العمة دبة الجزء الرابع

طلال حسن عبد الرحمن
2024 / 11 / 6

الملك


بيت العمة دبة ،
العمة دبة والببغاء

الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : إنني متعبة ..
الببغاء : هذا الثعلب ..
العمة : أريد أن أنام .
الببغاء : يجب أن توقفيه عند حده .
العمة : " تتمدد في فراشها " لا أر يد أن أسمع
عنه الآن أي شيء .
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة ..
الببغاء : ها هو الثعلب ، اسمعيه .
العمة : أوه .
الثعلب : " يطل برأسه من الباب " جئتك بضيف
نادر .. عظيم ..
العمة : لا أريد أحداً الآن ، إنني متعبة جداً .
الثعلب : ليس أي أحد اسمعي جيداً ، إنه ..
العمة : إنه .. ، إنه من ؟
الثعلب : الملك .
الببغاء : الملك !
العمة : من !
الثعلب : الأسد ، ملك الغابة . " للأسد خارج
الباب " مولاي تفضل ، تفضل جلالتك .

يدخل الأسد ، وعلى
رأسه تاج مذهب

الأسد : مساء الخير .
العمة : " تعتدل مذهولة " الأسد !
الثعلب : الملك .
الأسد : " يرفع التاج عن رأسه " في السيرك
فقط .
الببغاء : السيرك !
الأسد : نعم ، هربت من السيرك ، لأذهب إلى
الغابة ، لكني التقيت بالصديق الثعلب ،
ونصحني أن أزور العمة دبة أولاً .
الببغاء : " يهمهم " هم م م .
الأسد : فجئتُ إليك .
العمة : أهلاً ومرحباً ، تفضل أجلس .
الأسد : " يجلس متعباً " أشكركِ .
العمة : للأسف ، يا سيدي ، ليس لديّ الآن ما
أقدمه لكَ .
الأسد : أشكركِ ، يا سيدتي ، لقد تناولت طعامي
في السيرك ، قبل أن أهرب .
الثعلب : عرفتُ أنه شبعان ، ولهذا سرتُ معه ،
وجئتُ به إلى هنا .
العمة : تهز رأسها " ....
الببغاء : إنه ثعلب .
الأسد : " ينظر إلى العمة " ....
العمة : يبدو أن الحياة ، في ذلك السيرك ، لم
تعجبك تماماً .
الأسد : الحقيقة إن الحياة في السيرك هادئة ،
وآمنة ، ومستقرة ، لكن ..
العمة : مهما يكن ، فإن الطعام يُوفرُ لك ، كلّ
يوم ، دون عناء .
الأسد : نعم ، هذا صحيح .
العمة : ثم إن الحياة في الغابة ، ليست سهلة
كما تتصورها .
الأسد : لكن ما عرفته ، إن الغابة أفضل من
قيود السيرك ، وأقفاصه ، ومهاناته .
العمة : أنت تقول هذا ، لأنك ربما لم تجرب الحياة في الغابة .
الأسد : من يدري ، إنني لم أجربها بعد .
العمة : والتجربة قد تكون مرة .
الأسد : الحقيقة إنني عشتُ حياتي كلها في السيرك ، فقد ولدت هناك لأبوين جيء بهما من الغابة ، وعاشا حياتهما في الأقفاص .
العمة : ويبدو أنهما حدثاك عن الغابة ، التي عاشا فيها ، قبل أن يقعا في الأسر .
الأسد : مات أبي في القفص ، دون أن يحدثني عن الغابة ..
العمة : " تنظر إليه صامتة " ....
الأسد : أمي نفسها ، لم تحدثني في البداية ، رغم تساؤلاتي الكثيرة الملحة ..
العمة : " تنظر إليه صامتة " ....
الأسد : لكن عندما كبرت ، وضعفت ، وأبعدت عن العمل ، وشعرت بدنو نهايتها ، وهي ما زالت في القفص ، راحت تحدثني عن الغابة ، والحياة فيها .
العمة : " تهمهم " هم م م م .
الثعلب : أيتها العمة ..
العمة : " تنظر إليه " ....
الثعلب : يُقال إن عدد الأسود في العالم ، قليل جداً الآن .
العمة : نعم ، هذا صحيح ..
الببغاء : يا للأسف .
العمة : لقد فقد ملك الحيوانات ، معظم أراضي مملكته ، وهو لم يعد موجود الآن إلا في قارة أفريقيا ، ومنطقة محصورة غربي الهند .
الأسد : قالت لي أمي ، إننا نحن الأسود ، كنا موجودين في معظم أنحاء العالم .
العمة : أمك على حق ، فقد كانت الأسود في الماضي ، موجودة في بريطانيا ، وجنوبي أوربا ، وجنوبي آسيا ، وكذلك في أفريقيا .
الأسد : " متحسراً " آه .
العمة : حتى في العراق ، كان هناك أسود زمن الآشوريين ، وكان ملوكهم يعتبرون صيد الأسود رياضة محببة .
الببغاء : لا يوجد ملوك آشوريون ، في العراق الآن .
العمة : ولا يوجد أسود أيضاً .
الثعلب : لقد صادهم الملوك الآشوريين .
الببغاء : آه من الملوك الآشوريين .
العمة : " للأسد " الأسود ، لمعلوماتك ، يعيشون في مجموعات عائلية ، وقد تتألف المجموعة من اثنين أو ثلاثة فقط ، وقد تبلغ الأربعين .
الثعلب : إنهم ليسوا مثلنا ، فنحن ..
الببغاء : دعنا منكم الآن .
الثعلب : ينظر إليه " ....
الببغاء : اسمع .
العمة : هذه المجاميع ، تخرج غالباً للصيد معاً ، وعادة تقوم اللبوة بالصيد، وقتل الفريسة ، وليس الأسد ، لكن الأسد هو الذي يأكل أولاً ، ويأكل ما يشاء ، ولهذا يُقال حصة الأسد .
الثعلب : آه ليتني أسد .
العمة : أيها الأسد ..
الأسد : " ينظر إليها " ....
الأسد : نعم .
العمة : أريدك أن تعرف ، أن الغابة التي تقصدها ، ليس فيها أسود .
الأسد : " ينظر إلى الثعلب " ....
الثعلب : " يهز رأسه " ....
العمة : وهذا يعني ، يا سيدي ، أنك ستعيش فيها وحيداً .
الببغاء : ليس لك لبوة تصطاد لك .
العمة : ولا مدرب ، يقدم لك الطعام .
الأسد : مهما يكن ، لا أستطيع أن أعود إلى القفص ، وأموت فيه ، كما مات أبي .
العمة : فكر جيداً أيها الأسد .
الأسد : فكرتُ جيداً ، يا سيدتي " يتجه نحو الباب " .
العمة : " تمسك بالتاج المذهب " أيها الأسد ، نسيتَ التاج .
الأسد : إنه نفاية ، ارميه مع النفايات ، لم أعد بحاجة إليه .

الأسد يخرج ، العمة
والببغاء والثعلب وحدهم

إظلام

3 / 9 / 2014




الجمل


بيت العمة دبة ،
الببغاء يحدق في الثعلب

الببغاء : " ضجراً " آه .
الثعلب : تأخرت العمة دبة .
الببغاء : وستتأخر أكثر .
الثعلب : لا أدري ، لماذا تتأخر العمة دبة ،
عندما أحتاجها .
الببغاء : قلتُ لك ، ليس لدينا عسل .
الثعلب : وقلتُ لك ، لا أريد عسلاً .
الببغاء : أريد أن أنام .
الثعلب : الجميع ينامون ليلاً .
الببغاء : هذا شأني .
الثعلب : نم إذن .
الببغاء : أنام وعلى مسافة مني ثعلب ؟
الثعلب : نم واطمئن ، فأنا اليوم لستُ ثعلباً ،
وأنت لستَ ببغاء .
الببغاء : لستَ ثعلباً ، الدنيا قلبت " ينصت " ها
هي العمة دبة قادمة .
الثعلب : نم الآن .
الببغاء : أنام وأنت والعمة الدبة تثرثران ! هذا
مستحيل .

يُدفع الباب ، وتدخل
العمة ، حاملة سلتها

العمة : آه الثعلب اليوم عندنا ، يا مرحباً يا
مرحبا .
الثعلب : جئتك في أمر هام .
العمة : عسل .
الببغاء : يقول لا .
العمة : ليس ثعلباً إذن .
الثعلب : " ينظر إلى الببغاء " ....
الببغاء : تبقى ثعلباً .
الثعلب : الإنسان .
الببغاء : الإنسان !
العمة : دعكَ منه .
الثعلب : أريد أن أعرف رأيكِ فيه .
الببغاء : أصدقيه ، فأنا أعرف الإنسان .
العمة : حدثه أنت عنه إذن .
الببغاء : الإنسان جميل ، وذكي ، وقوي ، و ..
العمة : وقاتل ، وسفاك للدماء ، و ..
الثعلب : أيتها العمة ..
العمة : " تنظر إليه " ....
الثعلب : والجمل ؟
العمة : الجمل !
الببغاء : لكنك سألتني عن الإنسان .
الثعلب : سؤالي واحد .
الببغاء : تبقى ثعلباً .
الثعلب : أنتِ تدرسين الجمل هذه الأيام .
العمة : الجمل سفينة الصحراء .
الببغاء : محاضرة جديدة .
العمة : يتحمل الجوع والعطش طويلاً ، ويُقال
أن أحد الجمال ، تحمل العطش في
الصحراء " 34 " يوماً .
الببغاء : آه .
العمة : والجمال الأليفة نوعان ..
الببغاء : لابد أن هناك جمالاً غير أليفة .
العمة : نعم ، هناك جمال غير أليفة ، جمال
برية ، وهي توجد في صحراء غوبي
وسط آسيا .
الثعلب : حسن ، أيتها العمة ، الجمال الأليفة
نوعان ..
العمة : بالضبط ، الأول الجمل العربي ، وله
حدبة واحدة ، وهو موجود في الجزيرة
العربية ، وبلدان أفريقيا الشمالية ، وفي
الشمال الشرقي من أفغانستان .
الثعلب : هذا الأول ..
العمة : أما الثاني ، فهو جمل لا يُستخدم
للركوب ، بل للنقل في بلاد وعرة وباردة
جداً ، إنه الجمل البلخي ، ولهذا الجمل
بدل الحدبة حدبتان .
الببغاء : حدبتان ! آه .
العمة : وهي أكبر وزناً ، وأكثر قوة ، وأشد
سمنة ، قوائمها أقصر ، لكن خفها أكثر
قسوة خشونة ، ثم إن فروتها أكثر طولاً
وسماكة ، وهي ثابتة في سيرها في
الطرق الوعرة والمنحدرة .
الثعلب : " يلوذ بالصمت " ....
الببغاء : أيها الثعلب ، انتهت المحاضرة ، اذهب
الآن .
العمة : ببغاء .
الببغاء : بدل السؤال سأل سؤالين ، يكفي اليوم .
العمة : دعكَ منه ، موضوع الجمال موضوع
شائق جداً .
الثعلب : سمعت أن الجمل ، يشرب في المرة
الواحدة ، كمية كبيرة من الماء .
الببغاء : آه .
العمة : هذا صحيح ، فالجمل يستطيع أن يشرب
" 68 " لتراً من الماء ، بل إن الجمل
الشديد العطش ، يستطيع أن يشرب 6 13
لتراً من الماء .
الببغاء : هذا يعني أن عدة جمال ، يستطيعون أن
يشربوا بركة كاملة .
الثعلب : أيتها العمة ..
الببغاء : سيأتي بيت القصيد .
الثعلب : سمعتُ حكاية ، وأريد أن أتحقق منها ..
العمة : " تهز رأسها " ....
الثعلب : يُقال أن أحد التجار ، سار في الصحراء ، أياماً عديدة ، ونفد منه الماء .
الببغاء : فمات هو ، وعاشت جماله .
الثعلب : بل عاش هو ، وعبر الصحراء ، وماتت معظم جماله .
الببغاء : هذا مستحيل .
الثعلب : وتقول الحكاية ، أنه كان يذبح جملاً من جماله ، ويستخرج الماء المخزون في جوفه ، ويشرب منه ، وهكذا ذبح العديد من جماله ، حتى عبر الصحراء .
العمة : " تلوذ بالصمت " ....
الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : حكايتك ، أيها الثعلب ، مجرد حكاية .
الثعلب : يبدو أنك لم تصدقيها .
العمة : أنا أصدق الحقيقة .
الثعلب : " يبتسم بخبث " ....
العمة : الحقيقة تقول ، إن الجمال لا تختزن الماء في معدتها وأمعائها ، وما تشربه عندما تكون عطشانة ، مهما كانت الكمية ، تتسرب فوراً عبر جدران أمعائها ، وتنتشر في جسم الجمل ، بعد شرب كمية كبيرة جداً من الماء .
الثعلب : " يهمهم " هم م م .
العمة : " بشيء من الحزم " والآن اذهب .
الثعلب : هذا يعني أن الحكاية ..
الببغاء : العمة قالت لك اذهب ..
الثعلب : يا للإنسان .
الببغاء : بل يا للثعلب .
العمة : أنت لم تفهم قصده .
الببغاء : ليس تماماً .
الثعلب : إنه ببغاء .

العمة تدفع الثعلب
إلى الخارج ، وتغلق الباب

إظلام

3 / 9 / 2014














كلب الصيد البري


الببغاء في فراشه ،
الجرو يتجول متشمماً

الببغاء : يغط في نومه " خ خ خ خ .
الجرو : " يتمتم " جائع .. جائع .. جائع ..
الببغاء : خ خ خ خ .
الجرو : " يتوقف " عووو .. ماما .
الببغاء : " يفزّ " ما .. ما .. ماذا !
الجرو : " يتطلع إليه أنتَ ..
الببغاء : نعم .
الجرو : عندما تجوع ، ماذا تفعل ؟
الببغاء : آكل طبعاً .
الجرو : إنني جائع .
الببغاء : لديّ جوز ، ولوز ، و ..
الجرو : أنا جرو ..
الببغاء : أعرف .
الجرو : والجرو يأكل اللحم .
الببغاء : ليس لديّ لحم .
لجرو : أنت لحم .
الببغاء : هذا ما كنتُ أخافه ..
الجرو : لكنك مليء بالريش ، وأنا أكره الريش ،
إنه مقزز .
الببغاء : هذا أفضل .
الجرو : " يصيح " عووو ماما .
الببغاء : لا تصح .
الجرو : أريد ماما .
الببغاء : " ينصت " ها هي أمك الجديدة قادمة .
الجرو : ماما !
الببغاء : العمة دبة .

يُدفع الباب ، وتدخل
العمة ، تحمل إناء

الببغاء : لقد تأخرت .
العمة : لابد أن آتيه بحليب .
الببغاء : حليب ! إنه يريد لحماً ، وكاد يأكلني .
العمة : اطمئن ، إنه ما زال صغيراً ، ولا يأكل
الآن غير الحليب .
الجرو : " يصيح " عووو ماما .
العمة : جئتك بطعام يشبعك ، تعال يا بنيّ .
الجرو : أنتِ ماما !
العمة : ماما قد تتأخر ، تعال كلْ الآن .
الجرو : أريد لحماً .
العمة : لدينا حليب لذيذ .
الجرو : " يشير إلى الببغاء " ذاك لحم .
الببغاء : أرأيتِ ، جئتني بوحش .
العمة : لا تخف ، إنه مجرد جرو .
الجرو : أريده ، لكن بلا ريش .
العمة : إنه صديق ، ولا يجب أن نأكله .
الجرو : إنني جائع .
العمة : " تضع إناء الحليب أمامه " كلْ .
الجرو : أهو حليب ؟
العمة : نعم ، تذوقه .
الجرو : " يتذوقه مهمهماً " هم م م م .
العمة : كلْ حتى تشبع .
الجرو : إنه لذيذ ، لكنه ليس حليب ماما .
العمة : إنه حلب عنزة .
الجرو : حليب ماما ألذ .
العمة : كلْ ، يا صغيري ، حتى تشبع .
الجرو : " يشرب بنهم " ....
العمة : " تبتسم " شرب كلّ الحليب .
الببغاء : لو كنتُ حليباً لشربني معه .
العمة : لابدّ أنه لم يرضع منذ البارحة .
الجرو : " ينظر إلى العمة " ....
العمة : " تمسح الحليب عن شفتيه " أرجو أن
تكون قد شبعت .
الجرو : نعم ، لكن .. أريد ماما .
العمة : " ترقده وتربت عليه " ارتح الآن ،
ما دمت قد شبعت ، ماما ستأتي قريباً .
الجرو : " يغمض عينيه " الحليب لذيذ ، لكن
حليب ماما ألذ .. آه .
الببغاء : إنه ينام .
الجرو : " يغط في نومه " خ خ خ خ .
العمة : لقد نام .
الببغاء : آه منكِ .
العمة : " تنهض " لا ترفع صوتك ، إنه نائم .
الببغاء : لو فقط تتركين هذه العادة .
العمة : " تنظر إليه " ....
الببغاء : لم يكن لكِ أن تأتي به إلى هنا .
العمة : وجدته وسط الغابة يبكي وينادي أمه .
الببغاء : لستِ أمه ، أنتِ دبة .
العمة : لو تركته لمات من الجوع ، أو اختطفه
فهد ، وأنت تعرف أن الفهود ، تفضل أكل
الكلاب على أي شيء آخر .
الببغاء : " يهز رأسه " ....
العمة : " بصوت رقيق " الكلاب من أجمل
الحيوانات الأليفة ، وأرقها ، وأوفاها ، و
.. ليس كلها طبعاً ، والكلاب الأليفة
والبرية أكثر انتشاراً في العالم ، من أي
حيوان آخر .
الببغاء : " يتمدد محبطاً " آه .
العمة : لكن هذا الجرو ، على ما يبدو ، ليس
من الكلاب الأليفة .
الببغاء : هذا ما خمنته ، وإلا لما أراد أن يأكلني.
العمة : من كان في عمره ، من الكلاب البرية
أو الأليفة ، لا يأكل غير الحليب .
الببغاء : لو بقي أياماً ، لن أكون إلا في بطنه .
العمة : " تنظر إلى الجرو " نعم ، إنه من كلاب
الصيد البرية ، وهذا النوع من الكلاب ،
تصطاد في مجموعات ، وإذا خرجت إلى
الصيد ، فإن الحيوانات كلها ، تبتعد عن
طريقها ، وتختبئ في أماكن آمنة .
الببغاء : لا أظن أنني في مكان آمن .
العمة : ببغاء .
الببغاء : إنني مع كلب صيد في مكان واحد .
العمة : إنه مجرد جرو .
الببغاء : " ينصت خائفاً " أصغي ..
الببغاء : تبدو وكأنها عاصفة قادمة .
العمة : لكن الجو صحو اليوم " تنصت " أخشى
أنهم ..
الببغاء : إنهم ؟ إنهم ماذا !
العمة : ربما مجموعة من كلاب الصيد .
الببغاء : يا ويلي " الباب يقرع " الباب .
العمة : أسمعه " الباب يطرق ثانية " سأفتحه ..
الببغاء : " يرقد في فراشه " إنني نائم .

تفتح الباب ، يدخل
كلب بريّ ضخم

الكلب : أيتها الدبة ..
العمة : " تتراجع خائفة " أهلاً ومرحباً
الكلب : قيل لي ، إن صغيري عندك .
العمة : آه نعم ، وجدته يبكي وسط الغابة ،
وخفت علية من الفهد ، فجئت به إلى هنا
" تشير إليه " انظري ، إنه نائم ، بعد أن
أطعمته حليب معزة .
الكلب : أمه وأعمامه وأخواله وعشيرته في
الخارج ، تحيط بالبيت .
الببغاء : " يطل من مكانه " خذه .. خذه ..
العمة : إنه صغير جميل ، أرجوك ، دعه
يزورني بين حين وآخر ، إنني أحبه "
تشير إليه " تفضل احمله ، برفق ، إنه
نائم .
الكلب : " يحمل الجرو " أشكركِ " يخرج " .
الببغاء : أمه وأعمامه وأخواله و ..
العمة : " بصوت رقيق " آه ما أجمل الكلاب .
الببغاء : سأهاجر ، وأتركك ، وليكن ما يكون .

الببغاء يرقد في فراشه ،
العمة دبة تقف صامتة

إظلام

4 / 9 / 2014



الثعلب


العمة والببغاء يرقدان ،
كلّ منهما في فراشه

الببغاء : " يستيقظ " أيتها العمة .
العمة : لستُ نائمة .
الببغاء : هذا ما خمنته .
العمة : لا تقل لي ، إنك رأيت الثعلب الليلة في
المنام .
الببغاء : لا ، لم أره .
العمة : هذا المحتال ، لم يأتِ منذ مدة .
الببغاء : ولن يأتي ما دمتِ تحتاجينه ، فهو يأتي
عندما يحتاج هو إليكِ .
العمة : أنت تعرف ، أنني درست الكثير عن
الكائنات الحية ..
الببغاء : أعرف .. أعرف .
العمة : والآن أريد أن أدرس ، خصلة واحدة
من خصال الثعلب بالتفصيل .
الببغاء : يا للعجب ، لا أظن أنك تجهلين أي
شيء عنه .
العمة : لا ، ربما أجهل ، فهو كما تعرف ،
محتال ومتكتم ..
الببغاء : وسيبقى ، فهو ثعلب .
العمة : لم يطلق لسانه تماماً .
الببغاء : إنه كما قلتِ ، محتال .
العمة : وهذا ما أدرسه بالضبط .
الببغاء : هناك ، كما تعرفين ، حكايات كثيرة عن
حيل الثعلب .
العمة : الحكايات كثيرة فعلاً ، بعضها صحيح ،
وبعضها الآخر غير صحيح ، أريد منه ،
ما هو صحيح .
الببغاء : ليأتي ، لعله يحدثك .
العمة : هذا ما أنتظره .

يدخل الثعلب بهدوء،
ويحدق ملياً في الببغاء

الببغاء : لن تخيفني ، العمة دبة موجودة .
الثعلب : اشتقتُ إليك .
العمة : لقد غبتَ فترة طويلة ، وهذه ليست عادتك .
الثعلب : تزوجتُ .
العمة : آه صحيح ، نحن في كانون الثاني .
الببغاء : لابد أنك خدعت أنثى ، وأقنعتها بالزواج
منكَ .
الثعلب : هذا ما يحلو للذكر أن يظنه ، والحقيقة
أنه هو الذي يُخدع .
العمة : " تهمهم " هم م م م .
الببغاء : هذه من الحكايات ، التي لا تصدق .
العمة : من يدري .
الثعلب : أيتها العمة ..
الببغاء : أريد قرص عسل .
الثعلب : بل أريد أن أعترف .
العمة : هذا ما أردته منك ، فذهبت ، وغبت هذه
المدة الطويلة .
الثعلب : فكرتُ ، أنت عالمة ، ومن واجبي أن
أقدم لك هذه الخدمة .
الببغاء : أيتها العمة ، احذريه .
الثعلب : الحيلة هي سلاحي .
العمة : هذا أمر معروف .
الثعلب : القوة هي سلاح الأسد والنمر والذئب ،
والسرعة سلاح الغزال والفهد الصياد
والأرنب ، وأنا لستُ قوياً كفاية ، ولا
سريعاً ، لا في الهجوم ، ولا في الهرب .
الببغاء : لم يبقَ إلا الحيلة .
العمة : أعرف بعض حيلك في الصيد .
الثعلب : أنت تعرفين بعضها ، والآخرون
يعرفون أيضاً ، لكن إذا عُرفتْ كلّ حيلي
، أموت من الجوع .
الببغاء : أريد أن أعرف حيلة ، لم تجربها هنا .
الثعلب : السحر .
الببغاء : السحر !
العمة : " تضحك " سمعتُ بها .

الثعلب يثب فجأة ،
ويتمرغ كأنه أصيب بالجنون

الببغاء : " يطل عليه مندهشاً " أيتها العمة ..
العمة : راقبه فقط .
الببغاء : لقد جنّ .
الثعلب : " يتوقف " ....
العمة : هذا هو السحر .
الثعلب : نعم ، ولو لم يكن الببغاء صديقي لأكلته.
العمة : أنت تلجأ إلى هذه الحيلة ، لتوقع
ضحاياك من الطيور والأرانب ، فعندما
تراك هكذا ، تقترب منك مذهولة ، فتثب
عليها و ..
الثعلب : وأسكتُ بها جوعي .
الببغاء : أيها اللعين .
الثعلب : ليس لديّ من يطعمني مثلك .
الببغاء : إنني لا ألوم مطارديك ، فأنت لص
محتال .
الثعلب : لا تصدق ما يحكيه عني مؤلفو حكايات
الأطفال " يقترب منه " فأنا لم أتظاهر
بالموت لأصيد الغراب ، ولم أدع ِ النسك
والرغبة في الذهاب إلى الحج ، لأصيد
الديك .
الببغاء : " يتضايق من رائحته " ابتعد عني ،
اف ، لا أدري كيف تهرب من مطارديك
، ولك مثل هذه الرائحة النفاذة .
الثعلب : هذه الرائحة تحبها زوجتي .
الببغاء : لابدّ أن رائحتها أسوأ من رائحتك .
العمة : نقطة ضعفه في هذه الرائحة ، لكن قلما تدركه كلاب الصيد ، التي تطارده مع الصيادين ..
الثعلب : لأنه لديّ مخ .
العمة : عندما تطارده كلاب الصيد ، يلجأ إلى عدة حيل ، منها أنه يكرر سيره في مكان واحد ، ثم يقفز قفزة جانبية واسعة ، ليقطع الأثر ..
الببغاء : " يهمهم " هم م م م .
الثعلب : " يبتسم " ....
العمة : أو يتسلق شجرة مائلة ، ويختبئ بين أغصانها ، فتمر الكلاب من تحته ، دون أن تنتبه إلى وجوده .
الببغاء : لن تنقرض الثعالب .
العمة : وقد يسبح في نهر ليقطع الرائجة ، أو يختلط بالأغنام ، أو يتمرغ في السماد ، وقد يلجأ إلى ثعلب آخر ، ليضلل مطارديه .
الثعلب : أيتها العمة ..
الببغاء :احذريه ..
الثعلب : زوجتي ستلد .
العمة : زوجتك تلد في نيسان أو أيار .
الثعلب : لابد أن أهيئ طعاما لها وللصغار .
الببغاء : " ساخراً " يا للأب الطيب .
العمة : مهما يقال عن الثعلب ، إلا أنه أب صالح ، ففي نيسان أو أيار يولد له أربعة جراء ، وتبقى الثعلبة مع جرائها بضعة أسابيع ، يؤمن الثعلب الطعام لها وللصغار .
الثعلب : " للببغاء " أرأيت ؟ إنني أستحق قرص عسل أو أكثر .
العمة : هذا حق ، لكن ..
الثعلب : أيتها العمة ..
العمة : " تدفعه نحو الباب " اذهب الآن ، وتعال في نيسان .
الببغاء : حقاً أنتِ العمة دبة .
الثعلب : ويتحدثون عن .. الثعلب .

العمة تدفع الثعلب إلى
الخارج ، وتغلق الباب

إظلام

5 / 9 / 2014


ملك الفئران


بيت العمة دبة ،
الببغاء يتمشى منفعلاً

الببغاء : الحياة مع العمة دبة ، أصبحت مهنة
شاقة " يتوقف " ليت الأمر اقتصر عليها
، فالمشقة هي حيواناتها ، التي تكاد لا
تنتهي " يمشي " لابد أن أضع حداً لهذا
الأمر ، وإلا ..

يُفتح الباب ، وتدخل
العمة ، حاملة سلتها

العمة : وإلا ..
الببغاء : " يتوقف " أيتها العمة ..
العمة : اليوم استراحة .
الببغاء : لا استراحة في هذا البيت .
العمة : سنأكل ، ونشرب ، ونتسامر ، و ..
الببغاء : الملك جاء عدة مرات .
العمة : الملك !
الببغاء : ملك الفئران .
العمة : " تبتسم " لو كان للببغاوات ملك ، لكنتَ
أنت ..
الببغاء : لا تغيري الموضوع .
العمة : ما زلنا في الملك .
الببغاء : جاء مرات ، وقال الأمر ملح ..
العمة : " تهمهم " هم م م م .
الببغاء : لم يدعني أرتاح .
العمة : إنني أتفهم قلقه وخوفه .
الببغاء : " ينظر إليها " ....
العمة : لقد حلت في الجوار ، منذ عدة أيام ،
عائلة من أبناء عرس .
الببغاء : أبناء عرس ؟
العمة : الفئران ، في هذه المنطقة ، كانوا
مرتاحين ، وسعداء بعض الشيء ، حتى
جاءت عائلة ابن عرس هذه ، واستوطنت
هنا .
الببغاء : وما شأن الفئران ، إن المنطقة واسعة ،
وتسكنها مختلف الكائنات الحية .
العمة : لو تعرف ما يعرفونه عن أبناء عرس ،
لما قلت هذا .
الببغاء : ما أعرفه ، إنها حيوانات صغيرة .
العمة : صغيرة نعم ، فطولها بما فيه ذنبها ، لا
يزيد عن " 25 " سنتمتراً .
الببغاء : ثم أن في المنطقة القواقم والدلوق
والظرابين ، وحتى الثعالب ، وكلها تقتات
على الفئران .
العمة : هذا صحيح ، يا ببغاء ، لكن ابن عرس
شيء آخر .
الببغاء : أفهميني .
العمة : أبناء عرس سريعو الحركة ، وهم
يشقون العشب متلوين كالحية ، وهي حين
تسير بين العشب ، فمن الصعب رؤيتها ،
لأن قوائمها قصيرة جداً ، ولأن أجسامها
الطويلة قريبة جداً من الأرض .
الببغاء : لكن أعداء الفئران الأخرى ، لا تختلف
في هذا عن أبناء عرس .
العمة : نعم ، لكن ما يختلف أن ابن عرس ،
يستطيع أن يطارد الفئران ، حتى في
أوكارها ، فهو نحيف جداً ، حتى يُقال أنه
يستطيع أن يمرّ في خاتم الزواج .
الببغاء : أوه .
العمة : إضافة إلى ذلك ، فإن ابن عرس يمكن
اعتباره ، ملك الصيد عند الحيوانات ،
رغم صغر حجمه ، فهو يصطاد الفئران
والجرذان والضفادع والطيور الصغيرة ،
ويسبح لاصطياد الفول والأسماك بأنواعها
، ويستطيع أن يتسلق الأشجار بسهولة ،
لاقتناص الطيور وفراخها الصغيرة في
أعشاشها ، بل إنه يهاجم حيوانات أكبر
منه حجماً ، ويفترسها ، كالأرانب الأليفة
والبرية .
الببغاء : آه فهمت الآن إلحاحه في مقابلتك ،
هذا المسكين ، ولكن ماذا يمكن أن تقدميه
له وللفئران ؟
العمة : إنه مسكين حقاً " الباب يُطرق " ..
الببغاء : إنه هو .
العمة : نعم ، إنه هو " تتجه نحو الباب " فلأفتح
الباب .

العمة دبة تفتح
الباب ، يدخل الفأر

الببغاء : ها هي العمة دبة ، لقد جاءت أخيراً .
الفأر : صباح الخير .
العمة : أهلاً ومرحباً .
الببغاء : قل لها ما تريده .
الفأر : عفواً ، لقد جئت لزيارتك اليوم ، أكثر
من مرة .
الببغاء : قلتُ لها ذلك .
العمة : يا للأسف ، لو كنت أعرف بحضورك ،
لعدتُ سريعاً .
الفأر : الأمر مهم ، بل مصيري بالنسبة لنا ،
نحن الفئران ، وإلا ما أثقلتُ عليك .
العمة : ليتني أستطيع أن أخدمكم ، تفضل .
الفأر : تعرفين ، يا سيدتي ، إننا كائنات
صغيرة ، والكثير من الحيوانات يعتدون
علينا ، بل ويفتكون بنا ويفترسوننا ،
ولكن استطعنا مع الزمن أن نتكيف للأمر
، رغم ما نعانيه .
العمة : نعم ، هذا واقع الكائنات الصغيرة
المستضعفة في الغابة عامة .
الفأر : لكن الآن حلت بنا كارثة ، لا نستطيع
تحملها ، أو التكيف معها ، وإذا استمرت
، فلن يبقى منا أحد على قيد الحيلة .
العمة : ابن عرس .
الفأر : وعائلته بأكملها .
العمة : إنني أتفهم وضعكم ، إن أبناء عرس من
أشرس الحيوانات وأخطرها .
الفأر : علينا بالذات .
العمة : هذا صحيح .
الفأر : ولهذا لجأنا إليكِ .
العمة : ابن عرس ، كغيره من الكائنات ، يسكن
في المكان الذي يلائمه ويريحه ..
الفأر : لكن وجوده ، في هذا المكان ، يعني
القضاء علينا .
العمة : " تنظر إليه صامتة " ....
الفأر : أنتِ كائن كبير ، وقويّ جداً ، ويمكن أن
تسحقيه .
العمة : هذا ليس من حقي .
الفأر : نحن نباد .
العمة : هذا أمر مؤسف .
الفأر : أسفك لن ينقذنا .
العمة : " تنظر إليه صامتة " ....
الفأر : ما العمل ؟
العمة : هذا الأمر متروك لكم .
الفأر : ماذا لو قررنا المجيء عندك ، وسكنّا
هنا جميعاً ، وأنت تعرفين سرعة تكاثر
الفئران .
الببغاء : هذا تهديد .
العمة : لا ، لا ، هذا ليس تهديداً .
الفأر : لا خيار لنا .
العمة : في هذه الحالة ، ستأتي عائلة ابن عرس
، وستسكن في البيت أيضاً ، ولن يكون
من حقي أن أمنعها .
الفأر : " يلوذ بالصمت محبطاً " ....
العمة : إنني آسفة ، لكني واثقة أنكم ستجدون
الحل المناسب ، أتمنى لكم التوفيق .

الفأر يستدير ، ويخرج ، العمة دبة تغلق الباب

إظلام

6 / 9 / 2014





الشبح


بيت العمة دبة ، الببغاء
وحده ، يرقد في فراشه

الببغاء : الآن أستطيع أن أغفو ، ولو بعض
الوقت ، لا العمة دبة موجودة ، ولا
واحد من حاشيتها المزعجين ، ولا .. "
الباب يُطرق " آه
أرنوب " من الخارج " أيتها العمة .
الببغاء : هذا أرنوب
أرنوب : " من الخارج " أيتها العمة .
الببغاء : العمة دبة ليست في البيت .
أرنوب : " من الخارج " أرجوك ، يا ببغاء ،
افتح لي ، الأمر هام .
الببغاء : " بصوت خافت " وراحتي ليست هامة
" يصيح " الباب مفتوح ، ادخل .

أرنوب يدفع الباب ،
ويدخل بسرعة خائفاً

أرنوب : الثعلب ..
الببغاء : يطاردك ، هذا أمر عادي .
أرنوب : لقد جُنّ .
الببغاء : لا عليكَ ، إنه يتظاهر بالجنون ، يقفز ،
يتمرغ ، ويتماوت ، و ..
أرنوب : لا .. لا ..
الببغاء : ليته يُجن فعلاً ، لكن هذا مستحيل ، إن
الثعلب يُجنن ولا يجن .
أرنوب : إنه يسير ، ويحدث نفسه ، ويصيح
بأعلى صوته .. الشبح .. الشبح
الببغاء : سأجن ، كفى ، مهما كان ، فهو ..
الثعلب .

الباب يُطرق ، أرنوب
يدور بسرعة خائفاً قلقاً

أرنوب : إنه هو ، الثعلب ، خبئني .
الببغاء : مهلاً ، لعله ليس الثعلب
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة ..
أرنوب : " مازال يدور " أرأيت ؟ إنه الثعلب ..
الببغاء : صوته غير طبيعي فعلاً .
أرنوب : خبئني أرجوك ، خبئني
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة دبة .
أرنوب : إنني لم أحتمله عاقلاً ، فكيف وهو
مجنون ؟
الببغاء : اختبئ ، إنه يدفع الباب

أرنوب يختبئ ، يدخل
الثعلب قلقاً مترنحاً

الثعلب : أريد العمة دبة .
الببغاء : العمة دبة ليست هنا ، كما ترى .
الثعلب : أريدها لأمر هام للغاية .
الببغاء : أنصحكَ أن تأتي إليها غداً ، بعد أن
تكون قد هدأت قليلاً .
الثعلب : كل ، أريدها اليوم .
الببغاء : ربما ستتأخر اليوم كثيراً .
الثعلب : مهما يكن ، سأنتظرها .
الببغاء : ذهبت إلى النهر ، تدرس أسماك البيرانا
الثعلب : سأنتظرها ، وستأتي
الببغاء : هذا إذا لم تفترسها أسماك البيرانا
الثعلب : " يتشمم " أشمّ رائحة أرنب
الببغاء : أنت واهم .
الثعلب : أنفي لا يخطئ ، وخاصة عندما أكون
جائعاً .
الببغاء : أنت جائع دائماَ .
الثعلب : " يتشمم " أرنب صغير ، مكتنز ، لذيذ
، و ..
الببغاء : جاءت العمة دبة .

يُدفع الباب ، وتدخل
العمة دبة حاملة سلتها

ثعلوب : العمة دبة ..
العمة : " تضع السلة على المائدة " أهلاً
ثعلوب .
الببغاء : جاءك لأمر هام للغاية .
ثعلوب : قلتِ مرة ، إن المجنون ..
العمة : اهدأ ، يا ثعلوب ، واجلس .
ثعلوب : دعيني ، لا أريد أن أجلس ، اسمعيني..
الببغاء : دعيه يتكلم .
العمة : تكلم ، إنني أسمعكَ .
ثعلوب : قلتِ إن المجنون ، يرى مالا يراه العاقل ..
الببغاء : ويشم ما لا يشمه ..
ثعلوب : " منفعلاً " ببغاء ..
العمة : دعك منه ، تكلم .
ثعلوب : طاردتُ أحدهم قبل قليل .. الببغاء : هذا ما تفعله دائماً .
ثعلوب : طاردته في منطقة المستنقعات ..
الببغاء : تلك منطقة مسكونة .
العمة : ببغاء ..
ثعلوب : سأطاردك يوماً ، ولن تفلت مني .
العمة : دعنا من الببغاء ، تكلم ، طاردته في منطقة المستنقعات ..
ثعلوب : فهرب مني إلى داخل المستنقع ، وعلى ضوء القمر ..
الببغاء : لا يوجد قمر اليوم .
العمة : أكمل .
ثعلوب : رأيته يركض فوق سطح الماء..
الببغا : يا للعجب .
ثعلوب : بل التفت إليّ ، وغمز لي بعينه .
الببغاء : هم م م .. هذا لم أره حتى في المنام .
ثعلوب : صدقيني ، رأيته بعيني هاتين ، لم يكن يسبح ، أو يغطس ، بل كان يركض فوق سطح الماء .
الببغاء : حقاً المجنون يرى ما لا يراه العاقل .
العمة : أنا أصدقكَ ، يا ثعلوب .
ثعلوب : أيتها العمة ..
العمة : لكن أنصحكَ ، أن لا تطارد القنفذ مرة أخرى ، في منطقة المستنقعات .
الببغاء : القنفذ !
ثعلوب : كيف عرفتِ أنه قنفذ ! أنتِ لم تطارديه معي .
العمة : إن القنفذ ، هو الحيوان الوحيد ، الذي يستطيع المشي والركض ، على سطح الماء ، دون أن يغطس .
ثعلوب : " ينظر إلى الببغاء " ببغاء ..
الببغاء : لقد رأيتَ ما لم أره .
ثعلوب : وشممتُ رائحة أرنوب هنا .
العمة : " تنظر إلى الببغاء " ....
الببغاء : اذهب الآن .
ثعلوب : أشكركِ يا عمة ، " يتجه إلى الباب " تصبحان على خير " يخرج "
العمة : أرنوب ، أخرج ، ذهب الثعلب .
أرنوب : " يطل برأسه " ...
الببغاء : حقاً أنتِ .. العمة دبة .

العمة دبة تبتسم فرحة ،
أرنوب يخرج من مخبئه


إظلام

















وحوش النباتات


الببغاء وحده ، يجثم
قريباً من القفص

الببغاء : العمة دبة مشغولة ، هذه الأيام بالنباتات
، ومن حسن الحظ ، أنه قلما يأتينا أحد
من المزعجين الآن ، أمثال دبدوب
وسلحوفة والثعلب و .. " الباب يُطرق "
الخطأ خطئي ، ذكرت القط ، فجاء ينط "
الباب يُطرق ثانية " أيها الثعلب ، العمة
دبة ليست في البيت .
الأرنبة : " من الخارج " اطمئن ، يا ببغاء ،
لستُ الثعلب ، وإنما الأم أرنبة .
الببغاء : آه الأرنبة ، أم أرنوب ، هذا صوتها "
بصوت مرتفع " الباب مفتوح ، ادفعيه
وادخلي .

الأم أرنبة ، تدفع
الباب بهدوء ، وتدخل

الأم : طاب يومكَ ، يا ببغاء .
الببغاء : طاب يومكِ ، أرنوب ليس معكِ ، أرجو
أن يكون بخير .
الأم : أبقيته في البيت ، وأغلقتُ عليه الباب ،
فالثعلب يحوم في الجوار .
الببغاء : لو كنتُ العمة دبة ، لخنقته ، وخلصتُ
منه أرنوب وسنجوب و ..
الأم : حتى لو قتلته العمة دبة ، فهناك الذئب
والضبع والفهد والصقر والكلاب البرية
و ..

يُدفع الباب ، وتدخل
العمة دبة ، حاملة سلتها

العمة : أم أرنوب ؟ أهلاً ومرحباً .
الأم : أهلاً بكِ .
العمة : " تضع سلتها على المنضدة " لابد
أنكما كنتما تتحدثان عن الثعلب .
الببغاء : الثعلب وغيره .
الأم : الحياة هنا في الغابة لا تطاق ، فهي
مبنية على القسوة والافتراس .
العمة : هذه هي الغابة منذ أن وجدت .
الأم : لنكن منصفين ، ليس كلّ من في الغابة
قتلة وسفاحين .
الببغاء : هناك السلاحف مثلاً ..
العمة : السلاحف تفترس الأسماك وغير
الأسماك .
الببغاء : والطيور ..
العمة : البومة من الطيور ، وكذلك العقاب
والصقر والنسر .
الأم : ليتنا في الغابة نباتات ، فليس بينها ثعلب
أو تمساح أو ضبع أو ..
الببغاء : أو دب ..
العمة : " تنظر إليه " ببغاء ..
الببغاء : الدب يأكل الأسماك والطيور
والحشرات ، والنحل وكلّ ما في الخلية
من شمع وعسل ويرقات و ..
العمة : " تنظر إليه " ببغاء ..
الأم : كفى ، يا ببغاء .
الببغاء : " يصمت " ....
الأم : عفواً ، جئتُ أسلم عليكِ .
العمة : أشكركِ .
الببغاء : " يتمدد " الأفضل أن أنام .
الأم : " تصمت " ....
العمة : ما قلتاه عن بعض الحيوانات صحيح ،
" للببغاء " وحتى ما قاله عن الدب ،
صحيح أيضاً .
الببغاء : " يعتدل " عفواً ، أيتها العمة .
العمة : لا عليك .
الببغاء : أنتِ تعرفين كم أحبكِ ، ثم " يغالب
ابتسامته " أنتِ لستِ من الدببة .
العمة : " تبتسم " بل دبة بامتياز .
الببغاء : سأوافقكِ ، حتى لا تقولي ، إنني أخالفكِ
في كلّ شيء .
الأم : " تبتسم " ....
العمة : قلتِ أنه ليس بين النباتات قتلة
وسفاحون ، وهذا خطأ .
الأم : ماذا !
الببغاء : لا يمكن أن يكون بينها ثعالب وذئاب
وضباع و ..
العمة : بل بينهم كلاب وحشية ، ومصاصو
دماء ، وتماسيح ، وأكلة لحوم البشر ..
الببغاء : الويل لهم .
الأم : وكلّ ظني أنهم كائنات مسالمة .
العمة : هناك نبات اسمه " جاك في المقصورة
" ، منه ذكر ومنه انثى ، تأتي ذبابة
صغيرة ، وتدخل مقصورة الذكر ،
وتعاني من ضيق المكان ، وترفرف
بأجنحتها ، فتحمل حبوب الطلع ، وعندما
تدخل مقصورة الأنثى ، وتعطيها حبوب
الطلع ، لا تسمح لها بالخروج ، وتبقى
هناك حتى الموت .
الببغاء : هذا هو الفرق بين الذكر والأنثى .
الأم : " تهز رأسها " الذكر الطيب ..
الببغاء : الأنثى كانت جاحدة .
العمة : آه من الذكور .
الأم : مهما يكن ، " فجاك في المقصورة "
ربما هو الوحيد .
العمة : بل واحد من عشرات .
الببغاء : حدثينا .. حدثينا .
العمة : كما أن في الحيوانات وحوش وقتلة ،
كذلك في النباتات ، من بينهم خناق
الذباب ، وآكلة الحشرات الندية ،ومصيدة
فينوس ، ونبات الكوبرا..
الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : والزهرة الفخ ، و ..
الببغاء : الكوبرا ، ما أعرفه إنها أفعى ، والأفعى
حيوان ، وليس نبتاً .
العمة : إنه نبات يشبه أفعى الكوبرا .
الببغاء : ليتكِ تحدثينا عنه .
العمة : لنبات الكوبرا هذا رأس مجنح ، وعينان
بيضاويتان ، تجذب الحشرات ، برحيقها
الحلو ، ورائحته العذبة ، تندفع الحشرات
إلى العينين ، وتجد فتحة فتدخلها ، فتغلق
خلفها ، إنها مصيدة رهيبة ، وهي أيضاً
معدة نبات الكوبرا ، التي تهضم
الحشرات ، وتمتصها .
الببغاء : آه إنه كوبرا النباتات بحق .
الأم : هذا فضيع حقاً ، نباتات تأكل حشرات .
العمة : وهناك نباتات ظالمة ، تتطفل على
نباتات أخرى ، وتسرق غذاءها .
الببغاء : يمكن أن أفهم كلّ هذا على فضاعته ،
نباتات تأكل حشرات ، أو تأكل نباتات
أخرى ، أما نباتات تأكل البشر ، فهذا ما
لا يمكن أن أفهمه .
العمة : ستفهمه إذا عرفت هذه النباتات ،
وشكلها ، وحجمها .
الببغاء : لا أظنه بحجم التمساح مثلاً .
العمة : اسمع ، سأصف لك واحداً ، وستتمنى
أن لا تراه ، حتى في الحلم .
الأم : أيتها العمة ، أرفقي بنا ، أنت تعرفين
أن بين الببغاوات أرانب .
الببغاء : " للأم " سدي أذنيكِ ، أنتِ أرنبة .
الأم : مهما يكن ، أريد أن أعرف .
العمة : حسن ، اسمعا .
الببغاء : نريد حقائق .
الأم : نعم ، حقائق ، وليكن ما يكون .
العمة : في جزيرة مدغشقر ، في المحيط
الهندي ، شجرة عجيبة تأكل الانسان ..
الببغاء : كما تأكل الدببة الأرانب .
الأم : " محتجة " ببغاء .
العمة : وهذه الشجرة تشبه الصنوبر ، لها أربع
ورقات فقط ، طول الواحدة " 80 "
سنتمتراً ، وعرضها " 40 " سنتمتراً ،
وهي تتدلى من الشجرة ، وإذا تسلق أحد
النبتة ، ولمس زهورها ، فإن الأوراق
الأربع المتدلية ، ترتفع وتنطبق عليه ،
ولا تعود إلى ما كانت عليه إلا بعد مرور
اسبوعين ، أما الانسان فلا يبقى منه غير
رأس مسلوخ .
الببغاء : " يتمدد " أيتها العمة ..
الأم : " تتجه نحو الباب " ليتني لم أسمع هذا.
الببغاء : أريد أن أنام .
الأم : الثعلب أرحم من هذه النبتة .
الببغاء : سأنام إذا استطعت .
الأم : " عند الباب " من حسن الحظ ، إننا
لسنا في جزيرة مدغشقر .
الببغاء : " ينقلب نحو الحائط " لا يبقى غير
رأس مسلوخ ، وأريد أن أنام .
الأم : " تخرج " ....
الببغاء : " يرفع صوته " أيتها الأرنبة الأم ، لا
تحلمي بمدغشقر .
الأم : " من الخارج " لن أنام حتى أنسى ،
ولن أنسى .
العمة : مهما يكن ، فالذنب ليس ذنبي ، هذه هي
الحياة .
الببغاء : آه .
العمة : ولكن ، يا ببغاء ، لا تنسَ الأزهار ..
والفراشات .. والعصافير .. و ..
الببغاء : : أيتها العمة ، دعيني أنم .


العمة دبة تصمت ،
الببغاء يغط في النوم

إظلام

24 / 4 / 2016

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي