|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
علاء اللامي
2024 / 11 / 30
أعرف أن كلامي هذا سيزعج ويغيظ الكثيرين ومن الجانبين؛ المؤيد للحكم السوري وللمعارضة السورية المسلحة معا، ولكنه رأيي وأنا حر في التعبير عنه ولا شأن لي بما يراه الطرفان المتقاتلان ومن يتبعهما، فأقول: لا يرحب بالعودة إلى مسلسل تدمير ما تبقى من سورية وسفك دماء السوريين بعد يومين فقط من توقف المجازر في جنوب لبنان، ومع استمرار حرب الإبادة الجماعية في غزة إلا مضلَّل مغسول الدماغ أو حليف صريح للصهاينة والغربيين! ولكن من يتحمل مسؤولية هذه العودة المفاجئة وهل هي مفاجئة حقا؟
*منذ سنة 2016، تمكنت القوات الحكومية السورية وحلفاؤها من استعادة السيطرة على حلب والعديد من مدن الشمال السوري وبعد تضحيات وخسائر بشرية جسيمة من الأطراف المتحاربة وتدمير مادي جعل المدن السورية أشبه بمدن منكوبة ضربها زلزال. فماذا فعل الحكم ومعارضيه المسلحون طوال الثماني سنوات التي تلت هذه السيطرة؟ ماذا فعلوا بعد اتفاقية مناطق خفض التصعيد سنة 2020 والذي استهدف إفشال سيطرة الحكومة على إدلب وإنهاء الجنبة العسكرية للحرب؟
*هل دخلت الأطراف المتقاتلة في حوار مباشر أو غير مباشر جاد وصريح وخارج المظلة الأجنبية، حوار يقود إلى مصالحة أو ترتيبات فاعلة، من النوع الذي جرت عليه العادة بين أطراف الحروب الأهلية في تجارب الشعوب الأخرى على القيام بها لتضميد الجراح والوصول الى حلول وسط للمشاكل التي أدت الى الصدام؟
هل أبدى الحكم في دمشق أية نية لتفكيك أو إرخاء قبضته الأمنية على الحكم واستعداده لتطبيع الوضع وإشراك القوى المعارضة المعتدلة في الحكم كمقدمة لانتقال سلمي من حكم الحزب الواحد إلى التعددية؟ لقد اكتفى الحكم بما أحرزه من سيطرة على أغلب مناطق البلاد وراح يروج لانتصاره المر فيما ظلت المعارضة المسلحة التابعة للخارج والممولة من دول الخليج وتركيا على مواقفها أو بالأحرى على مواقف مموليها ومشغليها الأجانب الذين منعوا حتى عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم!
وحتى بعد سنة 2020، وعقد اتفاقية مناطق خفض التصعيد لم تنته الحرب، والنازحون واللاجئون السوريون وهم بالملايين لم يعودوا إلى مدنهم وقراهم، والقوات الأجنبية في سوريا لم تنسحب من البلد. كما أن الغرب قرر أن يفرغ انتصار الحكم السوري العسكري من مضمونه وبالمقابل تمسك الحكم في دمشق باستراتيجيته في الإبقاء على الوضع القائم على ماهو عليه وفق عقلية صدام حسين والبعث العراقي فإما كل شيء أو لا شيء وليذهب العراق إلى الجحيم وفعلا ذهب العراق إلى جحيم الاحتلال فالحكم الطائفي التابع!
إنَّ الأصابع الأميركية واضحة في التصعيد التدميري الجديد من خلال تحريك قوات قسد الكرية العميلة.
والأصابع التركية واضحة فليس للمعارضة المسلحة حدود جغرافية وبوابات تسليح ومدد إلا معها. والمعارضة تكذب حين تقول إنها قامت بهجوم استباقي على قوات النظام الذي كان يستعد لتوجيه ضربة لها فلم يتأكد أن النظام كان في حالة تحشيد بل كان في حالة استرخاء تام بدليل النجاحات الكبيرة التي أحرزتها المعارضة المسلحة وفي بعض المناطق تقدمت قواتها من دون مقاومة حكومية!
والأصابع الغربية والخليجية واضحة من خلال الحملة الإعلامية الحربية المرافقة للاجتياح الذي قامت به المعارضة المسلحة ومن خلال التجهيز المادي الواضح لمقاتليها.
والأصابع الصهيونية واضحة من خلال إعلانها أنها تراقب الوضع عن كثب ومن خلال تصريحات مسؤولين صهاينة بقرب حدوث تطورات أمنية استراتيجية في المنطقة قبل التوقيع على قرار وقف إطلاق النار في لبنان بقليل.
إن دوامة الدماء والتدمير في سوريا ستستمر للأسف الشديد حتى لو تم إفشال هجوم المعارضة المسلحة الجديد وحتى لو تمكنت المعارضة من السيطرة على الشمال السوري ومناطق أخرى ولا بد من كسر هذه الدوامة. ولكن كسرها لن يتحقق بالقوة العسكرية من أي طرف بل من خلال اجتراح حل تصالحي سوري استقلالي تتوافر لإسناده قوة هائلة هي قوة الشعب السوري في الوطن وفي المنافي ولا يتطلب من القيادات سوى الشجاعة والإخلاص ومغادرة العقلية الحربية والاستبدادية نحو مشروع حقيقي للحوار والمصالحة وكل من يرفض هذا الطريق إنما يدفع نحو الدوامة.. دوامة الدماء والتدمير!