مجتمع الميم: بين الحق في القيادة ورفض المجتمع والدولة

منظمة مجتمع الميم في العراق
2024 / 11 / 15

في عالمنا اليوم، لا يزال الطريق نحو العدالة والمساواة مليئًا بالعقبات أمام الأشخاص المثليين والعابرين جندريًا، الذين يُجبرون على التعايش مع نظرة المجتمع القاتمة لهم كأشخاص “مختلفين” أو “غير طبيعيين”. في العديد من الدول، بما في ذلك العراق ودول الشرق الأوسط، يواجه هؤلاء الأفراد أزمات لا تنتهي من التمييز المجتمعي، العنف المنظم، وتحديدًا القوانين القمعية التي تُجرّمهم لمجرد كونهم على طبيعتهم. بدلًا من تعزيز التنوع والقبول، تُعزز التشريعات السائدة ثقافة العنف والاضطهاد.

في العراق، يظل المثليون والعابرون جندريًا في دائرة الخوف والتهديد الدائم. لا تقتصر المعاناة على العنف المجتمعي والتمييز، بل تشمل أيضًا قوانين قمعية تُجَرّم الميول الجنسية غير التقليدية. بدلاً من أن تكون الدولة ركيزة للعدالة والمساواة، نجدها في بعض الأحيان تُبرر عمليات القتل والتعذيب ضد هؤلاء الأفراد تحت مسميات مثل “الجرائم الأخلاقية” أو “انتهاك الهوية الثقافية”. في العديد من الحالات، تؤدي هذه التشريعات إلى هدم حياة المثليين والعابرين جندريًا، سواء عن طريق الاعتقال التعسفي أو النفي الاجتماعي أو حتى القتل.

هذا الوضع ليس مجرد مسألة اجتماعية أو قانونية، بل هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان. القوانين التي تتيح تقييد الحريات أو تبرر القتل باسم الشرف تتناقض تمامًا مع المبادئ الأساسية للعدالة والكرامة الإنسانية. إن هذه المعاملة الظالمة لا تُؤذي فقط الأفراد المثليين والعابرين جندريًا، بل تؤثر سلبًا على المجتمع ككل، لأنها تروج لثقافة الإقصاء والعنف بدلًا من التسامح والتنوع.

المثلية ليست جريمة: بل استحقاق في القيادة

إن التقدّم الذي أحرزته بعض المجتمعات، مثل فوز سارة ماكبرايد في الكونغرس الأمريكي كأول امرأة عابرة جندريًا، يُظهر لنا أن الفرص يجب أن تكون متاحة لجميع الأفراد بغض النظر عن هويتهم أو ميولهم الجنسية. إن قصص مثل سارة وماكبرايد تشهد على قدرة المثليين والعابرين جندريًا على أن يكونوا قادة، مؤثرين في السياسة، وخبراء في مجالاتهم. لكن للأسف، هذه الفرص تبقى غير متاحة في الكثير من المناطق في العالم العربي والعراق، حيث تُستبعد هذه الفئة من دوائر القرار والمشاركة المجتمعية.

المثليون والعابرون جندريًا ليسوا بحاجة إلى “مِنح” أو “إحسان” لتولي مواقع القيادة. إنهم ببساطة يستحقون أن يُمنحوا هذه الفرص كجزء من حقهم الأساسي في الحياة والعدالة. تاريخ طويل من العنف والتهميش ضدهم لا يجب أن يُبنى عليه فشل المجتمع في تقديم الفرص المتساوية لهم. بل العكس، يجب أن يُنظر إلى هؤلاء الأفراد على أنهم مناضلون من أجل حقوقهم، وليس كـ “استثناء” من القاعدة.

تجاوز العقلية الإقصائية

لن يتحقق التغيير في المجتمع بمجرد قبول المثليين والعابرين جندريًا في الأماكن العامة فقط، بل يجب أن يتمكنوا من الوصول إلى الفرص القيادية في السياسة، الاقتصاد، والتعليم. لن يكون للمجتمع قدرة على النمو والتطور إذا استمر في رفض التنوع والاختلاف. هذا التغيير يتطلب تضافر الجهود من الأفراد والمؤسسات والسلطات التشريعية. في بلدان مثل العراق، حيث يُتهم الأشخاص المثليون والخناثى بعنف ممنهج من قبل الدولة والمجتمع، هناك حاجة ملحة إلى تشريعات تحميهم وتؤمن حقوقهم الأساسية.

وفي هذا السياق، لا يمكن فصل هذه المعركة عن النضال من أجل حقوق الإنسان بشكل عام. فحقوق المثليين والعابرين جندريًا هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان التي تستحق الحماية، ويجب أن تقف المجتمعات مع هؤلاء الأفراد في رفض القوانين القمعية التي تعزز العنف ضدهم.

طريق طويل نحو القبول والمساواة

إن الطريق إلى المساواة في الحقوق والفرص لم يكن يومًا سهلًا، ولكن في الوقت الذي يواصل فيه المجتمع الدولي خطواته نحو احترام حقوق المثليين والعابرين جندريًا، يجب أن نعمل على تجاوز جميع العقبات القانونية والاجتماعية في مجتمعاتنا. المثليون والعابرون جندريًا هم بشر، مثلهم مثل أي فرد آخر، ويستحقون أن يعيشوا حياتهم بحرية وكرامة. إن نضالهم من أجل حقوقهم هو نضال من أجل مستقبل أكثر شمولية، حيث يسود القبول والتنوع، وتُمنح الفرص للجميع دون استثناء.

لن يتوقف هؤلاء الأفراد عن القتال من أجل أن يتمكنوا من التعبير عن هويتهم والحصول على حقوقهم الأساسية، من الحب إلى القيادة، وهذا ما يجعلهم أكثر قوة. إن حقهم في أن يكونوا أنفسهم هو حق يجب أن يُصان، وأن يحصلوا على الفرص القيادية هو أمر مستحق. إذًا، هل سيكون لنا طريقة واحدة للحب؟ بالطبع لا. فالحب والتنوع جزء من الطبيعة البشرية، ونحن بحاجة إلى بناء عالم يحتفل بذلك بدلاً من أن يقمعه.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي