|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
طلال حسن عبد الرحمن
2024 / 11 / 30
الوافد الأخير
بيت العمة دبة ،
الببغاء يغطّ في النوم
الببغاء : خ خ خ خ " يفزّ خائفاً " آآآآ .. " يتلفت حوله " صوت اطلاقة " يصمت "
سمعتها لأول مرة ، عند منتصف الليل ،
لكن العمة دبة ، كانت تشخر ، لم تسمعها
، إنها دبة " يصمت " أم أنّ ما سمعته
كان كابوساً ؟ " ينصت " الثعلب اللعين .
الثعلب يدفع الباب ،
ويدخل مسرعاً خائفاً
الثعلب : أيها الببغاء ..
الببغاء : العمة دبة قالت لك ، لا أريد أن أرى
وجهك مرة أخرى .
الثعلب : لقد جنت العمة دبة ..
الببغاء : بالعكس ، كان عليها أن لا ترى وجهك
، منذ البداية .
الثعلب : ستأتيك بكارثة .
الببغاء : لا كارثة إلا أنتَ .
الثعلب : لقد أمسكت بإنسان .
الببغاء : " مذهولاً " ماذا !
الثعلب : وقد تأتي به إلى هنا .
الببغاء : تكون قد جنت فعلاً .
الثعلب : " يتراجع " ها هي قادمة ..
الببغاء : إنسان ! يا للجنون .
الثعلب : فلأهرب قبل أن تأتي ، ومعها أسيرها ،
الإنسان " يخرج مسرعاً " .
الببغاء : يا ويلي ، لقد جاءتني بكل الكائنات
الغريبة ، والمتوحشة ، والآن قد تأتيني
بأشدهم .. ، حقاً لقد جنت " ينصت " ها
هي قادمة .
تدخل العمة دبة ،
ومعها يدخل رجل
الببغاء : إنه إنسان حقاً ..
العمة : " تشير إلى الببغاء " أعرفك بصديقي
العزيز ، الببغاء .
الرجل : " ينحني قليلاً " أهلاً وسهلاً .
الببغاء : " يُحدق فيه صامتاً " ....
العمة : " تشير إلى الرجل " إنسان ..
الببغاء : أعرف .
العمة : رأيته في الغابة ، ومعه بندقية .
الرجل : آسف ، صدقيني ، كما قلتُ لكِ ، لم
أطلق منه اطلاقة واحدة ، على كائن من
كائنات هذه الغابة .
الببغاء : بسخرية " كان يحملها للزينة .
الرجل : وقد رميتها ، كما رأيتِ ، في أعماق
البحيرة .
الببغاء : منذ أن ظهرتَ ، على وجه هذه الأرض
، قبل آلاف السنين ، وأنت تقتل ببندقية
أو بغير بندقية .
الرجل : لكن ، يا صديقي ، أنا من دجن مئات
الأنواع من الحيوانات ، وقد رعيتها ،
وحميتها من الكائنات المتوحشة
والضواري ، وسفاكي الدماء .
الببغاء : لتسفك دماءها أنت ، وتفترسها ..
الرجل : أنا إنسان .
الببغاء : العمة دبة ، حكت لي حكاية ، ذات مرة
، حكاية لها دلالتها ..
العمة : الحكايات كلها ، من صُنع الإنسان .
الرجل : " ينظر صامتاً إلى الببغاء " ....
الببغاء : قالت العمة دبة ، مرّ ذئب ، ذات ليلة ، ببعض الرعاة ، يشوون حملاً ةعلى النار ، ليفترسوه بطريق متحضرة ، فقال في نفسه ، لو كنت أنا من يفترس هذا الحمل ،
لقالوا ذئب متوحش .
الرجل " يُطرق رأسه صامتاً " ....
العمة : يُقال إن الإنسان آخر من ظهر على
الأرض .
الرجل : نعم ، بعد أن انقرضت الدينصورات ،
ومعظم الكائنات الضخمة .
الببغاء : ويبدو أن باقي الكائنات ، بمن فيهم أنت
، سينقرضون على يديكَ .
الرجل : كلا ، فأنا ، الإنسان ، بنيت القرى
والمدن و ..
الببغاء :النمل والنحل أيضاً يبنون ..
الرجل : وأنا من دجن الأغنام والأبقار
والمواشي و ..
الببغاء : النمل سبقك في هذا ، فقد دجن المن ،
وهو يرعاه ، كما ترعى أنت الأغنام ..
الرجل : وأنا من زرع الحقول والغابات و ..
الببغاء : النمل بدأ الزراعة قبلك ، فزرع
الفطر مثلاً .
الرجل : " متردداً " وأنا .. " يصمت " ..
الببغاء :أنت ماذا ؟
الرجل : " بصوت مختنق " عائلتي تنتظرني ..
الببغاء : " ينظر إلى العمة دبة " ....
الرجل : زوجتي ، وطفلاي ، ابني وابنتي ، وهم
قلقون عليّ الآن .
الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : نعم .
الببغاء : أنتِ تعرفين كلّ شيء ، حدثينا عن ..
الإنسان .
العمة : " تشير إلى الرجل " الإنسان موجود
أمامنا ، وهو يعرف عن نفسه أكثر مما
أعرف ، فليتحدث هو عن نفسه .
الرجل : " يتطلع إليهما صامتاً " ....
العمة : تفضل ، تحدث عن .. الإنسان .
الرجل : ما أعرفه ، أن الإنسان كان آخر من
وفد على الأرض ..
العمة : نعم ، فقد سبقته النباتات ، ثم الكائنات
المائية ، ثم الطيور ..
الببغاء : نحن ..
العمة : ثم الثدييات ، أي نحن الدببة والآخرين
ممن يرضعون صغارهم .
الرجل : وخلال تلك الأزمان السحيقة ، ظهرت الكائنات الضخمة ، مثل الدينصورات ، وبعد مليون سنة تقريباً ، انقرضت هذه الكائنات ، وفي مقدمتها الدينصورات .
العمة : ويُقال أنها انقرضت قبل حوالي سبعين مليون سنة .
الرجل : وبعدها ظهر الإنسان ..
الببغاء : ليته لم يظهر .
العمة : " بعتاب " ببغاء ..
الببغاء : يُقال أن إنساناً قال مرة ، الحياة مبنية على القسوة والافتراس ، وأسوأ القساة المفترسين هو الإنسان .
الرجل : الإنسان حرّ ، يدرك ما يراه .
العمة : " بنبرة مصالحة " لا ننسى ، أن للإنسان عقل ، وهذا ما يميزه عن الكثير من الكائنات الأخرى .
الرجل : وهو أول من استخدم عقله للتغلب على قوى الطبيعة ..
الببغاء : وعلى الكائنات الأخرى .
الرجل : فتعلم الصيد ، وتدجين الحيوانات ، والزراعة ، والبناء ..
العمة : " تهز رأسها موافقة " ....
الرجل : فبنى أعظم الحضارات فيما بين النهرين ، ومصر ، واليونان ، والهند ، والصين ، و ..
الببغاء : لكن كلّ هذا لم يمنعه من القتل ، فقتل الكائنات الأخرى ، بل وقتل الكثير من أبناء جنسه أنفسهم .
الرجل : " يطرق رأسه ويصمت " ....
الببغاء : أيتها العمة ، أنتِ لم تتكلمي .
العمة : أنت تكلمت ، وكذلك الإنسان .
الببغاء : أريد أن تتكلمي أنتِ أيضاً ، فلابدّ أن لكِ رأيكِ .
الرجل : " ينظر إلى العمة دبة متوجساً " ....
العمة : رأيي أن في الإنسان ، الكثير من عادات الكائنات الأخرى ..
الببغاء : " يهمهم " هم م م م .
العمة : وكذلك الكائنات الأخرى ، فإن فيه الكثير من عادات الإنسان .
الببغاء : أنتِ العمة دبة حقاً ..
العمة : " تبتسم " ....
الببغاء : هذا يعني ، إنك لا تدينين الإنسان .
العمة : أنا أدين كلّ ما هو سلبي ، سواء في الإنسان ، أو في الكائنات الأخرى .
يدخل الثعب ، ومعه
طفلان ، طفل وطفلة
الببغاء : الثعلب ؟
الثعلب :" ينظر إلى العمة دبة " عفواً ، هذان الطفلان ضلا في الغابة ، وهما يبحثان عن أبيهما ، فأتيتُ بهما ..
الطفلان : " ينظران إلى أبيهما فرحين " بابا !
الرجل : طفلاي ..
الطفل : " يركض إلى أبيه " بابا .. بابا ..
الطفلة : " تركض إلى أبيها " بابا .. بابا ..
الرجل : " يعانق طفليه " ....
الطفل : ماما قلقة جداً عليكَ ..
الطفلة : وبدون علمها ، خرجتُ أنا وأخي ، نبحث عنك في الغابة ..
الطفل : ولو لم نلتقِ بهذا الثعلب الطيب " ينظر إلى الثعلب " لما عثرنا عليك .
الثعلب : " يلوي رأسه متأثراً " أطفال أبرياء ، إنه أبوهما .
الطفل : هيا يا بابا ، ماما تنتظر .
الطفلة : هيا ، هيا يا بابا .
الرجل : " ينظر إلى العمة دبة " ....
الثعلب : " للطفلين " أنتما لا تعرفان العمة دبة على حقيقتها ، إنها مثال للرحمة والمحبة والتسامح والسلام .
العمة : " تبتسم " ....
الببغاء : صدق الثعلب ، رغم أنه ثعلب .
العمة : " للطفلين " خذا أباكما ، واذهبا ، لا تدعا أمكما تنتظر أكثر .
الرجل : " يبتسم بارتياح " أشكرك .
العمة : " للثعلب " دلهم على الطريق ، هيا .
الثعلب : سمعاً وطاعة .
الرجل وطفلاه يخرجان ،ومعهما
الثعلب ، العمة والببغاء وحدهما
إظلام
12 / 11 / 201
سمكة فوق الشجرة
بيت العمة دبة ،
الببغاء أمام القفص
الببغاء : منذ يومين ، والثعلب غائب ، لعله ذهب
فعلاً إلى الجبل الأخضر ، وصعد إلى
قمته ، ليأتي بذلك النبات الغريب ، الذي
يصيب من يأكله بجنون مؤقت ، يستمر
يومين أو ثلاثة أيام " يغالب ضحكه " كم
أخشى أن يدسه في طعام العمة دبة ،
فيصيبها .. " يضحك ثم يكتم ضحكته "
العمة دبة ، لو أكلت من هذا " يغالب
ضحكه " العمة دبة مجنونة ، آه "
يصمت " لكن اللعين ، قد يدسه لي ،
فأجن ، وقبل أن أفيق من الجنون ، يكون
قد حقق حلمه ، وأكلني ، الويل له "
ينصت " ها هو قادم ، فلأحذره
يدخل الثعلب مسرعاً ،
ويحدق بجنون في الببغاء
الببغاء : الثعلب !
الثعلب : أيها الببغاء ، سأجن ، إن لم أكن قد
جننتُ فعلاً .
الببغاء : لابد أنك صعدت إلى " يشير إلى
الخارج " القمة .
الثعلب : أي قِمة ؟
الببغاء : الجبل الأخضر .
الثعلب : عمّ تتحدث ؟ يبدو أنك جننت .
الببغاء : العمة دبة قالت ..
الثعلب : دعني من العمة دبة ، وما قالته ، أنا
أقول لك إنني أكاد أجن ، لقد رأيتُ ما لم
يره أحد فوق ..
الببغاء : فوق قمة الجبل ..
الثعلب : كلا ، ليس فوق قمة الجبل ، فأنا لم
أذهب إلى الجبل ، وإنما فوق شاطئ
النهر .
الببغاء : رأيت النبات الغريب ، الذي ينمو فوق
قمة الجبل الأخضر ، لعل أحدهم قد
وضعه فوق الشاطئ ، فأكلت منه .
الثعلب : أيها الأحمق ، أنا ثعلب ، والثعالب لا
تأكل النباتات .
الببغاء : لكن هذا نبات خاص ، وهو شهيّ ، و ..
الثعلب : لقد اشتهيت اليوم ، أن آكل سمكاً ،
وليتني لم أشتهِ .
الببغاء : سمكة من قمة الجبل الأخضر ! آه
الأمر واضح الآن .
الثعلب : كلا ، أيها المجنون ، سمكة من النهر ..
الببغاء : فذهبت إلى قمة الجبل ..
الثعلب : " يصيح بجنون " كفى .. كفى .
الببغاء : حسن ، حسن ، لن أتكلم ، تكلم أنت ،
ذهبتَ إلى ..
الثعلب : ركز مخك معي .
الببغاء : ركزت ، مخي كله معك ، تكلم .
الثعلب : ذهبتُ إلى النهر ، واختبأت بين حشائش
الشاطئ ، لعل سمكة تقترب من حافة
النهر ، فأنقض عليها ، وأمسكها .
الببغاء : هذا يعني ، إنك لم تصعد إل قمة الجبل
الأخضر ، ولم ..
الثعلب : " يحدق فيه غاضباً " ....
الببغاء : عفواً ، عفواً أكمل .
الثعلب : قلتُ لك ، ركز مخك معي .
الببغاء : سأركز ، أكمل ، أكمل .
الثعلب : فجأة ، وأنا بين الأعشاب ، رأيتُ سمكة
غريبة ، تخرج من الماء ، وتسير على
الشاطئ ..
الببغاء : السمكة !
الثعلب : ثم ابتعدت عن الشاطئ ، وصعدت
شجرة عالية ..
الببغاء : السمكة !
الثعلب : وأكلت ما وجدته في أعشاش العصافير
، من بيض وفراخ ..
الببغاء : السمكة !
الثعلب : ثم نزلت من الشجرة ، وعادت ثانية إلى
النهر ، واختفت في الماء .
الببغاء : السمك !
الثعلب : طبعاً السمكة ، وليس أمي ..
الببغاء : آه .. عفواً .. عفواً ..
الثعلب : " يتراجع منفعلاً " سيزداد جنوني ، إذا
استمريتُ في الحديث إليك ، أنت ببغاء
متخلف " يخرج " .
الببغاء : " يهذي " الثعلب لم يذهب إلى الجبل
الأخضر ، ولم يصعد إلى قمته ، ولم
يأكل من العشب الغريب ، الذي يصيب
من يأكله بالجنون المؤقت ، وإنما ذهب
إلى الشاطئ ، ورأى سمكة تسير "
يصيح منهراً " آآآآ .
تدخل العمة دبة ،
وتقترب من الببغاء
العمة : ببغاء !
الببغاء : " بصوت تخنقه الدموع " ماما ..
العمة : ماذا !
الببغاء : " ينزل ويعانقها " ماما .. ماما .
العمة : ببغاء ، أنا العمة دبة .
الببغاء : " يحدق فيها صامتاً " ....
العمة : اهدأ يا عزيزي ، وتمالك نفسكَ .
الببغاء : " يتهاوى على المنضدة " آه .
العمة : " تربت على رأسه " اهدأ ، وحدثني
بما جرى ، واطمئن ، يا عزيزي ، كل
شيء سيكون على ما يرام .
الببغاء : الثعلب كان هنا .
العمة : آه ..
الببغاء : وقال ، إنه لم يذهب إلى الجبل الأخضر
..
العمة : " تحدق فيه " ....
الببغاء : ولم يصعد إلى القمة ..
العمة : " مازالت تحدق فيه " ....
الببغاء : ولم يأكل من الأعشاب ، التي تسبب
الجنون المؤقت ..
العمة : " تهم بالكلام " ....
الببغاء : " يقاطعها " رغم أنه كان مجنون تماماً
، وهو يحدثني .
العمة : وصدقته ؟
الببغاء : كنتُ سأصدقه ، لو لم يقل لي ، ما قاله
فيما بعد ، آه .
العمة : حسن ، قل لي ما قاله ، وأنا سأقول لك
، ما إذا كان قد صعد إلى القمة ، وأكل
من العشب ، أم لا .
الببغاء : لم أصدقه ، لكن عدوى ما أكله من
عشب ، في قمة الجبل ، انتقلت
إليّ ..
العمة : أخبرني بما قاله .
الببغاء : قال إنه ذهب إلى النهر ليصطاد سمكة
، لقد اشتهى أن يأكل السمك ..
العمة : نعم ، فالثعلب يحب السمك .
الببغاء : اسمعي ، يا عمة ، أثر أعشاب قمة
الجبل الأخضر ..
العمة : حسن ، إنني أسمع ، تكلم .
الببغاء : فرأى سمكة غريبة ، تخرج من النهر ..
العمة : نعم .
الببغاء : وتسير على الشاطئ ..
العمة : نعم .
الببغاء : وتصعد شجرة عالية ، وتأكل ما في
أعشاشها ، من بيض وصغار ..
العمة : نعم .
الببغاء : ثم تنزل من الشجرة ، وتعود إلى النهر
، وتختفي في المياه .
العمة : هم م م ، الآن تأكدتُ أن الثعلب لم
يصعد إلى قمة الجبل الأخضر ..
الببغاء : " يحدق فيها " ....
العمة : ولم يأكل الأعشاب ، التي تسبب
الجنون المؤقت ..
الببغاء : " يصيح " ماذا تقولين !
العمة : ببغاء ، اهدأ ..
الببغاء : " منفعلاً "والسمكة التي تصعد من
النهر ، وتمشي عل الشاطئ ..
العمة : واضح أن الثعلب ، لم يرَ من قبل ، مثل
هذه السمكة ، فطاش عقله .
الببغاء : أيتها العمة ، لا أظنك جادة .
العمة : بل جادة كلّ الجد .
الببغاء : أتوجد مثل هذه السمكة !
العمة : نعم ، وهي ليست الوحيدة ، التي تخرج
من الماء ، وتسير على اليابسة .
الببغاء : سأجن ..
العمة : وهناك سمكة تعيش فترة من حياتها ،
في المياه العذبة ، في الأنهار والبحيرات
،وفي البرك المقفلة ، وتعيش فترة أخرى
في البحار ، حيث تضع بيضها .
الببغاء : سمعت بمثل هذه الأسماك ، ربما منك ،
كأسماك السلمون .
العمة : لا ، أنا أتحدث الآن عن سمك آخر ،
اسمه الحريث .
الببغاء : لا مشكلة ، فهذه الأسماك تنحدر مع
الأنهار ، إلى البحر .
العمة : حسن ، ولكن ماذا عن الأسماك ، التي
تعيش في البرك المقفلة ؟
الببغاء : " ينظر إليها متسائلاً " ....
العمة : إنها ، يا عزيزي ، تصعد من البركة ،
وتسير على الأعشاب الندية ، حتى تصل
نهراً قريباً .
الببغاء : " يصعد صامتاً إلى مكانه " ....
العمة : ببغاء ..
الببغاء : دعيني ، أريد أن أنام .
العمة : اسمع ، سأحدثك عن الأسماك العمياء ،
والأسماك المضيئة ، والأسماك الطائرة ،
والأسماك المنظفة ، والأسماك التي لا
تبيض وإنما تلد ، والأسماك ..
الببغاء : ماذا لو حدثتكِ عن الأسماك التي
ترقص وتغني ..
العمة : " تبتسم " ....
الببغاء : لم تصدقيني .
العمة : إنني أصدق ما ألمسه أو أراه .
الببغاء : " يتمدد " سأنام ، وأصعد في الحلم ،
إلى قمة الجبل الأخضر ، وأجلب بعض
الحشائش ، التي تسبب الجنون .
العمة : ستنام ، وتهدأ ، ولن تأكل حتى في الحلم
، هذه الحشائش ، إنني أعرفك ، وأنا
أحبك ، وأعتز بك .
الببغاء : آه أنت حقاً ماما .
العمة : " تربت على رأسه " بنيّ العزيز ، نم ،
تصبح على خير .
الببغاء : تصبحين على خير .
الببغاء يغمض عينيه ،
العمة تعود إلى مكانها
إظلام
14 / 11 / 2016
أسماك
بيت العمة دبة ،
الببغاء فوق المائدة
الببغاء : " ينصت قلقاً " أسمع وقع أقدام "
يتراجع خائفاً " أخشى أن يكون الثعلب
اللعين ، أم إنه دبدوب ؟ " يتوقف متمالكاً
نفسه " وقد أكون في الأساس واهماً "
يصمت " هذا الثعلب اللعين ، يجعلني في
خوف دائم ، والحق معي ، فأنا ببغاء ،
وهو ثعلب " ينصت " دبدوب ؟ ربما ،
لقد جاء عدة مرات ، منذ الصباح حتى
الآن ، يريد أن يرى العمة دبة ، ترى
ماذا يريد منها ؟ " ينصت " ها هو قادم
، أم إنه الثعلب ؟ " يعود إلى مكانه "
الحذر ضروري مع الثعلب .
يُدفع الباب بهدوء ،
ويدخل دبدوب متلفتاً
الببغاء : دبدوب ..
دبدوب : يبدو أن العمة دبة ، لم تأتِ بعد .
الببغاء : كما ترى .
دبدوب : " يبدو نافد الصبر " ....
الببغاء : ستأتي ، هذا وقتها .
دبدوب : " يجلس إلى المائدة " سأنتظرها .
الببغاء : لابدّ أن الأمر هام .
دبدوب : " يهز رأسه " ....
الببغاء : لا عليكَ ، ستأتي العمة دبة ، وسيكون
كلّ شيء على ما يرام .
دبدوب : هذا ما أرجوه .
الببغاء : آمل أن لا يكون لدبدوبة علاقة بالأمر .
دبدوب : كلا .
الببغاء : هذا ما خمنته ، لأن دبدوبة ، وإن كانت
من الدببة ، إلا أنها .. متميزة " ينصت "
ها هي العمة دبة ، لقد جاءت .
دبدوب : " يقف " ....
تدخل العمة دبة ،
وسلتها في يدها
العمة : أهلاً دبدوب .
دبدوب : أهلاً بكِ .
العمة : " تضع السلة على المنضدة " ....
الببغاء : لقد جاء عدة مرات ، يسأل عنكِ ، في
فترة غيابكِ .
العمة : " تنظر إلى دبدوب " خيراً .
الببغاء : يقول إن الأمر هام .
العمة : أرجو أن لا تكون دبدوبة .. ، فهي ظلكَ
، وأنت ظلها .
دبدوب : ليس مباشرة ، وإن كانت دبدوبة
تخالفني في الرأي .
العمة : " تبتسم " الاختلاف في الرأي ، لا
يُفسد للود قضية .
دبدوب : نعم ، نعم .
الببغاء : أنا نفسي ، أختلف أحياناً في الرأي ،
مع العمة دبة .
العمة : " تبتسم " بل قل ، معظم الأحيان .
الببغاء : ومع هذا ، فإن خيط الود ، بيني وبينك ،
لم ينقطع .
العمة : ولن ينقطع .
دبدوب : أيتها العمة ..
العمة : نعم .
دبدوب : هناك أمر يحيرني .
العمة : لا تحتر ، قل لي ما هو ، فقد تجد
الجواب عندي .
دبدوب : الطيور تهاجر ..
الببغاء : ليس كلها .
العمة : هذا صحيح ، فبعضها تهاجر ، عند
الضرورة .
دبدوب : كذلك بعض الحيوانات ..
الببغاء : الدببة لا تهاجر .
العمة : " ترمق الببغاء بنظرة خاطفة " نعم ،
تهاجر بحثاً عن الماء والطعام والجو
الملائم .
دبدوب : والأسماك ، هل تهاجر ؟
العمة : إنها مثل الطيور والحيوانات الأخرى ،
تهاجر بعضها ، من مكان إلى مكان آخر
، عند الضرورة أيضاً .
دبدوب : هذا ما اختلفت به مع دبدوبة .
العمة : لم أفهم .
الببغاء : أنا أيضاً لم أفهم .
دبدوب : أنا ودبدوبة ، كما تعرفين ، نصطاد
الأسماك من النهر ، في معظم أشهر
السنة .
العمة : أنا أيضاً أصطاد من النهر ، فسمكه
كثير ، ولذيذ .
دبدوب : ولكن في الصيف ..
العمة : آه .
الببغاء : لا سمك في الصيف ، فالنهر يجف في
هذا الفصل الحار .
دبدوب : أين يذهب السمك في الصيف ؟ هذا
موضوع اختلافي مع دبدوبة .
الببغاء : السمك لا يتبخر مع الماء .
العمة : " تضحك " ....
الببغاء : الضحك ليس جواباً ، يا عمة .
دبدوب : دبدوبة تقول ، إن جدتها أخبرتها ، بأن
السمك يرقد تحت طين القاع ..
العمة : " تهمهم " هم م م م ..
دبدوب : لكن جدتها مُسنة ، خرفة ..
العمة : " محتجة " دبدوب .
دبدوب : السمك يعيش في الماء ، وإذا جفّ الماء
، تموت .
الببغاء هناك أسماك ، على ما تقول العمة ،
تخرج من النهر ، وتسير عى الشاطىء ،
أو بين الحشائش الندية .
دبدوب : هذه الأسماك تخرج فترة قصيرة ،
وليس لأشهر الصيف بطولها .
العمة : دبدوب ..
دبدوب : ماذا تقولين أنتِ ، أيتها العمة ؟
العمة : أقول ، إن جدة دبدوبة ، رغم تقدمها في
السن ، ليست خرفة .
دبدوب : تقصدين ، إن سمك هذا النهر ، لا يهاجر
، وإنما .. ؟
العمة : وإنما .. ، ما قالته جدة دبدوبة .
دبدوب : لا يمكن .
العمة : بدليل أن النهر الآن ، ونحن في فصل
الشتاء ، مليء بالماء والأسماك .
دبدوب : أوضحي لي أكثر .
العمة : عندما يجفّ ماء هذا النهر ، في فصل
الصيف ، تدخل الأسماك في طيات طين
القاع ، ويصير حولها كالقالب ، وخاصة
حين يجفّ بفعل الحرارة ، ويدخل السمك
عندئذ في سبات عميق .
دبدوب : سبات في فصل الصيف !
العمة : الليمور أيضاً يسبت في فصل الصيف ،
وليس في فصل الشتاء .
الببغاء : وأنتم الدببة ، أعني بعض الدببة ؟
العمة : "تنظر إليه معاتبة" في المناطق الباردة
، مثل المنطقة القطبية ، تسبت الدببة
طوال أشهر الشتاء .
دبدوب : الأسماك إذن ، كما تقول جدة دبدوبة ،
تسبت طول الصيف ، تحت طين قاع
النهر ؟
العمة : هذا هو الواقع ..
دبدوب : " يهمهم " هم م م م .
العمة : وعندما يحلّ موسم الأمطار ، ويمتلىء
حوض النهر بالماء ، يذوب الطين الجاف
، وتخرج الأسماك منه ، و .. وآه لو تعلم
، كم تكون جائعة ، تلك الأسماك .
دبدوب : وأنا أيضاً جائع .
العمة : الأمر سهل ، يا دبدوب .
تدخل دبدوبة ، وتقترب
من العمة دبة مبتسمة
الببغاء : جاءت دبدوبة .
دبدوبة : طاب يومكِ ، أيتها العمة .
العمة : طاب يومكِ ، يا عزيزتي .
الببغاء : أهلاً دبدوبة .
دبدوبة : " تلوح له " أهلاً بك ، ببغاء .
الببغاء : لم تصبر على فراق دبدوب .
العمة : " تضحك " لا عجب ، فهما دبدوب
ودبدوبة .
دبدوبة : " تنظر إلى دبدوب " تأخر هنا ، وقد
تواعدنا للذهاب إلى النهر .
دبدوب : لنصطاد السمك .
العمة : لا داعي لتصطادا السمك اليوم " تقدم
لهما سمكة من السلة " هذه السمكة
تكفيكما معاً .
دبدوب : " يأخذ السمكة " شكراً ، سمكة كبيرة .
الببغاء : أرى أن تجلسا تحت شجرة مزهرة ،
جنباً إلى جنب ، على ضفة النهر ، وتأكلا
هذه السمكة معاً .
العمة : " تضحك مسرورة " ....
دبدوبة : " تطرق رأسها خجلاً " ....
العمة : هيا يا دبدوب ، خذ دبدوبة ، واذهبا ،
هذا وقت جيد لوليمة كهذه .
دبدوب : أشكركِ .
دبدوبة : أشكركِ أيتها العمة " تلوح للببغاء "
ألف شكر ، يا ببغاء .
دبدوب ودبدوبة يخرجان ،
العمة والببغاء وحدهما
إظلام
15 / 11 / 20
بين البوم والطاووس
بيت العمة دبة ،
الببغاء فوق المائدة
الببغاء : تأخرت العمة دبة ، أرجو أن تأتي ، قبل
أن يحضر ضيفنا " يصمت " ستبهرُ
العمة به ، كما لم تُبهر بطائر من قبل "
تنصت " ها هي قادمة .
تدخل العمة دبة ،
وسلتها في يدها
العمة : طاب صباحكَ .
الببغاء : وصباحكِ ، يا عمة ، جئتِ في الوقتِ
المناسب .
العمة : " تضع السلة على المنضدة " خيراً .
الببغاء : لدينا اليوم ضيف مميز .
العمة : " تنظر إليه متسائلة " ....
الببغاء : طائر ، وأي طائر .
العمة : " تبتسم " العنقاء ؟
الببغاء : إنه طائر حقيقي ، وهو أهمّ من الطائر
الخرافي ، العنقاء .
العمة : أخشى أنه ..
الببغاء : الطاووس .
العمة : " تلوذ بالصمت " ....
الببغاء : أيتها العمة ، أنتِ على غير العادة ، لا
تبدين متحمسة .
العمة : إنني أفضلك على الطاووس .
الببغاء : هذا تهرب ، يا عمة .
العمة : أنا لا أتهرب .
الببغاء : آه .
العمة : ليس " تحاكيه " آه .
الببغاء : أنتِ ما زلت متأثرة ، من خصومته مع
البومة ..
العمة : " تحدق فيه " إنها بومة ، يا عمة ، وهو
.. الطاووس .
العمة : يا عزيزي ..
الببغاء : " يقاطعها " مهلاً ، ها هو الطاووس
قادم .
يُدفع الباب بهدوء ،
ويدخل الطاووس مختالاً
الطاووس : طاب صباحكما .
الببغاء : " يسرع إليه " أهلاً ومرحباً بصديقي
العزيز ، الطاووس ، ملك الطيور جميعاً
في الغابة .
العمة : وصباحكَ .
الببغاء : أيتها العمة ، أنت تقدرين العظمة
والجمال ، انظري إلى ريشه ، وخاصة
ريش ذنبه ، إنه أجمل ريش في العالم .
الطاووس : " يدور مختالاً " ....
العمة : لقد رأيته ، وسمعت صوته .
الطاووس : " ينظر متضايقاً إلى الببغاء " ....
الببغاء : عظمة الطائر ، وجماله ، ليس في
صوته ، بل في شكله ، وجمال ألوان
ريشه .
العمة : ليت هذا الجمال ، يكون لأنثاه .
الببغاء : ذكور الطيور عامة ، أجمل من إناثها ،
وأكثر جاذبية منها .
العمة : بعض أنواع الجمال ، إن لم يكن
متكاملاً ، فارغ ، لا معنى له .
الطاووس : أيتها العمة ، لا يبدو أنكِ تحبينني .
العمة : لو كنتُ من أثرياء الرومان ، أو ملك
بريطاني ، لأحببتك كثيراً .
الببغاء : ليس ذنبه ، أن هؤلاء يحبونه كطعام
متفرد لذيذ .
الطاووس : إنني كنتُ وما زلت أقتنى من قبل
الأثرياء ، لتزيين بساتينهم ، وحدائق
قصورهم الفارهة .
العمة : " تلوذ بالصمت " ....
الطاووس : " يهمّ بالذهاب " عزيزي الببغاء ..
الببغاء : أرجوكَ ، ابقَ .
الطاووس : يبدو أنني أخطأتُ في المجيء إلى هنا "
يتجه نحو الباب " وداعاً .
الببغاء : " يلحق به عند الباب " تمهل من فضلكَ
، تمهل ، تمهل .
الطاووس : " يخرج " ....
الببغاء : " للعمة "لو زارتك البومة ، لما عاملتها
بما عاملتِ به الطاووس .
العمة : أنت تعرف ، إنني لا أحب المختال
المتكبر المتشامخ .
الببغاء : وأنا لا أحب البوم .
العمة : المرء عدو ما جهل .
الببغاء : " يجلس على المنضدة صامتاً حزيناً "
....
العمة : " تميل عليه " الطاووس جميل ، نعم
جميل ، إنني معك ..
الببغاء : " يرمقها بنظرة سريعة " ....
العمة : لكن البومة أيضاً جميلة .
الببغاء : " ساخراً " وخاصة نظرها الحاد ،
عيونها الكبيرة المستديرة ..
العمة : إن نظرها الحاد ، يعود إلى أن عينيها
لا تطرفان ، وتحدق تحديقاً ثابتاً .
الببغاء : إنها شبح من أشباح الليل المرعبة ،
وهي لا تطير إلا في الظلام ، دون أن
يسمع لها صوت .
العمة : وذلك لأن ريشها ناعم ، يمكنها من
الطيران دون أن تحدث أي حفيف .
الببغاء : وأنتِ أشرت إلى صوت الطاووس ،
وقلت إنه قبيح ، نعم ، صوته غير جميل
، لكن ماذا عن صوت البومة " تحاكي
صوت البومة " هو .. هو .. أووو .
العمة : وأنثاه ترد عليه ، حين تسمعه " تحاكي
صوت البومة " كيفيت .
الببغاء : نعم ، ويا له من ردّ .
العمة : " تلوذ بالصمت " ....
الببغاء : إن صوتهما في الليل ، وهما يتناديان
على البعد ، بشع جداً ، بل إن بعضها
تصرخ صرخات مخيفة ، كأن جريمة قد
أرتكبت في الحال .
العمة : " بصوت هادئ " لو تمعنت في حقيقة
البوم ، لغيرت رأيك ..
الببغاء : " يلوذ بالصمت " ....
العمة : أتعرف أن البوم يعيش في جميع
القارات ، عدا القارة المنجمدة الجنوبية ،
وأن في العالم يتواجد " 130 " نوعاً من
البوم ؟
الببغاء : " يبقى صامتاً " ....
العمة : وليس كلّ البوم يطير في الليل ، فهناك
بومة تسمى البومة القزمية ، ولا يزيد
طولها عن " 20 " سنتمتراً ، تطير
وتصطاد العصافير ، وهي طائرة ، في
النهار ، أو بعد المغيب ، وهناك بومة
أصغر منها ، تصطاد الحشرات ، وهي
طائرة .
الببغاء : " يبقى صامتاً " ....
العمة : البعض يعتبر البوم رمزاً للحكمة .
الببغاء : والبعض يعتبرها مصدراً للشؤم ، وأنا
واحد منهم .
العمة : والبوم طائر مفيد ..
الببغاء : إنها تقتل العصافير ..
العمة : ببغاء ..
العمة : إنها مفيدة للمزارع ، فهي تفتك بعدد
كبير من الجرذان والفئران والحشرات
المؤذية والبزاق ..
الببغاء : أنا لا أحبها .
العمة : تحدق فيه مهادنة " ....
الببغاء : " يبادلها النظر " ....
العمة : ببغاء ..
الببغاء : عمة ..
العمة : لقد أخطأت ..
الببغاء : " يلوذ بالصمت " ....
العمة : وأنت ؟
الببغاء : أنا لا أحب البوم .
العمة : " تبتسم " ....
الببغاء : لا أحبها .
العمة : وأنا أحبكَ .
الببغاء : وأنا أحبك أيضاً .
العمة : " تنظر إليه باسمة " ....
الببغاء : أحبكِ .
العمة دبة والببغاء يتعانقان ،
ويُقبل أحدهما الآخر
إظلام
17 / 11 / 2016
البيضة
بيت العمة دبة ،
الببغاء أمام القفص
الببغاء : البارحة مساء ، قبل أن تعود العمة دبة
إلى البيت ، جاءني الثعلب ، وقال إنه
سيأتيني بهدية نادرة ، لم أصدقه ، فهو
أولاً وأخيراً ثعلب ، والببغاء الذي يصدق
الثعلب ببغاء أحمق ، هذا ما يقوله جدي
دائماً " يصمت " ترى ما تلك الهدية
النادرة ، التي وعدني بها الثعلب ؟ "
تصمت " فلأنتظر ، إن جدي نفسه قال ،
وراء كلّ هدية نية ، ترى ما نية الثعلب
؟ لو سمعني جدي ، لقال لي ، وما يمكن
أن تكون نية الثعلب ، يا .. يا ببغاء ؟
الثعلب : " من الخارج " أيها الببغاء .
الببغاء : جاء الثعلب ، وربما معه الهدية النادرة
التي وعدني بها ..
الثعلب :" من الخرج " أيها الببغاء .
الببغاء : تعال ، إنني وحدي .
الثعلب : " من الخارج " وعدتك ، وها إني أفي
بوعدي .
الببغاء : " يتمتم " أخشى أن يكون وعد ثعلب ،
وآه من وعود الثعالب .
يدخل الثعلب حاملاً
بيضة كبيرة بين يديه
الببغاء : " يحدق مذهولاً في البضة " أوه ، هذه
تشبه البيضة .
الثعلب : إنها بيضة .
الببغاء : بيضة بهذا الحجم !
الثعلب : ألم أقل لك ، يا عزيزي الببغاء ، إنني
سأقدم لك هدية نادرة ؟
الببغاء : " مازحاً " لابدّ أنها بيضة عصفور ..
الثعلب : " يضحك " من العصر الحجري .
الببغاء : أم إنها بيضة دجاجة ؟
الثعلب : من نفس العصر ..
الببغاء : إذا صدقنا العمة دبة .
الثعلب : " يضحك " ....
الببغاء : هذه ليست بيضة نعامة .
الثعلب : لا بالتأكيد .
الببغاء : لو كان الفيل يبيض ، لما كانت بيضته
بهذا الحجم .
الثعلب : إنها بيضة ديناصور .
الببغاء : " بصوت مختنق " ماذا !
الثعلب : كما سمعت .
الببغاء : لكن الديناصور انقرض ، على ما تقول
العمة دبة ، منذ ملايين السنين .
الثعلب : نعم ، انقرض منذ سبعين مليون سنة ،
وربما أكثر .
الببغاء : إذن من باض هذه البيضة ؟
الثعلب : ليس أمي بالتأكيد ، إن الديناصور هو
الذي باضها .
الثعلب : لكن الديناصور انقرض منذ ..
الثعلب : باضها ، ثم انقرض .
الببغاء : " يصمت مفكراً " ....
الثعلب : هذا هو الواقع .
الببغاء : ما أعرفه ، أن المنقبين والباحثين ،
عثروا على أجزاء عديدة من الهيكل
العظمي للديناصور ..
الثعلب : هذا صحيح .
الببغاء : لكن أحداً منهم ، لم يعثر على بيضة من
بيوضه .
الثعلب : " يريه البيضة " ها أنا أعثر على
واحدة من هذه البيوض ..
الببغاء : " يحدق في البيضة صامتاً " ....
الثعلب : إنها بيضة نادرة " يقدم البيضة للببغاء
" وها أنا أقدمها هدية لك .
الببغاء : " يتراجع خائفاً " كلا .. كلا ..
الثعلب : لا تخف ، إنها مجرد بيضة .
الببغاء : لقد حان موعد عودة العمة دبة ، وربما
لا تريد أن أقبل ، منك أو من غيرك ،
مثل هذه الهدية .
الثعلب : بل ستفرح بها ، فهي دبة عالمة ، خذها
وأريها لها .
الببغاء : كلا ، كلا ، لا أريدها .
الثعلب : " يتجه إلى الباب " عليّ أن أذهب الآن
، أبقها عندك ، فربما تفقس قريباً .
الببغاء : لا ، تعال خذها ، لا أريدها .
الثعلب : " يخرج مسرعاً " ....
الببغاء : " يحدق خائفاً في البيضة " ماذا لو
فقست فعلاً ؟ إن العمة تقول ، بعض
الديناصورات لاحمة ، تأكل اللحوم "
يتراجع خائفاً " يا ويلي ، سيكون أول
لحم يأكله هذا الديناصور ، بعد خروجه
من البيضة ، هو لحمي ، أنا الببغاء .
تدخل العمة دبة ،
وسلتها في يدها
العمة : " تضع السلة على المائدة " طاب يومكَ
، يا ببغاء .
الببغاء : لن يطيب لي يوم بعد الآن ، والثعلب
موجود في الغابة .
العمة : " تضحك " لابدّ أنه كان هنا ، هذا
واضح من صوتك المخنوق .
الببغاء : جاء منذ قليل ، وجاء لي معه بهدية ،
قال إنها نادرة ، الويل له " يشير إلى
البيضة " انظري .
العمة : " تحدق في البيضة " هذه البيضة ، لم
أرَ واحدة مثلها من قبل .
الببغاء : طبعاً لم تري واحدة مثلها قبل الآن ،
فهي بيضة ديناصور .
العمة : " مذهولة " ديناصور !
الببغاء : لعلّ اللعين يكذب ، لينيمني ..
العمة : لا ، إنه لا يكذب .
الببغاء : بيضة ديناصور !
العمة : " مازالت تحدق في البيضة " نعم ، إنها
بيضة ديناصور على الأغلب .
الببغاء : يا ويلي ، سيأكلني الديناصور .
العمة : " تضحك " إنها مجرد بيضة .
الببغاء : ستفقس مادامت بيضة ، ويخرج منها
ديناصور لاحم .
العمة : " تنقر البيضة بإصبعها " لا تخف ،
إنها بيضة متحجرة ، عمرها على الأقل
سبعين مليون سنة .
الببغاء : ولن تفقس ؟
العمة : لن تفقس ، اطمئن .
الببغاء : ولن يخرج منها ديناصور لاحم ؟
العمة : طبعاً ، لن يخرج منها ديناصور ، لا
لاحم ، ولا نباتي .
الببغاء : " يتمالك نفسه " آه هذا الثعلب اللعين ،
لقد أماتني من الخوف .
العمة : الديناصورات ..
الببغاء : ترى من أين جاء بهذه البيضة ؟
العمة : من يدري ، إنه ثعلب .
الببغاء : أصحيح أن الديناصورات جميعها قد
انقرضت ؟
العمة : نعم ، انقرضت قبل سبعين مليون سنة ،
بعد أن سادت الأرض ، لأكثر من مليون
سنة .
الببغاء : ليتك تحدثيني ، عما تعرفينه عن هذه
الديناصورات ؟
العمة : الدينصورات كائنات ضخمة جداً ،
ظهرت في عصر ، كانت فيه
معظم الكائنات الحية ضخمة ، من
الثدييات والطيور ، وحتى الحشرات ،
وقد انقرضت هذه الكائنات من أزمان
بعيدة ، وليست الديناصورات كلها
ضخمة ، ففيها الضخم جداً ، وأضخمها
يبلغ طوله بين " 40 و 60 " متراً ،
ووزنها " 22 " طناً ، وهناك
دينصورات صغيرة جداً ، لا يزيد
حجمها عن حجم الديك الرومي ،
والديناصورات إما لاحمة ، أو نباتية ،
أو آكلة للجيف ، والغريب ، وربما كان
هذا أحد أسباب انقراضها ، ورغم
حجمها الكبير ، فإنها كانت جميعها تبيض
، وهذه إحدى بيضاتها .
الببغاء : لو عشتُ في زمن الديناصورات ..
العمة : لكنت بحجمي ، إن لم يكن أكبر .
الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : عزيزي ..
الببغاء : لا أظن أنني سأنام الليلة ، وبيضة
الديناصور هذه داخل البيت .
العمة : لو أعرف فقط ، من أين جاء الثعلب
بهذه البيضة .
الببغاء : مهما يكن ، أيتها العمة ، خلصينا منها ،
وإلا جننت .
العمة : لا عليك " تأخذ البيضة بين يديها "
سآخذها إلى الغابة ، وأضعها في مكان
أمين ، ريثما نعرف مصدرها .
يدخل رجلان ، ويقع
نظرهما على البيضة
الأول : " فرحاً " ها هي البيضة .
الثاني : " فرحاً " نعم ، إنها هي .
العمة : " تنظر إلى الببغاء " ببغاء ، الآن
عرفنا مصدرها .
الأول : " للعمة " عفواً ، فرحُنا بالبيضة ، التي
سُرقت منّا ، أنسانا أن نحييكما " ينحني
قليلاً " طاب يومكما .
العمة : طاب يومكما ، يا سيديّ .
الببغاء : أهلاً ومرحباً .
الثاني : هذه البيضة ، التي بين يديكِ ، كنز من
المعلومات النادرة .
الأول : لو ضاعت لخسر العلم الكثير .
الثاني : إنها بيضة ديناصور نادر .
الببغاء : لقد صدق الثعلب .
العمة : إنه شرير حتى في صدقه .
الببغاء : أعيدي البيضة لأصحابها .
العمة : " تقدم البيضة لهما " تفضلا ، خذا هذه
البيضة ـ الكنز .
الأول : " يأخذ البيضة " شكراً .
الثاني : أخبرنا أرنب طيب ، بأن الثعلب هو من
سرقها ، وقدمها لكِ .
العمة : مهما يكن ، فالبيضة سالمة ، وقد عادت
إليكما .
الأول : ألف شكر .
الثاني : " للأول " لقد تأخرنا كثيراً ، فلنعد إلى
المخيم .
الأول : أنت محق " للعمة والببغاء " اسمحا لنا
، لابد أن نذهب .
العمة : رافقتكما السلامة .
الببغاء : مع السلامة .
الأول والثاني يخرجان ،
العمة والببغاء وحدهما
إظلام
18 / 11 / 2016
الدليل
العمة دبة تتهيأ للنوم ،
الببغاء واقف قرب القفص
الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : نم ، يا عزيزي ، إنني متعبة .
الببغاء : أنا أفكر في الطيور .
العمة : نم ، وسترى طيور مدغشقر في المنام .
الببغاء : لقد كبرت على مدغشقر ، ما يشغلني
هو المفترسات ، من الطيور وغير
الطيور ، التي تطمع فينا .
العمة : إنني لا أطمع فيك .
الببغاء : أتمنى لو أن شيئاً ما فينا ، يمنع هذه
المفترسات من الاقتراب منّا .
العمة : الثعلب ، كما تعرف ، لا يتمنى هذا .
الببغاء : آه .. الثعلب ..
الباب يُطرق ، الببغاء
يتراجع قليلاّ بخوف
الببغاء : ها هو الثعلب ، اللعين ، إن كذبه ،
ومكره ، ورائحته النفاذة تجعل معظم
المفترسات تنفر منه .
العمة : " تضحك " لا أظنه الثعلب ، هذه رائحة
أخرى ، لا تحبها أيضاً
الببغاء : دبدوب !
العمة : نعم " ترفع صوتها " دبدوب ، تعال ، يا
صغيري .
يدخل دبدوب حزيناً ، وبين
يديه هدهد لا حراك فيه
الببغاء : أوه ممثل الدببة .
العمة : " تحذره " ببغاء ..
الببغاء : أنتِ .. العمة دبة .
العمة : أهلاً دبدوب .
دبدوب : لا أهلاً ولا مرحباً بي ..
الببغاء : أنا لم أقلها ..
دبدوب : " يريها الهدهد " إنني قاتل .
الببغاء : أنت دب .
العمة :" تهزّ رأسها " ....
دبدوب : لقد قتلته ، رغم أنه أنقذني ، من موت
محقق .
الببغاء : لابد أنه قتل البعوضة ، التي أرادت أن
تحقنك بوجبة من الجراثيم .
العمة : ببغاء ، دبدوب لديه ما يريد أن يقوله لنا
، دعنا نسمع ما لديه .
الببغاء : لا بأس ، معك سأسمع ، فليتكلم .
دبدوب : تهتُ في الوادي ، والجو حار جداً كما
ترين ، كدت أموت من العطش ،
وتهاويت على الأرض الجافة ، ألهث
طلباً للماء ..
الببغاء : " ساخراً " لو ناديتني ..
دبدوب : وهبط على مقربة مني هذا الهدهد ،
وقال لي ، تبدو عطشاناً ..
الببغاء : هذا الهدهد يقرأ الغيب ..
دبدوب : ظننتُ أنه يسخر مني ، فقلتُ له ، اذهب
عني ، إنني أكاد أموت عطشاً ..
الببغاء : ولأنه هدهد لم يبتعد عنك .
دبدوب : فمال عليّ ، وقال لي ، خلف شجرة
الجوز الضخمة تلك ، يوجد نبع .
الببغاء : " يضحك " هاهاها..
دبدوب : طاش مخي ..
الببغاء : دبدوب لديه مخ ..
دبدوب : فلطمته بقبضتي ، لم ألطمه بقوة ، وإذا
هو يسقط على الأرض جثة هامدة .
الببغاء : نسي أنه دب .
دبدوب : فكرت ، لعل الهدهد صادقاً ، يا لي من
أحمق ..
الببغاء : لن أخالفك هذه المرة ، أنت على حق .
العمة : بل هو صادق على الأغلب ، فهو يرى
الماء من بعيد ، ويحس به في باطن
الأرض .
دبدوب : زحفت ببطء ومشقة إلى شجرة البلوط
الضخمة ، يا لحمقي ، لقد كان الهدهد
صادقاً ، فقد رأيت نبعاً ، يتدفق منه الماء
، قرب الشجرة ..
الببغاء : آه ..
دبدوب : وارتميتُ في ماء النبع ورحت أشرب ..
وأشرب .. وأشرب .. حتى أطفأتُ
عطشي .. وارتويتُ تماماً .
الببغاء : والهدهد ؟
دبدوب : وتذكرت الهدهد ، تذكرته بعد أن
أعادني ماء النبع إلى الحياة ..
الببغاء : مسكين الهدهد ..
دبدوب : فأسرعت إليه ، وكلّ ما أتمناه ، أن أجده
على قيد الحياة ، لكني للأسف وجدته جثة
هامدة ، مرتمية على الأرض الجافة ،
فحملته برفق بين يدي " يمد يديه بالهدهد
إلى العمة " وجئت به إليك ، أنتِ .. أنت
العمة دبة .
الببغاء : آه ..
العمة : " تفتح يديها ، وتأخذ الهدهد " ....
الببغاء : آه .. ليت العمة تُحي ، لكنها .. آه ..
دبدوب : لم أسمع إلا القليل عن هذا الطائر ..
العمة : الهدهد ، كما ترى ، طائر صغير ،
شكله مميز ، له عرف بنيّ اللون ، نادر
في الطبيعة ، يحب النظافة ، سريع جداً
في الطيران والعدو ..
دبدوب : آه ليتني لم أره ..
دبدوب : أنا معك ، ليتك لم تره .
العمة : " مسترسلة " وهو من أصدقاء الفلاحين
، لأنه ينظف أرضهم مما يضرها ،
ويقتات عليها ، مثل الديدان والحشرات
واليرقات ..
الببغاء : لو عرف فلاح بما اقترفته بحق الهدهد ،
لألحقك به على الفور .
العمة : " مسترسلة " والهدهد قوي البصر ،
حتى ضرب به المثل ، فقيل ، أبصر من
الهدهد ..
دبدوب : مثل الدببة ؟
العمة : للدببة حدة في البصيرة .
الببغاء : همممم ..
العمة : وأفضل ما في الهدهد هو الوفاء ..
الببغاء : " ينظر إليها صامتاً " ....
العمة : إذا غابت عنه زوجته ، ولم يجدها في
العش ، يبحث عنها طويلاً ، ويمتنع عن
الأكل والشرب حتى تعود .
الببغاء : تباً لك ، يا دبدوب ، لقد قتلت الوفاء .
العمة : وإذا ماتت أنثاه ، لا ينظر إلى أنثى
بعدها ، مهما كانت هذه الأنثى فتية
وجميلة .
الببغاء : " يلوذ بالصمت " ....
العمة : " تنظر إلى الببغاء " هذا هو الوفاء ،
ولا أظن أن هناك طائر يماثله في
مدغشقر .
الببغاء : آه مدغشقر ..
يُسمع صوت صياح
طائر من بعيد
الببغاء : " ينصت " أنصتوا ..
دبدوب : " ينصت باهتمام " ....
العمة : يُخيل إليّ أنه صوت ..
الببغاء : " ينصت " الصوت يرتفع ، كأنه نداء ..
العمة : هذا صوت هدهد " الهدهد يتحرك بين
يديها " انظرا ، الهدهد حيّ ..
هدهد يقف في
أعلى الكوة الصغيرة
الهدهد : " يغرد في الكوة " ....
العمة : انظرا ، يبدو أنها أنثى ..
الهدهد " يثب في يد العمة مغرداً " ....
دبدوب : الهدهد حيّ ، يا للفرح ، أنا لم أمته .
الببغاء : يا للعجب ، ماذا يجري ؟
الهدهد : " تواصل التغريد في الكوة " ....
الهدهد : " يفتح جناحيه ، ويحلق بسرعة نحو
الكوة " ....
دبدوب : " فرحاً " الهدهد يحلق ، وأجنحته مليئة
بالحياة ..
الهدهد والهدهدة يحلقان مبتعدين
عن الكوة وهما مازالا يغردان
العمة : يا للوفاء ، جاءت تبحث عنه ، وهي
تناديه مغردة ، فهب من اغماءته ، وطار
نحوها ، وانطلقا معاً فرحين .
دبدوب : " فرحاً " أنا بريء إذن .
العمة : " تربت على كتفه " اذهب ، يا عزيزي
، واخلد إلى النوم مرتاحاً ، وحاول أن لا
تتسرع ثانية .
دبدوب : " يتجه نحو الباب " تصبحان على خير.
العمة : تصبح على خير ، يا عزيزي .
دبدوب : " يخرج " ....
العمة : " تنظر إلى الببغاء " ببغاء ..
الببغاء : " يمسح عينه " ....
العمة : " تبتسم " يبدو أنك تذكرت مدغشقر .
الببغاء : " ينظر إليها " أنتِ مدغشقر ، التي لا
أريد أن أنساها ، ولن أنساها .
العمة : " تصمت لحظة متأثرة " ببغاء ، نم يا
عزيزي ، نحن معاً ، وسنبقى معاً .
العمة دبة تدخل في فراشها ،
الببغاء يدخل القفص ، ويغلق بابه
إظلام
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |