![]() |
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
![]() |
خيارات وادوات |
صادق جبار حسين
2024 / 12 / 8
تُعدُّ عملية بناء الدولة المدنية في العراق واحدة من أهم التحديات التي تواجه البلاد منذ عقود ، حيث تسعى هذه العملية إلى تحقيق نظام سياسي واجتماعي قائم على المواطنة و سيادة القانون والابتعاد عن الهويات الدينية والطائفية والعشائرية في إدارة شؤون الدولة.
ومع ذلك ، يلعب رجال الدين وشيوخ العشائر دورًا محوريًا في تعطيل هذه الجهود والحيلولة دون تحقيقها ، مما يسهم في أستمرار حالة عدم الاستقرار والحيلولة دون بناءً دولة مدنية يحكمها القانون .
دور رجال الدين وشيوخ العشائر في إضعاف ألدولة
أولًا: دور رجال الدين
رجال الدين في العراق يمتلكون تأثيرًا كبيرًا على المشهد السياسي والاجتماعي ، ويرجع ذلك إلى عمل رجال الدين الشيعة على ربط الدين والسياسة معًا في البلاد . وقد تجلى هذا التأثير بشكل واضح بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003 ، عندما أصبحت المرجعيات الدينية وتوصياتها وفتاويها الداعمة لطائفة معينة جزءًا أساسيًا من المشهد السياسي .
العوامل المؤثرة لدور رجال الدين
1: لعمل على تسييس الدين : ساهم العديد من رجال ألدين خصوصًا الشيعة في تعزيز الانتماءات الطائفية على حساب الهوية الوطنية ، مما أدى إلى تفاقم الانقسامات الطائفية .
2 : التأثير على القرار السياسي : تتحكم بعض المرجعيات الدينية في توجيه الناخبين من خلال إصدار الفتاوى والتوصيات ، مما يحوّل العملية الديمقراطية إلى تصويت قائم على الطاعة الدينية بدلًا من البرامج السياسية .
3 : إضعاف سيادة القانون : عند تصاعد نفوذ رجال الدين ، يتم تقويض مؤسسات الدولة المدنية ، حيث تُحل سلطة الفتاوى والمجالس الدينية محل القوانين والمؤسسات الرسمية .
ثانيًا : دور شيوخ العشائر
العشائر في العراق تُعدُّ كيانًا اجتماعيًا متجذرًا ، لكنها أصبحت بعد سقوط النظام السابق لاعبًا أساسيًا في الحياة السياسية والاجتماعية ، مما ساهم في تعزيز حالة الفوضى والضعف المؤسسي .
أبرز تأثيرات شيوخ العشائر
1 : تعزيز الولاءات القبلية : يولي شيوخ العشائر أهمية للولاء القبلي على حساب الهوية الوطنية ، مما يؤدي إلى تجزئة المجتمع
2 : حل النزاعات خارج إطار القانون : يعتمد الكثيرون على الأعراف العشائرية لحل النزاعات ، ما يقلل من دور النظام القضائي الرسمي ويضعفه .
3 : أستغلال النفوذ السياسي : ينخرط بعض شيوخ العشائر في صفقات سياسية مع القوى الحاكمة لضمان مصالحهم الشخصية ، مما يؤدي إلى الفساد وتعطيل عملية بناء الدولة .
تأثير رجال الدين وشيوخ العشائر على بناء الدولة المدنية
1 : تقويض الهوية الوطنية : يؤدي النفوذ الديني والعشائري إلى تآكل الهوية الوطنية ، حيث تتحول الولاءات إلى طائفية أو قبلية بدلًا من الولاء للدولة .
2 : إضعاف المؤسسات المدنية : يؤثر النفوذ الديني والعشائري على أداء المؤسسات المدنية ، حيث تصبح هذه المؤسسات خاضعة للضغوط الخارجية بدلًا من أن تكون مستقلة وقوية .
3 : دعم الفساد : بوجود رجال الدين وشيوخ العشائر كلاعبين مؤثرين في الساحة السياسية و الاجتماعية في العراق ، يتم تكريس نظام المحاصصة والفساد بدلًا من بناء نظام سياسي شفاف وديمقراطي .
ومن اجل أحداث أي تغيير في العراق لأبد من
1 : تعزيز سيادة القانون : يجب أن تكون الدولة هي المرجع الوحيد في حل النزاعات ، مع تقليص الاعتماد على الأعراف العشائرية والفتاوى الدينية .
2 : فصل الدين عن السياسة : ينبغي العمل على تعزيز مفهوم الدولة المدنية من خلال فصل الدين عن السياسة وضمان حرية الأفراد في ممارسة عقائدهم دون تأثير على النظام السياسي من إي جهة او طرف ما .
3 : تقوية مؤسسات الدولة : يجب بناء مؤسسات قوية ومستقلة قادرة على فرض هيبتها بعيدًا عن النفوذ العشائري أو الديني .
4 : نشر الوعي المجتمعي : تعزيز الثقافة المدنية وتوعية الأفراد بأهمية الولاء للدولة والقانون على حساب الولاءات الضيقة .
إنَّ بناء دولة مدنية قوية في العراق يتطلب جهودًا كبيرة للتغلب على النفوذ المزدوج لرجال الدين وشيوخ العشائر أولآ ، والانتقال إلى نظام قائم على المواطنة وسيادة القانون . بدون هذا التحول ، سيظل العراق عالقًا في دائرة عدم الاستقرار ، وسيبقى بعيدًا عن تحقيق طموحات شعبه في العدالة والازدهار والتقدم .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |