ألكسندر دوغين – بوتين كمبدع لنظام عالمي جديد

زياد الزبيدي
2024 / 11 / 11

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع



*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

ألكسندر دوغين
فيلسوف روسي معاصر

10 نوفمبر 2024

خطاب تاريخي للرئيس بوتين في اجتماع نادي فالداي للحوار في مدينة سوتشي 7 نوفمبر 2024

لقد أصبح خطاب الرئيس بوتين في الاجتماع الأخير لنادي فالداي تاريخيًا بالفعل، دون أدنى مبالغة.
في وقت من الأوقات، كان خطاب تشرشل في فولتون Fulton** بمثابة بداية الحرب الباردة، حيث سُجِّل في التاريخ باعتباره حلقة وصف فيها زعيم إحدى الدول مستقبل البشرية. لكن هذا كان مستقبل الصراع والمنافسة الشرسة والمواجهة بين معسكرين أيديولوجيين. في المقابل، وصف رئيسنا اليوم مستقبلًا مختلفًا تمامًا – هندسة نظام عالمي جديد، أو كما قال هو نفسه، عالم جديد يجب على البشرية نفسها أن تخلقه، مع توصيف المعالم الرئيسية لهذا العالم.

1) أولاً، إنها العدالة واحترام ثقافات كل أمة، والديمقراطية الحقيقية وليس الوهمية. وكما قال فلاديمير بوتين، فإن الديمقراطية هي سلطة الأغلبية، وليس كما يفسرها العولميون والليبراليون المعاصرون، وليست سلطة الأقليات. الديمقراطية الحقيقية هي سلطة الشعوب التي تختار طريقها في التاريخ، ولا يحق لأحد أن ينتزع منها هذا الحق السيادي.

2) ثانياً، إن أساس العالم الجديد هو القيم التقليدية.
من المستحيل بناء عالم على المبادئ التي أصر عليها زعماء الولايات المتحدة حتى اللحظة الأخيرة، والحمد لله، لقد خسروا السباق الانتخابي. أصروا على إلغاء الإنسان، وإلغاء الجنس، وإلغاء الأسرة. واستبدال الإنسان نفسه بمخلوقات ما بعد الإنسان، وما بعد الإنسانية.

وهذه ليست يوتوبيا بأي حال من الأحوال، بل هي ما كان زعماء الغرب الجماعي الحديث يقودون البشرية جمعاء إليه.
إن هذا النظام العالمي أحادي القطب، القائم على الهيمنة الليبرالية للغرب، هو بالضبط ما أجابه رئيس الدولة الروسية بوتين ب "لا" واضحة.

طالما تحدث بوتين عن التعددية القطبية، اعتقد الكثيرون أن هذه مجرد كلمات قيلت فقط لتبرير تموضع روسيا ضد الغرب. في الواقع، هذا شيء أعمق من ذلك بكثير. هذه استراتيجية مبنية على القيم التقليدية واحترام تنوع الثقافات والحضارات. وليس على حضارة واحدة أعلنت نفسها "تقدمية" وعلى هذا الأساس تفرض مبادئها على العالم أجمع.

علاوة على ذلك، هذا خطاب تاريخي لزعيم ليس فقط لروسيا، بل زعيم للعالم أجمع، للبشرية جمعاء. ومن المهم جدًا أن يؤكد بوتين أن الليبرالية الجديدة الغربية قد انحطت إلى أيديولوجية شمولية. في الوقت نفسه، أشار رئيسنا إلى أن الغرب نفسه ليس عدونا. عدونا الحقيقي هو النخبة المعولمة المتعصبة وغير المتسامحة التي تفرض قواعد سلوك لا يمكن تصورها على البشرية.

ومن المهم جدًا أيضًا أن هذا الخطاب، الذي لم يكن عفويًا بالتأكيد، ولكنه تم إعداده منذ بعض الوقت، قد تم تأكيده بالفعل من خلال الإجراءات العملية.
قمة البريكس الناجحة في قازان وفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية – الاختيار حسم لصالح القيم التقليدية وضد الدكتاتورية المعولمة. تحدث الأمريكيون أنفسهم ضد الزمرة النيوليبرالية، قائلين: انصرفوا من هنا!

على هذه الخلفية، يبدو رئيسنا وخطابه في فالداي نبويًا ونبوئيًا بكل بساطة. علاوة على ذلك، لا يتحدث فلاديمير بوتين فقط - بل يفعل. وقد تم بالفعل تحقيق جزء المهم والأهم من خطته. والباقي، بالطبع، سيتحقق في المستقبل.

وأكد رئيس الدولة الروسية في خطابه أيضًا أن العولميين (العولميين على وجه التحديد، وليس الغرب فقط – نحتاج إلى تعلم فصل هذه المفاهيم مرة أخرى، لأن أمريكا ترامب ليست أمريكا بايدن وأوباما وبوش وكلينتون وسوروس) أرادوا هزيمة روسيا وكسرها، لكنهم فشلوا. لم ينجح أحد قط في إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا.

والأمر الأخير. على مدى العقود الماضية، أظهرنا بالفعل للعالم أجمع قدرتنا على الدفاع عن مُثُلنا وقيمنا وأسلوب حياتنا التقليدي واختلافنا مع الأجندة المفروضة علينا من قبل النخب العالمية الليبرالية.

ولكن في المواقف الصعبة في السنوات السابقة، عندما لم نهاجم بعد ولم نتمكن من إثبات قدرتنا على مقاومة ضغوط الناتو وأنظمة العولمة وحكامها بإصرار وفعالية، تم نطق نفس الأفكار التي عبر عنها بوتين بشكل مباشر وواضح اليوم بأصوات مختلفة قليلاً.

الآن لدينا قوة جديدة: في حرب اوكرانيا، أصبحت روسيا أكثر صلابة وأقوى وأكثر حسمًا.
لدينا أخيرًا أيديولوجيا الدولة الروسية والايديولوجية الأرثوذكسية وجميع الديانات التقليدية والشعوب الأصلية في بلدنا، والتي تعتبر روسيا الوطن الأم الوحيد لهم. وبالتالي أصبحنا بالفعل أقوى مائة مرة.

عندما نحرر أوكرانيا أخيرًا، سنصبح أقوى ألف مرة. وبعد ذلك، بعد أن مررنا بتجارب لا تصدق، سنثبت أننا كنا على حق في كل مرحلة من مراحل طريقنا إلى البعث من جديد. إلى عودة دورنا في التحرك العالمية للبشرية من أجل عالم أكثر عدلاً وإنسانية ونزاهة وملائمة لمقوماتنا الوجودية.

*****

**خطاب "الستار الحديدي" في فولتون، ميسوري، الولايات المتحدة 5/3/1946
ألقي هذا الخطاب في كلية وستمنستر في ميسوري بعد عام واحد فقط من نهاية الحرب العالمية الثانية، وكان من شأنه أن يمهد الطريق للسنوات الخمس والأربعين التالية من "الحرب الباردة" ZZ.

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي