|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
زياد الزبيدي
2024 / 11 / 20
نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا
*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*
ليونيد تسوكانوف
دكتوراه في العلوم السياسية، مستشرق، مستشار مركز الأبحاث السياسية
موقع المجلس الروسي للشؤون الدولية
وكالة REGNUM للأنباء
12 نوفمبر 2024
يستمر الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمسؤولين العسكريين المؤثرين. بعد سلسلة من الاستقالات الصاخبة في صفوف الجيش، واصل نتنياهو ترسيخ أدوات الضغط على مراكز القوة بين يديه.
حاشية رئيس الوزراء بالمناسبة تذكروا وحدة الاستخبارات العسكرية الخاصة "إفشا ميستابرا" " Ifsha Mistabra" (المعروفة أيضًا باسم "محامو الشيطان")، والتي تتخصص في التحليل النقدي للمقترحات المقدمة من الجيش والمؤسسات ذات الصلة.
الآن يريد أنصار نتنياهو فصل "المحامين" عن الاستخبارات العسكرية ودمجهم في هيكل مكتب رئيس الوزراء، حتى يتمكنوا من إبداء "التحدي بشكل معقول" لحجج جنرالات الجيش وأجهزة الاستخبارات، فضلاً عن تشتيت المؤيدين المحتملين لـ "المعارضة العسكرية" أي داخل الجيش.
ولكن في الممارسة العملية فإن خطة تحويل "المحامين" إلى "استخبارات شخصية" لنتنياهو ليست جيدة كما تبدو للوهلة الأولى. فضلاً عن ذلك فإنها قادرة على زعزعة الموقف الهش لرئيس الوزراء الإسرائيلي على المدى البعيد، وجعله رهينة لرؤيته الخاصة للوضع الإقليمي.
عودة "المحامين"
على الرغم من أن وحدة "إفشا ميستابرا" "Ifcha Mistabra" لم تتوقف رسمياً عن العمل ليوم واحد منذ إنشائها في عام 1973، إلا أن أنشطتها ظلت لفترة طويلة في ظل إخوانها الأكثر شهرة من الشاباك والموساد.
ولكن "المحامين" عادوا مؤخراً إلى الظهور على الصفحات الأولى لمعظم وسائل الإعلام الإسرائيلية. وكل ذلك بفضل عضو الكنيست عن حزب الليكود أميت هاليفي، الذي قدم إلى اللجنة الوزارية للتشريع مشروعاً لإصلاح هذا الهيكل ونقله من الاستخبارات العسكرية إلى هيكل مكتب رئيس الوزراء، وتقديم التقارير مباشرة إلى رئيس الحكومة.
تجدر الإشارة إلى أن صاحب مبادرة الإصلاح المثيرة للجدل لم يتم اختياره بالصدفة. فبالإضافة إلى انتمائه إلى حزب الليكود (أكبر حزب في الائتلاف الحكومي، والذي يرأسه رئيس الوزراء الحالي أيضًا)، يُذكَر أن هاليفي عمل "كناطق باسم نتنياهو" على مدار العام الماضي.
لقد انتقد مرارًا وتكرارًا قيادة الجيش وقيادة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بسبب "الإخفاقات المنهجية والصمت". وكان أيضًا من أوائل الذين دعوا وزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى الاستقالة - حتى قبل أن يبدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي في المطالبة بذلك.
الآن، يبدو أن هاليفي يعبر عن رأي نتنياهو من أجل إنقاذه من ضرب سمعته وتقديم الإصلاح كمشروع برلماني، وليس مبادرة من شخص معين.
الاستخبارات الشخصية
إن نقل "إفشا ميستابرا" إلى رئاسة الوزراء يفتح فرصاً جديدة أمام القيادة الإسرائيلية. أولاً وقبل كل شيء، سيتمكن نتنياهو من تلقي المعلومات العملياتية وتحليل الوضع الإقليمي "من مصدره الأصلي" ووفقاً لطلباته الخاصة.
هذا لن يقلل فقط من الوقت الذي يستغرقه الحصول على البيانات، بل سيقلل أيضاً من تأثير الشخصيات السياسية التي يخوض رئيس الوزراء الحالي معها مواجهة صعبة على عملية صنع القرار.
ثانياً، في أيدي نتنياهو، يتحول "المحامون" إلى أداة ملائمة للضغط على الممثلين غير المرغوب فيهم من الكتلة الأمنية، لأنهم يركزون على انتقاد المقترحات المقدمة.
بالإضافة إلى تفكيك التقارير التي قدمها الجيش وقيادة الشاباك، قد يتم توجيه رأس حربة "الاستخبارات الشخصية" ضد المعارضة البرلمانية، والتي يرأسها أيضاً مسؤولون أمنيون مؤثرون (على سبيل المثال، العضو السابق في "المجلس العسكري" بيني غانتس).
وبناء على مقترحات "المحامين"، يمكن لأنصار نتنياهو تحديد نقاط ضعف خصومهم ومنعهم من تعزيز مواقعهم في البرلمان.
بالإضافة إلى ذلك، يرى نتنياهو في إنشاء إدارة جديدة فرصة لتجنب المسؤولية عن "فشل الدفاع" ضد حماس في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وبالنظر إلى أن "المحامين" حاولوا على ما يبدو تحذير القيادة الإسرائيلية من الهجوم الوشيك من قطاع غزة، لكن "قيادة الجيش لم تسمعهم"، فقد يستخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي تقاريرهم كتأكيد على "الإهمال الإجرامي" لشخص آخر.
الجانب الآخر
على الرغم من حقيقة أن دمج وحدة "إفشا ميستابرا" الخاصة في مكتب رئيس الوزراء سيسمح للقيادة الإسرائيلية بالحصول على مصدر دائم للبيانات العملياتية عالية الجودة، إلا أنه إذا تم تنفيذ الإصلاح بنجاح، فإن مكتب نتنياهو يخاطر بمواجهة عدد من المشاكل.
والأولى تكمن في تخصص القسم ذاته. فقد تم إنشاء وحدة "محامي الشيطان" كثقل موازن طبيعي داخل "قسم الأبحاث" في الاستخبارات العسكرية، ولم يركزوا كثيراً على انتقاد الحلول التي يقترحها المحللون العسكريون (رغم أنهم غالباً ما فعلوا ذلك)، بل ركزوا على وضع سيناريوهات غير محتملة. ومن الطبيعي أن يؤدي إزالة الثقل الموازن إلى اختلال التوازن في عمل القسم.
بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لتصريحات ضباط الاستخبارات العسكرية، فقد أثبت "المحامون" عدم فعاليتهم: فلم يتم تأكيد توقعاتهم في معظم الحالات عملياً، والنجاح الكبير الوحيد الذي تحقق في السنوات الأخيرة (الكشف عن خطة تطوير هجوم حماس في الأيام الأولى من عملية عاصفة الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول 2023) محل نزاع من قبل أقسام متخصصة أخرى.
وهناك مشكلة واضحة أخرى تتمثل في ضعف الحماية النسبية لمكتب رئيس الوزراء من العمل التخريبي للعدو. بعد التسريب الصاخب للوثائق السرية من مكتب نتنياهو في خريف عام 2024 ("قضية فيلدشتاين")، أصبحت قدرة رئيس الوزراء على ضمان سلامة البيانات السرية موضع شك متزايد.
فضلاً عن ذلك، ونظراً لخصوصيات العلاقة بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، فإن أي تغيير في ميزان القوى يفتح الباب أمام إحتمال المؤامرات. وقد يتحول "المحامون" من أداة لإبلاغ رئيس الوزراء إلى أداة لتشويه سمعة الأخير.
وخاصة أن رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، آرون هاليفي، أصبح أول ضحية لعمليات التطهير في الجيش التي بدأها نتنياهو، وهناك الكثير من الأشخاص في القسم الذين يريدون الإنتقام من رئيس الوزراء. ولا يستبعد وجود مثل هؤلاء الأشخاص بين "المحامين" أيضاً.
وأخيراً، يلعب العامل الشخصي دوراً مهما. إن نتنياهو، الذي يتمتع بشخصية معقدة وكاريزما مؤثرة، قادر تماماً على "الدفع" بالقسم الذي تم إنشاؤه حديثاً، وفرض رؤيته الخاصة للوضع السياسي المحلي والإقليمي عليه. وهذا بدوره محفوف بمخاطر تشويه البيانات المقدمة في تقارير "الاستخبارات الشخصية" لإرضائه.