|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
آرام كربيت
2024 / 11 / 13
مفهوم يوم القيامة يعني استيقاظ الموتى من نومهم العميق، على أثر دعوة لكل واحد، للجلوس إلى طاولة مفروشة بما لذ وطاب من الطعام، بالإضافة إلى العسل الجبلي والجبن البلدي والزبدة، والجبس والكوسا باللبن.
بعدها يمشي الرجال يدهم بيد النساء، بين الأشجار الوارفة الظلال للترفيه عن النفس بعد تعب طويل تحت التراب.
رأيتهم يقبلون بعضهم البعض، وأيديهم تمتد إلى ما بين الفخذين، يتلمسون مجرى اللذة للوصول إليها.
ورأيتهم يشربون البراندي والعرق والويسكي والكتيلا.
كانوا جديين، لم أرهم يضحكون.
بصراحة أخشى من التعبير عن رأي بعد تراجع الديمقراطية، ووصول الليبرالية المتوحشة إلى عنق الزجاجة، واستفحال الأزمة، أزمة النظام، وتقلص الحريات بعد وصول الخرفان بايدن إلى السلطة.
المؤشرات كثيرة، كلها تشير إلى أن عالمنا يتجه نحو المجهول.
ولأن النظام ليس في جعبته أي إصلاح أو تغيير، لهذا فإننا نرى أننا نتجه إلى الانهيار.
في زمن هذا البائس، بايدن، صاحب البقرات السبع، كما ورد في خريف البطريرك لماركيز، هل سيتجدد كما تجددت بقرات الديكتاتور، وتجدد جلده مع كل انهيار؟
يعتقد النظام أن حروبه ورفع الفوائد يمكنه أن يتجاوز الأزمة وينتقل نقلات نوعية إلى تجديد نفسه، نقول له أنت واهم، أنت ذاهب إلى الانهيار بقدميك المكسورتين.
عزمي بشارة وجماعته وصبيانه واقفين مع مين، مع إسرائيل وحماس أم مع الناس العزل في غزة؟
مجرد سؤال، ولا يهمنا الجواب.
ـ من أين لك هذه الدقة في الرسم وتناسق الألوان؟ وأضافت:
علاقتك بالرسم والألوان مذهلة على عكس الدروس، فأنت كسلان في هذا المجال.
ابتسم الطفل الصغير لمعلمته، نظر إليها بخجل، وعلامات الحزن بادية على وجهه عندما وجهت إليه المعلمة الأخرى، الواقفة إلى جانبها، هذه الكلمة النابية ذاتها، كسلان
قال لها ببرءاة:
ـ الكسلان بالنسبة لي هو البشع، وما تبقى فهو جميل. وتابع:
كل جميل هو شاطر.
سألته المعلمة:
ـ وهل أنا بشعة أم جميلة؟
ـ أنت جميلة جدًا يا اميرتي. أحب ألوان ثيابك، تسريحة شعرك، عنقود العنب على بلوزتك، تنورتك القصيرة، حذائك، أصابع يديك، رائحة جسدك العطرة.
حضنته وقربته من صدرها وقبلت رأسه في فرح عارم:
ـ آه. ما أجملك، ما أرقك. ما أرق هذا الصوت اللذيذ الذي يخرج من حنجرتك.
أنت شاطر يا صغيري.
لم أكن اتصور أن هذه الكلمات تخرج من فم طفل،كم أنت رقيق ورائع.
أنت رائع.
الزمن يطوي في عبه كل شيء.
عالمنا كله ثقيل.
العقل البشري ينحو نحو الاعوجاج والظلم والأنانية.
لن يرتاح هذا الكائن الذي اسمه الإنسان إلا إذا حول هذه الأرض يباب.
إستقامة العقل، هو المدخل إلى الجمال والحرية.
العقل لا يكذب.
عندما انتهيت من كتابة عبارة، العقل لا يكذب، وإستقامة العقل، هو المدخل إلى الجمال والحرية، وقفت مصدومًا، منبهرًا من هذا النص.
تأملته طويلًا، مذهولًا من قدرة العقل البشري على استنباط تعابير ومفاهيم وأفكار غاية في العمق.
لا أعرف إذا كان غيري استخدم هذه الحكمة أو هذا التعبير.
ليس مهمًا إن قلته أنا أو قاله غيري، المهم أنه يصدر من الإنسان، وهناك أرضية لإستخراج الأفكار من الواقع.
إن الواقع مملوء بالمفاهيم المتناثرة المرمية هناك وهناك على حواف الزمن، يحتاج إلى العقل لإخراج الكنوز الدفينة من مكامن الواقع.
الأمر يحتاج إلى الكثير من الجنون، والكثير من التفكير، والكثير من الجرأة.
والعقل كالنبع المتدفق، يمنح ويعطي ويشق طريقه في الحياة كسفينة تائهة في البحار العميقة المضطربة أو المتلاطمة الأمواج.
العقل مستقيم
العقل في صدامه مع الواقع، هذا الأخير يشوش عليه، يوهمه ويتوهه، يجعله يسيره بالاتجاه الذي يريده.
العقل قائم بذاته
العقل لا يكذب.
اعتبر الجمال من القيم الخالدة كالحرية والحب والحقيقة والحق.
هذه المفاهيم قيم عقلية.
إستقامة العقل، هو المدخل إلى الجمال والحرية.
العقل لا يكذب.
الروائي ديستويفسكي كان يكتب ويعري نفسية الإنسان الروسي المكسور الذي لا يشعر بالأمان.
الكثير لم ينتبه أن هذا الروائي العبقري كان يدخل في صماصيم النفسية المهزومة للإنسان الروسي.
الكثير من علماء النفس ذهب إلى أفكاره لاستخلاص العبر من رواياته واسقاطه على الإنسان ككل، بيد أنهم لم ينتبهوا أنه كان يعري أبناء جلدته المتوحشين، ولإحساسهم أنهم مجرد كائنات مهزومة من الداخل. ولهذا يلجأون دائمًا إلى السلاح لتأمين هوسهم الداخلي.
لكتابة هي الترياق الذي يمدنا بالراحة النفسية، ويفرغ ذاكرتنا من الأقنية المسدودة في شرايينا. ويطرح عن قلوبنا السموم العالقة في حياتنا اليومية.
هي تعويض عن الهزائم العاطفية والنفسية والاجتماعية والسياسية.
إن تكتب، فهذا يعني أنك تتنفس الهواء النظيف وترمي عنك بعيدًا القيء ولحظات التعب والوجع.
وهي تعويض عن الألم المتحكم بنّا.
يقول المثل
الرفسة القوية لا تأتي إلا من الحمار الضعيف.
النظام اللبناني بني على توازن هش
يحتاج هذا النظام المشلول إلى صراع بيني، حرب أهليه، بين الفترة والآخرى، لإعادة إنتاج نفسه واستمرار وجوده حتى يبقى وينشر العطن والصنين في كل قريب وبعيد عنه.
البنى اللاوطنية تنتج قوى شكلانية مأزومة، راضخة، منبطحة، مرتبطة موضوعيًا بمن يقدم لها يد المساعدة السياسية ليبوسها ويضعها فوق رأسه.
كل القوى الحاملة للمشروع الطائفي مجرد حثالة، مأجورين ومرتزقة من حسن نصر الله إلى سمير جعجع إلى ميشيل عون وسعد الحريري ووليد جنبلاط وغيرهم كثر.
رائحة هذا النظام الجيفة، النظام اللبناني، أزكم الأنوف، وانتشر في كل مكان.
هل هذا السطحي، سعد الحريري، يستحق أن يكون رئيس وزراء دولة ويقود دولة ومجتمع؟
هذا بداية الترويض السياسي للمعارضة التي نقلت الملف الوطني إلى الخارج. مثل قرد السيرك. كل حركة مرضي عنه من قبل سيده يأخذ القليل من الجزرة. الإشارات الأمريكية وصلت للجميع. اعتراف الجامعة، فرنسا، ستليها بريطانيا وبقية الطاقم. ثم تبدأ المساومة من جديد. تقديم تنازلات تمس القضايا الجوهرية، وخطوة وراء خطوة إلى أن يجردونا من كل شيء. ونصبح مجرد حسك بدون طعم أو لون
ذهبوا الغوالي؛ عشنا طفولتنا و فترة الصبا و الشباب مع ممثلين كبار كـ فاتن حمامة و أحمد مظهر و صلاح ذو الفقار و توفيق الدقن و محمود المليجي و فريد شوقي و غيرهم كثر، و اليوم "محمود عبد العزيز". كل واحد يذهب يُشعرني بالقهر و الفقد و قسوة الطبيعة و الحياة على الإنسان..
كنت أظنهم أشجار معمرة لا تموت؛ إنها الحياة لا تعرف الرحمة ولا تتعرف على ثبوتية الزمن و استقرار المكان..
الرحمة على الفنان الجميل.. و يبقى لنا الحزن و الألم ننهل منهما لذة الآهِ و القهر.
السجين, هو الضمير, الكائن الحي, القابع في قلب كل إنسان في هذا العالم. من يرجمه أو يشتمه أو يذمه, فإنه يلغي جزء جميل من ذاته.
عندما يخرج ذلك المحطم, من الزنزانة, القوقعة, يصبح مثلك, تكلم عنه كما تريد وترغب.
الكيانات الاجتماعية لا يمكن أن ترحل, ولا يمكن لأي مجتمع أو ثقافة أو دولة أن تستقل بذاتها عن هذا النظام الكوكبي.
الكيانات الاجتماعية تحتاج أن تعيد إنتاج نفسها, وفق مقاييس العصر. فالصدام الحضاري بالقوة أو العنف, من موقع الضعيف, سيجعل الفاتورة علينا غالية جدًا.
اسوأ ما أنتجته الدول الإسلامية هو مفهوم إزدراء الأديان.
أنها تلجأ إلى القانون لتحمي الدين لاعتقادها الداخلي أن الدين لا يستطيع الصمود على قدميه إلا بقوة السلطة وهيمنتها.
لهذا تلجأ القوى الدينية إلى الدولة، إلى القوة والقانون لأنها مدركة أن جذرها مهزوز مزعزع، وغير متماسك، وأن وجودها غير متجذر في الواقع الاجتماعي السياسي الاقتصادي، وأنه ليس لها موقع عميق في أرض الواقع.
لقد لجأت القوى الدينية إلى مفهوم إزدراء الأديان للحماية، لأنها تدرك أنها قوى عاجزة، خائفة على مصالحها ومكانتها وموقعها، ومن خلال هذا الموقع تضع يدها في يد السلطة من أجل السيطرة على الفكر والعقل وحرية التعبير.
الأنكى من هذا أن القوى المهمشة، الهامشية في بلدانها جاءت إلى أوروبا حاملة هذا المفهوم ذاته، الذي أذلها وكسرها وهزمها، وتعمل وتريد أن تعيد إنتاجه وترسيخه في البلدان المضيفة لها.
فبدلًا من العمل على تطوير الحياة في بلدان اللجوء، وتحسين شروط وجودهم، تراهم يعملون على إعادة هذه البلدان إلى ذات الخراب الذي خرجوا منه.
يبدو أن النص الديني منتج حصري للهامشية والفقر والذل والهزيمة البنيوية الداخلية.
وعلينا أن لا نكون سذج، إبرياء، هناك دول تدفع بسخاء لتنفيذ أجندة قذرة، للتخريب.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |