|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
علاء كعيد حسب
2024 / 11 / 29
في غابة جبلية نائية، حيث الأشجار تتشابك مع السحب وتخفي وراءها حكايات طويلة من الفوضى، كان الضبع يتربع على عرش مملكة حيوانات ضائعة. ضبعٌ مسؤول، لكنه في الواقع لم يكن أكثر من رمز للفشل والإهمال. كان يتصرف كما لو كان قائدًا حكيمًا، لكن سرعان ما ظهرت هشاشة سلطته مع كل مشكلة تواجه المملكة. فبدلاً من معالجة الأمور بشكل حقيقي، كان الضبع يفضل أن يختبئ وراء الأشباح ويعلق كل ما يحدث من سوء على القوى الغامضة التي لا يرى أحد سواها. لم يكن يستطيع الاعتراف بفشله، لذلك كان دائمًا يوجه أصابع الاتهام إلى كل شيء آخر، متهماً الأشباح، الرياح، أو حتى الحظ العاثر.
لكن خلف هذا الضبع الكسول كان هناك خادمه المخلص: الديك منتفخ الكرش، الذي بدوره كان يعتقد أن الصوت المرتفع والكلمات الفارغة يمكن أن تعوض عن غياب الفعل الحقيقي. كان يتنقل بين الأشجار في الغابة كأنما هو زعيمها الحقيقي، مطلقًا أوامر لا يسمعها أحد سوى الرياح التي كانت تهرب بعيدًا عن صياحه. لم يكن أكثر من تابع أعمى يسعى لإرضاء سيده الضبع، بينما يعجّ الصمت حوله بالكلمات الفارغة التي يرددها لتبرير فشل الضبع المستمر. وبالرغم من أن الحيوانات كانت تراقب هذا التسلط الزائف بسخرية، إلا أن الديك كان يظن أن سلطته المستمدة من تضخم كرشه وصوته العالي، يمكن أن تقنعهم بأن كل شيء على ما يرام في المملكة.
في الوقت الذي كانت فيه الغابة تعاني من الفوضى والخراب بسبب تقاعس الضبع وديكه، كانت الحيوانات على استعداد للانتظار طويلاً لرؤية هذا النظام الزائف ينهار. فعين واحدة كانت ترى في الضبع مجرد كائنٍ مختبئ خلف الأشباح، وعين أخرى كانت ترى في الديك مجرد أداة فارغة تتنقل بلا هدف. كانت الغابة بحاجة إلى قائد حقيقي، لا إلى ضبع يلوم كل شيء من حوله، ولا إلى ديك يعتقد أن صوته يمكن أن يملأ الفجوات العميقة في سلطته الفاشلة. كانت الحيوانات تحتفظ بموقفها الصامت، متسائلة متى سينتهي هذا العبث ويعود النظام الطبيعي للغابة، بعيدًا عن أوهام الضبع وصياح الديك.
الديك، الذي ملأ ريشه المنتفخ وصوته المرتفع بما يظن أنه هالة من السلطة، لم يتوقف عن توزيع الأوامر الفارغة والتصريحات المتعالية. كان يظن أن صياحه يمكن أن يعوض عن عجزه في إدارة الأمور، في حين كانت الحيوانات تحتقره وتراه مجرد تابع أعمى لضبع فاشل. أما الضبع، فاستمر في إلقاء اللوم على كل شيء، من الأشباح إلى الظروف العصيبة، تاركًا الغابة تغرق في الفوضى. وبينما كانت الغابة تعاني تحت وطأة هذا العبث، كانت الحيوانات تراقب المشهد بعينين ملؤهما السخرية، وتنتظر اللحظة التي ينهار فيها هذا النظام الزائف، ليعود النظام الطبيعي للغابة التي فقدت هويتها بين صياح الديك وأوهام الضبع.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |