|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
حسين علي محمود
2024 / 12 / 4
الأيديولوجية التركية تجاه سوريا معقدة ومتعددة الأبعاد، وتمزج بين الجوانب التاريخية، والجيوسياسية، والدينية، والأمنية، كما ان هدفها الأساسي تحقيق استقرار يخدم مصالحها الوطنية، سواء عبر احتواء الأكراد، أو تعزيز نفوذها الإقليمي، أو تشكيل مستقبل سوريا بما يتوافق مع رؤيتها.
ترى تركيا نفسها الوريث الطبيعي للإمبراطورية العثمانية، وسوريا كانت جزء من هذه الإمبراطورية لقرون، هذا الإرث التاريخي يعزز الشعور التركي بالمسؤولية أو النفوذ في سوريا، خصوصا في مناطق شمالها، كما أن سوريا تشترك مع تركيا في حدود طويلة (أكثر من 800 كيلومتر)، ما يجعل أي تطور أمني أو سياسي داخل سوريا مؤثرا مباشرا لأمنها القومي.
ان حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان ترتبط أيديولوجيا بجماعات الإسلام السياسي في المنطقة، بما في ذلك بعض فصائل المعارضة المسلحة، ودعمت جماعات إسلامية مثل الإخوان المسلمين، وراهنت على تغيير النظام السوري لتحقيق نظام قريب من أيديولوجيتها.
من المعلوم ان تركيا تسعى إلى تحقيق عدة مكاسب من التطورات في سوريا الأخيرة بناء على مصالحها الاستراتيجية والأمنية، وخصوصا بعد سيطرة عناصر المعارضة المسلحة على حلب واماكن اخرى كثيرة، لضمان دورها كفاعل أساسي في أي حل مستقبلي للأزمة السورية، هذه المصالح تشمل :
▪︎ تعتبر تركيا وجود الجماعات الكردية المسلحة، مثل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وحزب العمال الكردستاني (PKK)، تهديدا مباشرا لأمنها القومي، لذا فإن العمليات العسكرية أو التفاهمات الدولية تهدف إلى تقليص نفوذ هذه الجماعات على حدودها.
▪︎ تستضيف تركيا ملايين اللاجئين السوريين وتسعى لتخفيف هذا العبء من خلال إنشاء مناطق آمنة في شمال سوريا والضغطعلىالمجتمع الدولي لتحصيل دعم سياسي ومالي، إذ تأمل أن تتمكن من إعادة جزء كبير من اللاجئين بشكل طوعي.
▪︎ تركيا تريد لعب دور رئيسي في تحديد مستقبل سوريا، سواء من خلال دعم المعارضة المسلحة أو عبر التفاوض مع روسيا وإيران في إطار مسار أستانا.
▪︎ من خلال التواجد العسكري والدبلوماسي في سوريا، تحاول تركيا إدارة علاقاتها مع الأطراف الكبرى، مثل روسيا والولايات المتحدة، بما يخدم مصالحها دون الانحياز الكامل لأي طرف.
▪︎ ترى تركيا أن عودة سيطرة النظام السوري الكاملة على المناطق الشمالية قد تقوض مصالحها، خاصة إذا تم ذلك بدعم من إيران، لذلك، تسعى للحفاظ على مناطق نفوذ المجاميع المسلحة أو الوصول إلى تسويات تحفظ مصالحها.
▪︎ أي استقرار نسبي في شمال سوريا يمكن أن يفتح الباب لفرص استثمارية وإعادة إعمار تديرها الشركات التركية، ما يحقق مكاسب اقتصادية.
▪︎ تتيح الجغرافيا السورية إمكانية نقل الطاقة عبرها، وتركيا تسعى للسيطرة على الطرق التي تمر عبر شمال سوريا.
الخلاصة : رغم هذه الفرص، فإن تركيا تواجه تحديات كبيرة في سوريا، أبرزها التوترات مع الفصائل المحلية، والضغوط الدولية، وصعوبة تحقيق توازن بين علاقاتها مع روسيا وأمريكا.
الأحداث الحالية تتطلب من تركيا إدارة دقيقة واستراتيجية متوازنة لتحقيق مصالحها دون الانزلاق في مواجهات كبرى.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |