الناس البشريون و الحيوانات البشرية !

خليل قانصوه
2024 / 10 / 30


عندما تطلق القيادة الصهيونية جيشها لتدمير منزلي و قتل أطفالي ، استباقا لحكمهم عليها عندما يكبرون ، فإنها تقتلني أيضا ، لأنني لن أحيا و قد قطعت جذوري و فروعي . كيف و لماذا أحيا ؟
يعلم الإسرائيليون جميعا ، كما يعلم حلفاؤهم على رأس الدول الغربية ، محترفة حروب الإبادة في هذا العالم ، أن قتلاهم خلال عملية المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023 ، سقطوا أيضا ، ربما في معظمهم ، أثناء الهجوم المضاد للجيش الإسرائيلي بواسطة المدرعات و الطائرات الحربية تنفيذا لقانون هانيبال الذي يتبناه هذا الجيش ، يجيز " قتل الرهائن و مختطفيهم " في زمن الحرب .
لا جدال قي أن السلوك الذي اتبعته القيادة الصهيونية يدل على أن هذه الأخيرة اعتبرت أنه ينطبق على عمل المقاومة مبدأ المسؤولية الجماعية ، أي أن كل فلسطيني في قطاع غزة و خارجه مسؤول عما جرى ، مهما كان عمره أو جنسه أو دوره و موقفه سواء كان ملتزما أو حياديا أو مستسلما . مجمل القول أن هذه القيادة أصدرت على الأرجح حكما على كل فلسطيني بانه إرهابي و مختطفا ، في الوقت الراهن أو سيصير فبما بعده ، مستقبلا .
في الحقيقة إن هذا الميل لدى القيادة المذكورة ، ليس جديدا . حيث كنا نسمع طوال العقود الماضية ، بأن عائلة كل فلسطيني يقوم بعمل مقاومة تتعرض لعقاب كان يتجسد غالبا بهدم منزلها و التنكيل باهله و أقاربه " احترازيا " و عسفا ُ . تعامى "الناس البشريون " عن هذه المعاملة التي تلقاها " الحيوانات البشرية " . ليس الأمر جديدا ، ولكننا نرى ببساطة أنه يتكرر بوتيرة متصاعدة !
و ما يدهش إلى حد الذهول في مداورة هذه الأمور في الذهن هو تلفيع القيادة الصهيونية فريقا من اللبنانيين بالمسؤولية " الجماعية " عن عملية المقاومة الفلسطينية بذريعة أن نفرا منهم هب للدفاع عن سكان قطاع غزة .فأغارت الطائرات الحربية ، واستخدمت تقنيات الذكاء الاصطناعي و النظم السبريانية في تعقب الأفراد و ترويع الجماعات ، و وفرت دول القطب الأميركي الخمس ، الولايات المتحدة الأميركية ، بريطانيا ، ألمانيا ، فرنسا و إسرائيل ، ، احدث الأسلحة و أكثرا فتكا و دمارا . نجم عنه محو البلدات و أحياء المدن من الوجود ، في مناطق الجنوب و البقاع اللبنانية ، أما الناس فقتل منهم من قتل و نزح الباقون ، ففي لبنان كما في قطاع غزة ، و في الضفة الغربية ، لا تمييز بين مقاتل و مدني رجلا كان أم امرأة ، طفلا أم كهلا .
كل الدلائل تشير إلى أن آلة القتل و الجرف الإسرائيلية المستمرة في العمل منذ عام و نيف ، بالرغم من الجهد و التضحيات التي تبذلها فصائل المقاومة في فلسطين و لبنان ، لن تتوقف ما لم يقرر مشغلوها إيقافها .
يضعنا مثل هذا الاستنتاج في الواقع أمام إشكال كبير لا يتسع المجال هنا لمقاربته ، فنكتفي بالإشارة إلى بعض الملاحظات التي يمكن استخلاصها من متابعة المتبدلات و المتغيرات التي طرأت على بلداننا ، بعد حرب أكتوبر /تشرين أول 1973 ، التي فرضت حصيلتها الإيجابية علينا فرضا ، على عكس الحقيقة ،تدشينا لحقبة سياسة يمكننا نعتها بالدجل و الاستبداد مارسها النظام الرسمي العربي و الأحزاب و المنظمات السياسية الرسمية و غير الرسمية في الدول العربية :
ـ لا نتردد في القول أنه كان لهذه السياسة تأثيرا ملموسا في قطاعات واسعة من مختلف الأوساط الشعبية ، و نزعم أيضا بهذا الصدد أن السيادة الفعلية على الدول التي شاركت أو ساهمت ، مباشرة أو بشكل غير مباشر ، في حرب 1973 ،آلت للولايات المتحدة الأميركية و لأعوانها في أوروبا و عملائها الخليجيين ، بمشيئة هذه الدول أو رغما عنها .
ـ تجدر الملاحظة في هذا السياق إلى أن الولايات المتحدة الأميركية و أعوانها و عملاءها ، شاركوا جميعا تحت إشرافها ، بما سمي " ثورات الربيع العربي " ، انطلاقا من الجزائر و العراق ، مرورا بالسودان و اليمن ، و وصولا إلى ليبيا و و سورية .
ـ كما نزعم أيضا في السياق نفسه أن هذه الثورات استفادت من خدمات إعلامية و دعائية ذات مستوى متقدم جدا ، يحاكي قدرات دول القطب الأميركي في الحرب النفسية ، المعلنة حاليا ضد فصائل المقاومة ضد إسرائيل . ناهيك من أنها اجتذبت كما هو معروف ، المرتزقة من كل حدب و صوب في حين أن زعماءها و المرشحين لتبوء المناصب في " دولة الثورة " كانوا يقيمون في غالبيتهم في الخارج ، في ربوع الدول الغربية الصديقة.
ـ و أخيرا ، تحسن الإشارة إلى أن ورقة الإملاءات التي تقدم بها المبعوث الأميركي إلى السلطات اللبنانية ، نصت في أحد بنودها على طلب الموافقة على تدعيم القوات الدولية في جنوب لبنان بضم عديد أكبر من جيوش بريطانيا و المانيا و فرنسا إليها !

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي