![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
كاظم حسن سعيد
2025 / 1 / 2
كنت ادرس فتاة مراهقة ،استغرقت معها اسبوعا لتتخطى بعض خجلها وتركز، وانتبهت الى انها تشير الى اشيائها ( اقلام، مصوغات،دفاتر ) وتقول ( انها ليست لي) فاستغربت من ذلك فاجابتني انها ستسترجع يوما وتسلب مني.
تذكرت هذا وانا اطالع رواية المطبخ التي اكملتها بجلستين وربما نضجت لدي ملكة القراءة السريعة مع نسبة مطمئنة من الاستيعاب.
انها رواية بنانا يوشيموكو ( طوكيو 1964) الاولى التي تحولت لفلمين.
وهي رواية يصفها النقاد ب ( الشوسيوتسمو) اي المقتضبة ولست مع هذا التصنيف لانه يحددها بالحجم فيما هي تمثل النهج الروائي الاكثر حداثة في اليابان الذي انتقل من الملحمية او رمزية الاحساس بالجمال الى الاهتمام بتناول الهموم الفردية ، وهو مابر ز في وسط السبعينيات ومطلع الثمانينيات.
( احسب انني احب المطابخ أكثر من اي مكان في العالم ولا اشعر بالتعاسة فيها) هكذا تقول البطلة مكياج في بداية الرواية، ان المطابخ تستهويها حتى شديدة القذارة منها.
وقد فقدت افراد عائلتها تباعا، ولم تبق سوى جدتها التي توفيت اخيرا.
ما اصابها بنكسة الفقد فيدعوها زميلها في الجامعة تاناب ان تنتقل للمعيشة في منزله الذي تشغله معه امه.
وتنتقل ويصدمها اكتشافها بان ام زميلها هو ابوه اصلا وقد تحور لأمراة ويعمل في ناد للمخنثين بعد وفاة زوجته.
كان تاناب فاترا منطويا في عالمه الخاص.
مكثت في شقة زميلها ستة اشهر.
وهناك في ذلك المنزل ( في حياة مشتركة لشخصين، طفل وعجوز،ثمة حزن مجفل ،صمت ينبعث في كل ركن من اركان البيت ،فراغ يستحيل ملؤه حتى لو كانت الحياة اكثر سعادة).
وحين عادت يوما الى مسكنها القديم لترتيب بعض الحاجيات وجدته معتما لا حياة فيه حتى انها بدلا من ان تدخل صارخة..هاانذا،كانت تود التسلل خلسة معتذرة عما سببته من ازعاح.
فتقول ( مع موت جدتي مات زمان ذلك البيت ايضا).
كيف يتحول المكان الاكثر الفة الى وصفة للوحشة وكيف يموت فيه الزمان؟.
تحاول البطلة مكياج ان تتشبث بالحياة ان تقتنص السعادة في صميم الحزن ان تقشر عن روحها طحالب الكآبة ان تنتصر، ولهذا سجلت تجربة ( تانا باتا) اكثر الاعياد شعبية في اليابان يحتفل فيه بلقاء المحبين بعد فراق مرة في العام على ضفاف نهر المجرة.
فبعدما فقدت تاب ، راته يلوح لها من الضفة الاخرى ،كان سرابا عايشته كحقيقة.
رواية المطبخ ليست حكاية لاحداث كبرى او الدراميات التي سجلها التاريخ الروائي انها اهتمام بالغور بروح الانسان وهو يواجه التحديات والتقاط الاشياء الصغيرة في الحياة، واستنباط الدراما العميقة والمؤثرة منها.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |