زقاق من زمن مضى

محمد طالبي
2024 / 11 / 30

صيف لا ككل الصيوف و لا ككل الاصياف، صيف تشحد فيه الشمس سيوف الأشعة الحارقة لتنهال على رقاب العباد و تنزل بهم اشد الضربات ايلاما. صيف من زمن تمانينات قرن مضى . قرن أبى إلا ان يكون مثقلا بالكوارث و الاحزان والهموم. قرن متخم بالفضاعات و الكوارث و المحن ..على جبينه تفننت الحياة في حفر وشوم غائرة بقيت شاهدة على هول ما جرى
.
في صيف ما قبل انتفاضة "كوميرا" بقليل.انتقل هو و عائلته من منزل بزنقة ايت بنعمر الى السكن بمنزل جديد في زقاق غير بعيد. زقاق لا أحد كان يعرف له اسما،زقاق كان مجهول الاسم والهوية و العنوان،
الزقاق كأنه منفلت من عقال الزمن ،فار من وقت مستقطع من احد افلام الغرب الامريكي.
و انت صاعد من الكاراج نحو المارشي بعد ان تتجاوز قدماك دكان" باري," الرجل الوسيم .وسامته تضاهي وسامة الان دولون الممثل الفرنسي الشهير.عند الانحناءة الصغيرة للعقبة الكبيرة.على شمالك يطل عليك مدخل الزقاق العجيب .يطل باحتشام كبير.على يمين مدخل الزقاق تستقبلك سقاية عتيقة تنتصب شامخة كشاهد عصر على تاريخ يابى الرضوخ و الإنحناء..
الماء العذب الزلال يسيل من صنبور الساقية. يسيل على الدوام وبدون انقطاع،حنفيته مضربة عن العمل.او كهذا يخيل للمرء و هو يحاول عبثا اغلاق الصنبور المهترئ .صنبور في إجازة دائمة،صنبور عديم الجدوى، هو في مكانه لاملاء الفراغ ليس الا .لا احد من المسؤولين اهتم لجدوى اصلاحه.مادام الماء و المطر خير من الخيرات التي جاد بها المولى عز وجل على المدينة. وفي تطبيق حرفي لنظرية "لافوازيي"
"لا شيء يضيع لا شيء يخلق الكل يتحول" يترك الماء لحاله،ليكمل دورة حياته.
بالقرب من الحنفية دكان صغير بباب قصير .دكان لبيع المواد الغدائية و غير الغدائية.مرتادو الدكان يؤمونه لشراء السكر و الزيت في غالب الاحيان،بعضهم يؤمه لشراء الشموع . الشموع مؤنس الناس في الليالي الحالكة.،.البعض الآخر كان يزور الدكان لشراء احجار الكاربون،احجار هي الاخرى مستعدة لممارسة طقوس الانتحار المقدس لمحاربة الظلام وتنوير الغرف.
بعدتجاوز الدكان وعدة منازل ودائما على يمينك "فران محمد" هذا الفضاء الزاخر بالحكايات و الروايات والقصص الطويلة و القصيرة بعضها قريب من الحقيقة و البعض الاخر من نسج خيال نساء الزقاق. الفضاء اشتهر بكونه ساحة وغى يسقط فيها الجوع صريعا و بلا حراك.
يتبع

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي