|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
الطاهر المعز
2024 / 11 / 18
مَنَعَ البرلمان الأوروبي- سنة 2017 - جماعات الضغط التي تعمل لصالح شركة مونسانتو للبذور والمواد الزراعية المعدلة وراثيا والمبيدات، من دخول مبنى البرلمان، لما رفضت الشركة الأمريكية العابرة للقارات الإجابة على أسئلة أعضاء البرلمان الأوروبي، بشأن فضيحة "أوراق مونسانتو"، ولكن اختلف الأمر بشأن شركة الأدوية الأمريكية العابرة للقارات "فايزر"، رغم الأدلّة والحجج والشّهادات التي جمعتها اللجنة الخاصة بشأن كوفيد، بداية من آذار/مارس 2022، ورغم إقرار أغلبية كبيرة من أعضاء البرلمان الأوروبي في اللجنة الخاصة المعنية بكوفيد-19 ، يوم 11 كانون الثاني/يناير 2024، حَظْرَ دخول ممثلي شركة فايزر إلى مَبْنى البرلمان، ولكي يُصبح القرار سارِيًا وجبت موافقة رئيسة البرلمان ورؤساء المجموعات السياسية، ورفضت هذه الزُّمْرة الموافقة على القرار، مطالبة بالتّرَيُّث، رغم رَفْضِ الرئيس التنفيذي لشركة فايزر للمختبرات والأدوية الحضورَ للرّدِّ على أسئلة نواب البرلمان الأوروبي بخصوص محتوى العقود الموقعة مع رئيسة مُفَوّضِيّة الاتحاد الأوروبي لتسليم اللقاحات المضادة لكوفيد-19، ( آخر مرة رفض الحُضُور كانت يوم العاشر من تشرين الأول/اكتوبر 2024) ومع ذلك رفضت هيئة صنع القرار في البرلمان الأوروبي ( رؤساء المجموعات السياسية السّبْع المُمثَّلَة في البرلمان الأوروبي) يوم الخميس 15 شباط/فبراير 2024 معاقبة شركة فايزر بسحب شارة الوصول إلى المبنى من ممثليها، كما قررت هيئة برلمانية بالبرلمان الأوروبي رَفْضَ طَلَب استجواب رئيسة الإتحاد "أورسولا فون دير لاين" خلال جلسة استماع حول الدور الذي لعبته في المفاوضات بشأن عقود مكافحة كوفيد مع شركة فايزر، كما رفضت اللجنة البرلمانية سحب ترخيص دخول ممثلي شركة فايزر إلى مَبْنى البرلمان الأوروبي، وتم اتخاذ هذه القرارات داخل لجنة مُضَيَّقَة تُمثل رؤساء الأحزاب، بالتوافق وبدون تصويت، مما يثير تساؤلات حول الإندماج بين الحكومات الأوروبية (التي تُمثّلها المُفَوّضية) والبرلمان الأوروبي، كما أقَرّت نفس الهيئة ( رئيسة البرلمان ورؤساء المجموعات السياسية المُمَثَّلَة في البرلمان الأوروبي) مطلبا رئيسيا آخر قدمته في يناير/كانون الثاني اللجنة الخاصة المعنية بكوفيد-19، ويتمثل الطّلب في عَقْدِ جلسة استماع -علنية نظريا- لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، حتى تتمكن من شرح الدور الذي لعبته في التفاوض على العقد مع شركة فايزر، وهو الأهم من بين جميع العقود المبرمة مع شركة فايزر أثناء الوباء، وأثارت هذه القرارات المُنحازة للشركات العابرة للقارات – مثل فايزر – جدلاً، مما اضطر لجنة رؤساء المجموعات إلى قبول مبدأ إجراء مناقشة الموضوع خلال اجتماع مغلق مع رئيسة المُفوّضية، في غياب المسؤولين المنتخبين المتخصصين في هذه القضايا.
تعود حيثيات القضية إلى فترة انتشار وباء كوفيد – 19، حيث قامت المفوضية الأوروبية، نيابة عن الدول الأعضاء الـ 27، بعمليات شراء جماعية للقاحات، ولا سيما من شَرِكَتَيْ فايزر و بيونتيك، وكشفت صحيفة نيويورك تايمز، خلال شهر نيسان/ابريل 2021، بعض خفايا هذه الصّفقة، ومن بينها تبادُل الرّسائل النّصِّيّة ( SMS ) بين رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين" و ألبرت بورلا المدير التنفيذي لشركة فايزر، أثناء التفاوض على هذا العقد، الذي يُعتبر هو الأكْبَرُ الذي يبرمه الاتحاد الأوروبي خلال هذه الفترة بقيمة 35 مليار يورو إذا تم تسليم جميع الجرعات المخطط لها. وتضمنت الاتفاقية، التي تم التوقيع عليها يوم 19 أيار/مايو 2021، تسليم 900 مليون جرعة من اللقاحات خلال سنتَيْ 2022 و2023، مع إمكانية طلب 900 مليون جرعة إضافية، وتم اتهام السّلطة التنفيذية الأوروبية، خلال شهر حزيران/يونيو 2022، بسوء الإدارة، بعد رفْضها نَشْرَ تفاصيل المفاوضات بشأن الصّفقة كما رفضت نَشْرَ النُّصُوص المُتبادَلَة التي أشارت إليها صحيفة نيويورك تايمز، وأدّى رفض نشر التفاصيل إلى تقديم أمينة المظالم في الاتحاد الأوروبي، قضيةً بشأن " سوء الإدارة"، ونشرت محكمة مراجعي الحسابات في الاتحاد الأوروبي تقريرًا ( تشرين الأول/اكتوبر 2022) حول شراء اللقاحات، وأوضح التّقْرِير "رَفْضَ المفوضية ( مرة أخرى ) تقديم أي معلومات حول المفاوضات الأوَّلِيّة لهذا العِقْد"، مما أدّى إلى فتح تحقيق – خلال نفس الشّهر، تشرين الأول/اكتوبر 2022 – من قِبَل مكتب المدعي العام الأوروبي، بشأن اقتناء اللقاحات في الاتحاد الأوروبي، ما أدّى إلى اهتمام بعض وسائل الإعلام الأوروبية بهذه القضية، لأن المفوضية ملزمة قانوناً بجعل هذه الرسائل النصية القصيرة علنية باعتبارها "وثائق عمل" وليست معلومات تتعلّق بالحياة الخاصّة بأرسولا فون دير لاين والمدير التنفيذي لشركة فايزر، وازدادت أهمية القضية لما تم اكتشاف ملايين الجرعات المُخَزّنة في مستودعات أوروبا والتي اقتربت نهاية مدّة صلاحيتها، كما بدأت بعض أطراف المجتمع المدني في أوروبا تطرح مسألة إلغاء العقد الذي شاَبَهَ الغموض وانعدام الشّفافية، واضطرت اللجنة الخاصة المعنية بكوفيدن يوم 11 كانون الثاني/يناير 2024، إلى طَرْح مسألة منع وصول ممثلي شركة فايزر إلى البرلمان، وهو الموضوع الذي خلق انقسامات بين المجموعات المُمَثَّلَة في البرلمان الأوروبي...
بَرَّرَ دفاعُ المفوضيةِ الأوروبيةِ، أمام محكمة الاتحاد الأوروبي في لكسمبورغ، يوم 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، رَفْضَ رئيسة المفوضية "أورسولا فون دير لاين" ( التي لم تكن حاضرة شخصِيًّا) نَشْرَ الرسائل النصية القصيرة المتبادلة بينها وألبرت بورلا، المدير التنفيذي لشركة فايزر، واعتبر هذه الرّسائل غير ذات أهمّيّة، بينما يتعلق الموضوع بالتّفاوض على أكبر العقود في تاريخ المؤسسة الأوروبية في خضم أزمة كوفيد-19، مما يُؤكّد غُموض عمل المفوضية الأوروبية وافتقارها إلى الشفافية، بينما كشفت صحيفة نيويورك تايمز وجودها منذ أكثر من ثلاث سنوات، ونشرت صحيفة أمريكان ديلي نصًا عن فحوى إحدى المقابلات بين رئيسة المفوضية والرئيس التنفيذي لشركة فايزر، خلال المفاوضات التي أسفرت عن شراء 4,6 مليارات جرعة من لقاحات كوفيد 19 بقيمة 71 مليار يورو، وفق تقرير محكمة مراجعي الحسابات الأوروبية نُشر يوم 12 أيلول/سبتمبر 2022، فيما ادّعى محامي رئيسة المفوضية الأوروبية إن أورسولا فون دير لاين لم تحتفظ بهاتفها القديم (الذي يحتوي على نصوص الرسائل القصيرة المُتبادَلَة مع الرئيس التنفيذي لشركة فايزر) ولا بالفواتير ولا بنسخة من الرسائل والمُكالمات
يجب انتظار عدّة أشْهُر قبل إعلان حكم محكمة الاتحاد الأوروبي الذي يمكن أن يشكل سابقة، قد تُجْبِرُ المؤسسات الأوروبية على التزام الشفافية وإمكانية اطِّلاع نواب البرلمان الأوروبي والصحافيين والجمهور على الوثائق التي تخص حياتهم وسَيْر مؤسسات الإتحاد الأوروبي، في إطار إصلاح شامل يُحَوّل هذه المؤسّسات إلى أُطُر ديمقراطية...
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |