العمة دبة الجزء الثاني

طلال حسن عبد الرحمن
2024 / 10 / 29

شيطان البحر


الببغاء في فراشه ،
الثعلب يتطلع إليه

الثعلب : تأخرت العمة دبة .
الببغاء : وقد تتأخر أكثر .
الثعلب : لا بأس ، سأنتظرها بعض الوقت .
الببغاء : كما تشاء .
الثعلب : لقد وعدتني بقرص عسل .
الببغاء : ما أعرفه ، إن العسل الذي كان عندها ،
قد نفد .
الثعلب : لا ، بقي عندها عدة أقراص ، وقد
وعدتني بقرص ، قرص واحد فقط .
الببغاء : قد تتأخر ، حتى بعد المساء ، إذا لم
تقابل السلحفاة العجوز .
الثعلب : السلحفاة العجوز !
الببغاء : إنها تنتظر مقابلتها منذ أيام .
الثعلب : هذه سلحفاة كذابة خرفة .
الببغاء : لقد وعدتها أن تأتيها من الأعماق ،
بمعلومات دقيقة عن .. شيطان البحر .
الثعلب : شيطان البحر !
الببغاء : هذا ما قالته العمة دبة ، والحقيقة أنا لا
أعرف أي شيء عن شيطان البحر هذا .
الثعلب : يا للعمة دبة ، تسأل هذه السلحفاة الخرفة
عن الشيطان ، وأنا موجود ؟ إنّ أحداً هنا
لا يعرفه أكثر مني .
الببغاء : ثعلب .
الثعلب : إن جدي العظيم ، الذي يعرفه الجميع ،
حكى لي قصته كاملة .
الببغاء : جدك ! ذاك الذي مات مخبولاً ، بعد أن
فاجأه الأسد عند النبع ؟
الثعلب : لا ، كان ذاك جدي لأبي ، إنني أتحدث
عن جدي العظيم ، جدي لأمي .
الببغاء : " يهمهم " هم م م م .
الثعلب : ثم إنني قابلتُ هذا الشيطان شخصياً ،
وتبادلنا الحديث .
الببغاء : حقاً !
الثعلب : إنني أعرفه كما أعرفك أنت ، يا ببغائي
العزيز .
الببغاء : مهلاً ، أظن أن العمة دبة ، لديها في
مكان ما ، قرص صغير من العسل .
الثعلب : هذا ما وعدتني به .
الببغاء : حدثني عن شيطان البحر .
الثعلب : وقرص العسل الصغير ؟
الببغاء : اعتبره بين يديك .
الثعلب : يقول جدي ، جدي لأمي ، إن صياد
سمك مغامر ، أحبّ حورية بحر ،
وتزوجها على ضوء القمر .
الببغاء : آه ضوء القمر ، إن مثل هذه الحكايات
الجميلة ، لا تحدث إلا على ضوء القمر .
الثعلب : وبعد أشهر معدودات ، أنجبت حورية
البحر توأمين ، الأول عاش على البر
، والآخر عاش في أعماق البحر .
الببغاء : لابد أنك إذن التقيت بالشيطان ، الذي
يعيش على البر .
الثعلب : لا ، تصور ، التقيت بشيطان البحر .
الببغاء : آه .
الثعلب : ذات ليلة ، كنتُ أنتظر حبيبتي ، عند شاطئ البحر ..
الببغاء : على ضوء القمر .
الثعلب : بالضبط .
الببغاء : آه .
الثعلب : وبدل أن أرى حبيبتي ، رأيته ..
الببغاء : شيطان البحر !
الثعلب : ورغم شجاعتي الفائقة ، التي ورثتها عن جدي ..
الببغاء : جدكَ لأمكَ .
الثعلب : لا ، جدي لأبي ..
الببغاء : " يهمهم " هم م م م .
الثعلب : جمدتُ من الخوف .
الببغاء : أوه .
الثعلب : طويل ، جلده مكسو بشعر كشعر الخنازير ، أنيابه مثل أنياب الذئب ، وله قرنان كقرني الكبش ، وكذلك له ذيل طويل كذيول القردة .
الببغاء : وتحدثت إليه ؟
الثعلب : نعم ، تحدثت إليه ، وتحدث إليّ ، حتى غاب القمر .
الببغاء :ماذا دار بينكما ؟
الثعلب : الحقيقة .. " يصمت " ..
الببغاء : نعم ، حدثني عما دار بينكما .
الثعلب : سأحدثك ، لكني جائع .
الببغاء : " يقفز من فراشه " مهلاً ، سآتيك بقرص العسل حالاً .

الببغاء يدخل المخزن ،
ثم يعود حاملاً القرص

الببغاء : " يقدم له القرص " تفضل .
الثعلب : " يختطفه منه " أشكركَ .
الببغاء : والآن حدثني عما دار بينك وبين شيطان البحر .
الثعلب : " " يستدير ويتجه نحو الباب " ....
الببغاء : أيها الثعلب ، تمهل ، لم تحدثني عن ..
الثعلب : " لا يتوقف " إنني متعب الآن " وهو يخرج " سأحدثك فيما بعد .
الببغاء : " يقف مذهولاً " لم يحدثني عن شيطان البحر " يصمت مفكراً " أهو يكذب ؟ لا أظن ، إنني لستُ أبلهاً إلى هذه الدرجة " ينصت " ها هي العمة دبة قادمة ,

تدخل العمة دبة ،
وقد بدا عليها الارتياح

الببغاء : يبدو أنك التقيت هذا اليوم بالسلحفاة العجوز .
العمة : وحدثتني بكلّ شيء عما يتعلق .. بشيطان البحر .
الببغاء : وقالت إنه يشبه صياد سمك ضخم ..
العمة : " تنظر إليه مندهشة " ....
الببغاء : له قرنان .. وأنياب بارزة .. وذيل كذيل القرد .
العمة : يبدو أن الثعلب كان هنا .
الببغاء : لقد وعدتِه بقرص عسل .
العمة : لم أره منذ عدة أيام ، ولم أعده بأي شيء مطلقاً .
الببغاء : السلحفاة العجوز ، ماذا قالت لك عن .. شيطان البحر .
العمة : لكن الثعلب ..
الببغاء : دعينا منه ، حدثيني عما قالته السلحفاة العجوز ، هذا ما أريد أن أعرفه .
العمة : ’ه .. السلحفاة العجوز ..
الببغاء : نعم ، حدثيني .
العمة : شيطان البحر ، سمكة غريبة ، تعيش في أعماق البحر ..
الببغاء : " يتمتم " سمكة !
العمة : يبلغ طول أكبرها ، التي تعيش في البحار المدارية ، سبعة أمتار ، وتبدو حين تسبح في البحر ، أو تثب فوق الماء ، كأنها خفاش ضخم ، وهي رغم اسمها مسالمة ، وغير مؤذية .
الببغاء : هذا هو شيطان البحر إذن ؟
العمة : ببغاء ..
الببغاء : إنني متعب " يتجه نحو سريره .
العمة : " تتابعه بنظرها " لا أدري لماذا أظن ، أن الثعلب اللعين كان هنا .

الببغاء يرقد في سريره
، دون أن يتفوه بكلمة

إظلام

13 / 8 / 2014







السمكة السيارة


الببغاء يذرع البيت
مدمدماً جيئة وذهاباً

الببغاء :آه ما أشق الحياة ، مع هذه الدبة ،
صحيح إنها مُحبة وطيبة ، لكن ضيوفها
الذين تستقبلهم كلّ يوم ، أصبحوا لا
يطاقون ، وخاصة ..
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة .
الببغاء : " يتوقف " ها هو خاصة .
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة .
الببغاء : " وهو يصعد إلى فراشه " العمة ليست
هنا .
الثعلب : " يطل من الباب " هذا وقت عودتها إلى
البيت ، ربما لن تتأخر .
الببغاء : بل ستتأخر .
الثعلب : " يدخل " ضيف كبير ، جاءها بهدية
نادرة ، يا ببغاء .
الببغاء : ضيوف .. ضيوف .. آه .
الثعلب : " بصوت هامس " لا ترفع صوتك ،
هذا أمر غير لائق ، لا تقبله العمة دبة "
يشير إلى الخارج " الضيف بالباب .
الببغاء : " ينظر إليه محنقاً " ....
الثعلب : " يلتفت إلى الباب " تفضل ، يا سيدي ،
تفضل .

يدخل دب ضخم ،
وفي يده لفافة

الدب : " بصوت رقيق " صباح الخير ، يا
سيدي الببغاء .
الببغاء : " مندهشاً " صباح النور .
الدب : عفواً للإزعاج ، لولا هذه الهدية النادرة
، ما كنت لأجيء في هذا الوقت .
الببغاء : " ينظر صامتاً إلى اللفافة " ....
الثعلب : سمكة .
الببغاء : سمكة !
الثعلب : " يهز رأسه " ....
الببغاء : ستأتي العمة دبة الآن ، ومعها سلة
كاملة من السمك .
الدب : ليس كهذه السمكة .
الببغاء : السمك سمك مهما اختلفت أنواعه .
الثعلب : إنها سمكة .. حية .
الببغاء : حية !
الثعلب : نعم ، حية ، مثلي ومثلك .
الببغاء : مهما يكن ، ضعها على المائدة .
الثعلب : قلتُ لك إنها حية ، وقد تهرب إذا
وضعتها ..
الببغاء : يبدو أن أحدنا مجنون .
الثعلب : ليس أنا .
الدب : من الأفضل ، أن أبقي هذه السمكة في
يدي ، حتى تأتي العمة دبة ، فأقدمها لها
بنفسي .
الببغاء : أيها الدب ..
الدب : " يضع السمكة على المائدة " أنظر
"السمكة تتحرك " .
الببغاء : " مذهولاً " آه .
الثعلب : " يمسك السمكة " ....
الببغاء : خذها منه وإلا لن تصل العمة دبة .
الدب : " يمد يده إلى الثعلب " هاتها .
الثعلب : " يقدم له السمكة " إنها سمكة نادرة حقاً
، وستفرح بها العمة دبة .
الببغاء : وأنت تحب السمك كثيراً ، وخاصة
النادر منه .
الثعلب : " يبتسم له مهدداً " ....
الببغاء : " ينظر إلى الباب " ها هي العمة دبة ،
قد جاءت .

تدخل العمة ، حاملة
سلة مليئة بالسمك

العمة : " فرحة " آه لدينا ضيوف .
الببغاء : " محنقاً " كالعادة .
العمة : الضيوف دائماً ضيوف ، وعلى الرحبة
والسعة .
الثعلب : أنا لستُ ضيفاً ، أنا من أهل الدار " يقدم
لها الدب " هذا الدب الكبير الفاضل هو
ضيفنا جميعاً .
العمة : " للدب " أهلاً ومرحباً .
الثعلب : جاءكِ بهدية ..
الببغاء : سمكة .
العمة : " تضع السلة على المنضدة ضاحكة "
وما أكثر السمك عندنا .
الثعلب : ليس كهذه السمكة .
الببغاء : إنها سمكة حية .
العمة : تنظر إلى الدب " ....
الدب : " يضع السمكة على المنضدة " انظري
إليها بنفسكِ .
العمة : " تحدق فيها " آه .
الثعلب : لقد قلتِ ، أيتها العمة ، إن السمك يموت
إذا خرج من الماء .
العمة : " تنظر إليه " إلا السمك الرئوي .
الثعلب : السمك الرئوي !
العمة : السمك عامة يتنفس الهواء المذاب بالماء
، بواسطة الخياشيم ، ولهذا فإنه يموت إذا
خرج من الماء ..
الببغاء : وهذه السمكة ؟
العمة : لا تموت إذا خرجت من الماء ، لأنها
سمكة رئوية ، تستطيع التنفس في الهواء
الطلق ، وعليه فإنها تخرج من الماء ،
وتسير على الشاطئ ، بل وتتسلق
الأشجار ، وتأكل العصافير الصغيرة .
الثعلب : " مذهولاً " أهذا معقول !
الدب : هذا بالضبط ما جئت بهذه السمكة لأقوله
للعمة دبة ..
العمة : أشكرك ، يا عزيزي ، ولكن هذه
السمكة البريئة ستموت ، إذا بقيت هنا
لفترة طويلة .
الثعلب : " يأخذ السمكة متلهفاً " سأعيدها إذن
إلى النهر ، قبل أن تموت .
العمة : " تمسك يده " كلا ، ليس أنتَ .
الثعلب : " محتجاً " أيتها العمة ..
العمة : خذ سمكة من الأسماك التي اصطدتها
اليوم ، وها هي أمامك في السلة .
الثعلب : هذه سمكة نادرة ..
العمة : وأنت تحب السمك النادر .
الثعلب : ما زلتِ لا تثقين بي ، ثمّ إنني شبع الآن
تماماً .
العمة : مهما كنتَ شبعاً ، ففي معدتك النهمة
متسع لمثل هذه السمكة .
الثعلب : " يبدو منفعلاً " ....
الدب : أيتها العمة ، أرجوكِ دعيه يعيدها بنفسه
إلى النهر .
الببغاء : إن نهر معدته أقرب من النهر .
العمة : أرجوك ، خذ السمكة أنتَ ، وأعدها أنت
من حيث أتيت بها .
الثعلب : " يتجه إلى الخارج منزعجاً " لا فائدة "
يخرج مسرعاً " .
الدب : يا للأسف ، لقد زعل .
العمة : ليزعل ، هذا أفضل من أن أعرض هذه
السمكة النادرة للخطر .
الدب : " يأخذ السمكة " مهما يكن ، أشكرك
لاستقبالك لي ، أنتِ دبة عالمة ، وأنا أكنّ
لك كلّ الاحترام والتقدير .
العمة : على الرحب والسعة ، أرجو أن
تزورني دائماً .
الدب : " ينحني لها " أشكرك .
العمة : رافقتك السلامة .

الدب يخرج حاملاً السمكة ،
العمة وببغاء يتابعاه بنظرهما

إظلام

14 / 8 / 2014



السمك المفلطح


العمة دبة والببغاء ،
وحدهما في البيت

العمة : لا تدافع عنها .
الببغاء : إنها تحبكِ .
العمة : هذه السلحفاة ، لم تعد تصدق معي .
الببغاء : في المرة الأخيرة ، عاملتها بقسوة .
العمة : تستحق الأكثر .
الببغاء : لكن ليس أن تقولي لها ، لا أريد أن
أراكِ ثانية .
العمة : لقد وعدتني مراراً ، أن تأتيني بتلك
السمكة ، لكنها لم تصدق معي أبداً .
الببغاء : أنا أصدّقُ ما قالته ، لابد أنها لم تجد تلك
السمكة حقاً .
العمة : وأنا لا أصدق .
الببغاء : أيتها العمة ..
الثعلب : " يطل برأسه " صباح الخير .
الببغاء : جاء الثعلب .
العمة : " ببرود " أهلاً ومرحباً .
الثعلب : " يدخل " لا أريد أن أتطفل ..
الببغاء : هذا ما نريده نحنُ أيضاً .
الثعلب : " للعمة " إنها السلحفاة ..
الببغاء : السلحفاة العجوز !
العمة : " تنظر إلى الثعلب " ....
الثعلب : جاءت مترددة ..
الببغاء : آه .
الثعلب : ومعها ، على ما أظن ، سمكة ملفوفة
بألياف البحر .
العمة : سمكة !
الثعلب : نعم ، سمكة .
الببغاء : فلتدخل .
العمة : ببغاء ..
الببغاء : لقد وفت بوعدها هذه المرة .
العمة : " تلوذ بالصمت " ....
الببغاء : نادها .
الثعلب : " يتجه إلى الخارج " حالاً .

تدخل السلحفاة ، حاملة
السمكة ، يتوقف الثعلب

السلحفاة : صباح الخير .
العمة : " لا ترد " ....
الببغاء : صباح النور ، تفضلي .
السلحفاة : عفواً ، لعلي تأخرت في تلبية ما وعدتُ
به ، لكني " تضع السمكة على المائدة "
هذه هي السمكة ..
العمة : " تنظر إلى السمكة " ....
السلحفاة : سمكة البلايس .
العمة : " تنسى زعلها " سمكة البلايس !
الثعلب : آه .. البلايس .
السلحفاة : " تفك الأعشاب عن السمكة " هذه هي ،
وقد حصلتُ عليها قبل قليل ، من قاع
البحر .
الثعلب : " ينظر إليها بنهم " ....
الببغاء : إنها سمكة مفلطحة .
السلحفاة : نعم ، سمكة البلايس سمكة مفلطحة .
العمة : " تعاين السمكة " وهي من أشهر أنواع
السمك المفلطح .
السلحفاة : هذا النوع من السمك ، يقضي معظم
عمره في قاع البحر ، ومنه ما يسبح قرب
سطح الماء .

السلحفاة : هناك نحو " 450 " نوعاً من السمك
المفلطح في معظم بحار العالم ، أهمها ..
الشفين والهلبوت وسمك موسى والفلوندر
، وأهمها وألذّها هي سمك البلايس ، وهذه
فعلاً من سمك البلايس .
الثعلب : " يحدق في السمكة بنهم " ....
السلحفاة : يُقال أن سمك البلايس تضع الكثير من
البيض .
العمة : نعم ، إنها تضع مليوني بيضة .
الببغاء : مليوني بيضة !
العمة : لكن معظمها تذهب طعاماً للحيوانات
الأخرى ، وما يفقس منها يتحول إلى
سمك بلايس صغيرة ، يبلغ طولها ستين
ملمتر .
الثعلب : لماذا يسمونها مفلطحة ؟
السلحفاة : " تنظر إليها " هذه السمكة ليست سمكة
عادية ، إنها .. مفلطحة فعلاً .
الببغاء : أهي تولد هكذا ؟
السلحفاة : لا .. " تنظر إلى العمة " .. هذا ما
أعرفه ، وأظن أن العمة تعرف أكثر مني
عن هذا .
العمة : نعم ، حين يفقس بيض هذا النوع من
السمك ، تخرج سمك بلايس صغيرة ،
يشبه أي سمكة أخرى جديدة ، ولكن ما
أن يبلغ طولها السنتمتر ، حتى تحدث لها
أشياء عديدة غريبة .
الببغاء : آه .
الثعلب : " يحدق في السمكة بنهم " آه .
العمة : " تواصل حديثها " يبدأ ذيلها بالانحناء ،
ويأخذ جسمها يتقعر ، وتبدأ عينه اليسرى
بالانتقال صعوداً في رأسها إلى طرفه
الأعلى ، وتستقر أخيراً في جهة العين
اليمنى ، ويتحرك فمها إلى الجهة الأخرى
، ويصبح معوجاً ، ثم تبدأ سمكة البلايس
هذه بالسباحة على جانبها الأيسر .
الثعلب : ماذا يأكل هذا النوع من السمك ؟
السلحفاة : يأكل القريدس الصغير ، الذي يعثر
عليه في قاع البحر .
السلحفاة : لو تعرف هذا السمك المفلطح ، البطيء
الحركة ، كيف يحمي نفسه من أعدائه .
الببغاء : كيف ؟
السلحفاة : قولي له أيتها العمة ، أنتِ تعرفين كيف
يحمي نفسه .
العمة : هذه الأسماك ، بطيئة الحركة ، كما
تقول السلحفاة ، وهي لا تستطيع الفرار
من أعدائها بالسباحة السريعة ، يمكنها
التستر والتمويه .
السلحفاة : هذه الأسماك لها طريقة خاصة للتخفي ،
اسمعوا ..
الثعلب يأخذ السمكة
خلسة ، ويتسلل خارجاً

العمة : تستطيع غالبية الأسماك المفلطحة ،
ومنها البلايس ، أن تغير لونها ، لتتناسب
مع ألوان موقعها في قاع البحر ، وهي
تقوم بهذه التغيرات بثواني قليلة ، وحين
تكون مستلقية في قاع البحر الرملية ،
تلوي زعانفها ، وتنثر الرمال على
ظهرها ، بحيث لا يبقى منه غير عيونها
، التي تشبه الحصى ، وهكذا ..
الببغاء : "ينظر إلى المائدة " الويل للثعلب ، أيتها
العمة ..
العمة : وهكذا يصعب رؤيتها ..
الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : ما الأمر ، يا ببغاء ؟ دعني الآن إنني
مشغولة بالحديث عن سمكة البلايس .
الببغاء : لم تعد هناك سمكة بلايس .
العمة : ماذا !
الببغاء : انظري ، لقد اختفت السمكة .
السلحفاة : أوه ، أين اختفت ؟
الببغاء : اختفت مع اختفاء الثعلب .
السلحفاة : هذا اللعين ، سرقها وهرب .
العمة : الذنب ذنبكِ .
السلحفاة : " خائفة " ذنبي !
العمة : " تغالب ضحكتها " قلتِ إنها لذيذة جداً
، والثعلب ضعيف أمام كلّ ما هو لذيذ .
السلحفاة : أيتها العمة ..
العمة : " تضحك " ها ها ها ..
الببغاء : هذا اللعين ، يجب أن يدفع الثمن .
العمة : لا بأس ، المهم أنني رأيت سمكة
البلايس .
السلحفاة : " بارتياح " آه .
العمة : " تعانقها " أشكرك .

السلحفاة تستسلم لذراعي
العمة ، الببغاء يبدو مرتاحاً
إظلام
15 / 8 / 2014


ذكر السمكة السيامية


العمة دبة تعمل ،
الببغاء في فراشه

الببغاء : حمداً لله إنني لستُ سمكة .
العمة : إنني أعرفك أكثر من هذه الأسماك ،
التي أدرسها الآن .
الببغاء : عالم الأسماك ، على ما أعرف ، لا
يختلف كثيراً عن عالمنا .
العمة : أنتَ محق .
الببغاء : إنه غابة .
العمة : لكنه كما الغابة ، فيه الخير والجمال و
.. " ترتفع صوت قوقأة " ..
الببغاء : الدجاجة ..
العمة : والديك ..
الببغاء : إنها ملحمة لا تنتهي .
العمة : " الباب يُطرق " إنها الدجاجة .
الببغاء : آه .
العمة : " تفتح الباب " تفضلي ، يا عزيزتي ،
تفضلي .
الدجاجة : " تدخل " عفواً ، إنني أثقل عليكِ
كثيراً .
العمة : لا ، لا تقولي هذا ، أنتِ عزيزة عندي .
الدجاجة : " للببغاء " صباح الخير .
الببغاء : صباح النور ، آه من الديك .
العمة : ببغاء .
الدجاجة : وآه من الذكور عامة " للببغاء " أنا لا
أقصدك طبعاً .
العمة : لا عليكِ ، مادام لا أنثى له ، فهو ليس
بذكر .
الببغاء : الذكر هو الديك ، فله عشر إناث .
الدجاجة : " تتنهد " آه .
العمة : " للدجاجة " تفضلي ، اجلسي .
الدجاجة : " تجلس " ربما العالم سيكون أفضل ،
لو كان بلا ذكور .
العمة : هذا حديث دجاجة غاضبة من ديكها .
الدجاجة : " بشيء من الانفعال " آآآآه .
الببغاء : عرف كوردة حمراء ، وجسم صلب
منتصب ، وريش كقوس قزح ، و .. "
يصيح مثل الديك " كوكو .. ريكو .
الدجاجة : " محتجة " ببغاء .
الببغاء : هذا ما قلته عنه مراراً .
العمة : وستقوله دائماً ، إنه ديكها .
الدجاجة : كلا .
العمة : كان يُقوقىء حولك دائماً ، وإذا عثر
على حبة قمح ذهبية اللون ، أخذها
بمنقاره ، ووضعها أمامكِ لتأكليها .
الدجاجة : الآن يضعها أما الدجاجة البيضاء .
الببغاء : ليكن الله معه ، فبدل الدجاجة ، له عشر
دجاجات .
الدجاجة : الذكور عامة قساة ، وناكرو جميل ،
انظري إلى إناث كلّ الكائنات ، ومنهن
أنثى الإنسان نفسه ، إنهن جميعاً يعملن
ويلدن ويربين الصغار و ..
الببغاء : أعرف أنثى تأكل ذكرها ..
الدجاجة : " تنظر إلى العمة دبة " ....
العمة : نعم ، أنثى العنكبوت .
الدجاجة : تأكل ذكرها !
العمة : تأكله بعد الزفاف مباشرة ، إذا لم يحالفه
الحظ ، ويهرب في الوقت المناسب .
الدجاجة : يا للمتوحشة ، لكن هناك ذكور أكثر
وحشية .
العمة : وهناك ذكور غاية في الحنان والرقه .
الببغاء : الديك مثلاً ؟
العمة : الديك وغير الديك .
الدجاجة : " تنظر إليها صامتة " ....
العمة : اسمعي ، سأحدثك عن ذكر إحدى
الأسماك الصغيرة الملونة الجميلة ، وهو
ذكر من الأسماك السيامية .
الببغاء : آه .
العمة : هذا الحديث للدجاجة ، وليس لكَ .
الببغاء : ولكن عليّ أن أسمعه لمرة أخرى ، بعد
أن سمعته أكثر من عشر مرات .
العمة : عندما يتقرب هذا الذكر من إحدى
الإناث ، يتغير لونه ، وتبرز على جانبيه
بقع خضراء زاهية ..
الدجاجة : بهذه الألوان ، وبالكلام المعسول ،
يخدعوننا نحن البلهاوات .
العمة : ثم يُحدث فقاقيع هوائية على سطح الماء
، وحين تضع الأنثى بيضها ، تطفو هذه
البيوض باتجاه الفقاقيع ، ويلتقط الذكر
بفمه كلّ بيضة لا تصل إلى الشبكة ،
ويدفعها إليها .
الدجاجة : هذا ما لا يفعله ديكي ، وإن كان
يحاميني خلال رقادي على البيض .
العمة : ويتقرب الذكر من أنثى ثانية وثالثة ، إلى أن يبلغ العدد خمس أو ست إناث ، ثم يأخذ الذكر بحراسة البيض ، حتى يفقس ، فيعنى بالأسماك الجديدة الصغيرة ، إلى أن تصبح قادرة على الاهتمام بنفسها .
الدجاجة : ليت كلّ الذكور مثل هذا الذكر .
العمة : لنكن عادلين ، ليس كلّ الإناث مثل أنثى الإخطبوط أو أنثى الأسد أو ..
الببغاء : أو أنثى الدب ..
العمة : ببغاء .
الببغاء : أنتِ أعظم أنثى .
العمة : للدجاجة " عزيزتي ..
الدجاجة : لقد تعبتُ ، وربما كبرتُ قليلاً ، لم أعد أحتمل ، ربما الأفضل أن أبتعد عنه .
العمة : قبل أيام ، بلغني أنه كان مريضاً .
الدجاجة : نعم ، لكنه الآن أفضل ، إن البردّ يضره " تتلفت قلقة " ..
العمة : ما الأمر ؟
الدجاجة : يا إلهي ، إنني أخشى أن يخرج الآن من القن للبحث عني ، إنّ الجو بارد جداً ، وهذا يضره .
العمة : " تبتسم " ....
الدجاجة : لكن لا ، لا أظنه سيخرج للبحث عني ، لديه دجاجاته التسع ، وخاصة الدجاجة البيضاء ، و..
العمة : صه ، أصغي ، أظنه الديك .
الدجاجة : " بشيء من الفرح " الديك !
الديك : " من الخارج " أيتها العمة .
العمة : " للدجاجة " أرأيتِ ؟ إنه ديككِ " بصوت أعلى " تفضل ، دجاجتك الجميلة هنا عندي .
الديك : " يدخل " صباح الخير .
العمة : أهلاً ومرحباً .
الببغاء : أيها الديك ، لا أعرف كيف تحتمل الحياة مع عشر دجاجات .
الديك : لو كان لك إناث مثل إناثي ، وخاصة مثل " ينظر إلى الدجاجة " دجاجتي العزيزة هذه ، لما قلت مثل هذا الكلام .
العمة : " تنظر إلى الدجاجة مبتسمة " ....
الديك : عرفتُ أنكِ هنا ، فجئت أسلم على العمة دبة ..
العمة : أشكرك .
الديك : ثم نعود إلى القن ، متمتعين بهذا الجو الرائع .
الدجاجة : لكن الجو بارد .
الديك : معكِ لن يكون الجو إلا ربيعاً بديعاً ، هيا يا عزيزتي لنعد إلى قننا .
الدجاجة : هيا يا عزيزي " للعمة " عن إذنك .
العمة : " تبتسم " رافقتكما السلامة .
الببغاء : الشكر لذكر السمكة السيامية .

الدجاجة تلوح للببغاء ،
وهي تخرج برفقة الديك

إظلام

17 / 8 / 2014






الضفدع البري


بيت العمة دبة ،
الببغاء يتمشى وحده

الببغاء : تأخرت العمة دبة ، وأنا جائع ، وقد
وعدتها اليوم أن نتعشى معاً ، فلأنتظر
قليلاً ، لابد أن تأتي قبل حلول الظلام "
ينصت " لعله الثعلب ، هذا اللعين ، جاء
عدة مرات ، وهو يحمل لفافة ، ترى ماذا
بريد ؟ " يتمشى " وماذا يريد ؟ إنه ثعلب
، وسيبقى ثعلباً حتى النهاية ، وليت العمة
دبة تنتبه إليه ، ولا تسامحه دائماً على ..
" يصمت منصتاً " إنه ليس الثعلب .

تدخل العمة دبة
متعبة ، حاملة السلة

الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : عفواً ، تأخرت بعض الشيء .
الببغاء : قلقتُ عليكِ .
العمة : لا داعي للقلق ، يا ببغاء .
الببغاء : ما أقلقني هو الثعلب ، لقد جاء مرات
يسأل عنكِ .
العمة : ستعجب ، يا ببغاء ، لقد وعدني بقرص
عسل .
الببغاء : قرص عسل !
العمة : تصور .
الببغاء : لكن هذا ما يطلبه منكِ دائماً .
العمة : وهذه المرة يريد أن يهديني قرصاً كاملاً
من العسل .
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة .
الببغاء : ها هو ثعلب العسل .
العمة : تعال ، إنني هنا .

الثعلب يفتح الباب ،
يدخل حاملاً اللفافة

العمة : أخبرني الببغاء بأنك جئتَ مراراً .
الثعلب : لقد وعدتك " يقدم لها اللفافة " وها أنا
أفي بوعدي .
العمة : " تفتح اللفافة " ....
الببغاء : قرص عسل بحق وحقيقة .
العمة : " تتذوقه " يبدو عسلاً جيداً .
الببغاء : ليس بدون مقابل طبعاً .
الثعلب : يكفيني ثقة العمة دبة .
الببغاء : و ..
الثعلب : ودرسها الأخير عن الضفادع .
العمة : لكن ما قلته معلومات عامة يعرفه
الجميع .
الببغاء : أنا لم أكن أعرف مراحل نمو الضفادع
بالضبط .
الثعلب : بيضة ، شرغوف يعيش في الماء ،
ويتنفس بواسطة الخياشيم ، وله ذنب ، ثم
ضفدعة كاملة صغيرة .
الببغاء : هذا ما تعلمته أنت من العمة دبة .
الثعلب : وتعلمت منها أيضاً ، أنها تسبت شتاء ،
وذلك بأن تدخل نفسها في وحل قاع
البركة .
الببغاء : الدببة أيضاً تسبت .
الثعلب : " ينظر إلى العمة دبة " ....
العمة : ليس هنا ، بل في المناطق الشديدة
البرودة ، في فصل الشتاء .
الببغاء : ليتكَ تسبت أيضاً .
العمة : لمعلوماتكَ إن الثعالب لا تسبت ، حتى
في أقصى المناطق القطبية .
الببغاء : هذا من سوء حظ الأرانب والطيور .
الثعلب : أيتها العمة ..
الببغاء : والآن الثمن .
العمة : ببغاء " للثعلب " تفضل .
الثعلب :ظهر في الحقول القريبة ، ما يُشبه
الضفادع ، لكن أحداً لم يرها تخرج من
البرك القريبة .
الببغاء : " يهمهم " هم م م م .
الثعلب : إنها بحجم الضفادع العادية تقريباً ،
لكنها بدل أن تقفز في سيرها ، فإنها تسير
، ولها جلود جافة ثؤلولية .
العمة إنها ضفادع ، لكنها ليست عادية ، بل
ضفادع برية ، وهي تسبت شتاء ،
كالضفادع العادية ، وتولد مثلها ، ولكن
ليس في نفس الوقت ، وإنما بعدها بقليل .
الثعلب : " ينظر إليها صامتاً " ....
الببغاء : ليس هذا كلّ ما تريده ، لقد دفعت قرص
عسل ، لا يعرف أحد مصدره ، اسأل ما
تريده ، اسأل .
العمة : ببغاء " للثعلب " دعك منه ، أنا أحبّ
من يسأل .
الببغاء : للمعرفة وليس لشيء آخر .
العمة : " تهز رأسها " ....
الثعلب : الكلاب تأكل هذه الضفادع أحياناً ،
ويبدو أنها تشتهيها ، لكن أحد هؤلاء
الكلاب أكل ضفدعاً ، برياً كما أسميته ،
فمرض مرضاً شديداً ، ثم مات .
الببغاء : " يهمهم " هم م م م .
العمة : وسيمرض ويموت أي كلب يأكل
ضفدعاً من هذه الضفادع .
الببغاء : ومن يدري ، فقد تموت الثعالب نفسها ،
إذا أكلت ضفدعاً برياً .
العمة : والسبب أن هذه الضفادع سامة ..
الثعلب : سامة !
العمة : كلّ ثؤلول في جلد هذا الضفدع ، يفرز
قليلاً من السم ، كما أن له وراء العينين
غدداً سامة في جانبي الرأس ، فإذا
التقطها كلب ، أصيب بمرض شديد ، وقد
يموت .
الثعلب : أوه .
الببغاء : وإذا التقطه ما يشبه الكلب .. ؟
العمة : الحية وحدها تستطيع أن تلتقطه ، دون
أن تصاب بأذى .
الثعلب : أشكركِ .

الثعلب يتجه إلى
الباب ، ويخرج مسرعاً

العمة : عجباً .
الببغاء : لو كنتُ دباً لقلتُ الشيء نفسه .
العمة : " تنظر إليه " ....
الببغاء : هناك أمور غامضة ، لم أفهمها حتى
الآن ، لكن لابد أن أفهمها .
العمة : ببغاء .
الببغاء :قرص العسل .
العمة : أنت تقلقني .
الببغاء : لكن ما أعرفه ، أن الحقول المجاورة ستمتلئ بالأفاعي .
الغرير : " من الخارج " أيتها العمة .
العمة : إنه الغرير .
الببغاء : هذه أولى الخيوط .
العمة : تعال ، إنني هنا .
الغرير : " يدخل " علمت أن الثعلب كان هنا ، وقد أهداك قرص عسل .
العمة : نعم " تشير إلى العسل " هذا هو .
الببغاء : لقد سرقه منك بالتأكيد .
الغرير : لن يفلت مني .
العمة : " تدفع له القرص " خذه ، إنه ملك لك .
الغرير : لا ، إنه هدية لك ، لكن مني .
العمة : أشكرك .
الغرير : هذا اللعين ، أراد أن يعرف شيئاً عن الضفادع ، التي في الحقول المجاورة ، فهي كما يقول ، تزعج حبيبته ليلاً .
الببغاء : " يضحك " هاهاها .
العمة : " تغالب ضحكها " اللعين ، كان هذا من أجل حبيبته إذن ؟
الغرير : " يتجه إلى الباب " لن أدعه يهنأ هذه الليلة .

الغرير يخرج ، العمة دبة
والببغاء يغرقان في الضحك

إظلام
18 / 8 / 2014


السلحفاة البحرية


بيت العمة دبة ،
الببغاء في فراشه

الببغاء : " يغط في نومه " خ خ خ خ .
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة .
الببغاء : " يتململ متضايقاً " خ خ خ خ .
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة .
الببغاء : " يفيق منزعجاً " آه من هذه الدبة ..
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة ..
الببغاء : العمة ليست هنا .
الثعلب : " يُطل من الباب " جئتُ لأحدثها عن
كائن غريب ، طريف ، هائل الحجم .
الببغاء : اذهب الآن ، وعد حين تأتي ، وحدثها
قدر ما تشاء ، عن كلّ ما تعرفه .
الثعلب : نعم ، إنها تعرف أشياء كثيرة ، كثيرة
جداً ، لكني واثق أنها لا تعرف الكثير عن
هذا الكائن .
الببغاء : بل تعرفه جيداً ، وتعرف كلّ شيء عنه
، وعن الكائنات الأخرى ، حتى
المنقرضة منها كالدينصورات .
الثعلب : إنها سلحفاة ..
الببغاء : " باستهانة " سلحفاة !
الثعلب : كأنها قادمة من عالم آخر .
الببغاء : مهما تكن فهي سلحفاة ، والسلاحف إما
تكون برية أو مائية ..
الثعلب : ببغاء .
الببغاء : والمائية نوعان ، سلحفاة المياه العذبة ،
والسلحفاة البحرية .
الثعلب : أنا أيضاً أعرف هذا ، لكن هذه السلحفاة
لابدّ أنها قادمة من جزر العمالقة .
الببغاء : مثل هذه السلحفاة موجودة ، ولكن ليس
في جزيرتنا ..
الثعلب : ببغاء ، أنا رأيتها .
الببغاء : في المنام .
الثعلب : بل كما أراك الآن ، والطريف أنني
رأيتها " يضحك " ها ها ها .. رأيتها
تبيض .
الببغاء : " يحدق فيه " ....
الثعلب : خرجت من البحر ، كأنها حوت ضخم ،
ومشت على الشاطئ ، حتى وصلت
بقعة جافة لا يصلها ماء المدّ ، وحفرت
حفرة ، ثم استدارت ، حتى أصبحت
مؤخرتها قبالتي " يضحك " ها ها ها ..
وراحت تضع البيض ..
الببغاء : لكن هذا ما تفعله كلّ السلاحف البحرية
، حين تضع البيض .
الثعلب : وبدأتُ أعدّ ، أعدّ البيض الذي تضعه ،
وإذا لم أخطئ ، فإنها وضعت أكثر من
سبعين بيضة ، ثم غطتها بالرمال ،
ومهدتها تماماً .
الببغاء : " يهمهم " هم م م م .
الثعلب : والمذهل ضخامة هذه السلحفاة ، لا
أعتقد أنكَ أو العمة دبة ، قد رأيتما سلحفاة
في ضخامتها .
الببغاء : مهما يكن ، أنا لا أصدق ما تقوله .
الثعلب : " محتجاً " ببغاء .
الببغاء : أنت ثعلب ، وستبقى ثعلباً .
الثعلب : حسن ، لم تصدق ما قلته ، لكنك
تصدق عينيك .
الببغاء : نعم ، إنني أصدقهما .
الثعلب : أمهلني بعض الوقت ، وسترى .
الببغاء : إنني أنتظر .
الثعلب : " يتجه إلى الخارج مسرعاً " لن يطول
انتظارك ، وسترى بعينيك أضخم سلحفاة
في العالم " يخرج مسرعاً " .
الببغاء : الثعلب مكار ، الثعلب كذاب ، الثعلب ..
آه .. أيعقل أن يصدُق هذه المرة ؟ سلحفاة
بهذه الضخامة ، على هذه الجزيرة ؟ إن
العمة دبة تقول ، إن السلاحف الضخمة
تكون على جزيرة غالاباغوس ، وهي
سلاحف برية " يصمت منصتاً " ها هي
العمة دبة قادمة ، وسيتضح كلّ شيء .

العمة تدفع الباب ،
وتدخل حاملة سلتها

العمة : أراك مستيقظاً .
الببغاء : الثعلب كان هنا ..
العمة : " تهمهم " هم م م .
الببغاء : وحدثني عن سلحفاة ضخمة جداً ، ومثل هذه السلحفاة ، كما قلتِ لي ، لا تكون إلا في جزيرة غالاباغوس .
العمة : " تضع السلة على المنضدة " نعم ، لكن هناك سلاحف أضخم منها ، هي السلاحف البحرية ، وهي أكبر من هذه السلاحف حجماً ووزناً ، وأكبرها على الإطلاق السلحفاة البحرية ، في البحار الدافئة ، ويبلغ طولها " 225 " سنتمتراً ، وتزن نحو طنّ واحد .
الثعلب : " من الخارج " أيها الببغاء ..
العمة : ها هو الثعلب .
الببغاء : هذا المجنون ، لعله صادق .
الثعلب : " يطل من الباب " ها أنا ، ومعي ضيفتنا العزيزة ، السلحفاة .

يدخل الثعلب ، وخلفه تدخل
السلحفاة الضخمة محطمة الباب

الببغاء : مهلاً .. مهلاً .. الباب ..
العمة : السلحفاة البحرية !
الثعلب : " للسلحفاة " لا عليكِ ، تفضلي ، تفضلي " يشير إلى العمة " هذه العمة دبة ، إنها عالمة الغابة .
السلحفاة : صباح الخير .
العمة : صباح النور ، أهلاً ومرحباً .
السلحفاة : عفواً ، لقد حطمتُ بابكم .
العمة : لا بأس ، أهلاً بكِ في بيتنا .
السلحفاة : " تنظر إلى الببغاء " أنتَ الببغاء ..
الببغاء : نعم ، أنا هو .
السلحفاة : لقد حدثني عنك صديقنا الثعلب .
الببغاء : وحدثني عنكِ أيضاً ، حدثني كثيراً ، حدثني عن كلّ شيء .
السلحفاة : " تنظر إليه صامتة " ....
الببغاء : حدثني حتى عن وضعكِ للبيض .
السلحفاة : " تلتفت إلى الثعلب " ....
الثعلب : " يتراجع متردداً " ....
الببغاء : وأخذ يعدّ البيض ، وأنتِ تضعينه في الحفرة ، ويقول بأنكِ وضعتِ أكثر من سبعين بيضة .
السلحفاة : " بشيء من الغضب " يا للعار ، كنت
تراقبني ، وأنا أضع البيض !
الثعلب : أيتها السلحفاة ..
الببغاء : ورآكِ بعد ذلك ، تردمين الحفرة ،
وتسوين الترب .
السلحفاة : " للثعلب " أنتَ خطر على بيضي الآن
، فأنت تعرف مكانه .
الثعلب : صدقيني ، لن أقربه ، بل لن أبقى في
هذه الغابة ، وسأهاجر إلى غابة بعيدة ،
حتى تكوني مطمئنة .
السلحفاة : لن أطمئن على بيضي ، وأنتَ بعيد عن
عينيّ .
العمة : " للسلحفاة " ابقي عندنا إذن ، حتى
يفقس البيض .
السلحفاة : هذا غير ممكن .
الثعلب : " ينظر إليها مرتعباً " ....
السلحفاة : لا خيار ، سآخذه معي ، وبذلك أطمئن
على بيضي .
الثعلب : " يهمّ بالهرب " يا ويلي .
السلحفاة : " تمسك به " تعال ، لن أدعك تهرب .
العمة : أيتها السلحفاة ..
السلحفاة : " تتجه بالثعلب إلى الخارج " وداعاً .

السلحفاة تخرج ،الثعلب يستغيث
، الببغاء والعمة مذهولين

إظلام

19 / 8 / 2014


الحيات


العمة عند المائدة ،
الببغاء في فراشه

الببغاء : أيتها العمة ..
العمة : اطمئن ، يا ببغاء ، ليس معي اليوم ، ما
يبعث على الخوف .
الببغاء : أيّ شيء إلا الحيات .
العمة : أنواع الحيات في العالم قليلة ..
الببغاء : لا أريد أن تحدثيني عنها .
العمة : ليس أكثر من أحد عشر نوعاً ، والسام
منها ثلاثة فقط .
الببغاء : لكن هناك ما هو أسوأ من السامة ،
العاصرة مثلاً ، التي قد تعصر فهداً حتى
الموت ، ثم تبتلعه .
العمة : " تضحك " أنتَ لست فهداً .
الببغاء : ثم هناك الكوبرا النافثة ، تنفث سمها إلى
مسافة بضعة أمتار ، وهي تستهدف وجه
عدوها ، وإذا ما أصاب السم العينين أدى
ذلك إلى العمى .
العمة : ولهذا فإنني لم أجلب كوبرا من هذا
النوع إلى البيت أبداً ، حرصاً على عينيك
الجميلتين .
الببغاء : آه منكِ .
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة ..
الببغاء : جاء السام .
العمة : يبدو أنّ لديه شيئاً هاماً .
الببغاء : بل لديه كالعادة ، خديعة لعينة ، احذريه.
الثعلب : " من الخارج " أيتها العمة ..
العمة : تعال ، إنني هنا .
الببغاء : " يرقد في فراشه " ليتني أنام .

يدخل الثعلب مسرعاً ،
وفي يده لفافة

الثعلب : جئتكِ بهدية لا تقدر بثمن .
الببغاء : ليس لدينا عسل .
الثعلب : هدية نادرة ، لا أظن أنكِ رأيتِ مثلها
من قبل .
العمة : لنرى .
الثعلب : " يضع اللفافة على المنضدة " أنظري .
العمة : " تحدق فيها مهمهمة " هم م م م .
الثعلب : حية نادرة .
الببغاء : " يشهق خائفاً " حية !
الهمة : إنها ميتة .
الثعلب : لا يوجد منها هنا حية ، على قيد الحياة.
العمة : لو لم تكن هذه الحية ميتة ، لما استطعت
أن تأتيني بها ، فهي أخطر أفعى سامة في
العالم .
الببغاء : " يشهق خائفاً " آآآآ.
الثعلب : " يفغر فاه " .... !
العمة : إنها حية الصل .
الببغاء : الصل !
الثعلب : إنها حية كغيرها من الحيات ، التي
تعيش في الحقول .
العمة : لا ، ليست كغيرها ، إلا أنها سامة قاتلة
، ويمكن تمييزها بوجود العلامة السوداء
" v " على قمة رأسها ، وبالخط الأسود
المتعرج على ظهرها ، وإذا كانت جميع
الحيات تبيض ، فإن هذه الحية تلد ، وهي
تلد في الصيف نحو اثنتي عشرة حية
صغيرة نحيلة ، طول الواحدة منها نحو "
15 " سنتمتراً .
الببغاء : يا لها من هدية ، لقد عرفت منذ البداية ،
أنها لن تكون إلا هدية ثعلب .
الغرير : " من الخارج " أيتها العمة .
الثعلب : " يتمتم " الغرير .
الببغاء : هذا ضيف آخر ، آه .
العمة : أيها الغرير ، تعال ، إنني هنا ، وعندي
ضيف .

يُدفع الباب ، ويدخل
الغرير ، ومعه قرص عسل

الغرير : صباح الخير .
الثعلب : " يتمتم " عسل !
العمة : أهلاً بالغرير ، أهلاً ومرحباً .
الغرير : " يقدم لها قرص العسل " جئتكِ بهدية
تحبينها .
العمة : " تأخذ القرص مبتسمة " أشكركَ ،
أشكرك يا عزيزي .
الثعلب : " للغرير " لكنكَ قلتَ لي البارحة
،عندما طلبت منكَ شيئاً من العسل ، أن لا
عسل عندكَ .
الغرير : فعلاً ، لم يبقَ عندي إلا هذا القرص ،
الذي أبقيته للعمة دبة .
الثعلب : " يهمهم " هم م م م م .
العمة : أشكركَ " تتأمل القرص " يبدو أنه
عسل جيد جداً .
الثعلب : " يهمهم " هم م م م م .
الغرير : هذا النوع من العسل لا يستحقه في
الغابة أحد غيرك ، يا عزيزتي .
العمة : " مبتسمة " شكراً ، يا عزيزي ، شكراً
، شكراً .
الثعلب : لكن العمة ، بصفتها عالمة الغابة ، تستحق منك هدية أهمّ .
الغرير : " ينظر إليه " ....
الثعلب : أنا قيّمتها بهذه الهدية " يشير إلى الصل " وهي هدية نادرة ، وأنت تستطيع أن تهديها ما يماثلها .
العمة : ثعلب .
الغرير : لا أفهم ماذا تقصد .
الثعلب : تذكر تلك الحية ، التي رفستها صباح أمس ، ورفستها أنت أيضاً ..
الغرير : آه تلك التي أسميتها الكريت .
الثعلب : نعم ، الكريت ، إنها حية نادرة أيضاً ، اذهب وأتي بها للعمة .
الغرير : لكن الوقت الآن ليل .
الثعلب : القمر بدر ، وهو يضيء الغابة ، وأنت غرير ، وتعرف الغابة كلها .
الغرير : مهما يكن ، سأذهب وأتي بتلك الحية حالاً ، فالعمة دبة عزيزة عليّ ، " يهمّ بالخروج " دقائق وأعود .
العمة : مهلاً .
الثعلب : دعيه يذهب .
الغرير : لن أتأخر .
الثعلب : هذه حية نادرة ، فليأتيكِ بها .
العمة : إنها من أخطر الأفاعي ، وأنت تعرف ذلك .
الثعلب : أيتها العمة ..
العمة : الغرير طيب القلب ، وصادق ، ولو كان عنده عسل لأعطاك منه .
الثعلب : أيتها العمة ..
العمة : أنت غادر لعين ..
الثعلب : " يلوذ بالفرار " ....
العمة : لن تفلت ، لابد أن تدفع الثمن .
الببغاء : لقد حذرتكِ ، وقلت لكِ إنه ثعلب .
الغرير : لم أفهم ما جرى .
العمة : دعك منه .
الغرير : من حقي أن أعرف ، أرجوكِ ..
العمة : حية الكريت ، تلتف في النهار ، دافنة رأسها بين التفافاتها ، وإذا رفسه أحدهم ، وهي في هذا الحال ، لا تفعل شيئاً للدفاع عن نفسها ، أما في الليل فهي أكثر نشاطاً ، وإذا لمسها أحد لدغته في الحال .
الغرير : " يسرع إلى الخارج " الويل للثعلب .
العمة : دعكَ منه .
الغرير : لن أدعه حتى يدفع الثمن ، وسيدفعه غالياً هذه المرة .

الغرير يخرج غاضباً ،
العمة والببغاء وحدهما

إظلام

20 / 8 /2014

حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي