العمة دبة الجزء الخامس

طلال حسن عبد الرحمن
2024 / 11 / 14

إن أنا إلا ..

الببغاء قرب القفص ،
الثعلب يجلس إلى المائدة

الببغاء : " يحدق فيه صامتاً " ....
الثعلب : لم تأتِ العمة دبة .
الببغاء : ستأتي ، ربما عند المساء .
الثعلب : " ينهض " لكني جائع .
الببغاء : يا للأسف ، ليس عندي ، كما تعرف ،
ما أقدمه لكَ .
الثعلب : " يميل نحوه " قدم لي نفسك .
الببغاء : " يحدجه بنظرة منفعلة " ....
الثعلب : إنني أمزح معك " يتجه نحو الباب "
لعل العمة عند النهر ، تصطاد السمك ،
فلأذهب إليها " يتوقف عند الباب " ببغاء
، قل لي ..
الببغاء : " ينظر إليه صامتاً " ....
الثعلب : عندما أتيتُ ، رأيت عدة نملات يخرجن
من هنا .
الببغاء : جئن يسألن عن العمة دبة .
الثعلب : مثلي .
الببغاء : ليس مثلك ، فهن لسن جائعات .
الثعلب : النمل لا يجوع .
الببغاء : لو كنّ مثلك لجعن .
الثعلب : " يحذره " ببغاء .
الببغاء : إنهن يعملن ، ليل نهار .
الثعلب : لم أرَ بينهن نملة عمياء .
الببغاء : إنهن وفد .
الثعلب : لو كان بينهن نملة عمياء ، لكنتَ الآن ،
تقفُ في مكانك ، هيكلاً عظمياً .
الببغاء : الأفضل أن تذهب ، فقد يشم النمل
الأعمى رائحتك ، ويأتي إليك ..
الثعلب : استقبله نيابة عني ، إذا أتى " وهو
يخرج مسرعاً " وداعاً .
الببغاء : ليت النمل الأعمى يحظى بهذا الثعلب
اللعين ، ويخلصني منه " يصمت " ترى
ماذا يريد النمل من العمة دبة ؟ لابد أن
لديه ما يهمه ، وإلا ما جاء يسأل عن
العمة عدة مرات ، لكن .. " ينصت "
هذا ليس النمل ، آه إنها .. العمة .

تدخل العمة دبة ، تحمل
سلة فيها عدة أسماك

الببغاء : الثعلب كان هنا ، وخرج للبحث عنكِ .
العمة : " تضع السلة فوق المنضدة " رآني
قرب النهر ، فأعطيته سمكة كبيرة ،
وصرفته .
الببغاء : هذا ما أراده .
العمة : لا بأس ، إنه جائع .
الببغاء : لو يعمل كما يعمل النمل ، لما جاع .
العمة : إنه ثعلب ، وليس نملة .
الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : " تنظر إليه " ....
الببغاء : جاء وفد النمل ، اليوم أيضاً .
العمة : النمل يطلب المستحيل .
الببغاء : أنتِ لم تقابلي الوفد .
العمة : تسرب إليّ ما يريده .
الببغاء : ماذا يردن ؟
العمة : ليتهن يعرفن ، إنني لا أجترح
المستحيل ، فإن أنا إلا .. " تنصت
صامتة " ها هنّ قادمات .
الببغاء : كوني رقيقة معهنّ .

يُدفع الباب ، وتدخل النملات
الواحدة بعد الأخرى

السوداء : أخيراً حظينا بكِ .
الببغاء : " مخاطباً العمة دبة " المسكينات جئن
إليكِ مرات ومرات .
العمة : حسن ، ها أنا ذي .
الرمادية : أيتها العمة ، نحن في محنة .
العمة : الجميع هنا في محنة .
نملة الرز : محنهم ليست كمحنتنا .
الحمراء : محنتنا محنة وجود .
هزازة الذيل : نعم ، نكون أو لا نكون .
العمة : أنتن كائنات .
السوداء : لكن كينونتنا مهددة ، فأعداؤنا كثيرون .
الرمادية : وقد حاولنا تجنبهم ، بكل الطرق
الممكنة ، لكن دون جدوى .
الحمراء : لقد بنينا ، نحن النمل الأحمر ، بيوتاً
ضخمة ، متينة ، فوق الأرض ، وعشنا
تحتها ، لكن آكل النمل ، كان يحطم تلك
البيوت بسهولة ، ويفترسنا الواحدة بعد
الأخرى .
الببغاء : يا للمتوحش .
الرمادية : ولكي نحمي أنفسنا من الإبادة ، نحن
النمل الرمادي ، كنا نلجأ إلى الهرب ،
لكن السحالي والعناكب والطيور ، كانت
أسرع منا ، فتقطع علينا الطريق ، وتفتك
بنا .
الببغاء : المجرمون .
نملة الرز : أما نحن ، نمل الرز ، فاخترنا أن نعيش
تحت الأرض ، لكن ما إن نخرج إلى
السطح ، حتى ينقض علينا آكل النمل ،
ويأكلنا .
الببغاء : القاتل .
هزازة الذيل : ونحن ، هزازو الذيل ، التجأنا إلى
أعالي الأشجار ، لعلها تعصمنا ، لكن
كثيراً ما كانت أم أربع وأربعين تتربص
بنا ، وإذا أفلتنا منها ، فأن الطيور
الجائعة ، كانت تلاحقنا ، من شجرة إلى
شجرة ، وقلما تفلت منّا واحدة .
الببغاء : " يهز رأسه " ....
السوداء : أيتها العمة ..
العمة : " تنظر إليها صامتة " ....
السوداء : أنت ملاذنا الأخير ..
الرمادية : نريد حلاً ..
نملة الرز : وإلا أبدنا ..
العمة : ماذا أقول .. ؟
هزازة الذيل : لا تقولي شيئاً الآن ، فكري ، وسنأتي
بعد أسبوع .
الرمادية : نريد أن نبقى .
السوداء : وسنبقى بفضلكِ .
العمة : " تطرق صامتة " ....
السوداء : " للأخريات " لنذهب الآن " تتراجع ".
الرمادية : " تتراجع " نعم ، لنذهب ، وندع العمة
دبة تفكر .
نملة الرز : " تتراجع " سنبقى ..
هزازة الذيل : نعم ، سنبقى ، مادامت قضيتنا بين يدي
.. العمة دبة .
السوداء : " وهي تخرج " هيا يا عزيزاتي .

النملات الثلاث يخرجن ،
ويغلقن الباب وراءهن

الببغاء : سيأتين بعد أسبوع ..
العمة : " تنظر إليه " ....
الببغاء : كلهنّ أمل .
العمة : لا أدري لماذا يتصور البعض ، بأنني
أعرف كلّ شيء .. وأنني قادرة على كلّ
شيء ..
الببغاء : " ينظر إليها صامتاً " ..
العمة : " تصيح " إن أنا إلا ..
الببغاء : دبة ..
العمة : " تحدق فيه " ....
الببغاء : أنتِ دبة .. عظيمة .

الببغاء ينظر إليها صامتاً ،
العمة تتنهد بهدوء وارتياح

إظلام

24 / 8 / 2016




شجرة السيكويا


بيت العمة دبة ،
الببغاء أمام قفصه

الببغاء : آه كم أنا متعب ، فلأتمدد بعض الوقت "
يتمدد " لعلي أرتاح قليلاً ، قبل أن تأتي
العمة دبة ، وتطير النوم من عينيّ
بثرثرتها عن .." يصمت لفترة ، ثم يرتفع
غطيطه " خ خ خ خ ..

تدخل العمة دبة ،
الببغاء يعتدل متثائباً

الببغاء : طار النوم .
العمة : طاب نهاركَ .
الببغاء : سيطيب إذا قلت الثرثرة في هذا البيت .
العمة : لابدّ أن أحدهم قد زارني ، خلال فترة
غيابي .

الببغاء : فراشة ، وأي فراشة .
العمة : يبدو أنك انشغلت بجمالها ، فلم تسألها
عما تريد .
الببغاء : كنت متعباً ، وأردت تجنب ثرثرتها ،
يكفيني ما أسمعه من ثرثرة الدببة هنا ..
العمة : " تقاطعه " ببغاء .
الببغاء : أعني حديث الدبة ، حديثك ، المليء
بالحكم والعلوم .
العمة : آه منكَ .
الببغاء : لا عليكِ ، ستأتي إن عاجلاً أو آجلاً ،
فهي متلهفة للقاء بك .
العمة : لو تعرف من رأيت .
الببغاء : لا تقولي ، إنكِ رأيتِ الثعلب .
العمة : كلا ، وإنما رأيتُ السلحفاة البحرية .
الببغاء : لا بأس ، فثرثرتها تفوح بروائح أعماق
البحار .
العمة : وحدثتني عن النباتات البحرية .
الببغاء : عن شقيق البحر مثلاً .
العمة : لا ، فشقيق البحر ليس نباتاً ، بل
حيواناً .
الببغاء : هذا ما قالته لي السلحفاة البحرية مرة ،
ولم أصدقها .
العمة : كان عليك أن تصدقها ، فهي لا تكذب .
الببغاء : سأصدقها ، وأصدقكِ ، ولو إن عالمنا
مليء بالكذب " الباب يُطرق " جاءت
الفراشة .
العم : " تنظر إلى الباب " تفضلي ، الباب
مفتوح .

تدخل فراشة ملونة ،
كأنها قوس قزح

الببغاء : " للفراشة " ها هي العمة دبة .
الفراشة : أشكركَ " للعمة دبة " طاب يومكِ ، يا
سيدتي .
العمة : أهلاً ومرحباً بكِ .
الفراشة : جئت قبل قليل ، وسألتُ عنكِ .
العمة : نعم ، أخبرني بذلك عزيزي الببغاء "
تحدق فيها " أهلاً بكِ ، يبدو أنك من قارة
أمريكا .
الفراشة : إنني أعيش هنا ، لكن جاءني ضيف من
نوعي ، وقال إنه قادم من أمريكا .
العمة : آه ، أمريكا قارة واسعة .
الفراشة : وقال إنه من ولاية كالفورنيا .
العمة : هذه من الولايات الجميلة ، والغنية
بتنوعها النباتي والحيواني .
الفراشة : أردتُ أن أسألك عن شجرة السيكويا .
العمة : أظن أنني أعرف الكثير عنها ، تفضلي
، اسألي .
الفراشة : قيل لي ، إن بذور هذه الشجرة كي تنمو
، تحتاج إلى البقاء تحت الأرض ، نحو
عشرين عاماً .
الببغاء : " مذهولاً " عشرين عاماً !
الفراشة : هذا ما قيل لي .
العمة : ببغاء ، لنسمع إلى عزيزتنا الفراشة .
الببغاء : إنني لم أسمع ، طول حياتي ، بشجرة ..
العمة : " تقاطعه " ببغاء ، اصمت لحظة "
للفراشة " تفضلي ، يا عزيزتي .
الفراشة : " تنظر إلى الببغاء " ....
الببغاء : إذا كانت البذرة تحتاج إلى عشرين عاماً
كي تنبت ، فكم يكون عمر الشجرة ؟
الفراشة : قيل لي ، إن عمرها يمتدّ إلى نحو أربعة
آلاف عام .
الببغاء : " يصيح " هذا كذب .
العمة : ببغاء ..
الببغاء : " للعمة دبة " تقول أربعة آلاف عام .
العمة : دعنا نسمع .
الببغاء : لكن للكذب حدوداً .
العمة : ولصبري أيضاً حدود .
الببغاء : " يغالب رغبته في الردّ ، لكنه يفضل
الصمت " ....
العمة : " للفراشة " تفضلي ، يا عزيزتي ، إنني
أسمعكِ .
الفراشة : وارتفاعها ، شجرة السيكويا ، يمتدّ إلى
نحو " 2500 " قدم .
الببغاء : " يصيح " ماذا !
العمة : " تنظر إليه " ....
الببغاء " يلوذ بالصمت " ....
العمة : " للفراشة " تفضلي .
الفراشة : أما اتساعها ، أعني شجرة السيكويا ،
فيشمل دائرة محيطها " 100 " قدم .
الببغاء : آه لم يعد للكذب حدوداً .
العمة : " تهز رأسها " ....
الفراشة : هذا ما قاله لي .
الببغاء : الذكر القادم من قارة أمريكا ؟
الفراشة : نعم .
الببغاء : لا تصدقيه .
الفراشة : " تنظر مستغيثة إلى العمة دبة " ....
العمة : لابد أنه يريد أن يأخذكِ إلى أمريكا ..
الفراشة : " تداري خجلها " نعم ..
العمة : رفيقة عمر ، زوجة ..
الفراشة : " تهز رأسها أن نعم " ....
العمة : " تهمهم " هم م م م .
الفراشة : لو تعرفين ، أيتها العمة ، كم أكره
الكذب ، ولا أستطيع أن أتصور ، أنني
يمكن أن أتزوج كذاباً .
العمة : تزوجيه .
الفراشة : أيتها العمة ..
العمة : تزوجيه ، تزوجيه ، يا عزيزتي ،
واذهبي معه إلى أمريكا ، وسترين هناك
شجرة السيكويا بنفسكِ .
الفراشة : لكن ما قاله عنها ..
العمة : كلّ ما قاله صحيح ، يا عزيزتي .
الفراشة : " فرحة " أشكركِ " تتجه إلى الخرج "
أشكركِ جداً " تتوقف عند الباب ، وتنظر
إلى الببغاء مبتسمة "وداعاً ، يا عزيزي ،
وداعاً .
الببغاء : وداعاً .
الفراشة : " تخرج " ....
الببغاء : لم أصدق كلمة واحدة ، مما قاله لها ذلك
الذكر الأمريكي .
العمة : " تضحك " ....
الببغاء : ليس كلّ الذكور مثله .
العمة : " تنظر إليه بمحبة " ....
الببغاء : تلك الفراشة عاشقة ، ولديها استعداد
لتصديق كلّ ما قاله من أرقام خيالية ،
وأنتِ شجعتها على تصديقه .
العمة : لكن ما قاله ذكر الفراشة ، القادم من
أمريكا ، كان صحيحاً .
الببغاء : البذرة تبقى تحت الأرض عشرين عاماً
لتنبت !
العمة : ويمتد عمر شجرتها إلى أربعة آلاف
عام .
الببغاء : سأجن .
العمة : " تضحك " ....

تخفت الأنوار شيئاً
فشيئاً ، حتى تنطفىء

إظلام

× ـ شجرة السيكويا : شجرة ضخمة تنمو في ولاية كاليفورنيا في أمريكا ، لكن هناك شجرة أضخم منها ، وأكثر ارتفاعاً في نفس الولاية بأمريكا هي شجرة " الخشب الأحمر " ، يصل ارتفاعها إلى " 1116 "متراً ، وتعيش مثلها نحو أربع آلاف عام .


17 / 9 / 2016















حوت العنبر القزم


يدخل الثعلب متلفتاً ،
شاطئ بحر رملي

الثعلب : أيتها العمة ، تعالي ، لقد وصلنا .
العمة : " تدخل متعبة " قتلتني أيها اللعين "
تتوقف لاهثة " كان عليّ أن أصدق
الببغاء هذه المرة ..
الثعلب : دعكِ من الببغاء ، لقد شاخ ، وخرف
تماماً .
العمة : " تضحك وهي مازالت تلهث " لو أن
الببغاء يسمعك ، لنسي خوفه منك ،
وانقض عليك ، وقطع لسانك بمنقاره .
الثعلب : لا أبالي بالببغاء ، المهم عندي أنك
أصغيِتِ إليّ ، وصدقتني .
العمة : " تتلفت حولها " آمل أن لا أكون قد
أخطأت هذه المرة .
الثعلب : أنت لم تخطئي ، سأحصل منك على
قرص العسل ، وستكونين ممتنة مني "
ينظر إلى الخارج فرحاً " ها هي السلحفاة
، التي حدثتك عنها ، قادمة ، انظري ..

تدخل سلحفاة ضخمة جداً ،
العمة دبة تحدق فيها مذهولة

العمة : آآآه ..
الثعلب : لكي تعرفي أنني صادق دائماً
العمة : " مازالت تنظر مذهولة إلى السلحفاة "
أعرف أنك صادق ، ولكن ليس دائماً .
السلحفاة : " تتوقف وتنظر إلى العمة دبة " مرحباً
أيتها العمة دبة .
العمة : " تنظر إلى الثعلب " ....
الثعلب : لقد حدثتها عنكِ .
العمة : " للسلحفاة " أهلاً ومرحباً بكِ .
السلحفاة : إنني في هذا العمر ..
الثعلب : " يهمس للعمة دبة " عمرها الآن 300
سنة .
العمة : " تنظر إلى السلحفاة مذهولة " ....
الثعلب : هذا ما أخبرتني به السلحفاة نفسها .
السلحفاة : " تواصل حديثها " أحب العلم ،
والعلماء ، وأنتِ ، على ما أخبرني
صديقي الثعلب ، عالمة جليلة .
العمة : أشكركَ ، إنني أحب العلم ، وأحاول
جهدي أن أتعلم .
السلحفاة : أنت متواضعة جداً ، أيتها العمة دبة ،
وهذه سمة من سمات العلماء العظام .
العمة : أشكرك ، أيتها السلحفاة المتميزة "
تحدق فيها " يبدو لي أنك أكبر سلحفاة في
العالم ، وأنا أعرف الكثير عنكِ ..
السلحفاة : " تبتسم " لا أدري إذا كانت معلوماتكِ
عني دقيقة ..
الثعلب : العمة دبة دقيقة جداً .
العمة : أنتِ سلحفاة غالاباغوس ، طولك
يتجاوز المتر والنصف ، ووزنك يصل
إلى " 249 " كيلوغرام ، ويصل عمرك
إلى أكثر من " 300 " سنة ..
السلحفاة : معلوماتك عني دقيقة فعلاً ، وليتني
أستطيع أن أحدثك عني ، وعن أنواعنا
نحن سلاحف غالاباغوس ، إلا أنني
للأسف مضطرة للذهاب ، فعليّ أن أضع
بيضي في جزيرة خاصة منعزلة وسط
المحيط ، وهذه الجزيرة بعيدة بعض
الشيء .
العمة : عفواً ، لا أريد أن اجعلك تتأخرين ،
لكني جئت لأتأكد من معلومات ، قال
الثعلب ، أنكِ ذكرتها له ، عن حوت
العنبر .
الثعلب : " يهمس لها " لم تصدقي ما قلته لكِ ،
وستعرفين الآن أنني كنت صادقاً .
العمة : : تشير له أن يصمت " ....
الثعلب : " يهمس لها " ستعرفين الآن الحقيقة من
السلحفاة نفسها .
العمة : قال لي الثعلب ، أنك حدثته عن حوت
العنبر ، وما أعرفه أنا عن هذا الحوت ،
أنه من أكبر الحيتان في العالم ، يصل
طوله إلى " 20 " متراً ، ويزيد وزنه عن
" 55 " طناً ، ويتكون طعامه عادة من
الحبار العملاق ، والحبار الأصغر ،
والقشريات ، والأسماك واسماك القرش ،
والاخطبوط ..
السلحفاة : " تضحك " أنت عالمة حقاً ، فمعلوماتك
دقيقة جداً ..
العمة : لكن ما قاله الثعلب ، وزعم أنك قلته ،
يختلف تماماً عما ذكرته الآن عن حوت
العنبر .
السلحفاة : " تنظر إلى الثعلب " ....
الثعلب : لم أحدثها عن هذا الحوت ، وإنما عن
حوت العنبر القزم ، وذكرت لها أن هذا
ما قلته عنه .
السلحفاة : " للعمة دبة " نعم ، يا عزيزتي ، أنا
حدثته عن حوت العنبر القزم ..
العمة : حوت العنبر القزم !
السلحفاة : نعم ، هذا ما حدثته عنه .
العمة : أرجوكِ حدثيني عن .. حوت العنبر
القزم .
السلحفاة : سأحدثك عنه باختصار ، فأنا مستعجلة
جداً ..
العمة : سأكتفي الآن بما ستذكرينه ، عسى أن
نلتقي بعد أن تضعي البيض ، فتحدثيني
عن كلّ شيء يتعلق بحوت العنبر القزم .
السلحفاة : حسناً ، حوت العنبر القزم ، نوع من
الحيتان المسننة ، وهذا النوع من الحيتان
قلما يُشاهد في البحار ، يبلغ طوله حوالي
ثلاثة أمتار ونصف ، ولا يتعدى وزنه "
440
" كيلوغرام ، وغذاؤه الاساسي الحبار
والسرطان والروبيان ، وقلما يأكل
الأسماك ، ويقع فريسة الحوت القاتل
الاوركا والقرش الأبيض " تنظر إلى
العمة دبة " هذا ما قلته باختصار للثعلب .
العمة : وهدا ما سمعته منه .
السلحفاة : عليّ أن أذهب الآن " تتجه ببطء
إلى الخارج " لا أريد أن أتأخر أكثر .
العمة : " تسير إلى جانبها " أشكرك ،
هذه المعلومات عن حوت العنبر
القزم ، معلومات قيمة جداً ، لم أكن
لأعرفها لولاكِ .
السلحفاة : " وهي تخرج " أراكما بخير .
العمة والثعلب : رافقتك السلامة .
الثعلب : أيتها العمة ..
العمة : " تسير مبتعدة " أنت صادق ..
الثعلب : والصادق ..
العمة : " ما زالت تسير مبتعدة " تعال ،
وسأعطيك قرص العسل ..
الثعلب : " فرحاً " سأكون صادقاً طول
الوقت .
العمة : هذا وعد ؟
الثعلب : خذيها مني ، وعد
العمة : حتى لو صدّقتُ وعدك ، فإن الببغاء لن
يصدقك .
الثعلب : المهم أن تصدقيني أنتِ ، أيتها العمة ،
أنتِ العسل .

تخرج العمة ضاحكة ،
الثعلب يخرج وراءها

إظلام

10 / 8 / 2023










وقواقة النحل


بيت العمة دبة ،
الببغاء أمام قفصه

الببغاء : وقواقة ، يا للقسوة ، من حسن الحظ ،
ليس بيننا نحن الببغاوات ، وقواقة ،
وليس بين الدببة أيضاً " يكتم ضحكته "
لو كانت العمة دبة وقواقة ..

يُدفع الباب ، وتدخل
العمة حاملة سلتها

العمة : " ترمق الببغاء بنظرة خاطفة " خيراً ،
يا ببغاء .
الببغاء : كلّ الخير .
العمة : " تضع السلة فوق المنضدة " لكني
لمحت الوقواقة تحوم في الجوار .
الببغاء : أنتِ تعرفين إنني لا أحبها .
العمة : ليس هذا هو الأمر .
الببغاء : " مازحاً " من حسن الحظ ، ليس بين
الببغاوات وقواقة .
العمة : وكذلك ليس بيننا ، نحن الدببة .
الببغاء : هذا من حسن الحظ فعلاً .
العمة : " تبتسم " لابدّ أن التي لا تحبها ، كانت
هنا .
الببغاء : نعم ، وقد تعود بعد قليل .
العمة : يبدو أنها تريد أن تسألني عن الطيور
الوقواقة .
الببغاء : ما أقساها ، هذه الطيور .
العمة : " تهمهم " هم م م م .
الببغاء : لو كانت أماً حقيقية ، لبنت عشاً لها
ولصغارها .
العمة : إنها أم ، يا ببغاء .
الببغاء : أيّ أم هذه ، التي تضع بيضها في
أعشاش الطيور الأخرى ، وتترك لغيرها
أن يربوا صغارها ؟
العمة : السلاحف تضع بيضها في حفر ، ثم
تتركها لمصيرها .
الببغاء : الوقواقة تختار عشاً ، لعصفورة على
الأغلب ، وتلقي إحدى البيضات ، وتضع
بيضة بدلها .
العمة : بنفس الشكل ، ونفس الحجم .
الببغاء : والأنكى إنه حالما تفقس هذه البيضة ،
يقوم فرخ الوقواقة ، بإلقاء بيض
العصفورة خارج العش .
العمة : لو تفقس هذه البيوض ، وتبقى الفراخ
كلها في العش ، لما استطاعت
العصفورة توفير الطعام لهم جميعاً .
الببغاء : المسكينة ، إنها تكدح طول النهار ،
لتوفر الطعام للوقواق الصغير ، الذي
ينمو بسرعة ، ويصبح حجمه بعد حين
أضعاف حجمها .
العمة : هذه هي الطيور الوقواقة .
الببغاء : الوقواقة لم تأتِ لتسألكِ عن الطيور
الوقواقة ، وإنما .. " تتوقف منصتة
لحظة " أظنها قادمة ، الوقواقة .
الوقواقة : " من الخارج " أيتها العمة ..
الببغاء : نعم ، إنها هي .
العمة : " تصيح " الباب مفتوح ، تفضلي .

تدخل الوقواقة ، وتقترب
من العمة دبة

الوقواقة : طاب يومكِ .
العمة : أهلاً ومرحباً بالوقواقة .
الوقواقة : جئت اليوم إليكِ ، أكثر من مرة ، لكني
لم أركِ للأسف .
العمة : هذا ما أخبرني به عزيزي الببغاء ، ها
أنا ذي ، تفضلي .
الببغاء : جاءت تسألك عن النحل .
العمة : آه النحل عالم واسع .
الوقواقة : بالأحرى عن نحلة بالذات ، سمعتُ
عنها قبل أيام .
العمة : " تبتسم " لعلي خمنتُ .
الوقواقة : وقواقة النحل .
الببغاء : ماذا ؟ وقواقة النحل !
العمة : هذا ما خمنته .
الوقواقة : أهي موجودة حقاً ؟ وقواقة النحل هذه
، أخبريني .
الببغاء : ألا يكفي النحلُ المسكين الذئاب ، ذئاب
النحل ، الزنابير القاتلة ؟
العمة : " تنظر إليه " ....
الببغاء : والنحل الأصفر ، لصوص العسل
الملاعين ؟
العمة : " مازالت تنظر إليه " ....
الببغاء : وكذلك الدببة ؟
العمة : ببغاء .
الببغاء : ما ذنب النحل ، إذا كانت الدببة تحب
العسل ؟
العمة : ببغاء ، الوقواقة جاءت لتسألني عن
وقواقة النحل .
الببغاء : سأصمت ، تكلمي .
الوقواقة : نعم ، وقواقة النحل ، أهي موجودة
بحق وحقيقة ؟
العمة : " تهز رأسها " ....
الوقواقة : عرفتُ حقاً ، إنني لن أقف على الحقيقة
إلا منكِ أنتِ ، أيتها العمة .
الببغاء : " يحدق في الوقواقة " أهي وقواقة ..
وقواقة ؟ تلك المتطفلة .
العمة : " تهز رأسها " ....
الببغاء : يا لنحل العسل المسكين .
العمة : وقواقة النحل لا تتطفل إلا على نوع
معين من النحل ، وهذا النحل هو ليس
نحل العسل .
الببغاء : كما وقواقة الطيور .
الوقواقة : " تنظر إليه " ....
العمة : بل تتطفل فقط على النحل البنّاء ..
الببغاء : النحل البنّاء يبني ، والوقواقة المتطفلة
.. تهدم .
العمة : والنحلة البناءة هذه ، ليست كنحل
العسل ، فهي نحلة سمينة ، سوداء اللون
، يتكاثف الشعر في أنحاء جسدها ..
الببغاء : " ساخراً " يا للجمال .
العمة : وعشها لا يشبه خلية نحل العسل ، فهو
يتألف من عيون حُفرت فوق بعضها
بصورة رأسية ، في جدار طيني ،وتضع
النحلة بيضة في كلّ عين ، وتقوم
بإغلاقها ، وتطير منصرفة عنها .
الببغاء : هذا ما تفعله النحلة البناءة ، ترى ماذا
تفعل النحلة الوقواقة ؟
العمة : النحلة الوقواقة ، بعد أن تراقب النحلة
البناءة ، وهي تبني عشها ، وتضع بيضة
في كلّ عين من عيونه، وتغلقها الواحدة
بعد الأخرى ، وحالما تراها تبتعد
منصرفة ، تقترب من إحدى العيون ،
فتنزع غطاءها ، وتحطم قشرة البيضة
، وتمتص محتوياتها ، ولا تترك منها إلا
القشرة الجوفاء ، وتضع بدلها بيضة من
بيضها ، ثم تغلق العين ، وتنصرف
مبتعدة .
الببغاء : مهما يكن ، فالوقواقة وقواقة ـ سواء
كانت طيراً ، أو نحلة ، أو ..
العمة : ببغاء ..
الببغاء : ليتني زنبور .
الوقواقة : " تنظر إليه " ....
العمة : هذه هي وقواقة النحل .
الوقواقة : أشكرك جزيل الشكر ، يا عمة .
العمة : على الرحب والسعة .
الوقواقة : طاب يومك .
العمة : رافقتكِ السلامة .
الوقواقة : " تخرج " ....
الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : نعم .
الببغاء ، أريد أن أسألكِ سؤالاً .
العمة : تفضل .
الببغاء : لكن أريد أن تجيبيني بصراحة .
العمة : بكلّ صراحة .
الببغاء : الوقواقة لا شكّ قاسية ..
العمة : " تنظر إليه " ....
الببغاء : سواء كانت هذه الوقواقة من الطيور ،
أو من النحل ..
العمة : " مازالت تنظر إليه " .....
الببغاء : والآن صارحيني ..
العمة : تفضل .
الببغاء : أيهما أشدّ قسوة في رأيكِ ، وقواقة
الطيور ، أم وقواقة النحل ؟
العمة : ببغاء ..
الببغاء : لقد وعدتني .
العمة : أنتَ تعرف ، إنني لا أحكم على أحد ،
يا ببغاء ..
الببغاء : " ينظر إليها " ... .
العمة : لو كنتُ وقواقة لتصرفتُ كوقواقة ،
وليست كببغاء أو دبة .
الببغاء : آه منكِ .
العمة : إنها الطبيعة ، يا ببغاء ، ولا أحد غير
الطبيعة .

الببغاء ينظرصامتاً
إلى العمة دبة
إظلام
17 / 10 / 2016

العنكبوت دبدوب


الببغاء يقف خائفاً
على مقربة من المنضدة

الببغاء : لن آمن هذه المرة على حياتي ، والعمة
دبة تدرس العناكب ، يا ويلي ، تقول
العمة دبة ، إن أنواع العناكب أكثر من "
35000 " نوع ، ولابد أن معظمها سام
" يتلفت خائفاً " لعله الثعلب اللعين "
يسرع في الصعود إلى قفصه " لقد وعد
العمة دبة بأن يأتيها بالأرملة السوداء
الرهيبة ، فلأهرب قبل أن يأتي ، وإن
كنتُ أعتقد أنه يكذب .

يُدفع الباب ، ويدخل
دبدوب حزيناً متألماً

الببغاء : دبدوب !
دبدوب : أريد العمة دبة .
الببغاء : العمة دبة ليست هنا ، وأنصحك أن
تذهب الآن ، وتعود فيما بعد .
دبدوب : " يجلس أمام المنضدة " كلا ،
سأنتظرها " ينظر إلى الببغاء " الأمر هام
جداً ، يا ببغاء .
الببغاء : " يتلفت " إنني أخاف عليك ، فالبيت
ليس آمناً تماماً .
دبدوب : " يُحرك أصابعه كعنكبوت يقوم بنسج
شبكته " ....
الببغاء : " ينظر إليه خائفاً " دبدوب ..
دبدوب : آه سأكون أول دب عنكبوت ينسج ، في
هذه الغابة .
الببغاء : دبدوب ، أظنّ أن الأرملة السوداء الآن
هنا ، في البيت ، وهي أخطر عنكبوت
في العالم .
دبدوب : " ينهض كالمنوم " ببغاء ، أنا الأرملة
السوداء .
الببغاء : " يدخل القفص خائفاً " ماما .
دبدوب : البارحة ، عند منتصف الليل ، جاءتني
الأرملة السوداء ، بلونها الأحمر ،
الببغاء : لكن الأرملة السوداء سوداء ..
دبدوب : وانقضت عليّ ، و ..
الببغاء : " يصيح خائفاً " كفى ..
دبدوب : وعضتني ، فحلتْ روحها فيّ ، وغدوتُ
منذ ذلك الوقت " يُحرك أصابعه كمن
ينسج " الأرملة السوداء .
الببغاء : " خائفاً " دبدوب ..
دبدوب : لا أستطيع أن أنسج ، رغم أن روح
الأرملة السوداء قد حلت فيّ ، وسأصاب
بالشلل ، وأموت .
الببغاء : دبدوب ..
دبدوب : " يُحدق في الببغاء " إن لم أعض
أحدهم ، مهما كان ، فتحل روح الأرملة
السوداء فيه ..
الببغاء : " ينكمش خائفاً " لا .. لا .. لا ..
دبدوب : إلا إذا جاءت العمة دبة ، على جناح
السرعة ، وأنقذتني .
الببغاء : مهلاً ، مهلاً ، ستأتي العمة دبة ،
وتنقذك " يبكي " وتنقذني معكَ .
دبدوب : هذا إن كنتَ محظوظاً .
الببغاء : " فرحاً " جاءت ، ها هي العمة دبة ،
لقد جاءت ، وستنقذك ، أما أنا ، إذا
نجوتُ ، فلن أبقى في هذه الغابة ، مهما
كلف الأمر ، وسأعود إلى مدغشقر .

يُدفع الباب ، وتدخل
العمة حاملة سلتها

دبدوب : " ينظر إليها متلهفاً " العمة ..
الببغاء : أيتها العمة ، حذار ، لقد عضه عنكبوت
مجنون ، سام .
العمة : " تتفرس في دبدوب " آه ..
دبدوب : عضتني فأصابتني بتقلص عضلي ،
وألم شديد ، وحمى ، و ..
العمة : " مازالت تتفرس فيه " أظنني أعرف
هذا العنكبوت ، الذي عضكَ .
دبدوب : نعم ، تعرفينه ، إنه القرصان الأحمر ،
أبو مجداف .
العمة : لكن القرصان الأحمر ، على ما أعرف
يا دبدوب ، يعيش في مياه الجداول
والبرك .
دبدوب : نزلتُ إلى الماء ، وأردتُ اصطياد
سمكة لدبدوبة ، فرآني هذا اللعين ،
وانقض عليّ ، وعضني .
العمة : ما أعرفه ، أن عضة هذا العنكبوت لا
تسبب إلا ألماً طفيفاً .
دبدوب : لا ، ليس القرصان الأحمر ، تذكرت ،
إنه العنكبوت الذئب .
العمة : آه ، حقاً ، إنه مثل الذئب المنفرد ،
يعيش منفرداً ، وينقض على ضحيته
كالذئب .
دبدوب : نعم ، انقض عليّ ..
العمة : لكن هذا العنكبوت الذئب ، يا دبدوب ،
لا يأكل الدببة ، بل الحشرات ، وأنت كما
أرى ، لست حشرة .
دبدوب : " يلوذ بالصمت " ....
العمة : ثم إن الأعراض ، التي ذكرتها ، لا
تسببها إلا عضة الأرملة السوداء ..
دبدوب : يا لي من أحمق ، ربما هذا من أثر
العضة ، نعم ، لم يعضني القرصان
الأحمر ، ولا العنكبوت الذئب ، وإنما
الأرملة السوداء .
العمة : " ترمق الببغاء بنظرة سريعة " آه
أرأيت ؟ إن الأرملة السوداء تصيب حقاً
من تعضه بالحمى ، والتقلص العضلي ،
والألم الشديد ، والشلل ، ومن ثم ..
دبدوب : " متخوفاً " ومن ثم .. ؟
العمة : الموت .
دبدوب : يا ويلي ، سأموت ، وتُصبح دبدوبة
أرملة ..
الببغاء : الأرملة البنية .
دبدوب : الأرملة ! لكني لم أتزوج بعد " ينظر
إلى العمة " مادامت الأرملة السوداء قد
عضتني ، فلن يُتاح لي أن أتزوج من
دبدوبة .
الببغاء : مسكينة دبدوبة .
دبدوب : " من بين دموعه " أيتها العمة ..
العمة : لا تبكِ ، يا دبدوب ، لديّ ما يُنقذك من
الموت ، ويتيح لك أن تتزوج من دبدوبة
أيضاً .
دبدوب : حقاً ؟
العمة : لحظة واحدة " تتجه نحو المخزن "
سآتيك بالدواء .
الببغاء : الأرملة السوداء ..
دبدوب : آه ..
دبدوب : لو تعرف ، يا ببغاء ، كم هي مؤلمة
عضتها .
الببغاء : لكن ، وكما قلت لك سابقاً ، إن الأرملة
السوداء لا تعيش هنا .
دبدوب : " ينظر إليه صامتاً " ....
الببغاء : " ينظر باتجاه المخزن " ها هي العمة
دبة ، جاءتني بالدواء .
العمة : " تأتي وفي يدها قرص عسل " هذا
دواؤكَ ، يا دبدوب .
دبدوب : " يأخذ القرص متلهفاً " نعم ، هذا
الدواء سيشفيني من عضة .. العنكبوت ،
أياً كان نوعه .
الببغاء : لكن هذا قرص عسل .
العمة : نعم ، الدواء مرّ ، فمزجته بقرص
عسل ، حتى يمكن تناوله .
دبدوب : آه ، هذه فكرة رائعة ، وإلا لن أستطيع
أن أتناول الدواء ، وبالتالي لن أشفى من
عضة العنكبوت .
العمة : تناول قطعة من هذا الدواء كلّ يوم ،
وحالما ينتهي تكون قد شفيت .
دبدوب : " يتراجع حاملاً قرص العسل "
أشكرك ، أشكرك جزيل الشكر "
يستدير ويتجه نحو الباب " سأشفى
بالتأكيد من عضة العنكبوت .

دبدوب يخرج ، الببغاء يهبط ،
ويقف قرب العمة دبة

الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : " تنظر إليه " نعم .
الببغاء : أنتِ تعرفين جيداً ، أن الأرملة السوداء
لم تعضه .
العمة : أعرف .
الببغاء : لكنكِ مع هذا أعطيته قرصاً من العسل
، الخالي من الدواء .
العمة : " تضحك " طبعاً .
الببغاء : لماذا ؟
العمة : دبدوب محموم فعلاً ، ومعظم ما قاله
ليس كذباً ، وإنما نتيجة الحمى ، وما
أعطيته سيشفيه من الحمى .
الببغاء : يبتسم " أنتِ طبيبة ماهرة حقاً "
يستدير ويعود إلى قفصه " كلا ، لن
أهاجر إلى مدغشقر .

الببغاء قرب القفص ، العمة
دبة تنظر إليه مندهشة

إظلام
20 / 10 / 201
بطل الصوم

بيت العمة دبة ،
الببغاء يذرع المكان

الببغاء : يبدو أن العمة دبة ستجن ، والمهم أن لا
أجن معها " يتوقف " بل سأجن إذا لم
أعرف ما يشغلها هذه الأيام " الباب
يُطرق " إنه الثعلب العجوز .
الثعلب : " من الخارج " أيها الببغاء .
الببغاء : أدخل .
الثعلب : " يدفع الباب ويدخل " يا للعجب .
الببغاء : لا تعجب ، فأولاً أنت شخت ، ولم تعد
تخيف أحداً .
الثعلب : " يقترب منه " وثانياً .
الببغاء : أنت اليوم شبعان .
الثعلب : " مندهشاً " آه .
الببغاء : لقد أكلت بقايا فريسة عافها الأسد .
الثعلب : لستُ ضبعاً .
الببغاء : كلّ الثعالب تتحول إلى ضباع حين
تجوع .
الثعلب : لقد شختُ ، يا ببغاء .
الببغاء : لكنك ما زلت ثعلباً .
الثعلب : دعنا من هذا ، جئتُ إلى العمة دبة .
الببغاء : أرأيت ؟
الثعلب : لقد وجدتُ بغيتها .

تدخل العمة دبة ،
وسلتها مليئة بالأعشاب

العمة دبة : السمّان .
الثعلب : طير وأي طير .
الببغاء : لا تقل أنك تعرف مكانه .
الثعلب : أعرف تقريباً أين تهاوى .
العمة دبة : وبحثت عنه ..
الببغاء : لأجيء به إليكِ .
العمة دبة : " تبتسم " لكنك لم تجده .
الببغاء : " يحدق فيه " لابد أن العمة دبة سبقتك
إليه ، لسبب آخر ، وربما وجدته .
العمة دبة : لقد حلّ الظلام ، سيأتي إن لم يستطع
الطيران ، ومواصلة الطريق ، فأحد
جناحيه مصاب بجرح .
الثعلب : ليته لم يستطع ذلك .
العمة دبة : إياك أن تقترب منه إذا جاء .
الثعلب : لن أفعل ذلك إلا بموافقتك .
العمة دبة : " تنظر إليه " ....
الثعلب : إذا أكلتِه أعطني ..
الببغاء : أيها اللعين ، العمة دبة ليست أسداً ،
إنها دبة .
العمة دبة : ببغاء .
الببغاء : إنني أمتدحكِ " الباب يُطرق " أيتها
العمة ..
العمة دبة : " تنظر إلى الباب " لعله هو .
الببغاء : السمّان !
السمّان : " من الخارج " أيتها العمة .
العمة دبة : إنه هو .
الثعلب : " فرحاً " لم يطر .
العمة دبة : " فرحة " نعم ، لم يطر .
الببغاء : العمة فرحة ، وكذلك الثعلب ، يا للعجب
" الباب يُطرق ثانية " .
العمة دبة " تتجه نحو الباب " مهلاً إنني قادمة .

العمة دبة تفتح
الباب ، يلوح السمّان

السمّان : مساء الخير .
الثعلب " يندفع نحوه لا إرادياً " أهلاً .. أهلاً .
الببغاء : " يمسكه " توقف .
الثعلب : " يتوقف " إنني أرحب به .
الببغاء : من بعيد .
الثعلب : آه .
العمة دبة : " للسمّان " أهلاً ومرحباً ، تفضل .
السمّان : حاولت الطيران ، لكني لم أستطع ، وقد
خيم الليل .
العمة دبة : سأعالجك ، وأشفيك ، وستواصل
الطيران إلى بلاد الشمس ، في وقت
قريب .
الثعلب : ولمَ العجلة ؟
السمّان : " ينظر إليه " ....
الثعلب : أنت حقاً طائر سمين .
الببغاء : أيها الثعلب .
السمّان : " يتراجع " أنا .. سمّان .
الثعلب : وسمين أيضاً .
العمة دبة : " تبعد الثعلب جانباً " لندع ضيفنا يرتاح
قليلاً .
الثعلب : هذا ما أريده بالضبط .
العمة دبة : " للسمّان " تفضل يا عزيزي ، ارتح
هنا ، سأعالجك فوراً .
السمّان " " يجلس " أشكرك ، عسى أن أطير
قريباً ، وألحق برفاقي .
الثعلب " يحدق في السمّان " جرحه عميق ،
وقد لا يستطيع الطيران أبداً .
الببغاء : " يدفعه جانباً " ابتعد أنت عنه ،
وسيشفى .
الثعلب : دعني أريحه من عناء هذه الحياة .
السمّان : " خائفاً " أيتها العمة .
العمة دبة : " تأتي بأدويتها " لا تخف ، يا عزيزي
، إنني هنا معك ، ولن يجرؤ على
الاقتراب منك .
السمّان : أشكركِ .
العمة دبة : " تتفحص جناحه " هم م م م .. الجرح
بسيط ، وستطير ربما قبل أن تحدثني عن
كلّ ما تعرفه حول ما أريده .
السمّان : اطمئني ، حتى لو شفيت ، فلن أطير
حتى أخبرك بكلّ ما أعرفه .
العمة دبة : أنت من القطب ..
السمّان : الجنوبي .
الثعلب : حيثُ يعيش صديقي البطريق .
السمّان : " يحدق فيه " ....
الببغاء : دعك منه ، إنه لا يعرف البطريق .
الثعلب : إنني أراه منذ سنين ، وهو يطير فوق
الغابة ، مهاجراً إلى القطب الشمالي .
السمّان : لكن البطريق لا يطير ..
الثعلب : ماذا ! آه هذا جيد .
الببغاء : ولا يهاجر .
الثعلب : وهذا أيضاً جيد .
السمّان : والبطريق لا يعيش إلا في القطب
الجنوبي .
الببغاء : لقد خرف .
الثعلب : الشمالي قطب ، والجنوبي قطب ، فلماذا
..؟
العمة دبة : اسكت ، ودعنا نستفد من معلومات
ضيفنا .. السمّان .
السمّان : تفضلي ، اسألي ما تشائين .
العمة دبة : أريد أن أعرف بطل الصيام عن الطعام
، بين كائنات القطب ..
الثعلب : لو كنتُ في القطب ..
الببغاء : لمتَ من الجوع .
الثعلب : أنا ! يبدو أنك لا تعرفني جيداً ، إنني ..
العمة دبة : اسكت الآن ، دعنا نسمع السمّان .
الثعلب : " في هيام " أسمعْنا ، يا سمّاني .
الببغاء : " محذراً " أيها الثعلب ..
الثعلب : حسن " للسمّان " أسمعنا ، يا حبيبي .
العمة دبة : تكلم ، يا عزيزي ، إنني أصغي .
السمّان : بعض حيوانات القطب الجنوبي ، تهاجر
إلى حيث الغذاء والدفء ، كالبط البري
وأمثالي من طيور السمان ، والقسم الأكبر
منها يلجأ إلى السبات كالدببة ..
الثعلب : " يهمس للببغاء " يبدو أن العمة ليست
دبة .
الببغاء : " يشير بإصبعه " صه .
الثعلب : ليتها تسبت .
العمة دبة : " للسمان " واصل كلامك ، يا عزيزي.
السمّان : كالدببة والأفاعي والضفادع والسحالي
والقنافذ والسلاحف ، وهي تدخل مخابئها
، وتبقى فيها حتى الربيع .
الببغاء : العمة سألتكَ عن .. بطل الصيام .
العمة دبة : " للسمّان " نعم ، هذا ما سألتكَ عنه .
السمّان : طيور البطريق وذكور الإوز تترك
الطعام لفترة أثناء التكاثر واحتضان
البيض ، لكن بطل الصوم المطلق هو
.. آه يبدو أنني شخت .
الببغاء : ذكر أم .. !
السمّان : إنه ذكر ، وهو يظل بلا طعام عدة
أسابيع ، وبعد ذلك يخلد إلى النوم ،
ويرتاح ثلاثة أسابيع متواصلة ، ثم يصحو
ليعيش حياته المعتادة مرة أخرى .
العمة دبة : " تتنهد بارتياح " شكراً ، يا عزيزي ،
لقد أتعبتك .
السمّان : عفواً .
الببغاء : ليس هناك فقط أبطال للصوم ، هناك بطلات أيضاً ، وأن كانت لا تعيش في القطب .
العمة دبة : " تنظر إليه " ....
الببغاء : أنتِ حدثتنا عنها .
العمة دبة : أنا !
الببغاء : نعم أنتِ .
العمة دبة : آه ، تعني ..
الببغاء : نعم ، أنثى الإخطبوط .
العمة دبة : حقاً ، تذكرت .
الببغاء : إنها أم بكل معنى الكلمة .
العمة دبة : لا أعظم من هذه الأم ، فهي تصوم بعد وضعها للبيض ، وتبقى تحرسها ليل نهار ، دون أن تتناول أي طعام ، وحين يفقس البيض ، ويخرج الصغار إلى الحياة ، تتهاوى إلى القاع ، وتفارق الحياة .

يسود للحظة صمت حزين ،
الثعلب يفتح فمه ، ويتثاءب

الثعلب : آآآآ ه .
الببغاء : يبدو أنك نعست .
الثعلب : " ساخراً " معلومات قيمة .
العمة دبة : " تنظر إليه مؤنبة " ....
الببغاء : اذهب ونم .
الثعلب : " يتجه نحو الباب " سأنام مرتاحاً ، فأنا
شبع اليوم .
الببغاء : حمداً لله .
الثعلب : " عند الباب " لكني سأجوع غداً .
الببغاء : ليتك أنثى إخطبوط .
الثعلب : " ينظر إليه " إنني ثعلب .. ذكر .
الببغاء : ثعلب عجوز .
الثعلب : مهما يكن فأنا ثعلب " للعمة دبة "أخشى
أن السمّان لن يستطيع الطيران غداً .
العمة دبة : لا تخشَ ، سيطير .
الثعلب : وإذا لم يطر ، واشتدّ مرضه ، أنا
موجود .
الببغاء : " للثعلب " اذهب قبل أن تدفنك العمة
دبة حياً .
الثعلب : سنرى " وهو يخرج " إلى الغد .
العمة دبة : لقد شاخ .
الببغاء : إنه يعيش الآن كالضبع .
السمّان : في القطب ثعالب ..
الببغاء : أرجو أن لا تكون ، كهذا الثعلب
العجوز .
العمة دبة : الثعلب ثعلب في كلّ زمان ومكان .
السمّان : الثعلب القطبي ، رغم كلّ عيوبه ، كائن
جميل .
الببغاء : الثعلب جميل !
السمّان : يقال أنه ، يتحول في الشتاء ، إلى كائن
أبيض كالثلج .
الببغاء : لكن نواياه تبقى سوداء .
العمة دبة : " تضحك " كليل القطب ، الذي يمتد
لستة أشهر من السنة .
الببغاء : بل أسوأ ، لأن نوايا الثعلب واحدة ،
سوداء على مدى العام .
العمة دبة : ضيفنا متعب ، وغداً سيواصل طيرانه ،
لنذهب الآن إلى أسرّتنا .
الببغاء : أنتِ محقة " يذهب إلى سريره "
تصبحون على خير .
العمة دبة : الجميع " للسمّان " تعال ، يا عزيزي .
السمّان : " ينهض " أتعبتكِ اليوم .
العمة دبة : بل أفدتني ، لولاك لما عرفت بطل
الصوم في القطب الجنوبي .
الببغاء : " يغط في نومه " خ خ خ خ خ .
العمة دبة : " تكتم ضحكتها " نام الببغاء .
السمّان : يا للمسكين ، لابد أنه متعب .
العمة دبة : هذه عادته " تتوقف عند سرير " هذا
سريركَ ، يا عزيزي .
السمّان : " يتمدد في السرير " أشكركِ .
العمة دبة : " تتجه إلى سريرها وتتمدد فيه " تصبح
على خير .
السمّان : تصبحين على خير ، يا عزيزتي .

تخفت الأضواء ، لا
يسمع غير غطيط الببغاء
إظلام
5 / 3 / 2012

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي