علي كلّم (أبو لافي) : مرارة الخيبة وطعم الخذلان !

محمود كلّم
2024 / 11 / 14

في مسيرة النضال الفلسطيني، تظلّ قصة علي كلّم (أبو لافي) واحدة من أكثر الحكايات قسوة وألماً، فقد عاش (أبو لافي) حياته مدافعاً عن قضية وطنه، مكرّساً شبابه وطفولته في سبيل حلم تحرّر لا يعترف بالحدود أو القيود، لكن ما لم يكن في الحسبان، هو أن يتعرض للخيانة والغدر من أقرب رفاقه، أولئك الذين كان يظنهم شركاء في الطريق، يحملون نفس الحلم ويرتبطون به بنفس القوة. خيانة رفاقه كانت أشدّ قسوة من أي طعنة خيانة خارجية، فبينما كان يعتقد أنَّ الثوار هم حاملو الأمانة، اكتشف أنَّ الغدر قد يأتي من داخل الصفوف، لتصبح مُعاناته أكثر مرارة، ويظل السؤال ماثلاً: هل يستحق جيل من المناضلين أن يُخدع من أولئك الذين كانوا يوماً رفاق درب؟
تعرض علي كلّم (أبو لافي) في مساء صيفي من عام 1977 لمحاولة اغتيال فاشلة أثناء توجهه ليلاً الى مدينة صور برفقة أقاربه: فارس صالح المحمود وشقيقه محمود صالح المحمود، وذلك عند مفرق برج رحال، شمال مدينة صور، بالقرب من مخيم القاسمية في جنوب لبنان. نفذّت العملية الجبانة مجموعة تابعة لأبي العباس، ما جعلها حدثاً مؤلماً ومحوريّاً في حياة عائلة كلّم وأقاربهم من عشيرة عرب السّمنيّة .
جاءت هذه العملية الغادرة على أيدي رفاق كان من المفترض أن يكونوا سنداً ودعماً لعلي كلّم وأقاربه، لكنهم خانوا الثقة وتحولوا إلى أعداء، ما جعل الحادثة أكثر إيلاماً تاركة جروحاً عميقة بسبب هذه الخيانة الصادمة. لقد كانت خيانة غير متوقعة من أشخاص عُدُّوا يوماً حلفاءَ وأصدقاء، ما أثار مشاعر من الحزن والألم لا تزال راسخة في الذاكرة إلى يومنا هذا .
حكاية علي كلّم (أبو لافي) تُلخّص حالة يمر بها الكثير من المناضلين الذين قدّموا حياتهم من أجل قضايا كبيرة، مثل تحرير الأرض والإنسان ، ولكنهم في نهاية المطاف يجدون أنفسهم خارج معادلة الاعتراف والوفاء من الجهات التي ناضلوا لأجلها. (أبو لافي) يُمثّل رمزاً لأولئك الذين عاشوا أحلام الثورة، وآمنوا بالقضية، وضحّوا بشبابهم وحتى طفولتهم في سبيل التحرير وحق العودة الى الديار التي هُجِّروا منها سنة 1948، لكنهم لم يجدوا في النهاية سوى خيبة الأمل.
شعر (أبو لافي) بالخيانة عندما تحولت الثورة التي ضحّى من أجلها، إلى مشروع بعيد عن أحلامه، وإلى مشروع تصالحي و تنسيقي مع الجهات التي ناضل وقاتل ضدها، في ما يُعرف اليوم بـ"التنسيق الأمني المقدس". أصبح كلّ من شارك في التضحية والنضال مجرد ذكرى، بينما بقيت أهداف الثورة وآمالها تتلاشى تحت ضغوط المصالح والتفاهمات مع الأطراف التي كانت بالأمس عدواً.
هذا الموقف يعكس تجارب العديد من الذين وضعوا أحلامهم وآمالهم في الثورة، ولم يحصلوا سوى على خيبة الأمل والخذلان.
ختاماً ، تظلّ حكاية علي كلّم (أبو لافي) شاهداً على خيانة مؤلمة لا تأتي من الأعداء فقط، بل من أولئك الذين كان يُفترض بهم أن يكونوا رفاق الدرب. ويبقى السؤال الأهم: هل كانت تضحيات جيل بأسره تستحق هذا الغدر؟
يقول ( أبو لافي ) بمرارة: "إذا كنا سنصل إلى هذه النتيجة، فعلامَ كانت كل تلك التضحيات؟" إنه شعور عميق بالخذلان والإحباط لدى من قدموا الكثير من أجل تحرير وطنهم، ووجدوا ما حلموا به أصبح بعيد المنال، وتحوّل إلى واقع أسوأ بكثير مما كانوا عليه.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي