|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
أحمد فاروق عباس
2024 / 12 / 6
يوم حزين لكن المؤمنين بسيادة الدول علي ارضها وعدم تفتيتها وتقسيمها بين الطامعين ، وقلت الدول الوطنية ولم اقل نظم حكم معينة ، فنظم الحكم تروح وتجئ .. ولكن الدول اذا ضاعت فلن تقوم مرة ثانية ابدا ، وربما لن ترجع موحدة مرة اخري .. ولنا في ليبيا والعراق وسوريا نفسها عبرة ودرس ...
ويوم سعيد لكل تلك الجماعات والتنظيمات الوظيفية التي اصبحت تملأ رقعة الشرق الاوسط وتسعي في دوله تقطيعا وتمزيقا .. مرة باسم دين يريدون عودته ، وكلمة لله يريدون اعلاءها ، أو بديموقراطية يريدون بناءها ..
ويعلم الله وحده مدي بعدهم عن دينه وقيمه السامية ومثله العليا ، بل هي الدنيا ما جمعتهم ، وزخرفها هو ما ألف بين قلوبهم ...
ويعلم الجميع ان بعدهم عن الديموقراطية - ومبادئها من تسامح ، وحقوق الاقليات والمختلفين ، ونسبية الحقيقة - كبعد السماء عن الأرض ...
... ولكن ماذا جري في حماة اليوم ؟!
عصر اليوم دخلت المجموعات والتنظيمات المسلحة ثاني مدينة سورية - بعد دخولها حلب منذ خمسة ايام - وهي مدينة حماة وسط سوريا ، وهو ما يلقي الضوء علي مجموعة من التطورات التي بدأت تتكشف مع مرور الايام :
١ - ان هجوم التنظيمات المسلحة لم يكن طلقة طائشة في الهواء كما كان الظن في اول ايام هجومها ، ولكن من كبر حجم الهجوم ، وما توفر في ايديهم من سلاح متقدم ، وعشرات الالاف من المهاجمين ما يدل ان وراء ذلك تدريب قتالي استمر فترة طويلة ، وخطط تم التدريب عليها طويلا من متخصصين ...
٢ - ان مدي الجهد التقني العسكري - قيادة حشود عسكرية علي جبهة واسعة ، وتنسيق الجهد النيراني ، وتنظيم عمل الطيران المسير مع حركة الهجوم علي الارض ، وحركات الالتفاف علي جيش نظامي والهجوم عليه بتنسيق واحد من عدة جبهات - يقول انه من المستحيل ان يكون وراء كل ذلك تلك المجموعات الارهابية البائسة التي تظهر علي شاشات التلفزيونات بنظرات بلهاء وشعارات زاعقة تقول انه لا يوجد عقل وراءها ، وبكلام ابله اغلبه تحريض او تخويف ...
٣ - كل ذلك يدعم الفرضية التي تقول ان مستشارين عسكريين ذوي خبرة كبيرة ينتمون الي جيوش دول كبري هم من يقودون - بالخطط والرأي والمشورة - حشود قدرت ارقامها بنحو ١٠٠ - ١٢٠ الف فرد ..
ويدعم كذلك الفرضية التي تقول ان الجهد الرئيسي في القتال تقوم به شركات عسكرية خاصة هي من تنظم العمل وتنسقه وتستخدم اسلحة متقدمة ، ويدعم هذا الرأي الوجوه غير السورية وغير العربية التي تظهر في الفيديوهات المصورة الاتية من سوريا ..
والشركات العسكرية الخاصة تطور جديد ظهر في العقدين الاخيرين في مجال الفنون والتنظيمات العسكرية ، وربما كان اشهر الشركات العاملة في هذا المجال شركة بلاك ووتر الامريكية - وقصتها في العراق بعد احتلاله مشهورة - وشركة فاجنر الروسية ، وقصتها في ليبيا وفي بعض دول افريقيا وفي اوكرانيا مشهورة هي الاخري ..
وما علي المنتسبين الي هذا الشركات - اذا صحت فرضية اشتراكهم في القتال في سوريا - وهم أجانب لا يجيدون العربية سوي تربية ذقونهم ، والتكلم ببعض الكلمات العربية ، وبعدها ربما يظن من يراهم انهم من اهل القوقاز او من اوزباكستان او طاجيكستان .. وهي شعوب بيضاء مسلمة لا تتكلم العربية ..
وقد حدث شئ قريب من ذلك علي مسارح الفوضي في الشرق الاوسط مرار في العقد الماضي ، ربما كان اشهرها وأكثرها مأساوية قصة ضابط المخابرات الاسرائيلية الذي كان يجيد العربية بطلاقة ، الذي اطلق ذقنه وسافر الي ليبيا بعد ٢٠١١ وقاد مجموعة اسلامية مسلحة في ليبيا ، وشوهد مرارا وهو يختلي المساجد ويعتلي المنابر خطيبا في صلوات الجمعة ، يدعو المسلمين الي التقوي وبالمرة الي قتال المرتدين والمخالفين ... الذين هم مسلمين ايضا !!!
وقصة ذلك الضابط مشهورة وهي متاحة وموثقة علي آلاف المواقع الاخبارية علي الانترنت يمكن ان يقرأ تفاصيلها من يريد ...
٤ - ان من اطلق تلك الوحوش الضارية - شركات عسكرية خاصة وتنظيمات ارهابية - مصمم علي استكمال دورها حتي النهاية ، وهو ما يقول ان سوريا مقبلة علي اوقات اشد صعوبة في الايام والاسابيع القادمة ..
وما يحدث في سوريا اليوم حدث مثله بالضبط من اكثر من عشرة اعوام ، عندما سيطرت تلك التنظيمات المسلحة علي اغلب التراب السوري ، ودخلوا حلب وحماة وحمص ودير الزور بل وريف دمشق ، ووقفوا علي اسوار دمشق التي كانت تصحو كل يوم علي اصوات التفجيرات الارهابية ، وقتلوا وزير الدفاع في مبني وزارته ، وقتلوا مفتي سوريا - الشيخ الجليل البوطي - وهو يصلي في مسجده !!
من المحزن ان يتعرض بلد عربي عريق وكريم لهذه المحنة القاسية مرتين خلال عشرة أعوام فقط ، وفي نفس الجيل ...
يوم سعيد للتنظيمات والجماعات المسلحة والمؤمنين بها ، سواء من تنظيمات دينية يظن بعض الناس انها ستأتي ومعها كلمة الله وشريعته ، او مجموعات علمانية - !! - تظن انها ستجلب معها الديموقراطية وتسمح لها بممارستها ..
هنيئا لكم .. ويوم حزين لنا ...
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |