|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
صوت الانتفاضة
2024 / 11 / 14
حول دعوة مقتدى الصدر لأتباعه بالرياضة
انتبهوا لأقوالي، أصغوا أليها
أتكلم إليكم، أجعلكم تعون
أنني أبن "رع", المولود من جسده
اجلس على عرشه فرحاً، إذ جعلني ملكاً، سيد هذا البلد
نصائحي خير، خططي تتحقق
أحمي مصر، وأدافع عنها.
ابيات شعر لأحد ملوك مصر القديمة...... عن كتاب ... ما قبل الفلسفة.
مع ان الكتابة حول مواضيع كهذه فيها خطورة كبيرة، بسبب ان الجمهور الديني لا يؤمن بشيء اسمه "حرية التعبير او النقد"، فهو جمهور مغلق تماما، خصوصا جمهور التيار الصدري، فنحن قد رأينا الكثير ممن عوقبوا لأنهم تعرضوا ل "مقدسات" التيار، وقسم منهم قتل.
المعروف ان التيار الصدري قد تم عزله او طرده من العملية السياسية، باتفاق محلي "كل قوى الإسلام السياسي" واقليمي، وبعد معارك دامية واحتجاجات واعتصامات كثيرة، هذا العزل كان من شأنه ان يفكك التيار، فهم يرون انهم الأكثرية الفائزة في الانتخابات، وهم القوة المسلحة الأكبر، فلماذا يتم اقصاؤهم؟ كانت هذه التساؤلات موجودة داخل اعضاء التيار، لكنهم لا يستطيعون البوح بها، بسبب ولائهم التام والقاطع لزعيم التيار مقتدى الصدر.
مقتدى الصدر يحمل كاريزما عظيمة عند جمهوره، انه البطل الأخير في نظرهم، وفي نظر المتطرفين منهم انه "المهدي المنتظر"، لذلك فان أي شخص يتعرض له سيعاقب بأشد ما يكون، انه الشخصية الوحيدة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال نقدها او التعرض لها داخل المؤسسة الدينية، لهذا فأن "تجريد شعب من الشعوب من الرجل الذي يحتفي به على أنه أعظم أبنائه ليس بمهمة بهيجة ينجزها المرء بخفة قلب" كما يقول فرويد في "موسى والتوحيد".
خليل احمد خليل في كتابه "سوسيولوجيا الجمهور الديني" يتساءل عمن هو السياسي ومن هو رجل الدين؟ في مثال التيار الصدري هذا التساؤل هو الأكثر احقية، فكيف نستطيع تفكيك تعليمات واوامر وخطابات مقتدى الصدر؟ هل هو رجل دين ام رجل سياسة؟ ما الذي يريده من أوامره الأخيرة لجمهوره بعد عزله من العملية السياسية؟
كان يأمرهم بالصلاة الجماعية والموحدة، وتارة يأمرهم بالتبرع لغزة او الصلاة لها، وأخيرا –واكيد ليس اخرا- فأنه امرهم بالتمارين الرياضية استعدادا لملاقاة "المهدي المنتظر".
الذي يرى بعض مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاهدة جمهور التيار الصدري بعد انتهاء الصلاة الجماعية وهو يخرج راكضا تلبية لدعوة زعيمه بأداء الرياضة استعدادا لمساندة "المهدي المنتظر" كما يقول مقتدى نفسه في الدعوة، نقول الذي يرى تلك المقاطع تنتابه نوبة من الضحك، لكن اذا يمعن المرء في هذه الأوامر فأنه يرى شيئا اخر، انها ليست اختراعات دينية جديدة، بقدر ما تكون سياسة تهدف الى الحفاظ على تماسك جمهور التيار، وكسر حالة الجمود داخل جمهوره، وتمكين عمليات التواصل الاجتماعي، فضلا عن ترسيخ هذه المعتقدات الأسطورية.
اذن هو يريد ان يبقي على التماسك الاجتماعي لجمهور التيار، لهذا هو يخترع لهم تقاليد وعادات كثيرة تبقيهم في حالة من الاجتماع، فتراه "كل يوم هو في شان" يخص هذا التيار، وجمهوره ينتظر كلماته واوامره - رغم كوميديتها- لكنه يتلقفها بكل خضوع وينفذها بكل اريحية، فهو مقدس بالنسبة له، والمقدس كما يقول روجيه كايوا في كتابه "الانسان والمقدس":"بالنسبة للمؤمن به هو ما يعلق عليه الإنسان سلوكه بالكامل، انه كل ما لا يقبل الإنسان أن يطرحه على بساط البحث، وما يرفض رؤيته مهينا، محتقرا، وأيضا ما لا ينكره ولا يخونه مهما كان الثمن".
طارق فتحي
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |