكز الصحية بدلاً من زيادة عددها، والأغرب أن تجد من ينظرون إلى رواتب المتقاعدين كأنّها عبء على خزينة الدولة، بدلاً من رعايتهم... إن توفير الحياة الكريمة للمواطنين هي من مسؤوليات الدولةً، ولا يمكن تبرير التسريح التعسفي لأي موظف قبل تأمين فرصة عمل له تحرره من الشعور بالظلم، وتصون كرامته...
لقد تعب شعبنا من عمليات التجريب، ومن القرارات التي تُعتمد في الغرف المغلقة المظلمة، وهو يتوق إلى العلانية، والشفافية، وإلى تلك اللحظة التي تدور فيها عجلة الانتاج الاقتصادي والتنمية، وتصان كرامة الإنسان، العنصر الأساسي في الإنتاج وبناء الدول، حينئذ يمكن وضع الخطط الاقتصادية المختلفة علانية من قبل خبراء اقتصاديين معروفين، لا من قبل حكومات الظل المشبوهة التي عهدتها منظومة الفساد الكارثية البائدة... أما القرارات الارتجالية خارج عملية الإنتاج والتنمية، فهي قرارات كارثية وغير مبررة اقتصادياً ولا إنسانياً، من المفيد والضروري التراجع عنها، وايجاد بدائل مؤقتة لها، ريثما تقلع عملية الإنتاج والتنمية على نحو سليم، إذ يمكن معالجة مسألة الزيادة في عدد موظفي الدوائر الحكومية بإحداث صندوق تكافل اجتماعي يصرف تعويضات شهرية للأعداد الفائضة من الموظفين ريثما توفر الدولة فرص عمل لهم تلافياً للمشكلات الاجتماعية والإنسانية الناجمة عن تسريحهم، ومعالجة مختلف المسائل الاقتصادية بعدالة وعلانية وشفافية.
كم هو مفيد وضروري أن تنشئ كل جهة حكومية تهتم بمعالجة القضايا، التي تلامس شؤون المواطنين، منصة إعلامية (صفحة إلكترونية) تعلن فيها مشاريع قراراتها للنقاش العام في هذه المنصة قبل اصدار تلك القوانين للاستفادة من آراء الخبراء والمهتمين بهذه القرارات لما فيه صالح أبناء شعبنا ووطننا.
الصفصافة 10/1/2024
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |