العمة دبة الجزء السادس

طلال حسن عبد الرحمن
2024 / 11 / 20

دبدوب والتمساح



" 1 "
ــــــــــــــــــــ

بيت الدب الحكيم ، الحكيم
يتقلب في فراشه أرقاً

الحكيم : " يعتدل " لابد أن الليل قد انتصف ،
وأنا لم أستطع أن أنام ، ماذا جرى ؟
لستُ مريضاً ، ولستُ أعاني من القلقل ،
ولستُ " يصمت لحظة " لعلي .. لعلي عطشان ، فلأنهض ، وأشرب حتى
أرتوي " ينهض " وإلا لن أنام ، مادام
يراودني هذا الشعور " يشرب الكثير من
الماء " ها أنا امتلأتُ بالماء ، لا حجة لي
الآن إذا لم أنم " يعود إلى الفراش "
فلأتمدد الآن " يتمدد في فراشه ،
ويغمض عينيه " لعلي أنام " بعد قليل
يفتح عينيه " أسمع صوت بعوضة تطنّ "
يتلفت " نحن في الشتاء ، فمن أين تأتي
البعوضة ؟ " يصمت لحظة " لابد أنها
تطنّ في رأسي ، أيتها البعوضة ، نامي ،
ودعيني أنم .

تمرّ لحظات ، الحكيم
يشخر ، الباب يُطرق

الحكيم : " يفزّ " الباب يُطرق ، " ينصت " لعله حلم ، آه نعم ، إنه حلم ، يا للحلم اللعين ،
لم أكد أغفو حتى طرق الباب " الباب
يُطرق ثانية " اللعنة ، إنه ليس حلماً ، لقد
أيقظني هذا الطارق ، ترى من يكون ؟ "
الباب يُطرق مرة أخرى " سأكسر رأس
الطارق بعصاتي " يتجه نحو الباب " إذا
كان سبب الطرق تافهاً ، وهو لا شك
تافه .

الحكيم يفتح الباب ،
يلوح دبدوب عند العتبة
الحكيم : دبدوب !
دبدوب : " يدخل " جئتك في أمر هام .
الحكيم : الليل يكاد ينتصف .
دبدوب : جدي ..
الحكيم : جدك !
دبدوب : جاءني قبل قليل .
الحكيم : أيها المخبول ، جدك مات منذ سنوات
عديدة .
دبدوب : جاءني في المنام .
الحكيم : " يتلفت حوله منفعلاً " أين عصاتي ؟
سأكسر رأسك بها .
دبدوب : لقد حقق جدي الكثير من الاكتشافات ،
لكنه مات ، وفي نفسه حسرة .
الحكيم : جدك ؟
دبدوب : أراد أن يعرف عدد أسنان التمساح ،
لكن دون جدوى .
الحكيم : أيها المجنون اللعين " يشير إلى الخارج
" التمساح هناك ، في النهر ،
اذهب ، وادخل رأسك في فمه ، كما فعل
جدك ، وعدّ أسنانه .
دبدوب : " يحدق فيه " ....
الحكيم : " يمسك العصا ، ويرفعها في وجه
دبدوب " ...
دبدوب : " يدور في البيت هارباً " مهلاً ، مهلاً ،
سأذهب إلى النهر ، وأكمل رسالة جدي "
يفتح الباب " لابد أن أعرف عدد أسنان
التمساح .
الحكيم : ليأخذك التمساح ، اذهب " يلوح بالعصا
" .
دبدوب : " يخرج هارباً " ....
الحكيم : هذا اللعين ، فوّر دمي " يغلق الباب
بقوة " إنني عطشان " يهمّ أن
يشرب الماء " لكني شربتُ قبل قليل ،
اللعنة " يتجه نحو الفراش " فلأتمدد ،
لعلي أنام .

يتمدد في الفراش ،
لكن عينيه تبقى مفتوحتين

إظلام



" 2 "
ـــــــــــــــــــــ

الأم دبة ترقد في
فراشها ، وتغط في النوم

الأم : " تفتح عينيها " الوقت مبكر بعد ، على
ما يبدو ، لابد أن دبدوب مازال في
فراشه ، يحلق مع أحلامه المجنونة ، آه
ما أشد خوفي عليه من مثل هذه الأحلام "
تصمت لحظة " من يقول أنه في فراشه ؟
لا ، البارحة لم أنم ، في وقت متأخر من
الليل ، حتى رأيته يدخل فراشه ، وينام ،
فأنا أخاف أن يتسلل في الليل ، و .. "
تلتفت إلى فراشه " يا ويلي ، الفراش
خال ٍ " تهب واقفة " إنه ليس في فراشه ،
ولا في البيت ، ترى أين مضى ؟ آه هذا
المجنون ، ظلّ البارحة ، طول النهار ،
يطارد الفراشات ، ويعد ألوان أجنحتها ،
يا للجنون ، إنه لا يعرف العد لأكثر من
خمسة ، ومع ذلك يريد أن يعدّ كلّ شيء
، إنها الوراثة ، فجده كان أيضاً مجنوناً
بالعد ، وقد انتهى وهو يعد أسنان التمساح
" تنصت " أحدهم قادم ، أهو دبدوب ؟
كلا ، هناك وقع أقدام ، وعصا أيضاً ،
لعله الدب الحكيم ، أهذا معقول ؟ من
يدري ، إنه حكيم .

يُدفع الباب ، ويدخل الدب
الحكيم ، متوكئاً على عصاه

الحكيم : مساء الخير .
الأم : أهلاً بالدب الحكيم ، تفضل ، تفضل .
الحكيم : مررت من هنا ، في جولتي " يتلفت
حوله " وأردت أن أسلم عليك .
الأم : أهلاً ومرحباً ، لكني أظن أن الوقت
مبكر على جولتك الاعتيادية .
الحكيم : بل متأخرة .
الأم : " تنظر إلى الخارج " أظنه ضوء
الفجر .
الحكيم : كلا ، هذا نور القمر .
الأم : القمر !
الحكيم : نحن في منتصف الليل .
الأم : يا ويلي .
الحكيم : " متلفتاً " لا أرى صغيرك دبدوب .
الأم : أفقت قبل قليل ، وكأن قلبي أعلمني ،
فلم أرهُ في فراشه .
الحكيم : لقد زارني ، قبيل منتصف الليل بقليل ،
وقال لي ، أن جده قد جاءه ..
الأم : جده !
الحكيم : نعم .
الأم : لكن جده ميت .
الحكيم : جاءه في المنام .
الأم : يا للجنون .
الحكيم : وطلب منه ، أن يكمل رسالته ، ويعدّ
أسنان التمساح .
الأم : التمساح !
الحكيم : هذا ما قاله لي دبدوب ..
الأم : آه ..
الحكيم : والحقيقة ، لقد خفت عليه ، فجئتُ
لأطمئن إلى أنه عاد إليك في البيت ، ولم
يذهب إلى التمساح في النهر .
الأم : يا ويلي ، إنه في النهر الآن ، إن لم
يكن في جوف التمساح .
الحكيم : لا تتعجلي ، لنذهب إلى النهر " يتجه
إلى الخارج " لعلنا نصل إليه ، قبل فوات
الأوان .
الأم : هيا ، هيا ، يا ويلي ، انتهى دبدوب .

الدب الحكيم يخرج ،
الأم تخرج في أثره
إظلام



" 3 "
ـــــــــــــــــــــ

ليل ، أشجار ، القمر
بدر ، يدخل دبدوب

دبدوب : الليل تجاوز منتصفه ، على ما يبدو لي
، فلأسرع ، لقد تأخرتُ كثيراً ، أخشى أن
تكون ماما قد استيقظت ، ولم تجدني في
فراشي ، آه الطريق تكاد تكون معتمة ،
ربما بسبب كثافة الأشجار ، ولولا القمر
لضللت طريقي ، وسط هذه الغابة ، ترى
أين تذهب الشمس ليلاً ؟ لابد أن ألحق بها
يوماً ، وأعرف الحقيقة ، وإلا كيف يمكن
أن أكون مثل جدي ؟ يا لجدي العظيم ،
لقد عبر النهر ، في شبابه ، واكتشف
قارة جديدة ، وتوغل في الغابة ، حتى
تخوم الصحراء ، وتابع التمساح ليلاً
ونهاراً ، وكاد يعرف عدد أسنانه ، وقد
دفع حياته ثمن رغبته في الاكتشاف
والبحث عن الحقيقة ، و .. سيفرح جدي
، حين سيجيئني الليلة في المنام ، ويعرف
أنني أكملت رسالته ، وعرفت عدد أسنان
التمساح ، وسيأخذني بين ذراعيه ،
ويهتف ..
الحكيم : " من الخارج " دبدوب .
دبدوب : " يقف مرعوباً " ....
الحكيم : " من الخارج " دبدوب .. دبدوب ..
دبدوب : " يتمتم " جدي !
الحكيم : " من الخارج " دبدوب .. دبدوب .
دبدوب : " فرحاً " إنه جدي ، لقد جاء من العالم
الآخر ، ليهنئني ..

يظهر ما يشبه الشبحين ،
ويقفان على مبعدة منه

دبدوب : " خائفاً " جدي ! " يحدق فيهما " ربما
جاء ، ومعه قرينه من العالم الآخر "
بصوت هامس " جدي .. جدي .
الحكيم : آه ، لقد جنّ دبدوب .
الأم : دبدوب .
دبدوب : يا للعجب ، إن لقرين جدي صوت
امرأة " يهمس ثانية " جدي .. جدي .
الأم : " تقترب منه " دبدوب ، أنا أمك .
دبدوب : لا .. لا ..
الحكيم : أفق ، يا دبدوب ، أنت لا تكلم جدك ،
فهو الآن في العالم الآخر ، إنني الحكيم ،
وهذه أمك .
دبدوب : " ينظر إليهما مذهولاً " ....
الأم : دبدوب .. دبدوب .
دبدوب : " يغمغم " يا لحمقي ، إنهما ليسا جدي
وقرينه من العالم الآخر ، بل ماما والدب
الحكيم .
الحكيم : " يقترب منه " دبدوب .
الأم : بنيّ ، دبدوبي ..
دبدوب : " يندفع إليهما " أبشرا ، لقد أكملتُ
رسالة جدي ، وعرفت عدد أسنان
التمساح .
الأم : يا ويلي ..
الحكيم : لا تقل ، يا دبدوب ، أنك أدخلت رأسك
في فم التمساح ، و ..
دبدوب : لا ، لم أدخل أنا في فم التمساح ، بل
صديقي .
الأم : حسبت أك وحدك المجنون في هذه الغابة .
دبدوب : ماما ..
الحكيم : وصديقك ، الذي دخل ، هل خرج ؟
دبدوب : طبعاً .
الحكيم : لكن جدك لم يخرج .
دبدوب : جدي لم يكن زقزاقاً .
الأم : أتعني أن صديقك .. ؟
دبدوب : نعم ، إنه زقزاق .
الأم : الزقزاق !
لحكيم : هذا الطائر الصغير ، يدخل فم التمساح
، وينظف أسنانه مما علق فيها من بقايا
الطعام .
دبدوب : هذا هو صديقي الزقزاق بالضبط ، وقد
طلبت منه أن يدخل فم التمساح ، ويعدّ
لي أسنانه ، وهذا ما فعله مشكوراً .
الأم " " تضحك فرحة " ....
الحكيم : أبشر ، يا بنيّ ، ستكون عالماً مجيداً
أكثر من جدك العظيم ، فأنت أكثر
عقلانية منه .
الأم : والآن لنعد إلى البيت " تمسك يده " هيا
يا بنيّ ، هيا ، هيا .
الحكيم : يا للأسف ، لقد اختفى القمر .
دبدوب : " ينظر إلى الأعلى " أخفته غيمة عابرة
، وسيظهر بعد قليل ، بمجرد ابتعاد تلك
الغيمة .
الحكيم : " ينظر إلى الأعلى هو الآخر " أنت
محق ، لننتظر هنا بعض الوقت .

يرتفع من الظلام رفرفة ،
دبدوب يرفع رأسه للأعلى

دبدوب : ماما .
الأم : نعم ، يا بنيّ .
دبدوب : أسمع ، من هذا الظلام ، رفرفة أجنحة.
الأم : إنه الخفاش ، يا عزيزي .
دبدوب : نحن لا نرى في الظلام ، عجباً ، كيف
يطير الخفاش في هذا الظلام ، دون أن
يرتطم بشجرة من أشجار الغابة .
الأم : " يظهر القمر " الغيمة ابتعد عن القمر
، لنسرع قبل أن تأتي غيمة أخرى
وتغطي وجهه .
الحكيم : أنت محقة " يتجه إلى الخارج "
لنواصل سيرنا ، هيا .
الأم : " تسحب دبدوب وتلق بالحكيم " هيا ،
هيا .
دبدوب : هناك سرّ وراء طيران الخفاش ، لابد
أن أدرس هذا السرّ ، حتى أعرفه ، وإلا
كيف سأكون عالماً مثل مشهوراً .. جدي
العظيم ؟

الدب الحكيم يخرج ، وفي
أثره يخرج دبدوب وأمه

إظلام



الطنان


الببغاء يقف أمام
قفص الطائر الطنان

الببغاء : مسكين هذا الطائر الطنان ، لقد جعلت
منه العمة دبة ، ومنذ خمسة أيام ، أصغر
طائر سجين في العالم " يصمت " أيتها العمة أطلقيه ، ما زلتُ أدرسه ، سيموت
داخل هذا القفص ، لن يموت ما دمتُ
أطعمه ، ماذا تقدمين له ؟ حزمة من
الأزهار الندية ، لكنه لا يأكل منها شيئاً ،
إنه يمتص الرحيق منها ، كما تفعل النحلة
والفراشة " يتمشى في شيء من الانفعال
" لو وضعت هذه الدبة في قفص ، لعرفت
معنى القفص ، آه فلأصعد إلى فراشي ،
لعلي أراه ، ولو في الحلم ، يخرج من هذا
القفص ، وينطلق في فضاء الغابة " يتمدد
في فراشه " .

يُدفع الباب في
هدوء ، وتدخل دبدوبة

دبدوبة : مازال هنا ، في القفص ، آه من العمة
دبة " تجلس حزينة أمام القفص " .
الببغاء : " يرفع رأسه " دبدوبة .
دبدوبة : عفواً ، لقد أيقظتكَ .
الببغاء : لم أكن نائماً .
دبدوبة : هذا ما خمنته .
الببغاء : يبدو أن دبدوب لم يأتِ معك .
دبدوبة : دبدوب عند النهر .
الببغاء : لعله يفضل صيد السمك .
دبدوبة : أراد أن يرافقني ، لكني فضلت أن آتي
إلى هنا وحدي .
الببغاء : دبدوب يحبك .
دبدوبة : لكنه لا يبالي بما عليه الطائر المسكين ،
وهذا ما لا أحبه فيه .
الببغاء : ونحنُ من نبالي ، ماذا استطعنا أن نفعل
، إنه سجين منذ خمسة أيام .
دبدوبة : يجب أن نتحدث إلى العمة دبة .
الببغاء : تحدثتُ إليها ، تحدثتُ كثيراً ، لكن دون
جدوى ، إنها دبة .
دبدوبة : " تنظر إليه " ....
الببغاء : عفواً ، يا دبدوبة .
دبدوبة : لا عليك ، أعرف أنكَ تحبها .
الببغاء : إنني سجين هنا بإرادتي ، فأنا أحب
العمة دبة فعلاً ، لكني لا أحب أن تسجن
أحداً ، وخاصة هذا الطائر الطنان ، مهما
كانت دوافعها .
دبدوبة : " تنصت " أظنها قادمة .
الببغاء : " ينصت " نعم إنها هي " يهز رأسه "
آه من العمة دبة .

يُدفع الباب ، وتدخل
العمة ، حاملة سلتها

العمة : أهلاً دبدوبة .
دبدوبة : صباح الخير .
العمة : " تضع السلة على المنضدة " دبدوب
ليس معك هذا اليوم .
الببغاء : دبدوب يصيد السمك ، ويضعه في
القفص .
العمة : ببغاء .
دبدوبة : هذا الطائر المسكين ، أظنه هزل كثيراً
، وأخشى أن يموت .
العمة : لن يموت ، إنني أطعمه .
دبدوبة : مسكينة الطيور الصغيرة ، إنها وحدها
من تصطاد ، وتوضع في الأقفاص .
الببغاء : لو كان الطنان في حجم النعامة ..
العمة : " تنظر إليه " ....
دبدوبة : النعامة ؟
الببغاء : ارتفاعها " 240 " سنتمتراً ..
دبدوبة : آه .. بارتفاع العمة ..
الببغاء : ووزنها " 135 " كيلوغرام ..
دبدوبة : آه ..
الببغاء : هذا ما قالته العمة دبة .
دبدوبة : " تنظر إلى العمة دبة " ....
العمة : " تهز رأسها " ....
دبدوبة : من الصعب وضع مثل هذا الطائر في
قفص " تبتسم " النعام تمثل حلماً دسماً
للثعلب .
العمة : لن يقرب هذا الحلم ، حتى في المنام ،
فهو حلم قاتل .
الببغاء : حتى لو جنّ وطاردها ، فإنه لن يستطيع
اللحاق بها ، إن سرعتها في الركض تبلغ
" 50 " كيلومتراً في الساعة .
العمة : ولو جنّ فعلاً ، واقترب منها ، فإنها
سترفسه بإحدى قائمتها ، المدججتين
بمخالب قاتلة ، وستقتله في الحال .
دبدوب : والنعامة لا تطير .
دبدوبة : وأظنها ليست الطائر الضخم الوحيد في
العالم ، الذي لا يطير .
الببغاء : لا هناك طيور أخرى .
دبدوبة : " تنظر إلى العمة " ....
العمة : " تهز رأسها " ....
الببغاء : طائر الامو والبشتم في اوستراليا ،
والكيوي في زلاندا الجديدة ، والرية في
أمريكا الجنوبية .
دبدوبة : " تنظر إلى العمة ثانية " .....
العمة : نسي طائراً واحداً .
الببغاء : لا أظن ، فهذا كلّ ما ذكرتِه أنتِ .
العمة : لقد ذكرته ، ربما ليس أمامك .
الببغاء : ربما ..
العمة : هناك طائر طوله " 4 " أمتار ..
دبدوبة : " 4 " أمتار !
الببغاء : لم تذكريه أمامي أبداً .
العمة : اسمه الموّه .
الببغاء : لا أظن أنني رأيته من قبل .
العمة : ولن تراه .
الببغاء : " ينظر إليها " ....
العمة : لأنه انقرض منذ آلاف السنين .
دبدوبة : المسكين .
الببغاء : لابد أن دبة سجنته لتدرسه ، فانقرض .
العمة : ببغاء .
دبدوبة : أيتها العمة ....
العمة : " تنظر إليها صامتة " ....
دبدوبة : هذا الطائر الصغير ، لا أريده أن
ينقرض .
العمة : ما زلتُ أدرسه .
الببغاء : حياته وحريته أهمّ من كلّ شيء .
العمة : " تلوذ بالصمت " ....
الببغاء : لو كنتِ أنتِ داخل هذا القفص ، أتدرين
ما كنّا نفعل ؟
العمة : أعرف .
الببغاء : دبدوبة ..
دبدوبة : " تنظر إليه " ....
الببغاء : العمة في داخل القفص .
دبدوبة : " تتقدم من القفص " ....
الببغاء : هيا يا دبدوبة ..
دبدوبة : " تفتح باب القفص " أيها الطائر العزيز
، هيا انطلق ، الغابة تناديك .

الطائر يخرج من القفص ،
ثم يمضي إلى الخارج

إظلام

27 / 8 / 2014













هل جنّ الثعلب ؟


الببغاء نائم ، السمكة على
المائدة ، وبجانبها العمة دبة

الببغاء : خ خ خ خ
السمكة : أيتها العمة ..
العمة : نعم ، يا عزيزتي
السمكة : لقد حان أوان عودتي إلى النهر
العمة : أشكركِ ، أوشكتُ أن أنتهي ، لقد
أعطيتني معلومات قيمة .
السمكة : وسأعطيك ما تحتاجينه من معلومات ،
في أي وقت تريدينه .
العمة : سآتي بالسلة من المخزن ، وأضعك
فيها ، وآخذكِ إلى النهر.

العمة تدخل المخزن ، الثعلب
يدفع الباب بهدوء ، ويدخل

السمكة : الثعلب ! فلأتماوت .
الثعلب : " يرى السمكة " سمكة ! " يقترب منها
" سمكة كبيرة ، تكفيني ، وتكفي زوجتي
وصغاري " يحمل السمكة ، ويتجه إلى
الباب ".

الثعلب يخرج بالسمكة ،
تدخل العمة حاملة السلة

العمة : " تقف مذهولة أمام المائدة " أوه ، يا
للعجب ..
الببغاء : " يفيق من النوم " ما الأمر ؟
العمة : " تبحث عن السمكة تحت المائدة " لا
أثر للسمكة ، ليست هنا " تتوقف " لابدّ
أنها تمازحني ، ترى أين ذهبت ؟
الببغاء : لم تخبريني ، ما الأمر ، رديّ عليّ .
العمة : " مفكرة " لا يعقل أنها مضت إلى
النهر دون أن تودعني ، " تصمت " من
يدري .
الببغاء : أيتها العمة ، أخبريني ..
العمة : " تنصت " هششش ..


يُدفع الباب ، وتدخل
السمكة ، العمة مذهولة

العمة : يا للعجب ، أين كنتِ ؟
الببغاء : آه عرفتُ ما الأمر .
السمكة : " تضحك " تصوري ، جاء الثعلب في
غيابكِ ، وظن أني سمكة ميتة ، فحملني
على كتفه ، وهرب بي إلى الخارج ..
الببغاء : هذه عادته .
العمة : الخيانة تجري في دمه .
السمكة : وعند الباب ، لطمته بقوة على رأسه ،
فسقط فوق الأرض فاقد الوعي ، ثم
عدتُ كما ترين .
العمة : ها هي السلة ، سأضعكِ فيها ، وأعيدك
إلى النهر " تنصت " هششش ، أسمع
حركة خاف الباب .
السمكة : لعله الثعلب .
الببغاء : إنه هو بالتأكيد .
السمكة : " ترقد ساكنة " سأتماوت ، ولنرَ ماذا
سيفعل .

يُدفع الباب بهدوء ،
ويدخل الثعلب مترنحاً

الثعلب : العمة دبة ..
الببغاء : جاءت البراءة .
العمة : أهلاً بالثعلب .
الثعلب : " ينظر إلى السمكة " هذه سمكة !
العمة : نعم ، كما ترى ، إنها سمكة .
الببغاء : سمكة لذيذة .
الثعلب : " يحملق في السمكة "لا أدري إذا ما
كنت أحلم ، أم إنني مستيقظ ..
الببغاء : اصفعيه بقوة ليتأكد .
العمة : " ترفع يدها لتصفعه " سنرى .
الثعلب : " يتراجع خائفاً " لا .. لا .. وإلا متّ .
العمة : " تنزل يدها " حسن .
الثعلب : ربما كنت أحلم " يقترب من السمكة "
واستيقظت الآن .
الببغاء : لعلكَ حلمت بأنك أخذت هذه السمكة ،
وهربت بها .
الثعلب : بالضبط " ينظر إليه " يبدو أنك كنت
معي في الحلم .
الببغاء : لستُ مجنوناً لأكون معك ، حتى في
الحلم .
الثعلب : أيتها العمة ..
العمة : نعم .
الثعلب : حلمت أنني تسللتُ إلى بيتك ، دون أن
تعلمي ..
الببغاء : هذه ليست المرة الأولى .
الثعلب : " مهدداً " ببغاء ..
العمة : دعكَ منه ، أكمل .
الثعلب : ورأيت هذه السمكة ، كما أراها الآن ،
فحملتها على كتفي ، وهربتُ بها إلى
الخارج .
الببغاء : لكنها لطمتك عند الباب ..
الثعلب : صح .
الببغاء : وسقطت على الأرض ، وفقدت وعيكَ .
الثعلب : لا تقل إنك لم تكن معي ..
الببغاء : لم أجن بعد .
الثعلب : أنا جننت .. جننت .. جننت ..
العمة : " تربت على كتفه " أيها الثعلب ،
اذهب إلى البيت ، وارتح قليلاً ، لعلك
تستعيد توازنك .
الثعلب : جننت " يتجه نحو الباب " جننت ..
جننت ..
الببغاء : أيها الثعلب ..
الثعلب : " يتوقف منصتاً " ....
الببغاء : نسيت السمكة .
الثعلب : " يواصل طريقه صارخاً " آآآآآ .. لن
أقرب السمك .. طول حياتي
العمة : ها قد مضى المجنون رقم واحد .
السمكة : أرجوكِ ، خذيني الآن إلى النهر ، ربما
لن أتحمل البقاء في الهواء الطلق أكثر
مما بقيت .
العمة : هيا يا عزيزتي " ترفع السلة " ها هي
السلة ، سأضعكِ فيها ، وأحملكِ إلى
النهر ، الذي أخذتك منه .

العمة دبة ترفع السمكة ،
وتضعها برفق في السلة

الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : لن أتأخر ، يا ببغاء ، سأوصل السمكة
إلى النهر ، وأعود مباشرة .
الببغاء : هذا الثعلب المجنون ، أخشى أن يعود .
العمة : اطمئن ، لا أظنه قد يعود .
الببغاء : وإذا عاد ؟
العمة : عندها ادخل قفصك ، وأغلق بابه من
الداخل .
الببغاء : لن أطمئن ، إنه مجنون تماماً .
السمكة : تعال معنا .
الببغاء : " ينظر إلى العمة دبة " ....
العمة : تعال ، فأنت لم تخرج من البيت منذ
فترة طويلة ، وهذه فرصة لتتجول معي
في الغابة .
الببغاء : حسن ، فكرة طيبة .
العمة : اقفز فوق كتفي ، هيا .
الببغاء : " يقفز ويقف فوق كتفها " هيا .
العمة : " تضحك " هذه رحلة جميلة ، السمكة
الرئوية في السلة ، والببغاء على كتفي .

العمة تخرج ، تحمل السمكة
في السلة ، وعلى كتفها الببغاء

اظلام





الشبح


بيت العمة دبة ، الببغاء
وحده ، يرقد في فراشه

الببغاء : الآن أستطيع أن أغفو ، ولو بعض
الوقت ، لا العمة دبة موجودة ، ولا
واحد من حاشيتها المزعجين ، ولا .. "
الباب يُطرق " آه ..
أرنوب " من الخارج " أيتها العمة .
الببغاء : هذا أرنوب .
أرنوب : " من الخارج " أيتها العمة .
الببغاء : العمة دبة ليست في البيت .
أرنوب : " من الخارج " أرجوك ، يا ببغاء ،
افتح لي ، الأمر هام .
الببغاء : " بصوت خافت " وراحتي ليست هامة
" يصيح " الباب مفتوح ، ادخل .

أرنوب يدفع الباب ،
ويدخل بسرعة خائفاً

أرنوب : الثعلب ..
الببغاء : يطاردك ، هذا أمر عادي .
أرنوب : لقد جُنّ .
الببغاء : لا عليكَ ، إنه يتظاهر بالجنون ، يقفز ،
يتمرغ ، ويتماوت ، و ..
أرنوب : لا .. لا ..
الببغاء : ليته يُجن فعلاً ، لكن هذا مستحيل ، إن
الثعلب يُجنن ولا يجن .
أرنوب : إنه يسير ، ويحدث نفسه ، ويصيح
بأعلى صوته .. الشبح .. الشبح ..
الببغاء : سأجن ، كفى ، مهما كان ، فهو ..
الثعلب .

الباب يُطرق ، أرنوب
يدور بسرعة خائفاً قلقاً

أرنوب : إنه هو ، الثعلب ، خبئني .
الببغاء : مهلاً ، لعله ليس الثعلب .
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة ..
أرنوب : " مازال يدور " أرأيت ؟ إنه الثعلب ..
الببغاء : صوته غير طبيعي فعلاً .
أرنوب : خبئني أرجوك ، خبئني .
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة دبة .
أرنوب : إنني لم أحتمله عاقلاً ، فكيف وهو
مجنون ؟
الببغاء : اختبئ ، إنه يدفع الباب .

أرنوب يختبئ ، يدخل
الثعلب قلقاً مترنحاً

الثعلب : أريد العمة دبة .
الببغاء : العمة دبة ليست هنا ، كما ترى .
الثعلب : أريدها لأمر هام للغاية .
الببغاء : أنصحكَ أن تأتي إليها غداً ، بعد أن
تكون قد هدأت قليلاً .
الثعلب : كلا ، أريدها اليوم .
الببغاء : ربما ستتأخر اليوم كثيراً .
الثعلب : مهما يكن ، سأنتظرها .
الببغاء : ذهبت إلى النهر ، تدرس أسماك البيرانا
الثعلب : سأنتظرها ، وستأتي .
الببغاء : هذا إذا لم تفترسها أسماك البيرانا .
الثعلب : " يتشمم " أشمّ رائحة أرنب .
الببغاء : أنت واهم .
الثعلب : أنفي لا يخطئ ، وخاصة عندما أكون
جائعاً .
الببغاء : أنت جائع دائماَ .
الثعلب : " يتشمم " أرنب صغير ، مكتنز ، لذيذ
، و ..
الببغاء : جاءت العمة دبة .

يُدفع الباب ، وتدخل
العمة دبة حاملة سلتها

ثعلوب : العمة دبة ..
العمة : " تضع السلة على المائدة " أهلاً
ثعلوب .
الببغاء : جاءك لأمر هام للغاية .
ثعلوب : قلتِ مرة ، إن المجنون ..
العمة : اهدأ ، يا ثعلوب ، واجلس .
ثعلوب : دعيني ، لا أريد أن أجلس ، اسمعيني..
الببغاء : دعيه يتكلم .
العمة : تكلم ، إنني أسمعكَ .
ثعلوب : قلتِ إن المجنون ، يرى مالا يراه العاقل ..
الببغاء : ويشم ما لا يشمه ..
ثعلوب : " منفعلاً " ببغاء ..
العمة : دعك منه ، تكلم .
ثعلوب : طاردتُ أحدهم قبل قليل ..
الببغاء : هذا ما تفعله دائماً .
ثعلوب : طاردته في منطقة المستنقعات ..
الببغاء : تلك منطقة مسكونة .
العمة : ببغاء ..
ثعلوب : سأطاردك يوماً ، ولن تفلت مني .
العمة : دعنا من الببغاء ، تكلم ، طاردته في منطقة المستنقعات ..
ثعلوب : فهرب مني إلى داخل المستنقع ، وعلى ضوء القمر ..
الببغاء : لا يوجد قمر اليوم .
العمة : أكمل .
ثعلوب : رأيته يركض فوق سطح الماء..
الببغاء : يا للعجب .
ثعلوب : بل التفت إليّ ، وغمز لي بعينه .
الببغاء : هم م م .. هذا لم أره حتى في المنام .
ثعلوب : صدقيني ، رأيته بعيني هاتين ، لم يكن يسبح ، أو يغطس ، بل كان يركض فوق سطح الماء .
الببغاء : حقاً المجنون يرى ما لا يراه العاقل .
العمة : أنا أصدقكَ ، يا ثعلوب .
ثعلوب : أيتها العمة ..
العمة : لكن أنصحكَ ، أن لا تطارد القنفذ مرة أخرى ، في منطقة المستنقعات .
الببغاء : القنفذ !
ثعلوب : كيف عرفتِ أنه قنفذ ! أنتِ لم تطارديه معي .
العمة : إن القنفذ ، هو الحيوان الوحيد ، الذي يستطيع المشي والركض ، على سطح الماء ، دون أن يغطس .
ثعلوب : " ينظر إلى الببغاء " ببغاء ..
الببغاء : لقد رأيتَ ما لم أره .
ثعلوب : وشممتُ رائحة أرنوب هنا .
العمة : " تنظر إلى الببغاء " ....
الببغاء : اذهب الآن .
ثعلوب : أشكركِ يا عمة ، " يتجه إلى الباب " تصبحان على خير " يخرج "
العمة : أرنوب ، أخرج ، ذهب الثعلب .
أرنوب : " يطل برأسه " ...
الببغاء : حقاً أنتِ .. العمة دبة .

العمة دبة تبتسم فرحة ،
أرنوب يخرج من مخبئه

إظلام

















طيور لا تطير


بيت العمة ، الببغاء فوق
المائدة ، يتناول حبات فستق

الببغاء : آه ما ألذّ الفستق ، الثعلب المكار ،
يعرف أنني أحب الفستق كثيراً ، فجاءني
صباح اليوم ، بحفنة فستق طازج ، لابدّ
أن له هدفاً ، نعم " يفكر " تُرى ما هو
هدفه ؟
الثعلب : " من الخارج " أيها الببغاء ..
الببغاء : " خائفاً " الثعلب .

يدخل الثعلب ، الببغاء
يطير نحو قفصه

الثعلب : جئتك بحفنة أخرى من الفستق .
الببغاء : " ينظر إليه مرتاباً " ....
الثعلب : عزيزي ، نحن أصدقاء .
الببغاء : الحذر واجب .
الثعلب : " يُريه الفستق " فستق لذيذ ، تعال خذه
، تعال .
الببغاء : ضعه على المائدة .
الثعلب : " يضع الفستق على المائدة " ها هو
على المائدة ، كلهُ متى تشاء " ينظر إلى
المائدة " يبدو أنك أكلت معظم الفستق ،
الذي جئتك به صباح اليوم .
الببغاء : " يهزّ رأسه " ....
الثعلب : ألف عافية ، في الحقيقة ، أردت أن
أسألكَ ..
الببغاء : " يقاطعه " انتظر ، ستأتي العمة دبة
بعد قليل .
الثعلب : أنت طير ، وأردت أن أسألك عن
الطيور ..
الببغاء : " ينظر إليه مرتاباً " ....
الثعلب : الطيور ، لماذا سُميت طيور ؟
الببغاء : ربما .. لأنها تطير .
الثعلب : هذا ما قلته لجدتي ، عندما قالت لي ، إن
هناك طيوراً لا تطير .
الببغاء " " يلوذ بالصمت " ....
الثعلب : فقلتُ لها ، إن الطير الذي لا يطير ،
ليس طيراً ، ما رأيكَ أنت ؟
الببغاء : " ينصت " مهلاً ، ها هي العمة ، انتظر
، وستجيبكَ عن سؤالك .

تدخل العمة دبة ،
خلال حديث الببغاء

العمة : " تضع سلتها على المنضدة " الثعلب ..
الثعلب : جئت لعزيزي الببغاء ، بحفنة من البندق اللذيذ .
العمة : " تهمهم " هم م م م .
الثعلب : لوجه الصداقة فقط .
الببغاء : لديه سؤال ، فقلت له ، إن العمة
ستجيبك عليه .
العمة : " بشيء من السخرية "أسئلتك ، التي
لوجه الصداقة ، لا تنتهي أبداً .
الثعلب : ليس لديّ غيرك أسأله .
العمة : تفضل ، اسأل .
الثعلب : جدتي المسكينة ، تعرفين إنها طعنت
في السن ، وربما لأنها لم تعد تستطيع أن
تصطاد أي نوع من الطيور ، فأخذت
تحلم بطيور لا تطير .
العمة : جدتك لا تحلم ، يا ثعلب .
الثعلب : لابدّ أنها خرفت إذن .
العمة : هناك طيور لا تطير فعلاً .
الببغاء : وهذا ما يريده الثعلب .
الثعلب : " يقترب منها " أيتها العمة ..
العمة : مثل النعامة ..
الثعلب : النعامة سمعتُ بها .
العمة : والأنامو والشبنم ..
الثعلب : هذان لم أسمع بهما .
العمة : والكيوي والرية ..
الببغاء : وهذان أيضاً لم تسمع بهما .
الثعلب : بالضبط ، إنني أسمع بهما لأول مرة .
العمة : وكذلك البطريق .
الثعلب : هذا سمعتُ به .
الببغاء : افرح ، أيها الثعلب ، فهذه طيور ، لا
تستطيع أن تطير ، وهي بالنسبة لك ثروة
لا تقدر بثمن .
الثعلب : هذه الطيور ، التي لا تستطيع أن تطير
، أين هي ؟
العمة : النعامة في أفريقيا ..
الثعلب : أفريقيا ؟ آه إنها بعيدة .
العمة : وارتفاعها أكثر من مترين ..
الثعلب : يا للويل ، إنها أطول من أي صياد
عرفته حتى الآن .
العمة : والأنامو والشبنم في اوستراليا ..
الببغاء : بلد الببغاوات والكناغر .
الثعلب : بعيدة جداً .
العمة : والكيوي في زيلندا الجديدة ..
الثعلب : إنني لا أعرف زيلندا القديمة ، فكيف
لي أن أعرف زيلندا الجديدة ؟
العمة : والرية في امريكا الجنوبية ..
الثعلب : يا للأسف ، ليتني ولدت في أمريكا
الجنوبية .
العمة : أما البطريق ، فيعيش في القطب
الجنوبي .
الثعلب : آه البطريق ، لن أراه حتى في الحلم .
الببغاء : إياك أن تذهب ، ولو في الحلم ، إلى
القطب الجنوبي ، وإلا صرت تمثالاً من
الثلج .
العمة : " تضحك " ....
الثعلب : أتمنى لو كان هنا ، ولو طائر واحد ، لا
يستطيع أن يطير " ينظر إلى الببغاء " ..
الببغاء : إنني أطير .
العمة : ربما كان هنا طائر من هذا النوع .
الثعلب : كان .. ؟
العمة : نعم ، فقد انقرض منذ زمن بعيد ، اسمه
الريه .
الثعلب : الريه ؟ آه ليته لم ينقرض .
العمة : لن تستفيد منه ، حتى لو لم ينقرض ..
الثعلب : بل سأستفيد منه ، مادام طائراً لا يطير .
العمة : حسن ، هذا الطائر ، الريه ، الذي
انقرض منذ فترة طويلة ، كان ارتفاعه
أربعة أمتار ..
الثعلب : يا ويلي ..
الببغاء : لو لم ينقرض ، قبل أن تظهر على وجه
الحياة ، لانقرضت أنت .
الثعلب : الريه ، يا ويلي " يضع رأسه فوق
المنضدة " سيغمى عليّ .
العمة : أعرف ما يُفيقه " تتجه نحو المخزن " ،
إنني خبيرة بالثعلب .
الببغاء : " يهز رأسه " ....
العمة : " تدخل المخزن " ....
الثعلب : " يرفع رأسه متمتماً " دجاجة ، أشمّ
رائحة دجاجة .
الببغاء : دجاجة !
الثعلب : " يتجه إلى الخارج " هذا طائري ،
الذي لا يطير ، فلأسرع إليه .
الببغاء : لقد جنّ الثعلب .
الثعلب : " يخرج " ....
الببغاء : " يفكر " لو أن الثعلب يطير " يدخل
القفص خائفاً " يا ويلي ، سأجن أنا
الآخر .
العمة : " تدخل حاملة قرص عسل " أيها
الثعلب ..
الببغاء : الثعلب طار .
العمة : " تتلفت حولها " إنني لا أراه ، أين
ذهب ؟
الببغاء : لقد شمّ رائحة دجاجة ، فطار إليها .
العمة : دجاجة !
الببغاء : نعم ، تصوري .
العمة : لقد جنّ الثعلب ، إذ لا توجد دجاجة
ً واحدة في غابتنا هذه ، وأقرب قرية إلينا
، تقع على مسيرة نهار كامل ، فلأعد
قرص العسل إلى المخزن .


العمة دبة تدخل المخزن ،
الببغاء يخرج من القفص

إظلام

10 / 11 / 2016


















نسر .. نسور


بيت العمة دبة ،
الببغاء أمام قفصه

الببغاء : " يتلفت حوله " أسمع حركة ، لعله
الثعلب " يرتفع عواء من الخارج " هذا
ذئب ، صوته يأتي من بعيد " يتناهى
زئير أسد " الأسد يزأر ، لابدّ أنه جائع "
يصمت " لو أن في هذه الغابة ، لا توجد
غير النباتات والطيور ، لعمّ فيها السلام ،
وزال الخوف والعدوان " ينصت " هذه
العمة دبة ، رغم إنها ليست من النباتات
أو الطيور ، إلا أنها ، عندي على الأقل ،
سلام ومحبة .

تدخل العمة دبة ،
تحمل فرخ نسر

الببغاء : " يتراجع خائفاً " نسر !
العمة : " تضع الفرخ على المائدة " إنه فرخ
صغير .
الببغاء : مهما يكن ، فهو نسر .
العمة : رأيته يتخبط على الأرض ، ويبدو أنه
سقط من أحد الأعشاش ، وقد خفت أن
يراه الثعلب ، ويفترسه ..
الببغاء : فجئت به إلى هنا ليفترسني .
العمة : يفترسك !
الببغاء : النسر يأكل اللحوم ، وأنا ، كما تعلمين ،
لحم .
العمة : لن يبقى هنا ، هذا إذا بقي ، أكثر من
ليلة واحدة ، وبذلك لن يتسنى له أن يكبر
، ويفترسكِ .
الببغاء : " تحدق في النسر خائفة " انظر كيف
يحدق فيّ .
العمة : " تضحك " ....
الببغاء : لو كنتِ ببغاء لما ضحكتِ هكذا .
العمة : " تتأمل الفرخ " ببغاء ، هذا من النسور
المذهبة ..
الببغاء : سواء كان من النسور المذهبة ، أو غير
المذهبة ، فهو نسر .
العمة : لكنه ليس نسراً شرساً ، ولا جريئاً ،
وتستطيع طيور أصغر منه ، أن تبعده
عن طعامه ..
الببغاء " يُحدق فيها صامتاً " ....
العمة : بل إنه ليس شجاعاً في الدفاع حتى عن
عشه ، وهو عادة لا يصطاد ، ويفضل أن
يأكل الحيوانات الميتة .
الببغاء : " يتنهد بارتياح " لستُ مطمئناً تماماً ،
رغم أنني حيّ .
العمة : ثم إن النسور مختلفة ..
الببغاء : مهما اختلفت ، فهي نسور .
العمة : أكبرها النسور البحرية ، وهي تعيش
على الأسماك .
الببغاء : الحمد لله ، أنا لستُ سمكة .
العمة : ومن النسور الضخمة الأخرى ، نسر
جزر الفلبين ، الذي يختطف القردة ،
ويفترسها .
الببغاء : الحمد لله ، إنني ببغاء .
العمة : وفي اوسراليا نسر ضخم ، شرس ،
يُسمى الذئب المجنح ، يختطف
حتى الحملان ، ويفترسها .
الببغاء : " خائفا " آآآ ..
العمة : أما النسر المذهب وأمثاله ، وهم
يشكلون غالبية النسور ، لا تصطاد
طعامها ، كما ذكرت ، وتفضل أن تأكل
الحيوانات الميتة ، أو ما تتركه الضواري
من فرائسها .
الببغاء : الحمد لله ، إنني لستُ نسراً ، فأنا لا
أفترس ، ولا آكل الحيوانات الميتة ، أو
بقايا فرائس الضواري .
العمة : " تنظر إليه مبتسمة " لكن ليس كلّ
الببغاوات مثلك ، يا ببغاء .
الببغاء : " يتوجس من تلميحها " أيتها العمة ..
العمة : فبينكم أنتم الببغاوات ، ما يماثل .. الذئب
المجنح ..
الببغاء : " بصوت أعلى " أيتها العمة ..
العمة : إن ببغاء الكاي ، في زيلاند الجديدة ،
يقتل الأغنام ، ليأكل الشحم الذي حول
الكليتين .
الببغاء : " يصمت مقطباً " ....
العمة : " تنظر إليه " عفواً ، يبدو أنني ارتكبتُ
خطأ .
الببغاء : " يبقى صامتاً " ....
العمة : إنني آسفة ..
الببغاء : " يبقى صامتاً " ....
العمة : سأذهب ، وأفتش عن العش ، الذي
سقط منه فرخ النسر .
الببغاء : " يبقى صامتاً " ....
العمة : " تخرج " ....
الببغاء : ببغاء الكاي ، عار الببغاوات هذا ، لو
كان يأكل الجيف ، لكان أفضل .
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة ..
الببغاء : " ينظر قلقاً إلى فرخ النسر " يا ويلي ،
الثعلب .
الثعلب : " بصوت أعلى " أيتها العمة ..
الببغاء : العمة ليست هنا .
الثعلب : " يدفع الباب قليلاً " سأنتظرها في
الداخل ، ريثما تعود .
الببغاء : لا ، ابقَ في الخارج ، ابقَ حتى تأتي ، لن تتأخر .

الثعلب يدخل مبتسماً ،
الببغاء يتململ قلقاً

الثعلب : الجو في الخرج بارد " يُحدق في فرخ
النسر " آه .
الببغاء : أيها الثعلب ..
الفرخ : " يتراجع خائفاً " ....
الببغاء : يبدو أنكَ تعرف نوعه .
الثعلب : إنه فرخ النسر المذهب .
الببغاء : ابتعد وإلا نقرك ، فهو ، كما ترى ،
نسر ، رغم أنه فرخ .
الثعلب : " يضحك " ....
الببغاء : حقاً أنت ثعلب .
الثعلب : " يُحاول الإمساك بالفرخ " تعال ، يا
عزيزي ، إن أمك المسكينة قلقة عليك ،
تعال ، سآخذك إليها .
الببغاء : " يتصدى له " ابتعد ..
الثعلب : ابتعد أنتَ ، وإلا أخذتك معه " يمسك
بالفرخ " ..
الببغاء : " ينقره في وجهه " لن أدعكَ تأخذه ..
الثعلب : " يصيح متوجعاً " آآآآ ..
الببغاء : " ينقره ثانية " سأفقأ عينيك ، إن لم
تبتعد .
الثعلب : " يترك الفرخ ، ويمسك بالببغاء "
طالما تمنيتُ أن آكلك ، أيها الببغاء ،
وسأحقق أمنيتي اليوم .
الببغاء : " يستغيث " النجدة .. النجدة ..
الثعلب : سآكلك ، ومعك سآكل فرخ النسر .
الببغاء : " يستغيث بصوت أعلى " النجدة ..
النجدة .. النجدة ..
الثعلب : لن ينجدك اليوم أحد .

تدخل العمة دبة مسرعة ،
وتسحب الثعلب من ذيله

الثعلب : " مرعوباً " من !
العمة : أيها لغدّار ..
الثعلب : العمة دبة !
العمة : " تسحبه إلى الباب " إنه فرخ صغير ،
وأمه تبحث عنه ..
الثعلب : أرجوكِ ، اتركي ذيلي ، سينقطع ،
وأصير بدون ذيل .
العمة : " تلقيه إلى الخارج " اذهب ، ولا
تريني وجهك الخائن مرة أخرى .
الببغاء : اللعين ، أراد أن يفترسني ، لأني حلت
بينه وبين فرخ النسر .
العمة : أنت نسر ، يا عزيزي .
الببغاء : نسر !
العمة : نسر شجاع ، و ..
الببغاء " يحدق فيها " ....
العمة : " تمسك فرخ النسر " لقد وجدت أمه "
تتجه إلى الخارج " وسآخذه إليها .

العمة دبة تخرج ، حاملة
الفرخ ، الببغاء يقف حائراً
إظلام

11 / 11 / 2016

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي