|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
المهدي المغربي
2024 / 10 / 31
لا متعة في الفقر كظاهرة شاذة او موضة بل الفقر هو افة تحطم الانسان و تسلب شخصيته و تجعله من العبيد العصريين تحت سلطة راس المال.
في صراع الانسان من أجل البقاء يحارب هذا الاخير كي لا يموت جوعا و كي يتجاوز محنة الفقر كمرحلة عابرة اذا تسلح لذلك.
فهناك من يعتمد على مجهوده كي يتجاوز المحنة و يتسلح بالوعي لمحاربة الفقر هذ الوعي الذي يتغدى من الطاقة الفكرية و المعنوية بالأساس و التمسك بالحد الأدنى من الاخلاقيات التي لا احراج فيها مع الاخر الذي بدل جهد المساعدة.
طبعا تحت غطاء الاخلاقيات المتداولة كتقليد وسط افراد العائلة و العلاقات الاكتر قربا
و هناك للاسف من اجتاز القنطرة بسلام لكن ظلت عقلية الفقر مختبئة في طياته و كأنها طقوس روحانية خاصة تلبي رغبة ذاتية او قل عقد معينة استعصى فك رموزها هذه كحالة اولى.
اما الحالة الثانية و هي الاسوء في الحالات قد يتجاوز الشخص المحنة لكن يظل هاجس الفقر يلاحقه و يصنع منه سلوكات شاذة حيث يكرس بها عقلية الفقر و الدونية و تصبح ميولاته الاساسية هي المزيد من جمع المال بالطرق الملتوية و التظاهر بالعجز و قلة الحاجة و التلاعب على مشاعر الاخرين كي يسقطون في شباك الاستمالة ضحايا نواياهم الطيبة من جهة و من جهة اخرى ضحايا درجة المكر و الخداع الممارس عليهم ممن يعتبر نفسه نزق في الشطارة و باس الشطارة.
انها تجارب و حالات يعيشها الانسان و هو يصارع من أجل فعل الافضل و المفيد الا ان التيار الجارف للعقلية
المتخلفة يجعل المرء اكثر تروي و حيطة و حذر حتى لا تتكرر الخدعة.
و من باب الاخلاقيات الانسانية المنطقية فالانسان مجبول على تقديم المساعدة للذي يستحقها بلا مزايدات .
ان العمل على تغيير العقليات ليس بالواجب السهل خصوصا لما يكون الجهل و الافق الضيق سلطة مسيطرة تعمي البصيرة و الابصار.
الناس في حالة الضيق يكونون مجبرون على مسايرة كل ما يجري من حولهم و في اعلب الحالات لا تكن لهم كلمة مسموعة بحكم ان جبروت المجتمع الطبقي لا يرحم الضعيف.
و تلكم تربية تكرسها الثقافة السائدة حتى يظل الفقير فقيرا و الغني غنيا في فارق طبقي و هوة اجتماعية صارخة تكون الطبقة المسحوقة عرضة لجملة من الضغوطات و الويلات و المصائب المادية و النفسية.
هذا فيما يخص الشريحة العمالية الفقيرة التي تجتهد و تقاوم و تحاول ان تثبت وجودها كطبقة تحارب على واجهتين :
واجهة تلبية الضروريات للحياة و الاسرة و الاطفال.
و واجهة الصراع الطبقي في الإطار النقابي او السياسي المسؤول على القطاع العمالي المكافح.
لان ظاهرة الفقر قضية سياسية ملازمة لنظام الاستغلال الرأسمالي الذي يعتصر عرق الناس و جهدهم و اعصابهم و وقتهم هذه الدوخة الراسمالية المبرمجة المحبوكة بكل مكر تجعل الانسان و كانه في فراغ سحيق يتدور و ينقلب مسلوب الارادة الى ان يسقط في القالب الاجتماعي و المكان الذي تخطط له الآلة الرأسمالية و تفرض عليه ان يأخذ قسطا من الراحة كي يجدد طاقته للاستنزاف و شروط العمل و الحياة الاكثر قساوة.
انها دوامة رهيبة عندما لا يعيها الشخص تصبح كارثة و عندما يعيها و يفسرها تصبح معضلة و اشكالية وجب الوقوف على الاليات التي تحركها في العلن و في الخفاء.
و ما يخفف من حدة تاثيرها هو الوعي بمواجة ظلمها حتى لا يصبح وعيا شقيا يحرق الاعصاب فقط من دون امكانية فتح آفاق الصراع الحقيقي في مواجهة الفقر و من يصنعه و من يكرسه و كل التابعات السلبية المرافقة للظاهرة.
اذن كخلاصة الكلام في الموضوع ان ارادة التغيير تبدا بالوعي بالاشياء اما ان تكون عن طريق اجتهاد ذاتي و اما من تاثير المحيط المتنور القادر على ايصال الفكرة بالطرق و الاساليب المرنة المتداولة في علم التواصل الاجتماعي.
لان مواجهة العقلية السلبية الاتكالية و قهر طاقة الخبث الذي يغديها من مصلحة الشخص ذاته اولا لان الفقر المدقع و الحاجة المزمة الى الاخر لا تصنع شخصية سوية قادرة على تحمل المسؤولية و تحديات الواقع المرير.
تجاوز حالة الفقر ليست مسالة حظ بل هي مسالة اجتهاد و تفهم لشروط صراع الحياة في ظل مجتمع طبقي تركيبة التوازن فيه هي ما بين اتثبات الوجود المادي الاجتماعي المقبول تجاوزا و ما بين الرغبة الواعية المستمرة لاجل تغييره كمصير انساني سياسي و ليس كظاهرة خرافية مرتبطة بالهلوسات و الرغبات الذاتية الضيقة.
يتبع في الموضوع...
مع اصدق التحيات
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |