|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
زياد الزبيدي
2024 / 10 / 26
نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا
*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*
ليونيد تسوكانوف
دكتوراه في العلوم السياسية، مستشرق، مستشار مركز الأبحاث السياسية
موقع المجلس الروسي للشؤون الدولية
وكالة REGNUM للأنباء
21 أكتوبر 2024
تواصل القيادة الإيرانية الاستعداد لضربة انتقامية محتملة من قبل الإسرائيليين. يبدو أن طهران الرسمية لا تصدق حقًا الشائعات التي تفيد بأن تل أبيب ستقتصر على الضربات الرمزية على البنية التحتية للطاقة، وتتوقع مزيجًا معقدًا "في عدة خطوات" من نظيرتها.
ولذلك، تسعى إلى إفساد اللعبة لخصومها في الوقت المناسب، بما في ذلك من خلال الوسائل الدبلوماسية.
في 18 أكتوبر، بعد أسبوع من جولة صغيرة في الخليج، ذهب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى إسطنبول للمشاركة في عمل صيغة "3+3" الإقليمية (ما يسمى بجنوب القوقاز الستة).
لقد تمكنت إيران، من خلال التفاعل بكفاءة مع اللاعبين الرئيسيين في مجموعة "الستة"، وفي مقدمتهم تركيا وروسيا وأذربيجان، من نقل موقفها بشأن الصراع في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه عملت على تعقيد عمل إسرائيل لخلق وجهات هجومية جديدة.
1) تركيا: لعبة مزدوجة
لقد تبين أن الحوار بين أنقرة وطهران على منصة "3+3" كان مخصصاً بالكامل تقريباً لقضايا الشرق الأوسط، وخاصة الأزمة في غزة.
في محادثة مع هاكان فيدان، وزير الخارجية التركية، واصل عراقجي فعلياً نفس الخط الذي اتبعه في تفاعله الأخير مع ممثلي الممالك العربية. واتفق الطرفان على أن تصرفات تل أبيب تجاوزت منذ فترة طويلة نطاق الحد من تهديد حماس وخلقت "اضطرابات خطيرة" في المنطقة.
في الوقت نفسه، لم يقاطع عراقجي الخطاب المعادي لإسرائيل الذي أطلقه زميله التركي، وركز على حقيقة أن أنقرة، على الرغم من المقاطعة العلنية، تواصل التجارة مع الإسرائيليين خلف الكواليس (بما في ذلك توريد المنتجات النفطية)، مما يقلل من فعالية الإجراءات الاقتصادية لـ"محور المقاومة" الموالي لإيران.
وعلاوة على ذلك، أظهرت تركيا في الأشهر الأخيرة نفس القدر من النشاط في تفاعلاتها مع حماس ودعمت جهود الوساطة التي تبذلها قطر والولايات المتحدة، لذلك من الصعب للغاية اتهام أنقرة بدعم لا لبس فيه لأي من الطرفين.
في الوقت نفسه، أثناء الحديث عن الوضع في غزة، لم يتطرق الطرفان تقريبًا إلى قضية ملحة أخرى: مفهوم ممر زانجيزور - وهو طريق نقل مصمم لربط أذربيجان بمنطقة نخجوان.
تشعر طهران بالقلق إزاء الضغط من جانب أنقرة وباكو لصالح هذا المشروع، معتبرة أنه وسيلة لخلق حاجز مصطنع بين أرمينيا وإيران.
ولكن الجدال بشدة حول المشروع وبالتالي إفساد العلاقات مع الجيران ما يسبب الكشف عن الحدود ليس في صالح طهران في الوقت الراهن.
2) أذربيجان: التهديد الخفي
خلال اجتماع "دول جنوب القوقاز الستة"، أولى عراقجي قدراً كبيراً من الاهتمام للتواصل مع زملائه الأذربيجانيين.
وبشكل خاص، خلال اجتماع مع نائب رئيس الوزراء الأذربيجاني شاهين مصطفاييف، كرر وزير الخارجية عدة مرات أطروحة مفادها أن الجانب الإيراني غير مهتم بزعزعة استقرار المنطقة، دون أن ينسى، مع ذلك، ذكر "المستوى العالي من الاستعداد" لصد العدوان المحتمل.
من جانبه، أكد مصطفاييف أن أذربيجان لن تسمح بهجوم على جيرانها من أراضيها تحت أي ظرف من الظروف.
هذا الاهتمام الكبير بموضوع الحياد الأذربيجاني ليس عرضياً.
على مدى عقدين من الزمان على التوالي، تعمل أذربيجان على بناء علاقات شراكة مع إسرائيل في قطاعي الطاقة والدفاع، وتسعى جاهدة إلى رفع العلاقة إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية. وتشعر المخابرات الإسرائيلية براحة نسبية على أراضي اذربيجان، الأمر الذي يسبب القلق والانزعاج بين الإيرانيين.
وعلى الرغم من نجاح باكو في تحقيق التوازن بين أنقرة وتل أبيب وطهران، فإن القيادة الإيرانية تفضل اللعب بأمان وعدم السماح بإنشاء رأس جسر إسرائيلي بالقرب من حدودها. وعلاوة على ذلك، بعد "حادث طهران" في أغسطس/آب 2024، عندما تم إغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، تزايد اهتمام الإيرانيين بـ "اتجاه باكو" عدة مرات.
وفقًا لبعض التقارير، اعتبرت تل أبيب المطارات الأذربيجانية "نقطة انطلاق" لشن ضربات على الأراضي الإيرانية. ومع ذلك، أحبط وعد طهران "بالعقاب الفوري" هذه الاستعدادات. حتى أن باكو الرسمية اضطرت إلى فضح الشائعات المتداولة في الصحافة على وجه السرعة.
3) روسيا: أولويات أخرى
كان الحوار مع موسكو على منصة "جنوب القوقاز الست" أقل كثافة للوهلة الأولى من الحوار مع باكو وأنقرة. ويرجع هذا الانطباع إلى حد كبير إلى حقيقة مفادها أنه كان من المهم بالنسبة لطهران، في المقام الأول، التأكد من عدم وجود تهديد من جانب الدول "المجاورة". خاصة أن الوقت المتبقي قبل الرد الإسرائيلي المتوقع أصبح أقل وأقل.
وفي الوقت نفسه، من غير المناسب أيضا الحديث عن "برود" الحوار بين روسيا وإيران، وهو ما سارعت ألسنة الشر إلى الحديث عنه. بل على العكس من ذلك، تقترب موسكو وطهران من مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية، وتستعدان لتوقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية.
وفي هذا الصدد، تهدف الجهود الرئيسية التي يبذلها السلك الدبلوماسي الإيراني على وجه التحديد إلى التحضير لمشاركة الرئيس مسعود بزشكيان في قمة بريكس في قازان.
في الوقت نفسه، تدرك طهران جيداً موقف موسكو من الأزمة الفلسطينية، فضلاً عن أولوياتها في الشرق الأوسط عموماً، ولهذا السبب اعتبر الإيرانيون، على ما يبدو، أنه من غير الضروري وضع هذا الموضوع على جدول أعمال الحوار الثنائي في إطار "الستة".
وبشكل عام، يمكن اعتبار "زيارة إسطنبول" التي قام بها عراقجي قد حققت أهدافها.
لقد ذكّرت طهران جيرانها، بشكل غير ملحوظ، ولكن بوضوح تام، باستعدادها للدفاع عن "خطوطها الحمراء". وفي الوقت نفسه، يواصل الجانب الإيراني التمسك بنموذج "الرد القسري"، حيث يضع كل أفعاله ضد إسرائيل على أنها رد على العدوان حصراً.
يسمح هذا جزئياً بتجنب التناقض مع مسار الانفراج الذي أعلنه بيزيشكيان، مع ترك فرصة واسعة للرد على دعم الإجراءات الإسرائيلية من قبل دول أخرى.