مقدمة كتاب ماركيزيات

كاظم حسن سعيد
2024 / 12 / 20

يروي ماركيز (1927 - 2014 ) في مجموعته القصصية ( اثنتا عشرة قصة مهاجرة ) كيف كتبها فقد استغرق فيها ثمانية عشر عاما وقبل ان تتكون ظهرت خمس منها كمقالات صحفية وسينياريوهات سينمائية وواحدة كمسلسل تلفزيوني واخرى رواها في مقابلة مسلسلة فكتبها صديق له فاعاد كتابتها بنفسه .
خطرت فكرة كتابة هذه القصص مطلع السبعينيات بمناسبة حلم راوده فقد حلم انه يحضر مأتمه بالذات وفسره كوعي لهويته وراى فيه لقية مشجعة على الكتابة بعد ان انهى روايته خريف البطريك بفترة قصيرة .
لقد سجل في دفتر ملاحظات مدرسي اعاره له ولداه اربعة وستين موضوعا وتاكد بعدها بانها لا تصلح رواية بل قصصا قصيرة .
كان قد كتب قبلها ثلاث مجموعات قصصية لم تكن كوحدة متكاملة ويريد الان ان يكتب مجموعة بوحدة داخلية .
وشعر حين وصل منتصف القصة الثالثة وهي عن جنازته بانه يفقد شيئا من حماسته ويرهق نفسه اكثر مما لو كتب رواية .
ويضيف انه اكتشف بان القصة القصيرة اما ان تتشكل او تبدا بها من جديد او رميها في القمامة .
كتب ماركيز روايته الاولى في سن 25 وفي 1965 خطرت في باله فكرة كتابة روايته الاهم مائة عام من العزلة وكان يقود عجلته فاستدار لمنزله ليتكهف في عزلته 18 شهرا لينجزها .
استغرق ماركيز عشر سنوات في كتابة روايته مذكرات غانياتي الحزينات فصدرت سنة 2004.
عرف اسلوب ماركيز بالواقعية السحرية والحقيقة انه لم يكن اول من ابتكره , في سنة 1925اطلق الناقد الالماني فرانك على معرض فني اقيم في مانهايم بالمانيا وصف الواقعية السحرية فاصبح مصطلحا لتحديد اعمال ادبية بدلا من الحركة التعبيرية .
لقد كان ماركيز وفيا لنفسه فكتب مائة عام كما كانت ترويها له جدته حسب تصريحه حيث يمتزج الواقع بالغرائبية وتزال الحدود بين الخرافة والحقيقة .
ما يجهله البعض ان ماركيز شاعر عظيم وتلك الطاقة الشعرية المتفردة التي كيفها في قصصه ورواياته هي ما صيرت من اسلوبه سحرا لقرائه وادخلته باقتدار الى عمق التاريخ .
المراة والحب والطاغية والشيخوخة ثيمات كتب عنها ماركيز بعبقرية وسحر نادر لكني ارى ثيمة الموت اخذت مساحة شاسعة في كتاباته .
منذ ترجمة مائة عام وتتويجه بنوبل حرصت على تتبع كل جملة كتبها ماركيز.
وفي الثمانينيات من القرن الماضي قرات في احدى المجلات قصة طائرة الحسناء النائمة فاصبت بالذهول , مرت سنوات قبل ان اعرف انها قصة لماركيز , وما زلت للان استمتع بقراءتها .
بعدها صدرت المجموعة القصصية الكاملة لماركيز بترجمة صالح علماني امهر من ترجم له فابهرتني قصته (الفتاة التي تصل في الساعة الخامسة ) , وهي تعكس مقدرته السينمائية والادرك العميق لروح المرأة .
في قصص ضائعة الذي احتوى على مقالات صحفية وقصص قصيرة يضيء ماركيز جوانب مظلمة في حياة الانسان مثل اولئك النسوة اللاتي ينتحرن في الساعة السادسة ياسا من قسوة الحياة وخيبة الظن العميقة اوذلك العامل الذي لا يتحمل سعادة رئيسه لتوفر جمال الزوجة وروعة الطفل والثروة فيقول على السعادة ان لا تكون ابدية فيخطف صغير رب عمله ليجعله يمر بنكسة واحدة .
لكن ما رسخ لدي فكرة كتاب يضم مختارات من قصص ماركيز هو قراءتي من ايام قصته ( اجمل غريق في العالم ).
يصعب على الكثيرين تتبع كتب ماركيز التي تجاوزت خمسين مؤلفا , لهذا اعتقد ان انتقاء مختارات له سيكون نافعا في مرحلته شح فيها القراء وتكاثرت تلال الكتب .
ستكون المقالات التي كتبتها عنه والتي ستحتل الجزء الثاني من الكتاب كافية لتسليط الضوء على منجزه القصصي .

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي