لتجميع القوى في المواجهة مع اليمين المتطرف / بودابست تضيّف منتدى أوربياً لقوى يسارية وتقدمية

رشيد غويلب
2024 / 11 / 14

في أيام 8 – 10 تشرين الثاني، استضافت العاصمة الهنغارية بودابست الدورة الثامنة لمنتدى قوى يسارية وخضراء وتقدمية أوربية، وساهم في المنتدى ممثلو النقابات والحركات الاجتماعية. وقد مثل المشاركون بالإضافة إلى هنغاريا والبلدان المحيطة بها، بلدان مثل الدنمارك واليونان وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا وإيطاليا وقبرص وألمانيا وغيرها. ومن بين المشاركين في هذه الدورة وجوه قديمة وأخرى جديدة وشبابية.

طبيعة التحديات
وارتباطا بصعود اليمين المتطرف، بحث الحضور عن إجابات على سؤال: كيف يمكن تعزيز مقاومة التخفيضات الاجتماعية والعسكرة والهجمات على الحقوق الديمقراطية في أوربا؟ إن الظروف السائدة تحدد طبيعة التحديات التي تواجهها القوى البديلة. وإن انتخاب اليميني المتطرف دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة يرسل إشارات صادمة، والحرب في أوكرانيا على إثر الغزو الروسي ستنهي قريباً ألف يومها الألف، وحرب الإبادة الجماعية ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني تتسبب في دمار استثنائي وسقوط عدد هائل من الضحايا المدنيين. وليس بين المشاركين في أعمال المنتدى من يتوقع أن تقدم قمة الاتحاد الأوروبي التي عقد في نفس الوقت في العاصمة الهنغارية إجابات لحل الأزمات الدولية المتعددة: في السياسة الاقتصادية، والتحول البيئي والاحتياجات الاجتماعية لسكان.

رمزية المكان
لقد تم اختيار مكان انعقاد المنتدى بوعي تاريخي ورمزية واضحة، وكان هذه المرة مبنى اتحاد عمال المعادن "فاساس"، التي تأسس عام 1905 ويرتبط بتقاليد الحركة العمالية. ويقع المقر وسط المنازل ذات الواجهات المهدمة في شارع جانبي في المنطقة الثامنة بالعاصمة الهنغارية، وأوضاع المنطقة تعكس بوضوح المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الراهنة التي تعاني منها هنغاريا العضو في الاتحاد الأوروبي.

المشتركات
ساد أجواء المنتدى إجماع بشأن وجود بدائل يسارية لمسار الاتحاد الأوروبي في عهد المفوضية الجديدة بزعامة اليمينية المحافظة الألمانية أورسولا فون دير لاين. وكذلك فإن الاتحاد الذي تشكل لخدمة مصالح رأس المال يحتاج إلى إصلاحات جوهرية. ويهدف الاجتماع في بودابست أيضًا إلى تعزيز العلاقات مع الشركاء في بلدان أوروبا الشرقية.

قالت غوردانا بالوني من نقابة المستخدمين الإيطالية: "من المفارقة أن ضحايا المشاريع الليبرالية الجديدة يبحثون في نفس الوقت عن حلول لمشاكلهم عند الأحزاب التي تريد دفع تطرف السوق إلى أبعد مدى ممكن ". وبين تي جارك السلوفيني من اتحاد النقابات الأوروبية كيف أن خصخصة الخدمات العامة واستغلالها في منصات الخدمات العامة تجعل العمل غير مستقر وتهاجم النموذج الاجتماعي الأوروبي.

لقد أصبح واضحاً في بودابست أن طريق القوى اليسارية للخروج من الوادي طويل ووعر، يحتاج تنظيم على المدى الطويل، وكما أكدت أتيلا فاجناي من حزب العمال المجري، على الاستجابات التي تعتمد في الواقع على المشاكل اليومية الملموسة التي يواجهها الناس. ووصفت فاجناي سياسة الرئيس الهنغاري فيكتور أوربان بأنها أشبه بمختبر لليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم. وتكرر التأكيد في بودابست على الحاجة أيضاً إلى المزيد من تضامن اليسار المادي، ارتباطا برعاية حكومات الأوليغارشية لقوى اليمين المرتبطة بشبكات دولية.

حزبان يساريان أوربيان
انعقد المنتدى في ظل وجود حزبين يساريين أوربيين، فإلى جانب حزب اليسار الأوربي الذي مثل إطارا جامعا لأكثر من 40 حزبا شيوعيا ويساريا بين عضو ومراقب وشريك، تأسس في أيلول الفائت حزب يساري أوربي جديد باسم "تحالف اليسار الأوروبي من أجل الناس والكوكب".

إن تأسيس هذا الحزب الجديد لا يعود إلى الانقسام في المواقف تجاه الحرب، حيث لا تزال هناك خلافات كبيرة بين الأحزاب المؤسسة نفسها، وخصوصا بشأن الموافقة على تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا وسياسة التضامن مع فلسطين، وهذه الخلافات والتباينات موجودة في حزب اليسار الأوربي والحزب الجديد، لكن تأسيس الحزب الجديد يعود إلى الرغبة في كسر أنماط معينة في حزب اليسار الأوروبي. بالإضافة إلى القلق المتزايد لبعض الأحزاب بشأن قدرة حزب اليسار الأوربي على التمثيل الفعال لقوى اليسار الأوربي التي أصبحت أكثر تنوعاً في أساليب عملها وآليات صنع القرار. ويلعب التنافس والخلافات بين أحزاب اليسار في البلد الأوربي المعين دورا في عملية ولادة الحزب الجديد.

حاول رئيس حزب اليسار الأوربي والقيادي الشيوعي النمساوي فالتر باير عدم تعميق الصدع في بودابست. وأكد على أهمية أن تظل جميع القوى اليسارية في حوار مع بعضها البعض حتى تتمكن من التغلب على هذا الانقسام في المستقبل.

في قاعة المنتدى سادت الوحدة، فيما يتعلق بالصراع الأوكراني، هناك تأييد لخفض التصعيد وإحلال السلام، كما يتم انتقاد الدور الذي يلعبه الغرب في الصناعات الدفاعية، ورفض استخدام روسيا للقوة بشكل واضح. إن شعب أوكرانيا هو ضحية الصراع بين الأوليغارشية. وليس هناك وسطية في إدانة جرائم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وقد أعرب العديد من المشاركين في بودابست عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.

من الجدير بالذكر ان المنتدى تأسس في مرسيليا عام 2017 بمبادرة من الحزب الشيوعي الفرنسي تبناها حزب اليسار ألأوربي، في سعي لإيجاد إطار واسع بين قوى اليسار والتقدم في اوروبا، بعد أن عجز المنتدى الاجتماعي الأوربي عن تغطية هذه المهمة.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي