|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
محمد عبد المجيد
2024 / 11 / 25
المشهد الأول : حكايتي مع السعودية!
زيارتي الأولى للمملكة العربية السعودية كانت عام 1985 بدعوة كريمة من الدكتور عبد الله عُمر نصيف أمين عام رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الذي كان يتابع كتاباتي المتفرقة، خاصة في مجلة طائر الشمال التي أسستها في منتصف عام 1984، وكذلك قام بزيارتي في المكتبة العالمية في أوسلو التي افتتحتها في أكتوبر 1983. وشرفني في بيتي في أوسلو.
سألني الدكتور نصيف وأنا في مكتبه بمكة المكرمة بعدما أديت مناسك أول عُمْرة لي: أعرف مشاعر المحبة التي تحملها لسمو الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، فهل تريد أن تقوم بزيارته؟
حمل السؤال بهجة ضمنية أتبعها في اليوم التالي حمل الخطوط الجوية السعودية لي في رحلة مجهولة إلى العاصمة. تلقيت مكالمة هاتفية في فندق قصر الرياض من الأخ عساف بو ثنين يبلغني فيها بموعد استقبال الملك سلمان لي في مكتبه بالامارة وكان وقتها أميرا لمنطقة الرياض.
في اليوم التالي استقبلني الأمير سلمان في مكتبه استقبالا حفيّــًـا.
عدت إلى المملكة بدعوة من وزارة الإعلام، لكنني لم أجد أحدا في انتظاري في جدّة، وقيل لي بأن الجميع ومنهم الأمير سلمان في العاصمة الإسبانية لافتتاح المسجد الكبير. التقيت بالدكتور نصيف الذي طلب مني أن أصطحبه إلى مدريد على نفس الطائرة التي جمعت علماء كثيرين، وكان كعادتي به كريما حتى أنه عرّفني على مدير جامعة أم القرىَ قائلا له: صديقنا محمد عبد المجيد الذي يتجاوز الخطوط الحمراء في كتاباته.
اشتركت في ندوة فكرية وعرضتُ بالمركز الإسلامي رؤيتي للإسلام في النرويج، وكان ذلك في سبتمبر 1992
التقيت بالملك سلمان(الأمير وقتئذٍ) للمرة الثالثة وتوطدت العلاقة الطيبة حتى أنني كنت في حمايته إذا تجاوزت الخطوط الحمراء في كتاباتي التي لم ترضَ عنها القوى الدينية المتشددة، خاصة أنني كنت مناهضا للنقاب ( ومازلت حتى الآن أراه أحط صور التخلف العفن)!
منذ عشرين عاما وخلال موسم الرياض تلقيت دعوة من وزارة الإعلام السعودية المفاجأة أنني لم أجد أحدا بانتظاري ، لكن كل الدلائل كانت تشير إلى شيء غير طبيعي يبدو لي أن قرصة أذُن كانت تنتظرني رغم أنني ضيف لدى المملكة.
وظل المضيفون يقاطعونني عدة أيام لمعرفة قياس درجة كرامتي ، حتى جاءني ملاك من الأرض وهو وزير الإعلام(المستشار بالديوان الملكي) علي الشاعر الذي اعتذر لي عن الطريقة غير المتحضرة التي قوبلت بها ، ومنذ هذه الزيارة قررت أن لا تطأ قدم لي أرض الحرمين الشريفين، لكن محبتي للملك سلمان ظلت ثابتة وأكثر عُمقا ودفئا.
أعطيت من الله الاستشعار بالخطر في زياراتي التي حملت معها كتاباتي السياسية ، ففي العالم العربي يمثل الكتاب خطورة أشدّ من المخدرات!
الإحساس بالأمان بلغ أقصى درجاته في الكويت وسلطنة عُمان ودولة الإمارات ، وبالخطر في ليبيا وتونس والعراق ومصر وسوريا، رغم أنني قضيت أياما جميلة ومسالمة في قلب العروبة النابض !
مع قص أجنحة قوى التشدد الديني في السعودية ووصول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى حُكم البلاد لم تعد لدى التطرف أظافر تخربش بها باسم الله.