دعوى قضائية دولية ضد الامريكيين عن جريمة الاعتداء على القوات العراقية المنسحبة من الكويت العام 1991 - 24

سعد السعيدي
2024 / 11 / 29

في العام 1991 بعد غزو العراق للكويت وفق الفخ الذي نصبه له الامريكيون جرت محاولات خلال تلك الازمة مع عدة وساطات دولية للاتفاق على صيغة لخروج الجيش العراقي من الكويت. إلا انه مع موافقة العراق على هذه الوساطات جرى رغما عن ذلك قصف جيشه خلال انسحابه من الكويت متسببا بمقتل العديد من جنوده وضباطه. وهذه تعد جريمة حرب.

يروي خالد النعيمي، أمين سر الجبهة الوطنية العراقية قائلا، "بدأت بوادر الأزمة مع الكويت بعد وقف الحرب العراقية الإيرانية في الثامن من آب 1988، وبتحريض أمريكي مباشر بسبب عدم استجابة العراق للطلبات أو الشروط الأمريكية التي حملها وفد عالي المستوى من الكونغرس الأمريكي برئاسة السيناتور الجمهوري (بوب دول) ولقائه بصدام حسين في بداية عام 1989 في مدينة الموصل، واستمر اللقاء إحدى عشر ساعة، ولم تنشر أي من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية في حينه أي تفاصيل عن هذا اللقاء المفصلي في مستقبل العلاقات العراقية الأمريكية".

واستطرد النعيمي بأنه "يمكن إيجاز المطالب الأمريكية في هذا اللقاء بتقليص أعداد الجيش العراقي بعد وقف الحرب مع إيران، وتحويل التصنيع الحربي إلى الصناعات المدنية ونزع الأسلحة المتقدمة التي تشكل قلقا لدى دول المنطقة خاصة الصواريخ البالستية، مع عدم عرقلة الجهود الأمريكية الدولية لتسوية النزاع العربي الإسرائيلي، فضلا عن الحريات وحقوق الإنسان في العراق".

بعد هذه الزيارة بدأت وسائل الإعلام الغربية والأمريكية كما يكمل النعيمي بشن حملات إعلامية ضد العراق واتخاذ بعض الإجراءات وممارسة ضغوط مختلفة خاصة في مجال القروض والتسهيلات التجارية وغيرها. خلال هذه الفترة كانت أمريكا تقوم بدور مزدوج فمن ناحية تشجع الكويت على عدم الاستجابة أو الخضوع للطلبات العراقية ومن ناحية تبلغ العراق أن الكويت تقوم بحفر مائل لسحب النفط من حقل الرميلة. هذه هي الخلفية التي ادت الى اندلاع ازمة الكويت...

يلاحظ ان الزيارة وإن كانت تدخلا بالشأن الداخلي، فإنها كانت تهدف كما هو واضح الى تحقيق اهدافا امريكية. فلما لم تنجح هذه جرى الذهاب نحو الحرب لتحقيقها. وتحقيق هذه الاهداف هو ما جرى بعد الحرب فعليا. وامر الكويت كان الحجة والغطاء. وكان الامريكيون يرومون توجيه ضربة قوية للجيش كونها المدخل لاضعاف النظام العراقي لتحقيق اهدافهم.

ويستمر النعيمي بالقول انه بعد احتلال الكويت عمد الامريكيون إلى إفشال كل المبادرات العربية والدولية لتجنب الحرب مثلما افشلوا تلك الاخرى التي كانت تهدف لانهائها. فكانت هناك قمة القاهرة التي افشلها الرئيس المصري حسني مبارك والذي قام بعدها بفرض قرار صاغه الامريكيون من اجل الاعداد للحرب على العراق طلب تدخل قوات دولية (لتحرير الكويت). فبدأ تدفق القوات الامريكية الى منطقة الخليج ومعها جيوش اكثر من 28 دولة لهذا الغرض. بعدها طرحت مبادرات اخرى لتجنب اندلاع الحرب مثل مبادرة الرئيس الفرنسي ميتران التي وافق عليها العراق. وكان مقررا بموجبها زيارة وزير الخارجية الفرنسي الى بغداد لبدء التفاوض حول تنفيذها. إلا ان الزيارة قد الغيت بعد تدخل جورج بوش الاب فور معرفته بمبادرة ميتران هذه. ثم خلال الحرب كانت المبادرة التي قادها الرئيس الروسي غورباتشوف والتي وافق عليها العراق ايضا. وقام وزير الخارجية طارق عزيز بزيارة موسكو، وأعلن من هناك بمؤتمر صحفي بحضور الرئيس غورباتشوف عن موافقة العراق على سحب قواته من الكويت خلال 72 ساعة.

وقد باشرت القوات العراقية بالانسحاب فعليا إلا أن الأمريكيين رفضوا هذه المبادرة. إذ أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب وقتها اصداره الاوامر لقوات التحالف بمهاجمة القوات العراقية لدى خروجها من الكويت. وفعلا باشرت الطائرات الأمريكية والتحالف بارتكاب مجزرة لدى قصفها القوات العراقية المنسحبة على طريق الكويت - سفوان البصرة.

نضيف نحن بالقول بانه واضح للجميع بان الامريكيين كانوا يرومون لتحقيق اهدافهم تدمير العراق وصولا الى فرض العقوبات عليه فالحصار لاضعافه ولمنعه من اعادة بناء نفسه. ويكون ضرب الجيش المنسحب بالقنابل الحارقة هو عمل لا يمكن وصفه إلا بالغدر. ووفقا لقانون الحرب لا يجوز التعرض لاية قوات تنسحب من ارض المعركة. وإن جرى هذا مع ذلك فنكون هنا ازاء جريمة حرب. وهو بالضبط ما حصل.

استنادا الى ما تقدم لابد من رفع دعوى قضائية دولية ضد الامريكيين عن جريمة الاعتداء على قوات الجيش المنسحبة وقصفها بالقنابل الحارقة وهو ما يشكل جريمة حرب. ولابد من المطالبة في الدعوى بدفع التعويضات للعراق عن هذه الجريمة.



مصدر المقالة:

في ذكراها الـ 33.. كواليس ما حدث في الأيام الأخيرة قبل غزو العراق للكويت - موقع سبوتنيك عربي

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي