|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
خالد محمد جوشن
2024 / 11 / 13
مرت المناقشات هادئة فى هذا الكتاب ن ولم يستعر ضرامها إلا حين اتصلتُ برجلين من كرام الرجال ن هما المسيو مرسيه ن والدكتور طه حسين .
أما المسيو مارسيه فعالم واسع الاطلاع ، وهو رلأس المستشرقين الفرنسين لهذا العهد ، وكانت له اًراء مدونة عن نشأة النثر الفنى عند العرب ، وما كدت أصل إلى باريس حتى هممت بمهاجمته ، فنصحنى المسيو ماسينون وأفهمنى انه رجل صعب المراس ، وأن منزلته فى المعهد عظيمة ، وأن المستشرقين جميعا يجلونه
أعظم الإجلال ، ولكن كتب الله أن لا أنتصح برأى المسيو ماسينون ، فابتدأت رسالتى التى قدمتها التى قدمتها للسربون بفصلين فى نقض أرائه من الساس ن فغضب الرجل وثار وصمم على حذف الفصلين بحجة أنهما لون من الاستطراد لا يوائم الروح الفرنسى فى البحث ، وصممت على غبقاء الفصلين بحجة أنهما العماد
الذى تنهض عليه نظريتى فى نشأة النثر الفنى .وكأنما عز على الرجل ان اهاجمه فى عقُر داره فمضى يعادينى عداءً خفيا كانت له اصثار بشعة لا اتذكرها إلا انتفضت رعبا من عجز الرجال عن ضبط النفص وقدرتهم على تقويض دعائم اإلانصاف .
وقد قابلت خصومته بلدد أقسى وأعنف ، زرأت الحرص على اًرائى أفضل من الحرص على رضاه ، فأبقيت الفصلين اللذين أغضباه ، وأضفت الى البحث الذى قدمته إلى مدرسة اللغات الشرقية فصلا كا أشار بحذفه لأنى هاجمته فيه ، وانتهينا إلى عاقبة أفصح عنها المسو ماسينون كل الافصاح ، إذ قال حين لقيته أخيرا فى باريس :
‘ن المسيو مرسيه لايحبك ، ولكنه لا يستطيع أن ينساك .
أما أنا فأحب هذا الرجل وأذكره بالجميل ، لانه من خيرة الاساتذة الذين تلقيت عنهم فى باريس ، ولاْنه كان رئيس لجنة الامتحان الذى ظفرت فيه فيه بدبلوم الدراسات العليا فى الاداب من مدرسة اللغات الشرقية ، والله سبحانه وتعالى هو القادر على أن ينسينى ما لقيت على يديه من ظلم وإجحاف .
اما الدكتور طه حسين فما أدرى والله ما ذنبه حتى يهاجم أعنف الهجوم فى هذا الكتاب
غن هذا الرجل تربطنى به الوف الذكريات ، يرجع بعضها إلى العهد الذى كنت فيه طالبا بالجامعة المصرية القديمة ، يوم كان يصطنع العدل الذى يلبس ثوب الظلم فى امتحان الطلاب
، فقد ساعد مرة على إسقاطى فى امتحان الجغرافيا ووصف الشعول ، واسقطنى مرة ثانية فى امتحان الشرق القديم ، والسقوط فى الامتحان مما يحفظه الطالب المخلص لأستاذه المنصف .
ويرجع بعض الذكريات إلى العهد الذى كنت يه مدرسا بالجامعة المصرية الجديدة ـ، حين كنت أحمل إليه على أكتافى أحجار الأساس لنرفع القواعد من كلية الاداب .
وأدق ما يصل بيننا بيننا من الذريات ما وقع فى ربيع سنة 1926 يوم ظهر كتاب الشعر الجاهلى ، وثارات الحكومة والبرلمان ، وكان أصدقاؤه بين خائف يترقب ، وحاسد يتربص ، وكنت وحدى صديقه الذى لايهاب ، وزميله الذى لا يخون .
ولكن حماستى للفكرة التى أدافع عنها ، وغرام الدكتور طه بنقضها فى رسائله وأحاديثه ، ومحاضراته ، كان مما حملنى على مقاومته بعتف وقوة، حتى ليحسب القارىء ان بيننا عداوة سقيت لأجلها القلم قطرات من السم الزعاف حين عرضت لدحض ارائه فى فصول هذا الكتاب
اكتب هذا وقد شرق الدكتور طه وغربت ن ولم يبق بيننا من كرائم الذكريات ، قلبى بها ضنين .
يشتمل هذا الكتاب على مقدمة وستة ابواب ، اما المقدمة فتبحث عن نصيب النثر الفنى من عناية النقاد ن وتبين الغرض من تأليف هذا الكتاب ، وفى الباب الاول يتكلم المؤلف عن النثر الجاهلى والنثر الاسلامى واطوار السجع والاذدواج ، وكان من الضرورى فى نظر المؤلف ان ينشىء هذا الباب ، وهو أصل الخصومة بينه
وبين أستاذه مسيو مرسيه ، وحجة المؤلف أنه من الواجب تعرف مذاهب النثر من عصر النبوة غلى القرن الرابع لتظهر خصائص النثر فى العصر الذى ألف عنه الكتاب ، وفى الباب الثانى يدرس المؤلف خصائص النثر فى القرن الرابع ، فيبين ما فيه من الظواهر الفنية والعقلية ، ثم يمضى فيتكلم فى الباب الثالث عن
ك2تاب الاخبار والاقاصيص ، ويتحدث فى الباب الرابع عن كُتاب النقد الأدبى ، ويشرح فى الباب الخامس بعض الجوانب المهمة من كُتاب الرسائل والعهود .
والمؤلف مطمئن إلى صحة هذا التقسيم ، ويعترف بأنه لم يتكلم عن البلاغة الدينية إلا قليلا ، فقد حملته الاْثرة على ان يستبقى هذا الجانب لكتابه " أثر التصوف فى الادب والاخلاق " الذى يرجو ان يوفق إلى اتمامه بعد قليل .
راعينا روح العصر فى تأليف هذا الكتاب ، فتجنبنا الفاظا وتعابير كانت تستساغ فى القرن الرابع ولا تستساغ اليوم ، ولكنا فى الوقت نفسه لم نهمل واجب الدقة فى التاليف ، فأشرنا إلى نوازع اللهو والمجون ، ودللنا القارىء على مصادرها ‘ن كان يهمه ةاستقصاء الظواهر الاجتماعية التى حفظها التاريخ ، والادب فى رأينا
أصدق مصدر للدراسات الفلسفية والتاريخية ، ومثل هذا الكتاب يقد للخواص الذين يعد التحفظ فى مخاطجبتهم ضربا من الجمود .
بين الاصل الفرنسى وبين هذا الكتاب اختلاف قليل ، ففى النسخة الفرنسية اشياء تكتب لاهل الغرب ولا يحتاج ةإليها أهل الشرق ، وفى النسخة العربية تفاصيل لا يحتاج اليها اهل الغرب وتنفع أهل الشرق ، ويمكن القول بان فى النسخة العربية حرية لم تكن فى النسخة الفرنسية ، لأن الاصل الفرنسى كثتب لاداء أمتحان
الدكتوراه فى جامعة باريس ، تحت إشراف إستاذين فيهما صرامة وقسوة ، وهما المسيو مرسيه والمسيو ديمومبين ، فالاصل الفرنسى وجه وجهة العلم الصرف ، أما هذا الكتاب فوضع لغرض التعليم والتثقيف .
أيرانى القارىء احسنت التمهيد لهذا التاب ؟
قد يكون ذلك وقد لا يكون ، ولكن مما لاريب فيه انى وضعت عن كاهلى عبئا ثقيلا ب‘خراجه الى الناس ، فقد كان من الواجب ان ينشر بالعربية بعد نشره بالفرنسية ، وقد قضيت عاما فى طبعه بمطبعة دار الكتب المصرية واستوجب تحقيقه وتصحيحه جهودا لم تكن تخطر بالبال ، وصبر ناشره الحاج مصطفى محمد صبرا
جميلا ، واحتما عمال المطبعة ضجر الافراط فى المراجعة والتصحيح .
وأرى من الواجب ان أشكر صاحب العزة الاستاذ برادة بك على التسهيلات التى اختصنى بها فى تيسير طبع هذا الكتاب على الطريقة الفنية التى استطعت بها ربط أصول الكتاب بعضها ببعض ، وأن أسدى الثناء ألى صديقى المفضال محمد
أفندى نديم على معونته فى غنجاز الطبع على أحسن حال .
والله اسأل أن يقينى شر الفتنة ، فتنة النفس والقلب والعقل ، وأن يهدينى الصراط المستقيم ، وأن يمنح هذا الكتاب من القبول ما يكافىء ما أضعت فى تأليفه من العمر والعافية ، إنه قريب مجيب .
محمد زكى عبد السلام مبارك
مصر الجديدة 6 شوال سنة 1352 - 22 يناير سنة 1934
====================================
وهكذا انتهت هذه المقدمة الرائعة لهذا الكتاب الفذ ، النثر الفنى فى القرن الرابع الهجرى موضحه الاسس الاولى لحياة الرجل الدكتور زكى مبارك والتى ستكون مزيجا من الكفاح والصراحة وعدم الخشية فى الحق مع معلميه واساتذته ومع الناس جميعا ، واذا جاز ان يعبر بسلام الصدام العنيف مع استاذه الفرنسى المسيو
مرسيه دون نتائج كارثية ، حيث غلب الحلم والعلم على مايبدوا فى النهاية ، حتى انه كان هو المشرف على اجازته لدرجة الدكتوراه ، الا ان مواطنه المصرى الدكتور طه حسين أبى الا ان يكون احد معاول الهدم لهذه العبقرية الفذة ولم ينسى له قط اختلافه معه وعدم سكونه لم يقول ، والتى غلب عليها الميل لغرب دون
الشرق ، فكان احد الاسباب الرئيسية لحاربة فى قوته بعدم السماح له بالتجديد فى الجامعة المصرى لمدرس ، غير اشياء اخرى كثيرة يحار المرأ فى تفسيرها
انها دعوة للقراءة والبحث فى العلم والحياة وأخلاق الرجال
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |