|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
خالد محمد جوشن
2024 / 10 / 14
لعله اكثر يوم تاريخى فى حياتى على الاطلاق ، كنت بصدد التحضير لكتابة عقد بيع لشقة ورتبت لمقابلة البائعة وزوجها لتجهيز الاوراق ، وتقابلنا ، كانت الزوجة ( البائعة ) تجلس امامى وترتدى نظارة سوداء وكان شيئا غريبا لاننا لم نكن فى الشارع والشمس ساطعة .
ولكنى اعتقدت انها ربما تعانى من الم ما فى عينيها ، تحدثنا انا وهى وزوجها ، قالت لى فجاءة على فكرة انت مش غريب عليا ؟ اعتقد ان انا شوفتك قبل كده ، قلت لها ربما، ولكنى لم استطع تذكرها ، وان كنت بدات اجمع الخيوط نسبيا عنها بعد مقالتها .
لم يمض وقت طويل حتى تذكرتها ولكنى اثرت الا اعلن موقفى الان لا اعلم لما ؟.
غادرنا زوجها الى الحمام ، قلت لها فورا انتى امتثال ، على فكرة انا تذكرتك ، كنتى بتشتغلى عند احمد بك المحامى ، ياه على الزمن ، لم تتغيرى كثيرا ،(كنت غير صادق فى هذه الكلمة ) ، و انتى اخبارك ايه ؟
الحمد لله قالتها ولم اشعر فيها برنه صدق حقيقية ، واردفت وسعيدة مع زوجى ، هذه الكلمة وحدها كانت كفيلة بان اشعر ان الامر ليس كما تشرح تماما او هكذا توهمت .
قلت لها وانا تزوجت وعندى كذا وكذا ، وعروسة من شهرين ، شعرت ان وجها ينطق بالبشر والسعادة لما اقوله ، كان يمكن ان نسترسل فى الحديث ولكن جاء المحاسب المالى بتاع الشركة وقطع الحديث ، وهذا لحظنا الحسن حيث اتى زوجها ايضا وانضم لنا .
مشينا معا انا وهو وهى وعقلى يدور فى الزمن الماضى
امثال ياه ..... لقد كتبت عنها منذ عشرات السنين ، كانت بيضاء كاللبن الحليب ، مثل النسمة ، وكنا نلتقى معا من ان لاخر ، كنت اتعمد اللقاء معها حتى اكلمها ، كانت تعمل فى مكتب محامى شهير بالقرب من مكتبنا .
كتبت عنها منذ ستة وثلاثين عام تقريبا فى مذكراتى ما يلى /
امتثال لقد تذكرتها بالامس ، عفوا ذكرنى بها صديق ، للاسف لقد تحدثت اليه عنها بحديث فاتر للغاية لما ؟
انها ساحرة ، رقيقة كالنسمة ، لقد تجازبنا اطراف الحديث والذى دار فى معظمه حول القانون ومشاكله ـ الا لعنة الله على القانون ، لا تراجع امتثال بغير القانون ، لم تكن بمستطيع ان تلتقى بفتاتك = اه من رقتها
مرة اخرى كتبت عنها فى مذكراتى القديمة :
لقد اتصلت امتثال ، صار لى زمن لم ارها ، حتى اعتقدت اننى لن اسمع صوتها مرة اخرى ، ولكن هاهى تذكرنى وحادثتنى .
مرة اخرى كتبت :
جلسة امتثال فى دار القضاء العالى = نقابة المحامين
اليوم وبعد ستة وثلاثين عاما ، لقد تغيرت صورتها تماما ولكنها مازلت امراة بيضاء وان كانت لم تستمر صافية كاللبن الحليب .
لم استطع اليوم تامل ملامحها ومقارنة صورتها المطبوعة فى زهنى بصورتها الحالية ربما لنظارتها السوداء ، ولكن الغريب ان الصورة القديمة المطبوعة فى ذهنى لا تتطابق مع الواقع تماما ، اشعر اننى فى حاجة ماسة للحديث معها وتذكر الماضى القديم ، هو لم يكن حبا وغراما ولكنه كان ولعا وغراما بفتاة بيضاء رقيقة
، تتكلم بخفوت وصوت هامس ، انها ذكرى قديمة جديدة .
الغريب فى موضوع امتثال ، اننى لا اعرف كيف بدات ، وما هو موقفى منها فى ذلك الزمن القديم ، ايضا لا اعلم كيف انتهت ولما لم تستمر؟ ولو حتى زمالة ، هو امر مثير للغاية ان تتذكرنى ولا اتذكرها الا لاحقا .
اعتقدت ان الموضوع انتهى الى هذا الحد ، حاولت جاهدا العثور عليها من خلال التعرف عليها ضمن اصدقاء زوجها على الفيس بوك اللعين ولم استطع .
تجدد الامر عندما تواصل معى زوجها مجددا بشان شراء عقار لموكلى ، والذى كان سبب لقائنا الاول ، وحدد ميعادا نلتقى فيه جميعا . ذهبت فى الميعاد انا وموكلى ، والتقينا بها وزوجها الذى مالبث ان غادرنا ليحضر شخصا مختصا ما، يكون معنا فى اللقاء ، تجازبت معها اطراف الحديث وعرضت عليها ما حدث لى .
بدت متوترة قليلا / ربما لوجود موكلى معى ، ولكنها نزعت النضارة السوداء هذه المرة ، وحاوت وانا احدثها ان اتأمل ملامحها مليا ، ولكنى عجزت عن العثور على فتاتى القديمة .
اتضم لنا زوجها والشخص الذى كان منوطا حضوره ، ودار الحوار بيننا لعلى اجد مخرجا قانونيا للشراء منها ومن زوجها ، واصبح الطريق مسدودا ، وفجاة قامت منفعلة وقررت انه لن تبيع ، وغادرتنا ، وواصل زوجها الحوار معنا قليلا ، ثم استاذن للحاق زوجته .
طفقت افكر فيما فعلته واناقشه مع ما أفكر فيه من الرغبة فى حل الموضوع المتعلق بهم ، ومحاولتى استمرار الحوار معهم ومعها بالطبع لاطول فترة ممكنة .
ولم تكن هى امتثال القديمة الرقيقة التى اعرفها ، كانت شخصية جديدة تحمل تسعة وخمسون عاما بدلا من ثلاثة وعشرون عاما ، ماتت امتثال القديمة وحلت محلها شخصية اخرى تماما لاتحمل منها سوى اسمها .
ترى كيف تعيش فينا الذكريات القديمة / كيف تظل ذكرياتنا طازجة كما هى لعشرات السنين ، اننا لطزاجتها نشعر اننا لوتقابلنا مع ابطال قصصنا لعاد الماضى كما هو .
وهو وااقعيا امر محال ، لقد عادت الفتاة القديمة امتثال وكان يفترض ان يعود الماضى المحفوظ فى عقلى بذات طراوته ،الى الواقع الانى ولكنه لم يكن هو ابدا لم تكن هى امتثال ، وربما لم اكن انا هو ذلك الشاب القديم .
اتذكر فى واقعة اخرى ، اننى كنت ارى فتاة جميلة الوجه نحيفة القوام ، تسافر معى من بلدتى للقاهرة ، وكنت اتعمد الالتقاء بها عسى ان انال منها ابتسامة ، او يسعدنى الحظ بان يكون مقعدى بجوارها فى الاتوبيس الذى نركبه معا الى القاهرة ، وفرقتنا الايام ، والتقيت بها بعد عشرات السنوات ، لم اعرفها للوهلة الاولى
ولكن ظروف لقائى بها ومكانه واسمها ، اكد لى انها فتاتى السابقة ، ولكنها بالفعل لم تكن هى التى احتفظ بها خيالى القديم .
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |