بين صدام والأسد : دكتاتورية صدام حسين وعائلة الأسد : مقارنة بين القمع والإجرام في العراق وسوريا .

صادق جبار حسين
2024 / 12 / 21

أحتفل السوربون بسقوط نظام بشار الأسد البعثي وهم رافعين صور صدام البعثي ، الامر الذي أثار سخرية أغلب العراقيون فالسوريين الذين ، عانوا جرائم حزب البعث السوري بزعامة بشار من ملاحقة وسجن والتعذيب والتنكيل ، لم يسألوا أنفسهم أو يحاولوا آن يبحثوا عن جرائم صدام وحزب البعث بحق العراقيين طيلة فترة حكمه .
ان بشار وجلاوزته لا يقلوا إجرامًا عن صدام بل هم تلاميذ مقارنة به
أستطاع صدام حسين بناء صورة قوية عن نفسه كرمز للوحدة العربية والمقاومة ضد الهيمنة الغربية والإسرائيلية . حيث رفع شعارات جذابة مثل تحرير فلسطين ، ودعم القضايا العربية . أستفاد من الأحداث الجيوسياسية مثل الصراع مع إيران وحرب الخليج الثانية ، ليظهر بمظهر المدافع عن السيادة الوطنية ضد التدخل الأجنبي .
ولكن هذه الصورة التي روجت لها وسائل الإعلام العراقية والعربية الموالية لم تكن سوى واجهة تخفي وراءها ديكتاتورية وحشية بغيضة جثمت سنوات فوق صدور العراقيين .
فخطابه القومي لم يكن مدفوعًا بحب حقيقي للوطنية بقدر ما كان وسيلة لتبرير قبضته الحديدية على الحكم وتصفية خصومه السياسيين والمعارضين .
حيث لجأ إلى الإعدامات الجماعية والتعذيب والترهيب لإحكام سيطرته على السلطة ، حيث قُتِل عشرات الآلاف من العراقيين، بمن فيهم معارضون سياسيون ، ومثقفون ، وأفراد من الأقليات الدينية والعرقية ، مثل الأكراد والشيعة .
وقد تتفاجى عندما ترى بعض الشعوب العربية وفي مقدمتها الشعب السوري الذي انتفضوا ضد حكم البعث في سوريا يمجدون صدام ، بل أنهم يرفعون صوره في احتفالاتهم بعد سقوط الأسد وحزب البعث في سوريا .
متناسين انه منذ عقود ، عاش الشعبان العراقي والسوري تحت وطأة أنظمة استبدادية فرضت نفسها بالقوة والقمع والخوف ، وهي أنظمة صدام حسين في العراق ، وعائلة الأسد في سوريا وكلاهما يتبنيان أفكار حزب البعث .
وعلى الرغم من اختلاف السياقات التاريخية والسياسية في كلا البلدين ، إلا أن هناك تشابه كبير في النهج الذي أتبعته هذه الأنظمة في قمع شعبيهما والإجرام بحقهما .
فصدام حسين وصل إلى السلطة عام 1979 بعد أن أقصى أحمد حسن البكر من الحكم ، واستولى على مقاليد الحكم عبر حزب البعث العراقي . معتمدًا على شبكة واسعة من الأجهزة الأمنية والميليشيات لضمان بقاء سلطته المطلقة .
مثله عائلة الأسد حيث وصل حافظ الأسد إلى السلطة في سوريا عام 1970 بعد أنقلاب عسكري أطلق عليه " الحركة التصحيحية" وبقي في السلطة حتى وفاته 2000 . لتنتقل السلطة إلى ابنه بشار الأسد .
أستمر حكم العائلة عبر تحالفات عائلية وطائفية متينة ، ودعم أمني وعسكري هائل .
ومارس كلا النظامين القمع بكافة أشكاله ضد الشعبين العراقي و السوري
العراق في عهد صدام : حيث أتسم النظام العراقي بقمع أي معارضة سياسية من خلال الاعتقالات التعسفية ، والإعدامات الجماعية ، والتعذيب في السجون .
كان أبرزها
- حملات الأنفال : بين عامي 1986 و1989، شُنّت حملات إبادة جماعية ضد الأكراد، شملت تدمير القرى وتهجير السكان وقتل الآلاف.
- قصف حلبجة بالكيمياوي (1988) : استخدمت الأسلحة الكيميائية ضد مدينة حلبجة الكردية ، مما أدى إلى مقتل الآلاف من المدنيين .
- القمع ضد الشيعة : خصوصًا بعد انتفاضة 1991 ، حيث تم قمع الانتفاضة الشعبية باستخدام الدبابات والأسلحة الثقيلة ، وارتكبت مجازر ضد المدنيين .
- الرقابة الإعلامية سيطرة الدولة الكاملة على الإعلام وفرض الدعاية للنظام . و منع أي تعبير عن الرأي المخالف للنظام ، سواء في الصحافة أو الأدب أو الفن .
- استهداف العائلات : معاقبة أسر المعارضين سياسيًا من خلال اعتقالهم وسجنهم و ترهيبهم والاغتصاب .
- السجون السرية : مثل سجن أبو غريب وسجون أخرى كانت مخصصة للتعذيب والقتل .
- الحروب الإقليمية حيث زج العراق في حربين كبيرتين (الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988، وحرب الخليج 1990-1991)، أدتا إلى مقتل ما يقرب من مليون بلإضافة الى جرح الملايين من العراقيين .
- التجنيد الإجباري : إجبار الشباب على الانضمام للجيش والمشاركة في الحروب ، وفرض عقوبات قاسية على من يتهرب منها الإعدام و قطع الأذن .
- سياسة التجويع : في بعض المناطق التي شهدت تمردًا، حاصر النظام السكان ومنع عنهم الإمدادات الغذائية والطبية عنهم .
سوريا تحت حكم الأسد : اعتمد نظام الأسد سياسة قمع مماثلة ، إذ وقعت مجازر ضد المعارضة أبرزها مجزرة حماة عام 1982، حيث قُتل عشرات الآلاف على يد قوات النظام بقيادة رفعت الأسد.
تصاعد القمع بعد عام 2011 مع اندلاع الثورة السورية ، حيث استخدمت البراميل المتفجرة ، والأسلحة الكيميائية ، وحصار المدن .
الدكتاتورية الفردية والعائلية
- صدام حسين :تركزت السلطة بشكل مطلق في يد صدام ، الذي أحاط نفسه بدائرة ضيقة من أفراد العائلة والمقربين . كان الجميع تحت مراقبته ، حتى أفراد عائلته الذين واجهوا القتل إذا اشتُبه في ولائهم .
- عائلة الأسد أظهر نظام الأسد بعدًا عائليًا قويًا ، حيث لعبت العائلة وأقاربها دورًا محوريًا في السيطرة على البلاد.
امتدت السلطة إلى أقارب بشار الذين يديرون الأجهزة الأمنية والاقتصاد ، مما جعل النظام يبدو أشبه بـ"إقطاعية عائلية".
الإجرام الاقتصادي والاجتماعي
العراق أدت سياسات صدام إلى تدمير الاقتصاد العراقي ، بدءًا من الحرب مع إيران (1980-1988) التي استنزفت الموارد، وصولاً إلى غزو الكويت عام 1990 والعقوبات الدولية التي تبعته.
سوريا أدى نظام الأسد إلى تفاقم الفقر وعدم المساواة من خلال نهب موارد الدولة واحتكار الاقتصاد لصالح النخبة الحاكمة. بعد الثورة ، تسبب الصراع في دمار واسع للبنية التحتية وتهجير الملايين .
استغلال الطائفية
- صدام حسين : اعتمد على الطائفة السنية للسيطرة على الجيش والأمن ، بينما مارس سياسات تهميش وإقصاء ضد الشيعة والأكراد.
- الأسد : أعتمد النظام على الطائفة العلوية لضمان ولاء الجيش والأجهزة الأمنية ، مما أدى إلى خلق انقسامات طائفية عميقة في المجتمع السوري .
نهاية صدام والأسد
- سقوط صدام : انتهى حكم صدام حسين بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ليواجه محاكمة وإعدامًا عام 2006.
- هروب الأسد : استمرت الثورة السورية منذ 2011 الى سقوطه . 2024
يجسد نظاما صدام حسين وعائلة الأسد النموذج القاتم للحكم الدكتاتوري الذي يقوم على القمع والفساد وإرهاب الشعب.
بينما سقط نظام صدام بعد تدخل خارجي ، وهروب نظام الأسد ولجوءة الى روسيا بعد ان ترك سوريا وسط حالة من الدمار والفوضى التي أصابت سوريا بسبب تمسكه بالحكم .
تبقى الدروس المستفادة من التجربتين تحذيرًا من عواقب الحكم الاستبدادي ، الذي لا يكتفي بإسكات الشعوب بل يدمر مستقبل الأجيال .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي